مؤسّسة مشرق الأذكار

وثيقة ومجموعةمستنديّة أعدّتها دائرة الأبحاث ودراسة النّصوص

التّابعة لبيت العدل الأعظم

أيلول/سبتمبر 2017

 

مؤسّسة مشرق الأذكار

وثيقة أعدّتها دائرة الأبحاث ودراسة النّصوص

التّابعة لبيت العدل الأعظم

أيلول/سبتمبر 2017

 

وصف بيت العدل الأعظم مشرق الأذكار، "المكان المكرّس لذكر اللّه"[1]، في رسالته المؤرّخة 18 كانون الأوّل/ديسمبر2014 الموجّهة للبهائيّين في إيران، بأنّه "مفهوم فريد في تاريخ الأديان ورمز لروح التّعاليم الإلهيّة الجوهريّة في هذا الدّور الإلهيّ"[2]، كما يضيف بيت العدل بأنّ المعبد "بنيان عموميّ لترويج تآلف القلوب واجتماع النّفوس" وأنّه

مكان لثناء اللّه وعبادة الحقّ، أبوابه مفتوحة لجميع الخلق من أيّ دين ونِحْلَة ومن أيّ قوم وملّة، فهو يرحّب بالرّجال والنّساء، والشّيب والشّباب والأطفال على السّواء، ويشكّل ملاذًا مناسبًا للتّأمّل والتّعمّق في المفاهيم الرّوحانيّة والتّفكّر في المسائل الحياتيّة الأساسيّة من قبيل المسؤوليّة الفرديّة والجماعيّة تجاه إصلاح أحوال المجتمع.[3]

هذا وتمّ التّأكيد على الأهمّيّة الاستثنائيّة لهذه المؤسّسة الفريدة لاتّحاد الإنسانيّة ورفاهتها في جميع كتابات الدّين البهائيّ.  فعلى سبيل المثال، يصرّح حضرة بهاء اللّه "طوبى لنفوس مشغولة بذكر مولى الأخيار في مشرق الأذكار."[4] كما يؤكّد حضرة عبد البهاء بأنّ مشرق الأذكار هذا رغم أنّه "يجري بناؤه على وجه الغبراء، إلّا أنّه في الحقيقه من مؤسّسات الملأ الأعلى" و "سترتفع ذروته إلى عنان السّماء".[5] وفي لوح آخر يشير حضرته إلى مشرق الأذكار بأنّه "مطلع الأنوار ومجمع الأبرار" الّذي تجتمع فيه "نفوسٌ نفيسه...ويبدأون الصّلاة، ويرتّلون الآيات، ويرنّمون المناجاة بأبدع الألحان، يسمعها أهل الملأ الأعلى ويرتفع تهليلهم بأن يا طوبى ويا بشرى"، [6] ويعلن المولى بأنّه "أوّل تأسيس ربّانيّ واضح وجليّ،[7] وكونه بنيان في غاية الأهمّيّة فإنّ العمل على "وَضْع لبنة واحدة في بنيان مشرق الأذكار أو ملحقاته…  يماثل بناء صرح عظيم".[8] كما يفيد حضرة شوقي أفندي بأنّ مشرق الأذكار هو "الرّمز والبشير بالنّظام العالميّ لحضرة بهاء اللّه"[9]. وبكلمات بيت العدل الأعظم، فهو منارة نور "مقابل ظلمة الجور والعدوان".[10] يضيء العالم اليوم ثمانية معابد قارّيّة، في الوقت الّذي تبدأ معابد أخرى محلّيّة ومركزيّة في البروز، كلّ منها يدعو "جميع القادمين لعبادة ذاك الواحد الأحد الّذي هو خالقهم وسلطانهم وواهب النّور للعالم"[11] ويحفّز "شعبًا بأكمله للوصول إلى حسّ أعمق بالهدف الموحّد".[12] فكلّ منها يذكّرنا بتأكيد حضرة عبد البهاء بأنّه "سيتأسّس في المستقبل مئة ألف مشرق أذكار في غاية الجلال والأبّهة والعظمة".[13]

وللمساعدة في مزيد من الفهم حول طبيعة هذه المؤسّسة الإلهيّة وتأثيراتها العميقة في إحياء البشريّة، نرفق لكم مجموعة مستنديّة تتضمّن مقتطفات من الكتابات المقدّسة لحضرة بهاء اللّه وحضرة عبد البهاء وكذلك من رسائل كتبها حضرة شوقي أفندي وبيت العدل الأعظم أو كُتبت بالنّيابة عنهما.  وندرج تاليًا بعض المفاهيم الّتي يمكن استخلاصها من فقرات مختلفة في هذه المجموعة. 

