حقوق الله
مجموعة مقتطفات من الآثار المباركة
لحضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء ورسائل كتبها أو كُتبت بالنّيابة عن
حضرة شوقي أفندي وبيت العدل الأعظم
نيسان/أبريل ۲۰۰۷
المعدّلة في آب/أغسطس ۲۰۰۹
***
- أسس حكم حقوق الله
- تطبيق حكم حقوق الله
- وظائف أمناء حقوق الله والمحافل الرّوحانيّة
- إنفاق أموال حقوق الله
***
۱.أسس حكم حقوق الله
مقتطفات من آثار حضرة بهاء الله [1]
بسم ربّنا الأقدس الأعظم العليِّ الأبهى، سبحانَك يا ربَّ الكائنات ومرجِعَ الممكنات أشهدُ بلسانِ ظاهري وباطني بظهورِك وبروزِك وإنزال آياتك وإظهار بيّناتك وباستغنائك عن دونك وتقديسك عما سواك. أسئلك بعزِّ أمرك واقتدار كلمتك أنْ تؤيِّدَ الّذي أراد أنْ يؤدّي ما أمرتَه به في كتابك ويعملَ ما يتضوّعُ به عَرْفُ قبولك. إنّك أنت المقتدر الفيّاض الغفور الكريم.
[1]
أمّا وقد أردتَ زيارة البيت فذلك مقبول ومستحَبٌّ لدى المظلوم ...
قل يا قوم، أوّلُ الأمر هو عرفانُ الحقِّ، جلّ جلاله، وآخره الاستقامة، وبعدها تطهير المال وما عند القوم بما أمر به الله. لذا، يجب أداءُ حقوق الله أوّلًا ثم التوجّه نحو البيت، وقد ذُكرت هذه الكلمة بمحضِ الفضل.
[2]
والّذي تملّك مائة مثقال من الذّهب فتسعة عشر مثقالًا لله فاطر الأرض والسّماء إيّاكم يا قوم أن تمنعوا أنفسكم عن هذا الفضل العظيم. قد أمرناكم بهذا بعد إذ كنّا غنيًّا عنكم وعن كلِّ من في السّموات والأرضين. إنّ في ذلك لَحِكَمٌ ومصالح لمْ يُحط بها علم أحدٍ إلّا الله العالم الخبير. قل بذلك أراد تطهيرَ أموالكم وتقرّبكم إلى مقاماتٍ لا يدركها إلّا من شاء الله إنّه لهو الفضّال العزيز الكريم. يا قوم لا تخونوا في حقوق الله ولا تصرَّفوا فيها إلّا بعد إذنه كذلك قُضي الأمر في الألواح وفي هذا اللّوح المنيع. من خان الله يُخان بالعدل والّذي عمل بما أمـر ينزل عليه البركة من سماء عطاء ربّه الفيّاض المعطي الباذل القديم. إنّه أراد لكم ما لا تعرفونه اليوم سوف يعرفه القوم إذا طارت الأرواح وطُويت زرابيّ الأفراح كذلك يذكّركم من عنده لوح حفيظ.
(الكتاب الأقدس المستطاب، فقرة ۹٧) [3]
كلُّ ما في الدّنيا كان ولم يزل غير جدير بالذّكر، ولكن إذا فاز أحدٌ بإنفاق درهم أو أقلّ من ذلك في سبيل الله فإنّ ذلك عند الله كان ولم يزل أولى وأفضل من الكنوز كلّها. لهذا ذكر الحقّ جلَّ جلاله العاملين والمنفقين في جميع كتبه. اسألوا الله أن يؤيّد الكلَّ على أداء حقوق الله، إذ بالأسباب يرتفع الأمر ويظهر. إذا عرف العبادُ مقام الأعمال في هذه الأيّام لعمل الكلُّ بما ينبغي، الأمر بيده يحكم كيف يشاء وهو الحاكم الباذل العادل المبيِّن الحكيم.
[4]
لم تُؤخذ حقوق الله لسنين عديدة ... ولكن في السّنين الأخيرة، ونظرًا لمقتضيات الوقت، أجرينا أمر أخذ الحقوق، ولكن منعنا المطالبة بها. على الجميع أن يكونوا ناظرين إلى إعزاز الكلمة وارتفاع الأمر. لو يقدّم اليوم أحدٌ جميع خزائن العالم ويكون ذلك سببًا في انتقاص عزّة أمر الله أقلّ من حبّة خردل فذلك غير جائزٍ أبدًا. كلّ العالم كان ولم يزل من الحقّ. كلّ نفس يُقدِم طَوْعًا وبكلِّ رَوْح وريْحان على أداء حقوق الله، تُؤخذ منه وإلّا فلا. إنّ خير هذا العمل يرجع إلى النّاس أنفسهم. وقد صدر الأمر بذلك نظرًا لأسباب معيّنة، أبى الله أن يجري الأمور إلّا بأسبابها، ولهذا أمرنا بأخذها.
[5]
إنّ الحقَّ، جلَّ جلاله، مقدّس عن كلّ ما ذُكر ويُذكَر ومنزّهٌ عن العالم وزخائره، وكلّ ما ينطق به يرجع ثمره إلى العباد أنفسهم، سوف يرون ما نطق به لسان العظمة من قبل ومن بعد، وذلك إذا أدّوها بكمال الرَّوْح والرَّيْحان وتمام الخضوع والخشوع.
[6]
يا زين، إنّ النّفوس العاملة بحكم الكتاب، هم من أعلى الخلق لدى الحقّ يُذكَرون. ولا شكّ أبدًا في أنّ كلّ ما يشرق من أفق سماء الأمر الإلهيّ هو محض حكمته تعالى ولمصلحة العباد أنفسهم. وهذه المبالغ الجزئيّة لا تليق حتى بالذّكر ولكنّها محبوبة لأنّ العامل قائم بعمله لوجه الله، فهي إكليل لبيادر العالم ولو كانت حبّة واحدة.
[7]
كلّ مَنْ يفوز اليوم بأداء حقوق الله إنّه من الّذين عملوا بأحكام الحقّ، جلّ جلاله، وفازوا بما جرى من القلم الأعلى. لقد كتبنا وأمرنا مرّة بعد أخرى بألّا يُطالَب بها أحد، فالّذي يُقبِل بنفسه ويؤدّي حقوق الله بكلّ رَوْح ورَيْحان، تؤخذ منه، ومن دون ذلك ما كان أخذها جائزًا ولن يكون. ينبغي تنبيه الغافلين بوجهٍ عام. فالعمل يجب أن يتمّ بالرّضاء، والنّظر إلى إعزاز أمر الله واجب في كلّ الأمور، ولقد كتبنا من قبل، إذا امتلك فرد العالم بأكمله وقدّمه، وانتقص عزّة الأمر على قدر حبّة خردل، فتركُ ذلك المال لازم وواجب. هذا أمر الله من قبل ومن بعد، طوبى للعاملين. إنّ الأمر بأداء الحقوق كان فضلًا من الحقّ، جلّ جلاله، ويعود خيره إلى العاملين. على الكلّ أن يشكروا الحقَّ المنيع بما أيّدهم على أداء الحقوق. لقد أوقفنا القلم مدّة مديدة ولم يصدر أمر في هذا الشّأن، إلى أن اقتضت الحكمة البالغة بأخذها، أبى الله أن يجري الأمور إلّا بأسبابها. يجب إعانة البعض ومراعاة البعض، ولكن بإذن الله المهيمن القيوم.
[8]
وأمّا ما ذكرتَ بخصوص الحقوق، إنّها خاصّة بالحقّ، جلّ جلاله، ويجب إرسالها إلى السّاحة المقدّسة، الأمر بيده يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد...
هذا الأمرُ فرضٌ على الكلّ وأداؤه شرف للجميع، إذ إنّه كان ولمْ يزل سببًا لتطهير الأموال والبركة وازدياد النّعمة، والنّاس غافلون عن هذا الأمر حتّى الآن، فقد سعوا ويسعون ليدّخروا شيئًا إما بالحلال أو بالحرام ليتركوه للورّاث الّذين لا تُعرَف ثمارهم. قل اليوم كلمة الله هي الوارث، إذ إنّ القصد من الورّاث هو إبقاء الذّكر والأثر، ومن الواضح والمعلوم أنّ هذه الأذكار تمحوها القرون والأعصار، ولكن، كلّ كلمة نزلت من القلم الأعلى في حقِّ نفسٍ إنّما هي باقية وخالدة بدوام الملك والملكوت.
[9]
كتاب الكَرَم أنزله مالك القِدَم والّذي تزيّن به إنّه ممّن يُشار بالبنان ويصلّي عليه الرّحمن من ملكوته الممتنع المنيع، إنّه مع علوّ قَدْره وكِبَر مقامه لو يتجاوز عن حدّه يُذكر بالإسراف من لدن عليم حكيم. خذوا الاعتدال، هذا ما أمركم به الغنيُّ المتعال في كتاب كريم. أن انفقوا يا مظاهرَ هذا الاسم ومطالعَه على الّذين تجدونهم على فقر مبين. قل إيّاكم يا أهل الغَناء أن يمنعكم لفظ المبين عن الإنفاق في سبيل الله ربّ العالمين. قل لعمر الله، لا يُحتقَر أحدٌ بالفقر عند ربّه بل يزداد لو يجدْه من الصّابرين. طوبى لفقير صبر وويل لغنيّ أمسك حقوق الله وما فُرض عليه في لوحه الحفيظ. قل لا تفتخروا بما عندكم من المال تفكّروا في المآل وما قُدِّر لكم جزاء أعمالكم في كتاب الله العليِّ العظيم. طوبى لغنيٍّ ما منعه الغَناء عن الله مالك الأسماء إنّه من أفضل الخَلْق لدى الحقِّ العزيز العليم. قل قد أتى اليوم وإنه لربيع الأعمال لو أنتم من العارفين. أن اجهدوا يا قوم ليظهر منكم ما ينفعكم في عوالم ربّكم العزيز الحميد. قل تمسّكوا بالأخلاق المرضيّة والأعمال الحسنة ولا تكونوا من المتوقّفين. ينبغي لكلّ نفس أن يتشبّث بما يرتفع به أمر الله ربّكم المقتدر القدير. قل أما تروْن الدّنيا وشئوناتِها وتلوّناتِها وتغيّيراتها؟ فكيف تقنعون بها وبما فيها! أن افتحوا أبصاركم وكونوا من المتبصّرين. سوف تذهب بهم كالبرق، بل أسرع. يشهد بذلك مالك المُلْك في هذا اللوح البديع.
إنّك إذا أخذك جذْبُ آيات ربِّك أن اشكر وقل لك الحمد يا مقصود القاصدين. أن افرح بما توجّه إليكَ القلم الأعلى وأنزل لكَ ما كلّت عن وصفه ألسن الإبداع وكلّ لسان منيع. كبّر من قِبَلي أحبّتي وبشِّرهم بذكري إيّاهم ثم اقرأ لهم لوحي الجميل، البهاء عليكَ وعلى أهلك ومن معكَ على صراطي المستقيم.
[10]
أداء الحقوق واجبٌ على الكلّ ويعود نفعه على العباد أنفسهم، إلّا أنّ قبولها معلّق بأن تؤدّيها النّفوس العادلة العاملة بالرّضا والرّوْح والرّيحان، وفي هذه الحالة يجوز أخذها، وإلّا فلا إنّ ربّكَ هو الغنيّ الحميد.
[11]
من المعلوم والواضح أنّ أداء حقوق الله كان وسيبقى سبب النّعمة والبركة والعزّة والحفظ، طوبى لمن عرف واعترف وويلٌ للمنكرين، وهذا في حال عملهم بأحكام الكتاب بكلّ رَوْح ورَيْحان ورغبة. على حضرتك الأمر بالمعروف، مَن سمع لنفسه والّذي لم يسمع فعليه، إنّ ربَّنا الرّحمن لهو الغنيّ الحميد.
[12]
إنّ أمرَ حقوق الله أمرٌ عظيمٌ حقًّا وأداؤها واجب على الجّميع، إذ إنّها سبب النّعمة والبركة والخيرات، وما يكون مع كلِّ نفس في كلِّ عالم من عوالم ربّها الغنيّ الكريم.
[13]
على كلِّ نفس اليوم خدمة أمر الله، ولقد علّق الحقُّ، جلّ جلاله، أمور الأرض بالأسباب. فعلى كلِّ نفس أداء حقوق الله.
[14]
سبحان الله، خزائن الملوك والملكات ليست مذكورة في يوم الظّهور ولا مقبولة لدى الله، ولكنّ حبّةَ خردل من الأولياء مذكورة في ساحة الأقدس الأعلى ومزيّنةٌ بطراز القبول، تعالى فضله وتعالت عظمته.
[15]
إنّ منافع الأمور الخيريّة تعود على النّاس أنفسهم، وفي هذه المقامات يكفي النّطق بكلمة واحدة. كلّ من أدّى بكمال الرّوْح والرّيْحان وبالتّسليم والرّضاء، مقبول لدى الله وإلّا، إنّه غنيّ عن العالمين. ... طوبى لنفوس فازت بما هو المذكور والمسطور في الكتاب الإلهيّ. على الكلّ أن يعملوا بما أراده الله، إذ كلّ ما نزل من القلم الأعلى في الكتاب كان وما زال سببًا وعلّةً للتّطهير والتّنزيه والتّقديس والنّعمة والبركة، طوبى للفائزين. ... لم يَضِعْ عملٌ في سبيله ولن يضيع، فالأعمال الخيريّة كلّها كنوز عند الله لأصحابها، طوبى لعبد عمل ولأمة عملت في سبيل الله ربّنا وربّ العالمين. ... يجب أن تؤدّى حقوق الله عند الاستطاعة وبالرّوْح والرّيْحان، والّذين ليس في استطاعتهم أداؤها فإنّهم مزيّنون بطراز العفو الإلهيّ.
[16]
لا شكّ أبدًا في أنّ كلّ ما صدر وجرى من القلم الأعلى من أوامِرَ ونواهٍ يعود نفعه على العباد أنفسهم، ومنها مثلًا نزول حكم حقوق الله، وإذا وُفّق النّاس على أدائها وهبهم الحقّ، جلّ جلاله وعزّ، البركة، وفوق هذا يبقى المال من نصيب الشّخص نفسه ونصيب ذرّيته. وكما ترى، فإنّ أكثر أموال النّاس ما كانت ولن تكون من نصيبهم، ويسلّط الحقُّ الغرباء عليها أو ورّاثًا يكون الغرباء أفضل منهم. إنّ حكمة الله البالغة فوق كلّ ذكر وبيان، إنّ النّاس يشهدون ثمّ ينكرون ويعرفون ثمّ يجهلون، لو عملوا بالأوامر، لحصلوا على خير الدّنيا والآخرة.
