منشأ بيت العدل الأعظم

قضى حضرة بهاء الله بإنشاء مؤسّسة بيت العدل الأعظم في أقدس كتبه، الكتاب الأقدس، ونصّ على توسيع نطاق مسؤوليّاته في عددٍ آخر من آثاره الكتابيّة المباركة.  ثم أكّد حضرة عبد البهاء سلطة بيت العدل الأعظم في ألواح وصاياه، وقدّم تفاصيل محدّدة بشأن إنشائه ومهامّه وعمله.

في السّنوات الأولى من القرن العشرين، وخلال الفترة الّتي كانت حياته معرّضة لخطر داهم، اتّخذ حضرة عبد البهاء التّدابير اللّازمة لإجراء انتخاب بيت العدل الأعظم في حال وقوع مكروه له، إلّا أنّ الضّرورة لم تستدع هذا الإجراء الاحترازيّ.

بعد صعود روح حضرة عبد البهاء إلى الرّفيق الأعلى؛ أوْلى حضرة شوقي أفندي وليّ الأمر للدّين البهائيّ اهتمامًا بالغًا بإنشاء بيت العدل الأعظم وتأسيسه.  فقد كرّس أكثر من ثلاثة عقود لتحضير البهائيّين حول العالم وإعدادهم لانتخابه، متطَلّعًا إلى تلك المناسبة الميمونة مرارًا بكلمات متوهّجة متألّقة.   وقد حتّمت الضّرورة الأولى ازدياد وتقوية المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة والمركزيّة البهائيّة ضمن شبكة عالميّة لتوفير قاعدة قويّة لمثل هذه المؤسّسة.  فتأسيس كلّ محفل روحانيّ مركزيّ جديد كان بمثابة دعامة أخرى "تساهم في الحفاظ على مكانة بيت العدل الأعظم واتّساع بنيانه" [1]

في عام 1951 عيّن حضرة شوقي أفندي عددًا من الأشخاص ليكونوا أعضاء المجلس البهائيّ العالميّ؛ تمهيدًا لانتخاب بيت العدل الأعظم.   وفي سنة 1961 تمّ تحويل ذلك المجلس التّعينيّ إلى هيئة منتخبة من قبل كافّة المحافل الرّوحانيّة المركزيّة والإقليميّة الّتي كانت قد تأسّست في العالم آنذاك.

بعد وفاة حضرة وليّ أمر الله المفاجئ في عام 1957؛ واصل مجموعة من أبرز البهائيّين، ممّن قام حضرته بتنصيبهم أياديًا لأمر الله، تنفيذ مهمّته بكلّ إخلاص.  وقد نظّم هؤلاء الأفراد أوّل انتخاب لبيت العدل الأعظم.

في نيسان/أبريل عام 1963، وفي مئويّة الإعلان العامّ لدعوة حضرة بهاء الله، تمّ انتخاب بيت العدل الأعظم من قِبل كافّة المحافل الرّوحانيّة المركزيّة القائمة في العالم آنذاك والبالغ عددها 56 محفلًا.  وبانتخاب بيت العدل الأعظم لم يعد للمجلس البهائيّ العالميّ أيّ وجود.

إنّ ظهور بيت العدل الأعظم إلى حيّز الوجود كان حدثًا بالغ الأهميّة.  فبعد أكثر من قرن من التوسّع والاستحكام ومن خلال عمليّة انتخابيّة ديمقراطيّة عالميّة، تمكّن بهائيّو العالم من تأسيس مؤسّسة عالميّة دائمة نصّ عليها حضرة بهاء الله لتوجيه شؤونهم.

منذ تشكيله، كرّس بيت العدل الأعظم أكثر من نصف قرن لبناء وتعزيز جامعة بهائيّة تمكّنت بفضل مواردها وقدراتها من المساهمة في إرساء دعائم حضارة عالميّة صوّرها حضرة بهاء الله، وذلك من خلال عمليّة تطبيق تعاليمه الرّامية إلى إصلاح العالم.

دعمًا لمهامّ عمله؛ أوجد بيت العدل الأعظم عددًا من المؤسّسات التّعينيّة، من بينها هيئات المشاورين القارّيّة ودار التّبليغ العالميّة.

وفقّا لما نصّ عليه حضرة بهاء الله فإنّ مقرّ بيت العدل الأعظم يقع على سفح جبل الكرمل في الأرض الأقدس، بالقرب من مقام حضرة الباب.

Notes

[1] حضرة شوقي أفندي، تواقيع إلى العالم البهائيّ، ص 153