[17]
إنّ أمر الحقوق منوط بإقبال النّاس أنفسهم. كلّ مقبل أراد أداء حقوق الله بكلّ رَوْح ورَيْحان وعن طيب خاطر، فهي مقبولة وإلّا فلا، إنّ ربّك غنيّ عن العالمين. أنظر ما أنزله الرّحمن في الفرقان يا أيّها الناس أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغنيّ الحميد[2]. يجب النّظر إلى عزّة الأمر في جميع الأحوال.
[18]
وأمّا ما كتبتَ، بأنّهما تعهّدا بالعيش بكمال القناعة، وإرسال ما يتبقّى إلى السّاحة المقدّسة. تمّ عرض هذا الأمر فتفضّل حضرته قائلًا: عليهما أن يعملا باعتدال وألا يصعِّبا الأمور على نفسيهما إنّا نحبّ أن يكونا في عيشة راضية.
[19]
لحقوق الله حكم معيّن، وبعد أن يتحقّق وجود بيت العدل على ما أراده الله سيظهر حكمه.
[20]
سُبْحانكَ يا ربِّيَ الرَّحمن أسْألُكَ بِأَمْواجِ بَحْرِ بَيَانِكَ وشُؤُونَاتِ رُبُوبيَّتِكَ وظُهُورَاتِ أُلُوهِيَّتكَ والأسْرارِ الّتي كانَتْ مَكْنُونَةً في عِلْمِك،َ بِأَنْ تُؤَيِّدنِي على خِدْمتِكَ وخِدمَةِ أوليائِكَ وتُوفِّقَني على أداءِ حُقُوقِكَ الّتي أنْزَلْتَهُ في كِتَابِك. ﺇي ربِّ أنا الّذي أقبلتُ ﺇلى أُفُقِكَ الأعلى وتَشَبَّثْتُ بِذيلِ عَطَائِكَ يا مَولى الْوَرَى ومَالِكَ مَلكُوت الأسماء، أسألُكَ أن لا تُخيِّبَنِي عَمَّا عِنْدَكَ ولا تَمْنَعَنِي عمَّا كَتَبْتَهُ لأصْفِيائِك. أسْأَلُكَ يا ﺇله الأسْمَاءِ وفَاطِرَ السَّماء أيِّدْني على الاسْتِقَامَةِ على أمرِكَ على شَأْنٍ لا تَحْجُبُنِي زَخَارِف الدّنيا وَلا تَمْنَعُني ضَوضَاء الأشقِياء الّذين قَامُوا على ﺇضْلالِ خَلقِكَ في أيامِك،َ ثم قَدّر لي يا مَقْصُودي خَيْرَ الآخرةِ والأُولى ﺇنّكَ أنْتَ المُقْتَدرُ على مَا تَشاء لا ﺇله ﺇلّا أنتَ الغَفُورُ الكَريم.
[21]
مقتطفات من آثار حضرة عبد البهاء
يا أحبّاء عبد البهاء! لقد مَنَّ الله على عباده، بمَحْضِ ألطافه غير المتناهية، بتعيين حقوق الله، وإلّا فإنّ الحقّ وعبادَه مستغنون عن الكائنات، والله غنيٌّ عن العالَمين. أمّا فريضةُ الحقوق، فهي سبب ثبوت النّفوس ورسوخها، وعلّة البركة في جميع الشّؤون.
(من ألواح وصايا حضرة عبد البهاء- التّرجمة الجديدة المعتمدة) [22]
وُجد هيكلُ العالم من مصدر الإيجاد على صورة آدم وهيئته، وفي الحقيقة كلٌّ منهما مرآةٌ للآخر، وذلك إذا نظرت بعين البصيرة. يعني كما أنّ الهيكل الإنسانيّ في عالم الوجود مركّبٌ في الظّاهر من أعضاء وجوارح مختلفة، بينما هو في الحقيقة هيئة جامعة مرتبط بعضه ببعض، فكذلك جسم العالم، فهو في حُكم شخصٍ واحد ترتبط أعضاؤه وأجزاؤه بعضها ببعض.
فإذا ما لاحظنا بالعين الكاشفة للحقائق، يتّضح أنّ أعظم روابط عالم الإيجاد هي في سلسلة الموجودات، وأنّ التّعاون والتّعاضد والتّبادل من الخصائص الملازمة للهيئة الجّامعة لعالم الوجود، إذ إنّ جميع الموجودات مرتبط بعضه ببعض، وكلّ شيء من الأشياء متأثّر ومستفيد من غيره، فإن لم يكن مباشرة فبواسطة.
لاحظوا مثلًا، أنّ قسمًا من الكائنات هو النّبات وقسمًا آخر هو الحيوان وكلٌّ منهما يستفيد من جزء من الأجزاء الموجودة في الهواء، الّذي هو سبب حياته، وكلٌّ منهما يكون سببًا في ازدياد ذلك الجزء الّذي هو مادّة حياة الآخر، أي أنّه لا يتمّ نشوء ولا نموّ للنّبات دون وجود الحيوان، ولا يمكن تصوّر حياة للحيوان دون مساعدة النّبات. وبالمثل فإنّ روابط كافّة الموجودات هي على هذا المنوال. ولهذا ذكرنا أنّ التّعاون والتّبادل هما من خصائص هيئة عالم الوجود الكلّيّة ومن دونهما ينعدم الوجود.
وفي قوس الصّعود لمراتب الوجود، كلّما نظرتَ إلى الرّتبة الأعلى، تشاهد أنّ شؤون وحقيقة التّعاون والتّعاضد وآثارها في الرّتبة العليا أعظم من تلك الّتي في الرّتبة الدّنيا. وتلاحظ مثلًا، أنّ الآثار الباهرة لهذا الشّأن القويم مشهودة في عالم النّبات أكثر منها في عالم الجّماد، وفي رتبة الحيوان أكثر وأكثر منها في رتبة النّبات.
إلى أن ترى هذا الأمر العظيم في العالم الإنسانيّ مشهودًا في منتهى الإتقان من جميع النّواحي، إذ لا ينحصر التّعاون والتّعاضد والتّبادل في هذه المرتبة بالجّسم والجّسمانيّات، بل إنّك تجد هذه الرّوابط المتينة في جميع المراتب والشّؤون الظاهريّة والمعنويّة، من العقول والأفكار والآراء والأطوار والآداب والآثار والإدراكات والإحساسات وسائر الأحوال الإنسانيّة، في غاية الإحكام. وكلّما توطّدت هذه الرّوابط وازدادت، تقدّمت الجامعة البشريّة أكثر في طريق التّرقّي والسّعادة، بل إنّ فلاح ونجاح هيئة الجّامعة الإنسانيّة دون هذه الشّؤون العظيمة أمرٌ محال.
لاحظوا الآن؛ ما دام هذا الأمر الخطير بين النّفوس الّذين هم مظاهر الحقائق الكونيّة على هذه الدّرجة من الأهميّة، فكيف يجب أن يظهر التّعاون والتّعاضد بين جواهر الوجود، الّتي هي في ظلّ السّدرة الرّبانية ومظاهر الفيوضات الرّحمانيّة، بمنتهى الهمّة وبالرّوْح والرّيْحان في جميع مراتب الوجود والشّهود والحقائق والمعاني والمعاش والمعاد. لا شكّ أنَّ عليهم التّضحية حتى بالرّوح في سبيل بعضهم البعض.
هذا هو أساس حقوق الله، فهي تُصرَف في سبيل هذه الشّؤون، وإلّا فالحقّ كان ولم يزل غنيًّا عمّا دونه. وكما جعل لكلِّ الأشياء نصيبًا من فضله وعناياته اللّامتناهية، فهو قادر على إغناء أحبّائه من خزائن القدرة، ولكن نظرًا لهذه الحكمة كان أمر الإنفاق محبوبًا عند الله. لاحظوا كم هو محبوب عند الله هذا العمل العظيم حتى صارت نسبته في الحقيقة إلى الله، فاستبشروا يا أولي الإنفاق.
ونأمل من فضل سلطان الأحديّة وألطافه اللّامتناهية أن تظهر في هذا الكور الأعظم جميع الشّؤون الرّحمانيّة بين عباد الله، بحيث تعطّر رائحتُها الطّيّبة جميع الآفاق.
تناولنا هذا الموضوع باختصار مع كونه في غاية التّفصيل.
[23]
يا أحبّائي الربّانيّين، من اليقين والمسلَّم به أنّ الله الأحد، في جميع الشّؤون، موصوف بالغنى المطلق ومشهور بالرّحمة الواسعة ومألوف بالفيض الأبديّ ومعروف بالعطاء لدى عالم الوجود، ولكن نظرًا للحكمة البالغة والامتحانات الفارقة ليتميّز الحبيب عن الغريب، فَرَضَ الحقوق على عباده وأوجبها.
فالنّفوس الّتي أطاعت هذا الأمر المبرم موفّقةٌ بالبركة السّماويّة وتنوّرت وجوهها وتعطّرت مشامّها بنسيم العناية في الدّارين، ومن جملة حِكَمه البالغة، أنّ أداء حقوق الله سبب لثبوت النّفوس ورسوخها، ويعود بنتائج عظيمة على الأرواح والقلوب، وتُصرف في الأمور الخيريّة.
[24]
واشكري الله بما وفّقكِ على إطاعة أمره في كتاب الأقدس حتّى قمتِ بإيفاء الحقوق وتقبَّل الله عنك هذا العمل المبرور. ثم اعلمي بأنّ عباد الرّحمن أغناهم اللهُ من كنز ملكوته ولكنّ إعطاء الحقوق هذا امتحان من الله لعباده وإمائه، فكلّ صادق خالص يقدِّم الحقوقَ لأجل الصَّرف على الفقراء والضّعفاء والمساكين والأيتام وسائر المصارف اللّازمة في أمر الله. كما أنّ المسيح جعل صندوقًا لأجل الإنفاق وعليكِ التّحية والثّناء.
[25]
مقتطفات من رسالة كتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي
إنّ هذه النّفوسَ الخالصةَ المخلصة الزّكيّة المنقطعة الّتي قدّمت عن طيب خاطر قسمًا من ممتلكاتها، بعضها في أيّام حياتها والبعض الآخر حسب الوصيّة، كوقْف لأمر الله، وتشرّفت بأداء حقوق الله، أجرُها عند الله عظيم.
بالنّيابة عن هذا العبد، طمئن أولئك المقدّمين والمنتسبين إلى مَنْ صعدوا إلى الله، بأنّ هذه الإقدامات والتّبرّعات تجلب التّأييدات الإلهيّة والبركة السّماويّة والفيض اللّامتناهي، وتروّج مختلف مصالح الجّامعة البهائيّة العالميّة، نعيمًا لهم بما وفّقهم الله على أمر ترتفع به مقاماتهم في الدّنيا والآخرة.
(من رسالة بالفارسيّة لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۲۳ يونيو/حزيران ۱۹٤٥) [26]
مقتطفات من رسائل كتبها أو كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم
إنّ هذا الحشد من الإنجازات الاستثنائيّة وشيكة الحدوث–نَشْر الكتاب الأقدس المستطاب، والتّقدّم في مشاريع الإنشاءات على جبل الكرمل، واختتام مشروع السّنوات السّتّ، وبداية السّنة المقدّسة-إنّما تحيي تطلّعات العالم البهائيّ وتعدّ العدّة لمساع أعظم ممّا حاولنا تحقيقه حتّى الآن، وتقودنا جميعًا إلى افتتاح مرحلة جديدة من التّاريخ. فيبدو من المناسب إذًا، في هذا الوقت المواتي، أن يتقبّل كلّ من يعلن إيمانه بالمظهر الكليّ الإلهيّ ذلك الحُكم المقدّس الّذي يُمكّن كلّ فرد منّا من التّعبير عن مشاعر إخلاصه الشّخصيّ لبارئه بإقدامٍ بالغ الخصوصيّة نابع من ضميره ووجدانه، يعزّز الصّالح العام، ويصل الفرد المؤْمِن مباشرة بالمؤسّسة الرّئيسة لدينه المفدّى، وفوق هذا كلّه، يكفل للمطيع والمخلص نعمًا إلهيّة لا توصف وبركات ربّانيّة لا تحصى. بالخضوع والخشوع أمام ربّنا المهيمن الغالب نعلن الآن أنّ حُكم حقوق الله سيكون قيد التّطبيق عالميًّا بدءًا من رضوان عام ۱۹۹۲، بداية السّنة المقدّسة، وندعو الكلّ بالمحبّة الخالصة إلى تطبيقه.
(من رسالة رضوان ۱۹۹۱، كتبها بيت العدل الأعظم للبهائيّين في العالم) [27]
والآن ونحن في خضمّ تطلّعاتنا المتّسمة بالشّوق والمتأتّية عن هذين الحدثين التذكاريّيْن[3] الهامَّيْن وعن الصّدور المرتقَب لأمّ الكتاب في هذا الظّهور البهائيّ، فإنّ حُكم "حقوق الله" يصبح ساري المفعول كجزء من الممارسات الثّابتة لأعضاء جامعتنا العالميّة قاطبة. ونسأل الله تعالى أن تنزل أمطار العنايات الإلهيّة الموعودة والمرتبطة بإجراء هذا الحكم الإلهيّ على أحبّائه في كلّ أرض.
(من رسالة رضوان ۱۹۹۲، كتبها بيت العدل الأعظم للبهائيّين في العالم) [28]
إنّ أمل بيت العدل الأعظم الوطيد، أن تؤدّي روح السّنة المقدّسة وآثار إطاعة حُكم حقوق الله إلى إثارة وعي المؤْمِنين بالخاصيّة المقدّسة لصناديق أمر الله، والدّور الأساسيّ الّذي تقوم به في تحقيق الغاية من ظهور حضرة بهاء الله.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لمحفل روحانيّ مركزيّ، مؤرّخة ۱۹حزيران/يونيو ۱۹۹۲) [29]
إنّ مؤسّسة حقوق الله ستساهم، خلال هذا الظّهور الإلهيّ، في بثّ الوعي الرّوحانيّ في البشريّة من خلال تعزيز موقف جديد حول حيازة الموارد المادّيّة واستخدامها. وستوفّر الموارد الماديّة اللّازمة لمشاريع جماعيّة عظيمة ترمي إلى تحسين جميع مناحي الحياة، وستكون عنصرًا قويًّا في نموّ مدنيّة عالميّة.
(من رسالة كتبها بيت العدل الأعظم لوكلاء وممثّلي مؤسّسة حقوق الله، مؤرّخة ۱۲ كانون الثّاني/يناير ۲۰۰۳) [30]
بالنّسبة لمخاوفك بخصوص المال، إنّ امتلاك الثّروة ليس أمرًا مخيفًا بحدّ ذاته، بل ضرورةٌ عمليّة. ولكن تبرز المشكلة من المواقف غير الملائمة حيال امتلاك الثّروة واستعمالها، وبهذا الخصوص قد تجد من المفيد قراءة الكلمات المكنونة الفارسيّة ذوات الأرقام ۸۰،۸۱، و۸۲. وكما هو الحال في مختلف نواحي الحياة الشّخصيّة الأخرى، فإنّ تعاليم حضرة بهاء الله توفّر لنا وسيلة لحفظنا من امتحان الثّروة بنزول حُكم حقوق الله، متيحًا الفرصة للمساهمة في الصّندوق البهائيّ وتشجيع المساعي الخيريّة لرفاه الجّميع.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ٧ تشرين الأول/أكتوبر 2005)
[31]
۲. تطبيق حكم حقوق الله
مقتطفات من آثار حضرة بهاء الله
إنّ الّذين وفّوا بعهودهم وعقودهم ونذورهم وأدّوا أمانات الله وحقوقه إنّهم من أهل الفردوس الأعلى كذلك يبشّرهم المظلوم في سجنه العظيم طوبى لعباد فازوا ولإماء فُزْن ولكلّ من تمسّك بالمعروف وعمل ما أُمر به في كتاب الله ربّ العالمين.
[32]
أداءُ حقوق الله منوطٌ بالاستطاعة، وإذا لم تقدر نفسٌ على أدائها، إنّه يعفو عنه وهو الغفّار الكريم.
[33]
سؤال: بخصوص نصاب حقوق اللّه؟
جواب: نصاب حقوق اللّه هو تسعة عشر مثقالًا من الذّهب، يعنی بعد أن تبلغ النّقود هذا المقدار تجب فيها حقوق الله. وتجب حقوق الله في سائر الأموال إذا بلغت قيمتها، لا عددها، هذا المقدار. وتجب حقوق اللّه مرّةً واحدة. فمثلًا: إذا امتلك شخص ألف مثقال من الذّهب، وأدّى عنها حقوق الله، فلا تترتّب حقوق اللّه على هذا المال مرّةً أخرى، وإنّما تجب على ما يزيد عليه من جرّاء تجارة أو معاملة أو ما شاكلهما، ومتى بلغت الزّيادة، أي الرّبح، حدّ النّصاب وجب العمل بما حکم به اللّه، إلّا إذا انتقل أصل المال إلی يد أخری، إذن تتعلّق به الحقوق کما تعلّقت أوّل مرّة. لقد جاء في آثار النّقْطة الأولی أنّ حقوق الله واجبة على كلّ ما يملكه المرء، ولکن في هذا الظّهور الأعظم أعفينا دار السُّكنى ومتاع البيت، بقدر ما تدعو إليه الحاجة منها.
(الكتاب الأقدس، رسالة سؤال وجواب، سؤال رقم ۸) [34]
سؤال: أيّ الالتزامات أولى بالأداء: حقوق الله، أو دين الميّت، أو تجهيزه ودفنه؟
جواب: تجهيز الميّت ودفنه مُقدَّم، يليه أداء الدَّيْن ثمّ أخذ حقوق اللّه. وإذا لم يكفِ مال الميّت للوفاء بديونه، يُقسَّم ما بقي منه على الدّيون بنسبة مقاديرها.
(الكتاب الأقدس، رسالة سؤال وجواب، سؤال رقم 9) [35]
سؤال: نزّلت أحكام حقوق الله في الكتاب الأقدس، فهل تعتبر دار السُّكنى ومستلزماتها ومتاعها من الأموال الّتي تتعلّق بها الحقوق أم أنّها غير ذلك؟
جواب: جاء في الأحکام الفارسيّه أنّ في هذا الظّهور الأعظم قد عفونا عن دار السُّكنى ومتاعها، والمراد المتاع الّذي تدعو الحاجة إليه.
(الكتاب الأقدس، رسالة سؤال وجواب، سؤال رقم 42) [36]
سؤال: بفرض أنّ شخصًا بلغ ماله مائة "تومان" وأدّى عنه حقوق الله، ثم خسر نصف هذا المبلغ في التّجارة، ثم عاد وربح ما أوصل ماله حدّ النّصاب، فهل يجب عليه أداء الحقوق أم لا؟
جواب: في هذه الحالة لا تتعلّق به الحقوق.
(الكتاب الأقدس، رسالة سؤال وجواب، سؤال رقم 44) [37]
سؤال: إذا تلف المبلغ المذكور کلّه بعد أداء الحقوق، ثم تحَصَّل المبلغ مرّة ثانية من الکسب والتّجارة، فهل يجب أداء الحقوق ثانية؟
جواب: وفي هذه الحالة أيضًا لا تجب الحقوق.
(الكتاب الأقدس، رسالة سؤال وجواب، سؤال رقم 45) [38]
سؤال: هل يجوز لشخص أن يخصّص في وصيّته جزءًا من ماله ليُنفقَ بعد حياته في الأمور الخيريّة، غير أداء حقوق اللّه وحقوق النّاس، أم أنّ حقّه ينحصر في مصروف الدّفن، والكفن، وحمل النّعش، وما بقی من مال يؤول کما فَرَض اللّه إلى الورّاث؟
جواب: الإنسان حرّ في ماله. إن وُفِّقَ في أداء حقوق الله، ولم يكن للنّاس عليه حقّ، كلّ ما يَكتب ويُقرّ ويعترف به في وصيّته مقبول. قد أذن اللّه له بأن يفعل فيما ملّکه اللّه کيف يشاء.
(الكتاب الأقدس، رسالة سؤال وجواب، سؤال رقم 69) [39]
سؤال: إذا كان في ذمّة المتوفّی حقوق للنّاس، هل يؤدَّى الدّيْن من دار السُّکنى والألبسة الخاصّة وسائر الأموال، أم يختصّ الذکور من الذّريّة بدار السُّكنى والألبسة الخاصّة ويؤدَّى الدّيْن من سائر الأموال؟ وما الحُكم إذا لم تفِ باقي التّركة بالدّيون؟
جواب: تؤدَّى الدّيون والحقوق من سائر الأموال، فإن لم تفِ هذه الأموال، يؤخذ من دار السُّكنى والألبسة الخاصّة.
(الكتاب الأقدس، رسالة سؤال وجواب، سؤال رقم 80) [40]
سؤال: إن تجاوز المال تسعة عشر مثقالًا، هل يلزم أن يبلغ الزّائد تسعة عشر مثقالًا أخرى لتتعلّق به الحقوق، أم تتعلّق الحقوق بالزّائد أيًّا ما كان مقداره؟
جواب: لا تتعلّق الحقوق بالزّائد إلّا بعد بلوغه تسعة عشر مثقالًا.
(الكتاب الأقدس، رسالة سؤال وجواب، سؤال رقم 90) [41]
سؤال: هل تجب حقوق الله على أجهزة محلّ العمل اللّازمة لأداء المهنة أو الحرفة، أم أنّها في حُکْم متاع البيت؟
جواب: يجري عليها حُکْم متاع البيت.
(الكتاب الأقدس، رسالة سؤال وجواب، سؤال رقم 95) [42]
وأمّا بخصوص حقوق الله فنصابه عَدَدُ واحد[4]، يعني إذا تملّك شخص تسعة عشر مثقالًا من الذّهب أو أشياء تبلغ قيمتها هذا المقدار، فبعد أنْ يضع جانبًا مصاريف سنة، تتعلّق بها الحقوق ويتوجّب أداؤها.
[43]
حكم الله أن المُلْك المنعدم نفعه، أي لا ينتج نفعًا، لا تتعلّق به الحقوق، إنه لهو الحاكم الكريم.
[44]
مقتطفات من آثار حضرة عبد البهاء
كنتَ قد سألتَ عن حقوق الله، يجب على الإنسان أن يحسم مصاريفه السّنويّة مما كَسبه في بحر عام واحد ويؤدّي تسعة عشر بالمئة مما تبقّى من المال حقوقَ الله. يعني لو بلغت أرباح شخص من تجارته في السّنة ألف ليرة، فبعد حسم مصاريفه السّنويّة البالغة ستمائة ليرة مثلًا، يكون المبلغ الزّائد لديه أربعمائة ليرة، فتترتّب حقوق الله على هذه الأربعمائة ليرة. يعني من الأربعمائة ليرة عليه أن يعطي عن كلّ مئة تسعة عشر ليرة، ومجموعها ستّ وسبعون ليرة كحقوق تذهب للمصاريف الخيريّة.
لا تترتّب الحقوق على جميع الأموال في كلِّ سنة. فقد يمتلك شخص مئة ألف ليرة، فلا يمكن أن يدفع الحقوق عن هذه المئة ألف ليرة في كلِّ سنة، فأنت مثلًا، عليك أن تحسم نفقاتك السّنويّة من كلِّ ما تكسبه من الأرباح خلال العام وعلى الباقي تترتّب الحقوق. أمّا الأموال الّتي دفعتَ عنها الحقوق في السّنة الماضية فلا تترتّب عليها الحقوق في هذا العام مرّة أخرى.
[45]
أمّا الحقوق فتترتّب على ما يزيد من المال بعد حسم مصاريف سنه كاملة. ولكن النّقود والمال الّذي يكون مورد رزق للشّخص وسبق أن دُفعت عنه الحقوق، وكذلك المُلْك الّذي دُفعت عنه حقوق الله وكان مدخوله يعادل مصروفه لا أكثر، فلا تترتّب عليها حقوق الله ثانية ... يجوز التّصرّف في الحقوق جزئيًّا أو كليًّا، ولكن بإذن وتصريح من مرجع الأمر.
[46]
تترتّب حقوق الله على جميع ما يملكه الإنسان، ولكن إذا أدّى شخص الحقوق عن مُلْك معيّن، وكانت وارداته على قدر احتياجاته، فلا تترتّب الحقوق على ذلك الشّخص ثانية.
كما لا تترتّب حقوق الله على الآلات والأدوات الزّراعيّة وحتى حيوانات الحراثة إذا كانت على قدر اللّزوم.
[47]
أمّا في كيفيّة أداء الحقوق، فإنّها تترتّب على ما يبقى من واردات الأملاك والكسب والتّجارة بعد حسم مصروف السّنة منها.
[48]
مقتطفات من بيانات حضرة عبد البهاء
سؤال: بالنّسبة لمسألة الحقوق، فهل تعني ۱/۱۹ من الدّخل الصّافي للفرد أو من إجماليّ دخله؟ فمثلًا في أمريكا هناك ضريبة على الدّخل الإجماليّ بعد إجراء بعض الاستثناءات: فكيف يتم احتساب الحقوق؟
جواب: إنّ جوهر تبيين حضرة عبد البهاء هو: بعد أن يكون الفرد قد دفع كلّ نفقاته الضّروريّة يأخذ ۱۹% من الباقي ويدفعه كحقوق الله. فمثلًا إذا كان المبلغ المتبقّي لدى الشّخص بعد دفع كلّ نفقاته ۱۰۰ قرش، يأخذ منها ۱۹ قرشًا كحقوق الله. وهذا يتمّ في نهاية السّنة بعد أن يتحقّق تمامًا من نفقاته، فعن كل ۱۰۰ قرش يؤخذ ۱۹ قرشًا.
وهو يدفع ذلك مرّة واحدة، ولا تترتّب عليه الحقوق مرّة أخرى على ذلك المبلغ، لقد انتهى الأمر. وفي العام التّالي سيدفع عن المبلغ الّذي بقي بحوزته بعد خصم نفقاته وخصم المبلغ الّذي دَفع عنه الحقوق في السّنة الماضية أيضًا.
فعلى سبيل المثال إذا بقي لدى إنسان في نهاية العام الأول ۱۰۰۰ قرش بعد دفع كافّة مصاريفه، عندها يُؤخذ منها ۱۹۰ قرشًا كحقوق. وفي نهاية العام الثّاني، وبعد أن يحدّد كلّ نفقاته، قد يبقى معه ۲۰۰۰ قرش، وبما أنّه سبق ودفع الحقوق عن ۱۰۰۰ قرش في العام الماضي، فإنّ هذا المبلغ يُخصم من الـ ۲۰۰۰ قرش ويدفع الحقوق عن ۱۰۰۰ قرش أي ما يعادل ۱۹۰ قرشًا. في العام الثّالث قد يكون المبلغ الصّافي لما يملكه هو ۲٥۰۰ قرش فيخصم منها ۲۰۰۰ قرش ويدفع ۱۹% عن ٥۰۰ قرش أي ما يعادل ۹٥ قرشًا. وإذا كان ما يملكه في نهاية السّنة الرابعة ۲٥۰۰ قرش فلا تترتّب عليه الحقوق.
سؤال: عند خصم نفقاتنا الضّروريّة، هل التّبرّعات لمشرق الأذكار، والتّبليغ والنّشاطات الأخرى لأمر الله تُعدّ جزءًا من الحقوق أم يَجِبُ أنْ تُعامل بشكلٍ مُنفصل؟
جواب: أجاب حضرة "عبد البهاء" بأنّ الحقوق كانت منفصلةً ومستقلةً عن هذه التّبرّعات وتأتي بالمرتبة الأولى، وبعد أن يتمّ تحديد ذلك يمكن العناية بالشّؤون الأخرى. وقد ابتسم حضرته وتفضّل قائلًا: "متى تمّ إعطاء الحقوق فإنّ عبد البهاء سَيتحقّقُ كمْ منها سيؤول لمشرق الأذكار وكمْ للتّبليغ وكمْ للمحتاجين ... إلخ".
(من مقابلة مع "حضرة عبد البهاء" بتاريخ ۲٦ تشرين الثاني/نوفمبر ۱۹۱۹، ملاحظة بخط يد حضرة شوقي أفندي حوالي عام ۱۹۲۰، أسئلة وردت في رسالة غير مؤرّخة من جورج لاتيمر) [49]
مقتطفات من رسائل كتبها حضرة شوقي أفندي أو كُتبت بالنّيابة عنه
أمّا بخصوص حقوق الله ... فتترتّب على مال التّجارة والأملاك والعائدات بعد طرح النّفقات اللّازمة، كلّ ما يتأتّى منها من أرباح تزيد عن رأس المال يجب أداء الحقوق عنها. وعندما تؤدّى الحقوق عنها مرّة، لا تترتّب عليها بعد ذلك إلّا إذا انتقل المال إلى شخص آخر. وأمّا البيت وأثاثه فلا تترتّب عليها الحقوق ... وأمّا بالنّسبة لحقوق الله، فالحقوق الإلهيّة تعود لمركز الأمر.
(من رسالة بالفارسيّة كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء، مؤرّخة نيسان/إبريل،أيّار/مايو ۱۹۲٧) [50]
ستجد الإشارة إلى الحقوق في الكتاب الأقدس ... كلّ الأمور الّتي لم يوردها حضرة بهاء الله بالتّحديد يجب أن تُحال إلى بيت العدل الأعظم.
(حاشية بخط حضرة شوقي أفندي على رسالة كُتبت بالنّيابة عن حضرته لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱٦ كانون الأوّل/ديسمبر ۱۹۲٧) [51]
المثقال تسعة عشر حمّصة[5]، ووزن أربع وعشرين حمّصة يساوي أربعة غرامات وثلاثة أخماس غرام، ويمكن إجراء الاحتساب على هذا الأساس.
(من رسالة بالفارسيّة كُتبت بالنيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱٧ تشرين الثّاني/نوفمبر ۱۹۳٧) [52]
السّؤال الخاص بانتقال دار السُّكنى والألبسة المخصوصة وأثاث البيت عن طريق الإرث إلى الورثة، فهل يُعفى الورّاث من أداء حقوق الله عنها أم لا؟ تفضّل حضرته: بما أنّ بيت السُّكنى وأثاث البيت وأدوات العمل قد أُعفيت بالنّصّ القاطع من أداء حقوق الله، فإنّها معفاة أيضًا عند انتقالها إلى شخص آخر.
(من رسالة بالفارسيّة كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ في إيران، مؤرّخة ۲۹ أيلول/سبتمبر ۱۹٤۲) [53]
مقتطفات من رسائل كتبها بيت العدل الأعظم أو كُتبت بالنّيابة عنه
سأل بعض الأحبّاء الأعزّاء، الموفّقين على أداء حقوق الله، هذه الهيئة عن ماهيّة العلاقة بين التّبرّعات للصّناديق الأمريّة وأداء حقوق الله، وإذا تبرّع أحد للصّناديق الخيريّة وسائر المشروعات الأخرى بنيّة أداء حقوق الله، فهل يُعفى من أداء حقوق الله أم له حُكم آخر؟
مع أنّ النّصوص الإلهيّة صريحة بهذا الخصوص، ولكن حيث إنّ هذا السّؤال قد تكرّر، تقرّر توضيحه لاطّلاع الأحبّاء الأعزّاء.
إنّ أداء حقوق الله من الفرائض الدّينيّة لأهل البهاء، إذ جاء حكمه نصًّا في الكتاب الأقدس المستطاب وقد عُيّن وذُكر بيانه في ألواح شتّى.
لا يُستثنى أيّ مؤْمِن مخلص تتوفّر فيه الشّروط المعيّنة من أداء حقوق الله. بل إنّ الامتناع عن أداء حقوق الله، طبقًا لنصّ الكتاب، يُعتبر خيانة. وخطاب "من خان الله يُخان بالعدل"، قد نزل بحقّ هذه النّفوس.
وكما تفضّل مركز الميثاق قائلًا: "لقد مَنَّ الله على عباده، بمَحْضِ ألطافه غير المتناهية، بتعيين حقوق الله، وإلّا فإنّ الحقّ وعبادَه مستغنون عن الكائنات."
إنّ لهذا الحُكم المُحكم بشهادة القلم الأعلى، مصالح وحِكَم لا تُحصى. فهو سبب تطهير الأموال، ودافع الخسران والوبال، وباعث النّعمة والعزّة، وعلّة الخير والبركة. إنّه إنفاق يُنسب إلى الله، وخدمة تؤدّي إلى ارتفاع أمر الله. إنّ أداء الحقوق، كما تفضّل به مركز الميثاق، هو امتحانٌ للمؤْمِنين وسببٌ لثبوتهم ورسوخهم في الإيمان والإيقان.
وبالاختصار، حقوق الله من الواجبات الشّرعيّة الحتميّة لأهل البهاء الّتي تعود، طبقًا للنّصوص المباركة، إلى مرجع الأمر، وستُسنّ الأحكام الخاصّة بها، كما تفضّل به جمال القِدم جلّ ثناؤه، بعد تأسيس بيت العدل، على ما أراده الله. ولا يحقّ لأحد التّصرّف بها سوى مرجع الأمر، أي أنّ كلّ ما ُيخصّص لحقوق الله ويعود إليها من أموال النّفوس هو مُلكٌ لمركز أمر الله، ولا علاقة له بتلك النّفوس.
لذا، على الأحبّاء ألّا يتّبعوا حكمهم وإرادتهم الشّخصيّة في استخدام أيٍّ من أموال حقوق الله للإنفاق على وجوه صرف أخرى، حتى ولو كانت خيريّة أمريّة.
نأمل أن يوفَّق الكلّ ويفوزوا بأداء هذا الواجب المبارك المقدّس الّذي يكفل السّعادة الحقيقيّة ويدعم المشروعات العموميّة لأهل البهاء، والله غنيٌّ عن العالمين.
(من رسالة بالفارسيّة لبيت العدل الأعظم موجّهة للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ في إيران، مؤرّخة ۲٥ تشرين الأوّل/أكتوبر۱۹۷۰) [54]
لقد تأثّرنا للغاية من رسالتك الحبّيّة المؤرّخة ۲٧ كانون الأوّل/ديسمبر ۱۹٧۲، الّتي عبّرتَ فيها عن رغبتك في اتّباع حُكم حقوق الله بخصوص إرثك من والدتك ...
إنّ حُكم الكتاب الأقدس هذا ينصّ على أن يُدفع ۱۹% من رأسمال الفرد كحقوق الله عندما يصل مثل ذلك الرأسمال مبلغًا لا تقلّ قيمته عن "تسعة عشر مثقالًا من الذّهب". وعندما يريد المؤْمِن أن يُحدّد المبلغ الّذي يتوجّب عليه أداؤه، فعليه أوّلًا أن يَخصم أيّة ديون أو مصاريف قد تكون عليه، ثمّ يدفع ۱۹% عن المتبقّي من رأسماله إذا عادل ما قيمته تسعة عشر مثقالًا من الذّهب.
... لتطبيق حُكم الكتاب الأقدس هذا... عليك تحديد القيمة الكلّيّة لإرثك نقدًا وأيّة موجودات أخرى، وتخصم منها أيّة مصاريف ديون قد تكون عليك، وادرس وضعك بحيث تكون قادرًا على أداء حقوق الله عن القيمة الصّافية لإرثك. أمّا الوقت وشروط الدّفع، فأمرٌ متروكٌ لكلّ فرد.
على سبيل المثال، إذا كانت موجودات الفرد تشمل مُلكًا أو أسهمًا بالإضافة إلى النّقد، فربّما يجد من غير الملائم والمناسب دفع ۱۹% من قيمة الموجودات غير النقديّة، إلّا عند بيعها، وهو الوقت الّذي يفضّل فيه الإيفاء بهذا الواجب الرّوحانيّ. ويجب خصم أيّة مصاريف تترتّب عند بيع موجودات الفرد قبل احتساب القيمة الصّافية الّتي تُؤدّى عنها حقوق الله.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۲۱ كانون الثّاني/يناير ۱۹٧۳)
[55]
إنّ البهائيّ المؤْمِن الّذي حاز على منقبة أداء حقوق الله، لا يخلق الأعذار للتهرّب من هذا الواجب الرّوحانيّ، بل بالعكس يمضي سبّاقًا في إجرائه باذلًا ما في مقدوره. ومن جهة ثانية، حيث إنّ إطاعة هذه الفريضة أمر وجدانيّ، وأداء حقوق الله عمل يقوم به الأحبّاء عن طيب خاطر، فلا يجوز سوى تذكير الأحبّاء ... بلزوم أداء هذا الواجب الرّوحانيّ، ويجب أن تُترك لهم الحريّة لإجراء ما يرتأونه بهذا الخصوص.
ينطبق هذا المبدأ أيضًا على الأحبّاء الّذين يعيشون حياة إسراف ويشترون بيوتًا أو يبنونها ويجهّزونها بما هو فوق احتياجاتهم، ويبرّرون هذه المصاريف كي يمتنعوا عن أداء حقوق الله.
(من رسالة لبيت العدل الأعظم موجّهة لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۲٦ شباط/فبراير ۱۹٧۳) [56]
...أحال حضرة بهاء الله كثيرًا من تفاصيل المسائل المرتبطة بحساب أداء حقوق الله إلى تحكيم أفراد الأحبّاء ووجدانهم. فمثلًا، أعفى حضرته ما يحتاجه البيت من مستلزمات وأثاث من أداء حقوق الله، ولكنّه ترك اتّخاذ القرار بخصوص أيّ من هذا الأثاث والأغراض ضروريّ وأيّ منه غير ضروريّ إلى الأفراد أنفسهم. إنّ تقديم التّبرّعات لصناديق المحافل لا يمكن اعتباره جزءًا من أداء حقوق الله، وعلاوة على هذا، فإذا كان أحد مدينًا لحقوق الله، وتعذّر عليه أداء الحقوق والتبرّع للصّندوق معًا، فأداء حقوق الله يُرجّح على تقديم التّبرّع. أمّا عند تحديد موجودات الفرد الّتي يتوجّب عليه أداء حقوق الله عنها، وهل يمكن اعتبار التّبرّعات من النّفقات عند حسابها؟ فهذه مسألة يجب تركها للحُكم الشّخصيّ للأفراد أنفسهم كي يقرّر كل منهم بشأنها بما يتوافق مع أوضاعه وأحواله.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱٦ أيلول/سبتمبر ۱۹٧۹) [57]
من الواضح، في الآثار المباركة، أن بيت السُّكنى وأثاثه وأدوات العمل والحرفة ولوازمها، لا تترتّب عليها حقوق الله، وتُرِك اتّخاذ القرار بشأن تحديد أيّ من تلك الأغراض تُعتبر من اللّوازم الضّروريّة لتقدير الأشخاص أنفسهم. من الواضح، أنّ على الأحبّاء ألّا يُنفقوا بإسراف على بيت السُّكنى وأثاثه، ويتّخذوا من صرف المال في هذا السّبيل ذريعة لتجنّب أداء حقوق الله. لم نجد نصًّا قاطعًا يدلّ على أنّ رأس المال المُستَخدَم من أجل تحصيل الدّخل، مُعفى من أداء حقوق الله، لذا، يَترك بيت العدل الأعظم مثل هذه الأمور لضمير أفراد الأحبّاء.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۹ نيسان/إبريل ۱۹۸۰) [58]
أمّا بالنّسبة إلى سؤالك الثّاني، ومفاده إذا ساد التّفاهم التّام بين الزّوجة وزوجها، وكان لها حقّ التّصرّف في أموال الزّوج، فهل بمقدورها أداء حقوق الله عن الأموال بكاملها؟ أم لأنّ قسمًا من هذه الأموال خاصّ بزوجها، يتوجّب عليها أداء حقوق الله عن القسم الخاصّ بها فقط؟
لدى الإجابة عن هذا السّؤال، يجب أن ندرك أن حقوق الله تترتّب على الأموال المسلَّم بأنّها ملك للشّخص نفسه، لا على الأموال الّتي له فقط حقّ التصرّف فيها أو استخدامها. ولكن، في حالات مماثلة لِما ذُكر أعلاه، على الزّوج والزّوجة أن يتشاورا معًا، ويعيّنا حدود ما يخصّ كلًّا منهما من الأموال، ويقدّما معًا أو كلّ بمفرده ما يقرّران أنّه من الواجب أداؤه.
(من رسالة بالفارسيّة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱۰ كانون الثّاني/يناير ۱۹۸۲) [59]
بخصوص السّؤال الّذي طرحه السّيّد... نرجو إطلاعه بأنّه في رسالةٍ لأحد الأحبّاء وضّح حضرة وليّ أمر الله أنّ حقوق الله تُؤدّى مرّة واحدة على ما يملكه الفرد، سواء أكانت ممتلكاته منقولة أو غير منقولة. أمّا إذا انتقلت هذه الملكيّة من شخص إلى آخر عن طريق الإرث مثلًا فتترتّب عليها حقوق الله مجدّدًا، وهذا يعني في الحقيقة أنّ الورّاث الّذين يستلمون حصّة من الإرث، عليهم أداء الحقوق عنها، إذا كانت الحصّة الّتي يحصلون عليها تزيد ما يملكونه مقدارًا يرتِّب عليهم أداء هذا الواجب الرّوحانيّ.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لمحفل روحانيّ مركزيّ، مؤرّخة ۱ حزيران/يونيو ۱۹۸۳)
[60]
بخصوص السّؤال عن بيت السُّكنى وأحكامه الجزئيّة، نلفت عناية جنابك أنّه في هذه الأيّام لا يقتضي الحال تشريع أحكام مفصّلة بالنّسبة لحقوق الله. لذا يجب ترك الحريّة للأحبّاء؛ ففي حالة عدم وجود نصّ وحكم في مسألة ما، عليهم إجراء ما يستنبطونه بأنفسهم بالخصوص، ويباشروا بأداء حقوق الله كما يُمليه عليهم ضميرهم بناءً على تشخيصهم.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ٤ آذار/مارس ۱۹۸٤) [61]
... إذا كان المؤْمِن يَعلم بأنّه مَدين لحقوق الله طبقًا لحساباته، فعليه أداء حقوق الله كأولويّة على دفع أيّ تبرّعات أخرى. ومع ذلك فإنّ المؤْمِن قد يتبرّع للصّناديق الأمريّة المختلفة على مدار العام، أو يتصدّق من ماله للأمور الخيريّة، كما قد يَصرف ماله على طَيف واسع من النّشاطات المرتبطة بحياته اليوميّة. ... إن بيت العدل الأعظم يَترك لحكم المؤْمِن اتّباع أيّ من الطرّيقتيْن التّاليتيْن:
- اعتبار هذه التّبرّعات كمصاريف. وهذا من شأنه أن يخفّض ميزان المدّخرات الّتي بقيت له في نهاية السّنة والّتي يترتّب عليها أداء حقوق الله.
- أن يأخذ بعين الاعتبار أنّ عليه تقديم هذه التّبرّعات من الأموال الّتي تمّ أداء حقوق الله عنها فقط.
هذا الدّستور يترك المجال مفتوحًا أيضًا أمام المؤْمِن كي يطبّق الطّريقة الأولى على بعض تبرّعاته، والطّريقة الثّانية على تبرّعاته الأخرى. ويَترك بيت العدل كلّ هذه التّفاصيل إلى ما يُمليه ضمير المؤْمِن عليه ولحكمه.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۳ شباط/فبراير ۱۹۸٧) [62]
إذا كُنتَ، كما ذَكرت، في وضع ماليّ لا يَسمح لك أبدًا بأن تتجمّع لديك ممتلكات تُعادل قيمتها ۱۹ مثقالًا من الذّهب، فإنّك حسب النّصوص الإلهيّة غير مُلزَم بأداء حقوق الله. إلّا أنّ هذا لا يَعني أنّه لا يُمكنك المساهمة في هذا الصّندوق إذا توفّرت لديك الرّغبة النّابعة من حبّك لحضرة بهاء الله وكرم نفسك.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۲۳ حزيران/يونيو ۱۹۸٧) [63]
- لا يستطيع المؤْمِن القيام بواجب مؤْمِن آخر في أداء حقوق الله.
- لا يجوز للمؤْمِن أن يُحدّد جهة صرف المبلغ الّذي يقدّمه لحقوق الله، كما لا يجوز له أن يُقدّم مثل هذا المبلغ تكريمًا لأيّ شخص.
(من مذكرة لبيت العدل الأعظم موجهة لدائرة في المركز البهائيّ العالميّ، مؤرّخة ۲۲ آذار/مارس ۱۹۸۹)
[64]
إنّ حقوق الله يجب أن تُؤدّى في الأساس من قِبَل الفرد البهائيّ خلال فترة حياته، في أيّ وقت يصل فائض ممتلكاته إلى حدّ النّصاب. وهناك مهلة معيّنة يوفّرها الحُكم عند النّظر في النّفقات السّنويّة الّتي يجب خصمها قَبل احتساب المبلغ المطلوب أداؤه لحقوق الله. وعند وفاة الفرد البهائيّ، فالوضع المثاليّ هو أن يكون المبلغ الوحيد الّذي يجب أداؤه لحقوق الله والّذي يجب أن يتمّ التّرتيب له في وصيّته هو المبلغ الإضافيّ الّذي قد يتواجد عند تصفية حسابات شؤونه الماليّة عند وفاته.
يأمل بيت العدل بأنّه لدى قيام المؤْمِنين بالتّعرّف على حُكم حقوق الله والبدء بأدائها، فإنّهم سيتعلّمون أيضًا ليس كيفيّة حسابها خلال فترة حياتهم فقط، بل سيتمكّنون من فهم كيفيّة الإعداد والتّرتيب لأداء حقوق الله عن الرّصيد المتبقّي من أموالهم عند وفاتهم.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لهيئة أمناء حقوق الله، مؤرّخة ۱ تشرين الأوّل/أكتوبر ۱۹۸۹) [65]
ليس في تصوّر بيت العدل الأعظم وضع أسلوب محدّد للاحتساب ليقوم الأحبّاء باستخدامه ... فيجب أن يُتركوا أحرارًا ليتدبّروا أساليبهم الخاصّة بهم المرتكزة على أساس النّصوص والأمثلة الموجودة أمامهم.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لمكتب أمانة صندوق محفل روحانيّ مركزيّ، مؤرّخة ۱ تمّوز/يوليو ۱۹۹۱) [66]
لقد استلم بيت العدل الأعظم رسالتك المؤرّخة ۲۸ كانون الأوّل/ديسمبر ۱۹۹۱، المتضمّنة سؤالًا يتعلّق باحتساب الممتلكات الّتي يتوجّب عليك أداء حقوق الله عنها. والمعلومات الّتي زوّدتنا بها يُمكن تلخيصها كالتّالي:
إنّ في حوزتك مجموعة من المقتنيات المتوارثة ضمن العائلة، وبعضها، على الأرجح، قَيّم وثمين جدًا، والّتي تُطلق عليها "متحف العائلة". هذه المجموعة لمْ ولنْ تعطي أيّ عائد ماليّ أبدًا، إلّا في بضع مناسبات عندما عرضتَها لجمع المال للأعمال الخيريّة. وأنت ترغب في معرفة ما إذا كان يتوجّب عليك الآن تقدير قيمة هذه المجموعة حتى تستطيع ضمّها إلى ممتلكاتك لغرض احتساب ما عليك أداؤه لحقوق الله.
إنّ بيت العدل الأعظم قد طلب منّا أن نخبرك أنّه ليس من الضّروري إدراج مثل هذه الممتلكات في الحساب فورًا. فإذا بيعت كليًّا أو جزئيًّا، عند ذلك تصبح العائدات خاضعة لأداء حقوق الله.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۹ شباط/فبراير ۱۹۹۲) [67]
إنّ أداء حقوق الله هو التزام شخصيّ يترتّب على كلّ بهائيّ، وعليه أن يَسعى للإيفاء بالتزامه هذا طبقًا لما يُمليه عليه ضميره، كما أنّه لا يُمكن لأيّة مؤسّسة أمريّة أن تَطلب منه ذلك. ويتمثّل جزءٌ من هذا الالتزام في أنْ يقوم البهائيّ بإدراج نصٍّ في وصيّته لسَداد ما تبقّى عليه من دَيْن لحقوق الله عند وفاته. وبالمثل فإنّ الحكم البهائيّ في حالة عدم وجود وصيّة يشترط أداء مثل هذا الرّصيد المتبقّي لحقوق الله قبل توزيع التّركة على الورثة.
إنّ حُكم الإرث كما نُزّل في الكتاب الأقدس، والّذي يطبَّق عندما لا يَترك المتوفّى وصيّة يذكر بوضوح ما يلي:
كلُّ ذلك بعد أداء حقوق الله ...
وبالمثل، فيما يتعلّق بكتابة الوصيّة، فإنّ حضرة بهاء الله قد نصّ (في رسالة سؤال وجواب)[6] ما يلي:
الإنسان حُرّ في ماله، إنْ وُفّق في أداء حقوق الله، ولمْ يَكنْ للنّاس عليه حقّ، كلّ ما يكتب ويقرّ ويعترف به في وصيّته مقبول، قد أذن الله له بأن يفعل فيما مَلّكه الله كيف يشاء.
هذا النّصّ يجعل من الواضح أنّ مسؤوليّة الموصي بدفع ما عليه من ديون وحقوق لها الأسبقيّة على حريّته بترك ممتلكاته بالطّريقة الّتي يرغبها.
(من مذكّرة من بيت العدل الأعظم لدائرة في المركز البهائيّ العالميّ، مؤرّخة ۳۰ نيسان/إبريل ۱۹۹۲)
[68]
السّؤال هو: هل الممتلكات الّتي يترتّب على الفرد البهائيّ احتسابها عند أداء حقوق الله هي كلّ ما يملكه في التّاريخ الّذي يُصبح فيه هذا الحُكم مطبّقًا عليه، أو فقط تلك الممتلكات الّتي يجمعها بعد ذلك التّاريخ؟
ما خلصنا إليه هو أنّ الممتلكات الخاضعة لحقوق الله هي كلّ ما يملكه الفرد في التّاريخ الّذي يصبح فيه هذا الحُكم مطبّقًا عليه. وهذا لا يعني بالطّبع أنّ عليه أداء حقوق الله المستحقّة عليه فورًا، لأنّ القيام بذلك يتطلّب منه التّصرّف بالعديد من ممتلكاته ويضعه في موقف صعب جدًّا. إلّا أنّ مبدأ الاحتساب واضح، وحقوق الله المستحقّة عليه يجب أداؤها في النّهاية.
(من رسالة كتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأمين حقوق الله أيادي أمر الله، الدّكتور علي محمّد ورقا، مؤرّخة ٤ أيّار/مايو ۱۹۹۲) [69]
سألتَ عن تطبيق حُكم حقوق الله على الأموال الّتي يُنفقها المؤْمِن على "السّفر لخدمة أمر الله، والحياة في بحبوحة أكثر قليلًا"، وما إلى ذلك. إنّ انطباعنا من إجابات أُعطيت على أسئلة أخرى، هو أنّ هذا أمر يعود لضمير ووجدان المؤْمِن. وهناك في الحقيقة طيف واسع من النّفقات الّتي يمكن أو لا يمكن إدراجها تحت عنوان النّفقات السّنوية العاديّة، والّتي يجب خصمها من الدّخل قبل التّوصّل إلى المبلغ الخاضع لحقوق الله. أمّا في الحالة المحدّدة المتمثّلة في التّبرّع لمختلف الصّناديق الأمريّة، فقد سبق وأن بيّن بيت العدل الأعظم أنّ الأمر يعود للفرد كي يقرّر ما إذا كان سيَعتبر هذه النّفقات جزءًا من نفقاته العاديّة أم سيدفعها من مدّخراته الصّافية الّتي أدّى عنها حقوق الله.
(من مذكّرة لبيت العدل الأعظم لمكتب حقوق الله في الأرض الأقدس، مؤرّخة ۱٤ شباط/فبراير۱۹۹۳)
[70]
لقد رفع مكتب حقوق الله في الأرض الأقدس أسئلتك عن حُكم حقوق الله المرفقة برسالتك المؤرّخة ۲۱ نيسان/إبريل ۱۹۹۳ إلى بيت العدل الأعظم، فطلب منّا أن نُرسل إليك الأجوبة التّالية:
- في الحقيقة هناك أوجه اختلاف بين ديون الفرد فيما يتعلّق بالاحتساب وأداء حقوق الله. وبخصوص الحسابات، فمن الطّبيعيّ أنّ الدّيون يجب أن تتكافأ مع الموجودات. وبخصوص أولويّة الدّفع، يجب أن يأخذ الفرد بالحسبان شروط القرض، فإذا تمّ تحديد جدول للدّفعات وكان بمقدور الفرد تسديدها من دخل متوقّع عند استحقاقها، فعليه بالطّبع أن يدفع حقوق الله في الوقت نفسه، ومع ذلك فإذا لمْ يكن بمقدوره تسديد الدّفعات لكليهما، يجب أن تُعطى الأولويّة للدّيْن.
- الأولويّة النّسبيّة لأداء حقوق الله والتّبرّع للصّناديق الأمريّة، قد تمّ توضيحها في المقتطف [۱۰٥][7] من مجموعة حقوق الله، ولا يرغب بيت العدل الأعظم أن يذهب أبعد من ذلك في الوقت الحاضر.
- لكلّ زوج وزوجة الحرّيّة ليقرّرا إذا كانا سَيَفيان بالتزاماتهما تجاه حقوق الله معًا أم منفصليْن، لأنّ بيت العدل الأعظم لا يودّ أن يتدخّل في حقّ كلٍّ من الزوجيْن في تحديد كيفيّة التّعامل مع شؤونهما الماليّة. بعض الأزواج يُفضّلون أن تكون ممتلكاتهم مشتركة، والبعض الآخر يُفضّلون الاحتفاظ بها منفصلة، كما توجد حالات هي مزيجٌ من هذين التّرتيبيْن.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۸ تمّوز/يوليو ۱۹۹۳) [71]
لقد استلم مكتب حقوق الله رسالتيْك المؤرّختيْن ۲٤ و۲٥ أيّار/مايو ۱۹۹۳ والكتيّب الّذي أرسلته. وقد رفعنا السّؤاليْن اللّذيْن أثرتهما إلى بيت العدل الأعظم الّذي طلب منّا الآن أن نُرسل لك الإجابة التّالية:
- إنّ المال المدّخر لشراء دار السُّكنى في حدّ ذاته غير مُعفى من حقوق الله، ولهذا فإذا تُوفي الشّخص قبل شراء المسكن ستكون هذه المدّخرات خاضعة لأداء حقوق الله. ومع ذلك، فإنّ الأمر متروك للفرد الّذي يدّخر لشراء مسكن كي يقرّر إمّا دَفع حقوق الله عن المال أثناء ادّخاره، ثمّ يحسب الإعفاء عند شراء السّكن فعلًا، أو يؤجّل إدراج مدّخراته في حسابه لحقوق الله لِما بعد شراء المسكن وفي ذلك الوقت بالطّبع تصبح قيمة المسكن معفاة.
- يجب أن يتمّ احتساب حقوق الله عمليًّا على أساس المجموع التّراكميّ للمدّخرات، وليس على مدّخرات كل سنة لوحدها. وبهذه الطّريقة فقط يمكن للفرد أن يَحسب خسارته في سنة واحدة والّتي تُخصم ممّا يترتّب عليه في العام الّذي يليه، أو يَحسب الرّبح أو الخسارة على بيع استثمار اشتراه في سنة سابقة.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۸ تشرين الأوّل/أكتوبر ۱۹۹۳)
[72]
يتركّز سؤالك على البند الخاص بحقوق الله في الوصايا البهائيّة. إنّ فهمك بأنّ واجب أداء حقوق الله يبرز خلال فترة حياة الإنسان، ويجب أن يُنفّذ عادة خلال حياة الإنسان هو فهم صحيح، مع أنّه، في الوقت نفسه، من الصّحيح أنّه قد تكون هناك حالات يتوفّى فيها المؤْمِن دون أن يضع بندًا في وصيّته لأداء الجزء غير المدفوع من حقوق الله إن وُجد.
إنّ واقعة الوفاة لا تعفي المؤْمِن من التزامه بأداء حقوق الله، لذلك فمهما كان المبلغ الّذي يترتّب عليه أداؤه فإنه دَيْن يستحقّ سداده من تركته عند وفاته. وتكاليف الجنازة والدّفن ودفع الدّيون المستحقّة على المتوفّى وأداء أيّ مبلغ بقي مترتّبًا عليه لحقوق الله، هي مستحقّات لها الأولويّة على التّركة والّتي يجب دفعها قبل التّوصّل إلى قيمة التّركة الّتي يجب تقسيمها طبقًا لبنود أحكام الإرث. لهذا فسواء كتب الشّخص وصيّة أم لا، وإذا كان قد ترك وصيّة، سواء أدرج فيها بندًا لأداء حقوق الله أم لم يفعل، فإنّ حقوق الله يجب أن تؤدّى، مثل جميع ديونه، قبل تقسيم باقي التّركة.
في ضوء ذلك، فإنّه من المستحسن للمؤْمِن، دون شكّ، اتّخاذ التّرتيبات اللّازمة لأداء حقوق الله قبل وفاته، كي يتجنّب المضاعفات أو الإرباكات الّتي قد تنجم. وتجب ملاحظة أنّ مسألة الصّيغة القانونيّة لإدراج بند في الوصيّة لأداء حقوق الله بعد وفاة المؤْمِن تعتمد على عوامل عدة، ومن المفضّل طلب استشارة قانونيّة لاستعمال صيغة مناسبة تتّفق مع القوانين السّائدة في الإرث. ومن الواضح أنّه ما لم يترك المؤْمِن حسابًا واضحًا لممتلكاته ولأداء حقوق الله لتاريخه، إن وجد، فمن غير الممكن لأيٍّ كان أن يحسب بدقّة ما بقي واجب الأداء في وقت الوفاة. ومع أنّ تطبيق الأحكام المرتبطة بأداء حقوق الله يحتاج إلى تشريع فرعيّ من قِبَل بيت العدل الأعظم في المستقبل، إلّا أنه في الوقت الحالي تقع على عاتق منفّذ الوصيّة أو مدير التّركة تطبيقها ما أمكن، موظِّفًا أقصى ما لديه من حكمة وحسن تقدير، وآخذًا بعين الاعتبار المعلومات المتوفّرة لديه.
وأخيرًا، مع أنّ أداء حقوق الله هو مسؤوليّة شخصيّة تترتّب على كلّ فرد، إلّا أنّ بمقدور المؤْمِن الرّجوع إلى أقرب ممثّل لأمين حقوق الله الّذي بإمكانه إسداؤه النّصيحة في ضوء أيّة ظروف معيّنة.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱ تمّوز/يوليو ۱۹۹٦) [73]
في التّشريع البهائيّ، كلّ فرد من الأحبّاء، رجلًا كان أم امرأة، مسؤول عن أداء حقوق الله عن ما يملكه أو يكسبه، وهذا يفترض الحقّ في الملكيّة الفردية للممتلكات. وفي حالة الزّوجين، أشار بيت العدل الأعظم أنّ بإمكانهما اختيار أداء حقوق الله معًا، إذا رغبا في ذلك، وليس هناك مانع من الملكيّة المشتركة، سواء كانت من قبل زوجين أو اثنين أو أكثر من شركاء العمل. وكلّ فرد مُلزَم بكتابة وصيّة. وفي "رسالة سؤال وجواب" رقم ٧۸، نقرأ بأنّه في حالة عدم وجود وصيّة، فإن كلّ ما هو موجود بين مقتنيات الزّوج، حليًّا كان أم غيرها، ما عدا الألبسة المستعملة، هي للزّوج، "ما لم يُثبت أنّها هديّة للزّوجة". وبالمثل نجد في رسالة كُتبت بالنّيابة عن حضرة وليّ أمر الله باللّغة الفارسيّة ما يلي: "لقد سألتَ عن تقسيم الأثاث والممتلكات بعد إتمام سنة الاصطبار ... لقد ذكر حضرة وليّ أمر الله بأنّ كلّ ما يخصّ الزّوجة ويشكّل ممتلكاتها الشّخصيّة يبقى لها وليس لأحد أيّ حقّ في التّدخّل."
لذلك، فمن الواضح، أنّ ممتلكات الزّوج والزّوجة تُعتبر منفصلة ما لم يقدّم أحدهما الهدايا للآخر أو يوافقا على امتلاك كلّ أو جزء من الممتلكات معًا. وبعبارة أخرى، يعود للزّوج أو الزّوجة نفسيهما ليقرّرا كيفيّة اقتناء ممتلكاتهما. وأيّ إرث أو هديّة يحصل عليها أحد الزّوجين تبقى مُلكًا له ما لم يقرَّر خلاف ذلك.
ويمكن أيضًا للزّوج والزّوجة الدّخول في اتّفاقيّة عند الزّواج، أو لاحقًا، بخصوص تقسيم ممتلكاتهما.
عندها فإن الوضع القانونيّ لصاحب المُلكيّة سيؤثّر على ما ستؤول إليها في حال الطّلاق أو وفاة أحد الطّرفيْن.
هذا ملخّص غاية في الإيجاز للحالة. وممّا لا شكّ فيه أنّ بيت العدل الأعظم سيُدعى، في السّنوات القادمة، ليقرّر تفاصيل قضايا محدّدة عندما تطفو على السّطح. كما يجب أن نتذكّر أيضًا أنّ تطبيق التّشريع البهائيّ في مثل هذه الأمور، في الوقت الحاضر، يعتمد على نصوص القانون المدنيّ الّتي لها الأسبقيّة.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱٥ تشرين الأوّل/أكتوبر ۱۹۹۸)
[74]
بخصوص ما إذا كانت حقوق الله مقبولة من البهائيّين المحرومين من حقوقهم الإداريّة، ذَكر بيت العدل الأعظم ما يلي:
بعد الأخذ بعين الاعتبار حالات سابقة مماثلة قرّر فيها حضرة وليّ أمر الله المحبوب، فقد خلُصنا إلى أنّ حقوق الله غير مقبولة من مثل هؤلاء المؤْمِنين ... فأيّ مؤْمِن يقضي عقوبة الحرمان من الحقوق الإداريّة ويُبدي رغبته في أداء حقوق الله، يجب إعلامه بكلّ بساطة بأنّ مثل هذا الأداء غير مقبول، فإذا حوّل دفعة لحقوق الله فيجب أن تُعادَ إليه.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱۲ أيلول/سبتمبر ۲۰۰۰) [75]
لقد استلم بيت العدل الأعظم رسالتك الإلكترونيّة المؤرّخة ۳۱ كانون الثّاني/يناير ۲۰۰۲، مستفسرًا عمّا إذا كان بإمكان شركة، يملكها بهائيّ فقط، تقديم تبرّعات للصّندوق الأمريّ وأداء حقوق الله.
إنّ الالتزام بأداء حقوق الله يقع على عاتق أفراد المؤْمِنين، وليس على الشّركات، حتى لو كانت مُلكًا للبهائيّين فقط. ومن جهة أخرى، إذا رغب مالكو شركة يملكها بهائيّون فقط في أن تساهم شركتهم بأداء حقوق الله، فإنّ مثل هذه المساهمة مقبولة، وبالطّبع فإنهّا لا تنقِص من التزام أفراد المؤْمِنين المعنيّين بأداء حقوق الله الخاصّة بهم.
وفيما يتعلّق بالصّندوق البهائيّ، فإنّه من المسموح به تمامًا التبرّع للصّندوق من عمل يملكه بهائيّون فقط.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لمحفل روحانيّ مركزيّ، مؤرّخة ۱۲ شباط/فبراير ۲۰۰۲)
[76]
حوّلتْ لنا رسالتك سؤال أحد المؤْمِنين الّذي باع مسكنه الأساسيّ لينتقل إلى بيت للمسنّين أو ما شابه من دور الرّعاية. ويدور الاستفسار حول ما إذا كان الفرق بين سعر بيع المسكن والمبلغ المطلوب دفعه كرسوم لدار الرّعاية يخضع لحقوق الله.
لقد قرّرنا وجوب ترك ذلك لحُسن تقدير الفرد المعني ليقرّر مسار الإجراء الّذي عليه اتّباعه، آخذًا بعين الاعتبار تقييمه الخاصّ لظروفه ونواياه الشّخصيّة، وكذلك فهمه الخاصّ للنّصوص.
(من مذكّرة من بيت العدل الأعظم لمكتب حقوق الله في الأرض الأقدس، مؤرّخة ۱۲ تمّوز/يوليو ۲۰۰٤)
[77]
إذا كان ما يملكه الشّخص، علاوة على النّقد، يشمل الأملاك والأسهم، فمن الممكن أنّ قيامه بدفع ۱۹ بالمئة من قيمة الموجودات غير النّقديّة قبل تحويلها إلى نقد، قد يوقع به أضرارًا ماليّة أو مشاكل أخرى، لهذا قد يفضِّل أن يدفع ما يترتّب عليه من حقوق الله بعد تحويل هذه الموجودات إلى نقد، وفي هذه الحالة يجب خصم جميع المصاريف الّتي تُدفع لتحويل هذه الموجودات إلى نقد، قبل احتساب المبلغ الّذي يترتّب عليه حقوق الله.
كما نذكّر أيضًا بأنّ حقوق الله تترتّب على أموالٍ يملكها الشّخص عند الاحتساب، وهذا لا يعني بالطّبع أنّ عليه أداء حقوق الله فورًا، لأنّه في هذه الحالة قد يُجبَر الشّخص على بيع العديد من ممتلكاته ممّا قد يسبّب له بعض المشاكل نتيجة لذلك، ولكن مبدأ احتساب حقوق الله واضح، وهذا الدّيْن لا بدّ وأن يؤدّى في النّهاية.
(من رسالة بالفارسيّة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱۰ أيّار/مايو٦ ۲۰۰)
[78]
الأصل أنّه عند وفاة المؤْمِن فإنّ بيت السُّكنى وكذلك أشياء من قبيل الأثاث الضّروريّ وأدوات العمل تبقى معفاة عند احتساب المبلغ المتبقّي من حقوق الله واجب الأداء، إذا وُجد.
وطبقًا لشروط الوصيّة، فقد يستلم المستفيد منها بعض هذه الأشياء أو جميعها. وما إذا كان الوارث ملزَمًا بأداء حقوق الله على هذه الموجودات الّتي امتلكها حديثًا أم لا، فذلك يعتمد على الغرض الّذي سيستعملها من أجله. فإذا استُعملت لأغراض خاضعة للإعفاء، كأن تكون دارًا أساسيّة للسُّكنى له، وأثاثًا ضروريًّا، أو أدواتٍ للعمل، فإنّه سيكون مُعفىً من أداء حقوق الله عنها، ولكن إذا استعملها لأغراضٍ أخرى كأن يحوّلها إلى نقد مثلًا، فإنّ الإعفاء لا يسري عليها.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۲۱ أيّار/مايو ۲۰۰٦) [79]
عندما تُقدَّم الأموال من قبل أحد المؤْمِنين تكريمًا لبهائيّ آخر، يجب إبلاغ المعطي بأنّه لا يمكن قبولها كحقوق الله نيابة عن المؤْمِن الآخر. عندها يُعطى لصاحب المال خيار تقديم هذه الأموال كدفعة لحقوق الله بالنّيابة عن نفسه، أو كتبرّع للصّندوق البهائيّ العالميّ تكريمًا للشّخص الآخر، أو إعادة الأموال إليه.
(من مذكّرة من بيت العدل الأعظم لمكتب حقوق الله في الأرض الأقدس، مؤرّخة ۱۲ حزيران/يونيو ۲۰۰٦) [80]
۳. وظائف أمناء حقوق الله والمحافل الرّوحانيّة
مقتطفات من آثار حضرة بهاء الله
يا أبا الحسن[8]، إن شاء الله تكونُ فائزًا بالعنايات الإلهيّة المخصوصة، وعاملًا بما ينبغي لأيّام الله. انظر الإيمانَ بمثابةِ شجرة، أثمارها وأوراقها وأغصانها وأفنانها كانت ولم تزل الأمانة والصّدق والاستقامة والصّبر. كن مطمئنًّا إلى عناية الحقّ ومشغولًا بخدمة أمره. قد جعلناك أمينًا من لدى الحقّ ونوصيك بما يرتفع به أمر الله ربّ العالمين. وأذنّاك بأخذ حقوق الله. عاشر مع العباد بالرّوْح والرّيحان وكن لهم ناصحًا أمينًا وصاحبًا شفيقًا ثمّ ارضَ بما قضيناه لك.
[81]
بخصوص حقوق الله لا يجوز ذكرها أبدًا ... فهذا معلّق ومنوط بإقبال النّاس أنفسهم، لقد اطّلعوا على أمر الله وسمعوا ما نُزّل في الكتاب، من شاء فليعمل ومن شاء فَلْيترك إنّ ربّك هو الغنيّ الحميد. نفس الاستغناء بابٌ لهداية العباد، طوبى لنفوس قاموا على الخدمة منقطعين عن العالم، إنّهم من أهل البهاء في هذا المنظر المنير.
[82]
يا أبا الحسن[9] عليك بهائيّ، كن ناظرًا إلى عزّة الأمر وتكلّم بما تنجذب به الأفئدة والعقول. المطالبة بالحقوق كانت ولم تزلْ غير جائزةٍ أبدًا. لقد نزّل هذا الحكم في الكتاب الإلهيّ لأجل بعض الأمور الضّروريّة الّتي قُدِّرت بالأسباب من لدى الحقّ، فإن أرادت نفسٌ أن تفوز بهذا الفيض بكلّ رضاء وسرور بل بالإصرار، فليقبلوها، وإلّا فلا.
[83]
ولكن، عند ذكر الحقوق عليهم الاكتفاء بكلمة واحدة، ولينطقوا بها لوجه الله فقط، ولا لزوم للإصرار، إذ إنّ الله لم ولن يحبّ أن تواجه النّفوس القائمة على الخدمة أي معاناة. إنّه هو الغفور الرحيم وهو الفضّال الكريم.
[84]
من أراد أداء حقوق الله، فليأخذها الأمناء، فالأمناء قد ورد ذكرهم في الكتاب الإلهيّ، وهذا الحُكم قد جرى ونزّل بمحض الفضل من سماء الأمر نظرًا لبعض المصالح، ونفعه يرجع إلى العباد أنفسهم، إنّه يقول الحقّ لا إله إلّا هو القويّ القدير.
كلّ ما يصل إليهم يوصلونه طوبى للفائزين.
[85]
كلُّ نفس أراد أداء حقوق الله بكمال الرّغبة والشّوق، ينبغي أن يسلّمها إلى أمثال حضرتك (حاج أبو الحسن أمين أردكاني)، والمعتمَدين، ويأخذ سنَدَ القبض كي تجري الأمور بإذن الحقّ وإجازته، إنّه لهو العليم الحكيم.
[86]
كنت قد كتبت بأنّه ذُكر لتلك النّفوس أنّ حقوق الله لا يُمكن تسليمها إلى أيّ شخص كان. هذه كلمة حقّ. يجب أن تُجمع حقوق الله لدى نفوس أمينة ثمّ تُرسل بيد أمناء الله إلى السّاحة المقدّسة.
[87]
إنّ أداءَ الدّيْن مقبولٌ لدى الحقّ، ولكن مطالبة أحد بحقوق الله غير جائزة، اسألوا الله تعالى أن يؤيّد الأحبّاء على أداء حقّ الله، إذ إنّ هذا العمل كان ولم يَزل سبب تطهير المال وحفظه وعلّة الخيرات والبركات.
[88]
يجب أن تذكِّر نفسٌ عبادَ الله لعلّهم يُوفّقون على أداء الحقوق وتحصيل مقامٍ عالٍ وأجرٍ باقٍ. فَلْتُجمع لدى شخص أمين ويُرسل تقريرًا بها ليتمّ العمل بإرادة الله.
[89]
يا أمين، عليكَ بهائي، ينبغي أن تنظر إلى عزّة أمر الله في كلّ الأحيان ... نوصيك أن تنظر إلى أفق العزّة. يجب تذكير أحبّاء الله بكمال الرَّوح والرَّيحان بقوله تعالى ناظرًا إلى الكلمة: "وذكّر فإنّ الذّكرى تنفع المؤْمِنين"[10]. كلّ من يُؤيّد على أداء هذا الواجب بالرَّوح والرَّيحان، إنّه رُقِم من المخلصين في كتاب مبين. وإلّا يجب ألّا يتعرّض له أحد أبدًا.
في هذا اليوم، لحاظ الله، جلّ جلاله، ناظرة إلى قلوب النّاس وما كُنز فيها من اللّئالىء المكنونة، هذا من شأن الحقّ جلّ جلاله وأوليائه. عليك أن تدعو الله نيابة عن الأصحاب وأحبّاء الله حتى يؤيّد الكلّ على العمل بما أُنزل في الكتاب، ولا تمنعهم أوهام الدّنيا وشؤوناتها.
[90]
مقتطف من آثار حضرة عبد البهاء
إنّ ثالث فريضة لأصحاب الشّورى[11]، هي ترويج الأحكام الإلهيّة بين الأحبّاء، من صلاة وصيام وحجّ وحقوق وسائر الأحكام الإلهيّة، بالتّمام.
[91]
مقتطف من رسالة كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي
إنّ أداء الحقوق واجبٌ روحانيّ، لذا يجب ألّا يُجبَر الأحبّاء من قِبَل المحافل الرّوحانيّة على أدائها، بل أن يتمّ تشجيعهم للإيفاء بهذا الواجب الرّوحانيّ المفروض عليهم في الكتاب الأقدس.
(من رسالة لمحفل روحانيّ مركزيّ، مؤرّخة ۱۲ تشرين الأوّل/أكتوبر ۱۹٤٦) [92]
مقتطفات من رسائل لبيت العدل الأعظم أو كُتبت بالنّيابة عنه
بما أنّ حقوق الله، وفقًا لحكم الكتاب، هي إحدى المؤسّسات الأمريّة، وأداؤها من الفرائض الحتميّة على أهل البهاء، فيقتضي ذلك من محفلكم المقدّس إطلاع أحبّاء إيران الأعزّاء وتعريفهم بأهميّة هذا الحكم العظيم، وكذلك ترويج الأحكام المرتبطة بحقوق الله تدريجيًّا بين الجّامعة البهائيّة، طبقًا للشّرع المبين تمامًا. لا شكّ أنّ المطالبة بحقوق الله ممنوعة، حسب النّصوص المباركة، ولكنّ التّذكير العموميّ الّذي يعرّف الأحبّاء الأعزّاء أكثر فأكثر بهذا الواجب الهامّ، يعتبر من جملة واجبات أولئك الأمناء لأمر الله. حتى يُوفَّق أحبّاء إيران الأعزّاء إن شاء الله على القيام بهذا العمل المبرور الجالب للبركات السّماويّة والمطهِّر لأموال النّفوس المؤْمِنة والمؤيِّد للخدمات العامّة لأهل البهاء. وذلك إثر التّذكير المؤكِّد والمتكرّر من محفلكم الرّوحانيّ.
(من رسالة بالفارسيّة من بيت العدل الأعظم للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ للبهائيّين في إيران، مؤرّخة ۲٧ تشرين الأوّل/أكتوبر ۱۹٦۳) [93]
لا شكّ أنّ أحبّاء الله منوّرون بأنوار خشية الله ومدركون ضرورة تطهير الأموال وحفظها طبقًا للنّصّ القاطع للرّبّ المتعال. في هذه الأيّام الحافلة بالتقلّبات، تتصاعد أدعية هؤلاء المشتاقين إلى عتبة ربِّ العالمين بأن يوفّق ذلك المحفل الجليل ليذكّر الأحبّاء وحَمَدَةَ جمال الرّحمن مرارًا ضمن إبلاغاته ومنشوراته، وإعلاناته في الاجتماعات والدّروس والمؤتمرات الّتي يعقدها أتباع أمر الرّبّ الغيور بأهميّة هذا الحكم المقدّس الإلهيّ وقطعيّته، وتشويقهم وهدايتهم إلى وجوب إطاعة هذا الحكم المبارك الرّبّانيّ إطاعة كاملة حقيقيّة، كي يبقى المؤْمِنون المتّقون محفوظين من عواقب التّحذيرات المصرّحة وينالوا البركات الموعودة ويفوزوا بالفيوضات المعنويّة المحتومة.
(من رسالة بالفارسيّة من بيت العدل الأعظم للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ للبهائيّين في إيران، مؤرّخة ۱۲ أيلول/سبتمبر ۱۹٦۹) [94]
إنّ المسؤوليّة الموصولة لتثقيف المؤْمِنين بحُكم حقوق الله مسؤوليّة تشارك فيها كافّة المؤسّسات الأمريّة. إلّا أنّ وكلاءكم وممثّليكم سيتمكّنون من الارتقاء بفهم أفراد المؤْمِنين للنّواحي الرّوحانيّة والعمليّة لهذا الحكم على نحو مؤثّر بشكل خاص، من خلال علاقاتهم الّتي أخذوا بتوثيقها معهم. وفي اعتقادنا إنّ الأولويّة الأساسيّة في هذا الوقت هي ... تشجيع الأحبّاء على فهم وتقبّل المسؤوليّة الّتي تقع على عاتق كلّ فرد من أتباع أمر الله الأوفياء لتطبيق مبادىء الحكم على التّفاصيل المحدّدة لحالته أو حالتها الشّخصيّة. ويمكن لأعضاء مؤسّستكم مساعدتهم على القيام بذلك، من خلال الملاحظات والتّوضيحات الّتي تتّسم بالحكمة واللّباقة. ممتنعين عن ممارسة أيّ شكل من الضّغط، بل حتى الظّهور بهذا المظهر.
من التّحدّيات الرّئيسة الماثلة الآن أمام هؤلاء الأحبّاء المخلصين الّذين دُعوا للخدمة كوكلاء وممثّلين لكم، هو تنظيم أعمالهم لضمان وجود نظام يُعتمد عليه لاستلام أموال حقوق الله، وإصدار الإيصالات بها، والمحافظة عليها، وتحويلها. إنّ محبّة حضرة بهاء الله هي الّتي ستكون الحافز الأساسيّ للأحبّاء في إطاعة هذا الحكم، إلّا أنّهم سيؤدّون واجبهم باطمئنان أعظم ودون إبطاء كلّما كانت ثقتهم واحترامهم أكبر لأولئك الّذين مُنحوا مسؤوليّة استلام حقوق الله هذه بالنّيابة عنكم.
(من رسالة كتبها بيت العدل الأعظم لأمين حقوق الله، أيادي أمر الله علي محمّد ورقا، مؤرّخة ۱۳ تشرين الثّاني/نوفمبر ۱۹۹۲) [95]
إنّ الأعمال الّتي دُعيتم لأدائها حيويّة للغاية، فقد عُهِد إليكم بمسؤوليّة تثقيف المؤْمِنين بحكمٍ قُدِّم لهم في الكتاب الأقدس، ليؤدّوا تقدمةً لله جزءًا معيّنًا من ممتلكاتهم المادّيّة. إنّ واجبكم روحانيّ في الأساس، ويتمثّل في لفت انتباه الأحبّاء للالتزامات المترتّبة عليهم بصفتهم أتباعًا لحضرة بهاء الله، وبالتّالي، القيام بدور هامٍّ ومميّز في رعاية تنمية صلة المحبّة والطّاعة الّتي يجب أن تربط المؤْمِن بخالقه، ففي عالمٍ مشغولٍ بالانغماس في شؤون النّفس والهوى، أنتم مدعوّون إلى إحياء مفهوم قدسيّة الفرائض والالتزامات الدّينيّة.
إنّ العمل الّذي أنتم قائمون عليه هو أكثر الأعمال تحدّيًا، ويتعلّق بترويج حكمٍ أساسيّ للحياة الرّوحانيّة للفرد، والموقف الّذي ينفَّذ به هذا الحكم هو مظهر أساسيّ للقيام على الالتزام به. إنّ التّنفيذ الصّحيح والمناسب لأعمالكم يستلزم منتهى الحساسيّة والحصافة، لتجنّب ممارسة ضغوط لا لزوم لها على المؤْمِنين كي يتقيّدوا بحكم يخصّ الضّمير والوجدان، وإيجاد الطّريقة المناسبة للاتّصال الّتي توفّر التّذكير في الوقت المناسب، وتمتنع عن التّكرار العقيم في الوقت نفسه.
أمر محوريّ لنجاح مساعيكم، هو المدى الّذي بمقدوركم ضمنه خلق صلة حبّ وثقة مع المؤْمِنين الّذين دُعيتم لمساعدتهم، واستدامتها حتى يتمّ تحفيزهم، من خلال مرافقتهم وتفاعلهم معكم، ليتقيّدوا بملء قلوبهم بحكم حقوق الله ويأخذوا نصيبًا من نعمه الرّوحانيّة الّتي لا تُقدّر بثمن.
ما زالت هذه الأيام مبكّرة في التطوّر العالميّ لمؤسّسة حقوق الله الّتي سوف تتّسع وتزدهر في القرون القادمة، وتوفّر الموارد المادّيّة الضّروريّة لتقدّم الجنس البشريّ. كم هو هامّ، إذًا، أن تتميّز هذه المؤسّسة بالأمانة المحضة الّتي تُدار بها، وبالمصداقيّة الجليّة لأولئك الّذين يخدمونها. لا شكّ أنّكم ستستمرّون في بذل جهودكم على نحو يعزّز السّمعة عالية المستوى الّتي أحرزتها مؤسّسة حقوق الله في نظر المؤْمِنين.
(من رسالة كتبها بيت العدل الأعظم للوكلاء والممثّلين في مؤسّسة حقوق الله، مؤرّخة ۱٤ شباط/فبراير ۱۹۹٧) [96]
إحدى واجبات الممثّلين هي المساعدة في تثقيف المؤْمِنين بحكم حقوق الله وأهمّيّته. ومن الطّبيعيّ أنّ عمليّة التّثقيف هذه لا يمكن أن تقتصر على أولئك الّذين تصل قيمة ممتلكاتهم إلى المقدار الّذي يُلزِمهم بهذا الحكم، حيث إنّ هذه الحقيقة معروفة غالبًا لدى الفرد المعني فقط. والأطفال أيضًا يجب أن يتعلّموا حكم حقوق الله كجزء من ثقافتهم البهائيّة. وأحيانًا يصبح الأحبّاء متحمّسين لمفهوم هذا الحكم بحيث يعربون عن رغبتهم في المساهمة لصندوق حقوق الله، مع أنّهم غير مُلزَمين بالقيام بذلك. وقد بيّن بيت العدل الأعظم أَنّه من المسموح للممثّلين قبول مثل هذه المساهمات.
وبتعبير آخر، إذا ما قدّم أحد دفعة لحقوق الله بدافع من عشقه للأمر المبارك، فليس للممثّل أن يستفهم ما إذا كان الشخص مُلزَمًا بأدائها أم لا، بل عليه قبولها بكلّ كياسة.
وكما ترون، فإنّ هذا يختلف تمامًا في الواقع عن تشجيع البهائيّين على أداء حقوق الله أكثر ممّا يتطلّبه الحكم الإلهيّ منهم، إذ مثل ذلك التّشجيع سيكون انحرافًا عن روح الحكم كما أنزله حضرة بهاء الله.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱۳ أيلول/سبتمبر ۱۹۹۸) [97]
من الواضح أنّه خلال العقد الماضي تنامى عدد المؤْمِنين الّذين أصبحوا مطّلعين على أهمّيّة حقوق الله وعاملين بأحكامه. ويمكنكم التّأمّل بعين الرّضا في نتائج مجهوداتكم وأنتم تضعون خططكم لامتداد نفوذ هذا الحكم الإلهيّ ليصل إلى كافّة شرائح الجامعة البهائيّة في العالم. إنّ نزاهتكم والعناية والاهتمام الّذي بذلتموه في تعاملكم مع الأموال الّتي ائتُمنتم عليها، وكفاءتكم في تزويد الأحبّاء بالإيصالات، والمحافظة على قيود دقيقة وصحيحة، قد ساهمت جميعها في ثقة المؤْمِنين بهذه المؤسّسة والمكانة الرفيعة الّتي شغلتها في الجامعة البهائيّة.
ولدى قيامكم بوظائفكم، فإنّكم تساعدون في تقدّم عمليّة ستُحدِث، في القرون القادمة، تحوّلًا في المجتمع يفوق قدرتنا الحاليّة على الإدراك.
(من رسالة كتبها بيت العدل الأعظم لوكلاء وممثّلي مؤسّسة حقوق الله، مؤرّخة ۱۲ كانون الثّاني/يناير ۲۰۰۳) [98]
وعلاوةً على ما تقدّم، فإنّ الجهود المبذولة لتعزيز تطوّر المؤسّسات العاملة في المركز العالميّ كانت جليّة بشكل خاصّ في اطّراد تطوّر مؤسّسة حقوق الله بفضل القيادة المميّزة لأمين حقوق الله أيادي أمر الله علي محمد ورقا. فبمبادرته الحكيمة وسعيه الدّؤوب عمل الدّكتور ورقا على إحياء ثقافة الأحبّاء في كلّ مكان بما يتعلّق بهذا الفرض الإلهيّ. وخلال عقد من الزّمن، منذ البدء بتطبيقه عالميًّا، أُسّست شبكة من هيئات أمناء حقوق الله المركزيّة والإقليميّة الّتي قامت بتنسيق خدمات عددٍ متنامٍ من وكلاء وممثّلي حقوق الله وتوجيهها. إنّ المعرفة بهذا الفرض العظيم قد عمّت بشكل واسع، والأحبّاء في جميع القارّات يستجيبون له بروحٍ من الإخلاص والتّكريس، وما يأمله أمين حقوق الله، أن تؤثّر هذه الرّوح في أولئك الّذين لم يُفيدوا أنفسهم بعد من البركات الفائضة الّتي وُعدنا بها، جرّاء الالتزام بتطبيق هذا الفرض.
(من رسالة رضوان ۲۰۰۳ كتبها بيت العدل الأعظم للبهائيّين في العالم) [99]
مع اقتراب الاجتماع ... الّذي يمثّل اجتماعكم الافتتاحيّ كأعضاء في الهيئة العالميّة لأمناء حقوق الله، فقد قرّرنا أنّه من المناسب الآن تزويدكم بالإرشادات بخصوص عملكم وتطوّر حقوق الله في السّنوات القادمة.
كما جاء في رسالتنا ... المتضمّنة إبلاغكم بتعيينكم، فإنّ مهامّكم هي تلك الخاصّة بأمانة حقوق الله مقتفين خطوات الأمين الأوّل لحقوق الله[12] أيادي أمر الله الدّكتور علي محمّد ورقا ...
سيظلّ العنصر الأساسيّ للمهامّ الّتي سيقوم بها الوكلاء والممثّلون في أنحاء العالم تثقيف المؤْمِنين بحقوق الله. ويجب أن يتمّ التّثقيف المطلوب بأسلوب يتّسم بالاعتدال والصبر والأناة حتى تنجذب قلوب المؤْمِنين نحو إطاعة بنود حكم حقوق الله كجزء من توقهم للسير في طريق التّطوّر الرّوحانيّ الّذي وصفه حضرة بهاء الله. لذا يجب أن تُقدَّم أهم بنود هذا الحكم بأبسط صورة ممكنة، كي نجنِّب الأحباء الأعزّاء المُلزمين بأداء حقوق الله الإحجام عن القيام بذلك بسبب خوفٍ لا مبرّر له جرّاء تعقيدات تطبيق الحكم.
إنّ الحفاظ على عزّة أمر الله هو ما يجب الحرص عليه في جميع الأحوال...
نطلب منكم أن تقترحوا ... تفاصيل شبكة من الهيئات المركزيّة أو الإقليميّة تشمل الجّامعة البهائيّة بأكملها في أنحاء العالم، وأن تنسّبوا أشخاصًا لعضوية هذه الهيئات. وفي البلدان الّتي يتواجد فيها عدد كبير من المؤْمِنين الملتزمين بأداء حقوق الله فإنّ وجود هيئة مركزيّة يكون مناسبًا. كما يجب تأسيس هيئات إقليميّة تغطّي مجموعات أخرى من البلدان مع توقّع أنّ كلّ هيئة إقليميّة ستُستبدَل بعدد من الهيئات المركزيّة في المستقبل مع نموّ الجّامعة البهائيّة.
سيتمّ تعيين أعضاء هذه الهيئات للخدمة في دورة مدّتها ثلاث سنوات، وسيكونون مؤهّلين لإعادة تعيينهم. لم يوضع تاريخ محدّد للتّعيين، وعليه يمكن الموافقة على البديل في أيّ وقت يكون فيه أحد الوكلاء غير قادر على القيام بوظائفه. وقد قرّرنا استثناء المشاورين من عضويّة هذه الهيئات.
من مهامّ الهيئات الإقليميّة والمركزيّة تعيين ممثّلين لحقوق الله لدورة مدّتها ثلاث سنوات. وكما هو الحال مع الوكلاء، فعندما يُعيّن ممثّل ليحلّ محلّ عضو موجود غير قادر على إنجاز وظائفه، فإنّ الممثّل الجديد سيخدم مدّة ثلاث سنوات كاملة.
لن يكون مطلوبًا من الممثّلين، قَدْر الإمكان، استلام وتحويل الأموال أو إصدار الإيصالات ... وهذا التّعديل في وظائف الممثّلين يعني أنّ عملهم سيكون تثقيفيًّا ...
(من رسالة كتبها بيت العدل الأعظم لأعضاء الهيئة العالميّة لأمناء حقوق الله، مؤرّخة ۲٥ كانون الثّاني/يناير ۲۰۰٥) [100]
وبالمثل حدثت تطوّرات جديدة في المركز العالميّ، فقد قرّرنا أنّ الوقت قد حان لتأسيس "هيئة أمناء حقوق الله العالميّة" للقيام بتوجيه أعمال هيئات أمناء حقوق الله الإقليميّة منها والمركزيّة في جميع أنحاء العالم والإشراف عليها. وستعمل بالتّعاون الوثيق مع "الأمين الأوّل" أيادي أمر الله الدّكتور علي محمّد ورقا، وتستفيد من معرفته وإرشاداته في أدائها مهامّها. وقد تمّ تعيين ثلاثة أعضاء في "هيئة أمناء حقوق الله العالميّة" هم: سالي فو (Sally Foo)، رامين خادم (Ramin Khadem) وغرانت فالهايم (Grant Kvalheim) وستُحدَّد دورة خدمتهم في وقتٍ لاحق. وسوف لا ينتقل أعضاء الهيئة بِسُكناهم إلى الأرض الأقدس، إلّا أنّهم في القيام بوظائفهم سيَنتفعون من خدمات مكتب حقوق الله في المركز العالميّ.
(من رسالة رضوان ۲۰۰٥ كتبها بيت العدل الأعظم للبهائيّين في العالم) [101]
لقد استلم بيت العدل الأعظم رسالتكم الإلكترونيّة المؤرّخة ٤ كانون الأوّل/ديسمبر ۲۰۰٥ بخصوص السّماح للأفراد بأداء حقوق الله عن طريق محافلهم الرّوحانيّة المركزيّة، وقد حوّلها لدائرتنا للرّد عليها.
... قد يفضّل المؤْمِنون أداء دفعاتهم من خلال أمناء صناديق محافلهم المركزيّة. وقد حافظ بيت العدل الأعظم على حقّ الأحبّاء في أداء حقوق الله بهذه الطّريقة إذا اختاروا ذلك.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لمحفل روحانيّ مركزيّ، مؤرّخة ۱۹ كانون الثّاني/يناير ۲۰۰٦) [102]
إنّ مؤسّسة حقوق الله قد أحرزت تقدّمًا مطّردًا تحت إدارة أيادي أمر الله الدّكتور علي محمد ورقا الّذي عيّنه حضرة شوقي أفندي قبل خمسين عامًا أمينًا لحقوق الله، وبلغت هذه المؤسّسه أوجها بتأسيس هيئة عالميّة عام ۲۰۰٥ من أجل ترويج وتعزيز تطبيقٍ مستمرٍّ واسع النّطاق لهذا الفرض الإلهيّ العظيم، مصدر البركات العميمة للبشريّة قاطبة.
(من رسالة رضوان ۲۰۰٦ كتبها بيت العدل الأعظم للبهائيّين في العالم) [103]
٤. إنفاق أموال حقوق الله
مقتطفات من آثار حضرة بهاء الله
الحكم المحكَم هو وجوب عرض حقوق الله المتوفّرة أو الّتي ستتوفّر في كلّ بلد، على السّاحة المقدّسة والعمل بالحكم الصّادر في شأنها حتى تُنظَّم كلّ الأمور.
[104]
كُنتَ قد كَتَبت بخصوص الفقراء مستفسرًا هل يمكن إعطاء حقوق الله لهم أم لا؟ إنّ هذا مُناط بصدور الإذن بذلك. ففي كلّ مكان تُجمع فيه حقوق الله، يجب أن تُعرض تفاصيل ذلك على السّاحة المقدّسة وكذلك تفاصيل وضع الفقراء، إنّه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لأنّه لو أُعطي إذن عموميّ بالتّصرّف فلن يخلو الأمر من الاختلاف وسيكون سببًا في المتاعب.
[105]
مقتطف من آثار حضرة عبد البهاء
اجمعوا الحقوق، وفقًا لنصوص الكتاب الأقدس، في مكان معيّن واصرفوها كما يلزم، ولا تُلزِموا أحدًا هناك بأداء الحقوق إلّا إذا دفعها من تلقاء نفسه وبطيب خاطر.
[106]
مقتطف من رسالة كتبها حضرة شوقي أفندي
بموجب نصّ الوصايا، يجب أن تُصرف حقوق الله في أمر التّبليغ في الممالك الشّرقيّة والغربيّة، وفي تأسيس المعاهد وبناء المعابد البهائيّة، وترويج الأعمال الخيريّة والمنافع العموميّة.
(من رسالة بالفارسيّة لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱٥ كانون الثّاني/يناير ۱۹۳۳) [107]
مقتطفات من رسائل لبيت العدل الأعظم أو كُتبت بالنّيابة عنه
ذكر حضرة عبد البهاء في أحد ألواحه المباركة "التّصرّف بحقوق الله جزئيًّا أو كليًّا جائز ولكن بإذن مرجع الأمر وموافقته". والأمر الوارد في ألواح الوصايا بأن "ترجع حقوق الله إلى وليّ أمر الله ..." يتّفق بشكل واضح مع هذا المبدأ. وفي لوح آخر أشار حضرة عبد البهاء إلى بيت العدل الأعظم بأنّه "مرجع الكلّ"، ومن الواضح أيضًا، أنّه في حال غياب حضرة وليّ أمر الله، فإنّ بيت العدل الأعظم هو الهيئة العليا لأمر الله. وعلاوة على ذلك فإنّ حضرة بهاء الله قَبْل حضرة عبد البهاء قد أنزل ما يلي: "لحقوق الله حكم معين، وبعد أن يتحقّق وجود بيت العدل على ما أراده الله سيظهر حكمه." بموجب هذه النّصوص الصّريحة، من الواضح أنّه من ضمن صلاحيّات بيت العدل الأعظم اتّخاذ القرار بخصوص استلام وصرف حقوق الله في الوقت الحاضر.
(من رسالة كتبها بيت العدل الأعظم لأيادي أمر الله المقيمين في الأرض الأقدس، مؤرّخة ۲ آذار/مارس ۱۹٧۲) [108]
بخصوص حقوق الله ... إنّ التّصرّف في حقوق الله هو حقّ محفوظ لمركز الأمر. وقد مُنح بيت العدل الأعظم عددًا من "السّلطات والواجبات" المذكورة في دستوره مثل: "المحافظة على النّصوص المقدّسة"، "تقدّم مصالح الأمر"، "ترويج وتبليغ رسالته" وغيرها. والأموال الّتي تُجمع من أداء حقوق الله تُصرف في تحقيق هذه الأهداف كما يراه بيت العدل الأعظم مناسبًا.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱۸ تمّوز/يوليو ۱۹۹٤) [109]
لقد سألْتَ عن الجّهة والكيفيّة الّتي يقدّم بها بيت العدل الأعظم تقريره بخصوص استعماله الأموال المستلمة من أداء حقوق الله. إنّ بيت العدل الأعظم لا يُصدر بيانًا حسابيًّا بالمصاريف الجارية لهذه الأموال، ولكن أوجه صرفها ليست سرًّا. وتؤكّد النّصوص المقدّسة بأنّ حقوق الله يجب أن تُؤدّى لصاحب الأمر الّذي يجب أن يرجع إليه الكلّ، وتشير إلى أنّ هذه الأموال يمكن "صرفها لمساعدة الفقراء والعجزة والمحتاجين والأيتام، وعلى الاحتياجات الحيويّة الأخرى لأمر الله". والقرارات المتعلّقة بعوامل من قبيل: الزّمن وطرق الصّرف والمبالغ متروكة لبيت العدل الأعظم.
وفي هذه الأيّام، كما كان الحال خلال ولاية حضرة شوقي أفندي، تُستخدَم جميع الأموال المستلَمة من قِبَل صاحب الأمر لترويج وتقدّم مصالح أمر الله في المركز العالميّ وفي أنحاء العالم. وجاء في العدد السّادس من الرّسالة الإخباريّة لمؤسّسة حقوق الله أنّ الأموال تُصرف لغايات مثل: "ترويج التّبليغ والإعلان عن الأمر في أنحاء العالم، والعناية بالأماكن المقدّسة وصيانتها وترميمها، وبناء المركز الإداريّ البهائيّ العالميّ، ودعم عمل العديد من المؤسّسات والوكالات البهائيّة، وتشييد وترميم بيوت العبادة البهائيّة (مشارق الأذكار)، وتأسيس المؤسّسات الجديدة ودعمها، والمشاريع الخيريّة، ودعم المصالح المتنوّعة للأمر المبارك في أنحاء العالم.
إنّ الاستعمال الناجع لحقوق الله وأموال الصّناديق الأخرى المتوفّرة لدى بيت العدل الأعظم يبدو واضحًا في التّطوّرات الكبيرة الجارية في المركز العالميّ وفي الجامعات البهائيّة في أنحاء العالم، حيث إنّ العديد من تلك الميزانيّات المركزيّة تتطلّب المساعدة الماليّة من بيت العدل الأعظم، نظرًا لحقيقة أنّ الغالبيّة العظمى من أحبّاء العالم فقراء، ولا يمكنهم دعم صناديقهم المركزيّة على نحو كاف...
إنّ لحقوق الله، كما يشير اسمها، صفة خاصّة تميّزها عن جميع الصّناديق البهائيّة الأخرى، ويمكن الاطّلاع على المجموعة الّتي صدرت بهذا الموضوع للإحاطة بطبيعتها وغاياتها والبركات الّتي تنزل حين أدائها ...
ووفقًا للأصول البهائيّة، فإنّ التّبرّعات للصّناديق البهائيّة المختلفة وكذلك دفعات حقوق الله تُقدَّم بسريّة وبموجب إيصالات... كونوا مطمئنين، فقد تمّ وضع نظام للإدارة الماليّة في المركز البهائيّ العالميّ لحفظ حسابات دقيقة، ولمنع حدوث أيّ نوع من التّبذير أو ارتكاب محظورات لا سمح الله، دون كشف وتحقيق. إنّه نظام يحافظ على سريّة تبرّعات الأفراد ونزاهة استعمال كافّة الأموال المؤتمَنة لدى بيت العدل الأعظم.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۱٦ شباط/فبراير ۱۹۹۸) [110]
بخصوص اهتمامك المحدّد حول استخدام الأموال من حقوق الله والّذي أثار استفسارك، والّتي يقع الإنفاق منها تحت التّصرّف الكامل لصاحب الأمر، يستتبع طيفًا واسعًا من الاستعمالات الّتي ستلبّي في النّهاية احتياجات المجتمع المتنوّعة بطرق ستسهم أيضًا في إيجاد الحلول للمشاكل الاقتصاديّة. ومع ذلك، فإنّ توسّع بيت العدل الأعظم في هذه التّفاصيل لا زال مُبْكِرًا في هذه الفترة من التّطبيق العالميّ للحكم، وغير ممكن في ظلّ الوضع الرّاهن للجامعة البهائيّة أو المجتمع. وفي الوقت الحاضر تُستخدَم حقوق الله بشكل رئيسيّ لعمل الجّامعة البهائيّة والّذي يشمل بالطّبع جهودها الأوّليّة في التّنمية الاجتماعيّة والاقتصاديّة.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۸ أيلول/سبتمبر ۱۹۹۹) [111]
كما تعلم، فإنّ واجب الأحبّاء بأداء حقوق الله قد نزل في الكتاب الأقدس، وتُقدَّم الحقوق لصاحب الأمر، وهو الآن بيت العدل الأعظم. وإنفاق هذه الأموال يقرّره بيت العدل الأعظم، وهو موجّهٌ في الوقت الحاضر نحو المهمّة الحيويّة المتمثّلة في ارتفاع صرح النّظم العالميّ لحضرة بهاء الله، وهو المتطلَّب الأساس للحلّ الدّائم لما تعانيه الإنسانيّة من محن وآلام.
ويؤكّد بيت العدل الأعظم أنّ تفاصيل حساب إيرادات حقوق الله ومصروفاتها محفوظة لدى الهيئة العالميّة لأمناء حقوق الله ومكتبها في الأرض الأقدس. وهي تقوم بمراقبة عمل مؤسّسة حقوق الله، وراضية تمامًا كوْن الأعمال تؤدّى بأعلى درجة من النّزاهة.
مثل هذا التّأكيد من بيت العدل الأعظم هو بالطّبع كافٍ لأفراد الجّامعة البهائيّة. وفي هذا الوقت لا يرى بيت العدل الأعظم أنّ هناك حاجة لتقديم معلومات عن حسابات حقوق الله لأشخاص من الخارج، وإذا برزت حالة من الخلاف العامّ على هذه المسألة في المستقبل، فإنّه سيتّخذ الإجراءات المناسبة في ذلك الوقت.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء، مؤرّخة ۲٥ تمّوز/يوليو ۲۰۰٦) [112]
ملاحظات
[1] المقتطفات في هذه المجموعة بالخط العريض عربيّة الأصل، أما الباقي فمترجم عن أصولها الفارسيّة بالاستعانة بالتّرجمة الإنجليزية
[2] القرآن الكريم ۳٥:۱٥
[3] إشارة إلى المناسبة المقدّسة للذكرى المئوية لصعود حضرة بهاء الله والاحتفال المئويّ لتدشين ميثاقه العظيم.
[4] تسعة عشرة.
[5] لمزيد من التوضيح يمكن الرجوع إلى الكتاب الأقدس: ملحقات الكتاب، الشرح رقم ۷۸.
[6] الكتاب الأقدس: ملحقات الكتاب السّؤال 69 من رسالة سؤال وجواب.
[7] المقتطف رقم ۱۰٥ لطبعة ۱۹۸٦ وفي هذه المجموعة يظهر البيان في المقتطف رقم ٥٧.
[8] المعروف بجناب أمين – أمين الحقوق في أيام حضرة بهاء الله.
[9] المرجع السّابق.
[10] القرآن الكريم ٥۱:55
[11] الّذين يجتمعون معًا، على سبيل المثال أعضاء المحافل الرّوحانيّة.
[12] Chief Trustee of Huqúqu’lláh