  1. تأثير مشرق الأذكار

في الكتاب الأقدس، يدعو حضرة بهاء اللّه أهل العالم إلى تعمير مشارق الأذكار بقوله:

یا ملأ الإنشاء عمّروا بیوتًا بأكمل ما یمكن في الإمكان باسم مالك الأدیان في البلدان وزیّنوها بما ینبغي لها لا بالصّور والأمثال، ثمّ اذكروا فیها ربّكم الرّحمن بالرّوح والرّیحان ألا بذكره تستنیر الصّدور وتقرّ الأبصار.[14]

ويُسهب حضرة عبد البهاء في شرح أهمّيّة هذه المؤسّسة، مشيرًا إلى مشرق الأذكار بأنّه "مغناطيس التّأييد الإلهيّ" و"الأساس العظيم للرّبّ الجليل" و "الرّكن الرّكين لدين اللّه".  وفي اللّوح نفسه، يذكر حضرته بأنّ تأسيس مشرق الأذكار "سبب إعلاء كلمة اللّه" وأنّ "تهليله وتسبيحه مفرّح قلوب الأخيار".  ثمّ ينصح "أن ينشغل أحبّاء اللّه بكمال الحكمة في ذلك المكان بالصّلاة وعبادة اللّه، وترتيل الآيات والكلمات الإلهيّة وترنيم القصائد والنّعوت الرّحمانيّة".[15]

وفي مكان آخر، يصف حضرة عبد البهاء مشرق الأذكار بأنّه "محلّ انشراح الأرواح ومركز انجذاب القلوب الى الملكوت الأبهى"[16] ويؤكّد بأنّ له "تأثيرًا عظيمًا في جميع المراتب"،[17] وهو "سبب تنبّه وتذكّر ...أحبّاء اللّه"[18] و "سبب تحقيق وحدة العالم الإنسانيّ"[19].  بالاجتماع معًا في هذا البنيان لذكر اللّه، "تتآلف القلوب"[20] وتزداد الألفة "في القلوب"[21].  في الواقع، إنّه من خلال مشرق الأذكار، "تغدو القلوب نورانيّة والنّفوس روحانيّة ونفحات الملكوت الأبهى متضوّعة، ويصبح العالم الإنسانيّ عالمًا آخر، وتكتسب الإحساسات القلبيّة قوّة على شأن تحيط بجميع الوجود"[22].  ووفقًا لما أفاد به حضرة شوقي أفندي، فإنّ تأثير مشرق الأذكار "لا يُحصى ولا يمكن التّكهّن به"[23] فهو يعزّز إيمان الفرد بشكل مباشر، بينما هو أيضًا، بكلمات حضرة عبد البهاء "أعظم واسطة لنشر نفحات اللّه"[24]. "وكرمز زاخر بالطّاقات وعنصر مكمّل للمدنيّة الإلهيّة الّتي تقود رسالة حضرة بهاء اللّه كافّة الشّعوب نحوها"، كما ينوّه بيت العدل الأعظم في رسالة كُتبت بالنّيابة عنه، "يُصبح مشرق الأذكارالنّقطة المركزيّة للجامعة الّتي يبرز منها."[25] ويصرّح المولى بأنّه "یهرعون النّاس إلى التّبتّل في ذلك البیت المعمور وینتشر نفحات اللّه وتعلو كلمة اللّه وتتمكّن تعالیم اللّه من القلوب تمكُّن الرّوح في النّفوس ویستقیم النّاس على أمر ربّكم الرّحمن."[26]

  1. مكانٌ للعبادة

يشرح  حضرة عبد البهاء بأنّ "القلوب الصّافيه النّورانيّة هي مشارق الأذكار الّتي ترتفع منها نغمات التّبتّل والتّضرّع إلى الملأ الأعلى باستمرار"، ويذكر حضرته بأنّه إذا أصبحت قلوب الأحبّاء صوامع إلهيّة بفضل الموهبة الربّانيّة، "فإنّهم بلا شكّ سيبذلون منتهى الهمّة والغيرة في بناء مشرق الأذكار حتّى يصبح الظّاهر عنوان الباطن وتُنبئ الصّورة عن المعنى."[27] هناك العديد من المواضيع في الكتابات البهائيّة تتعلّق بمكان العبادة هذا والحقيقة الباطنة الّتي يمثّلها ظاهرًا، بما في ذلك قوّة الدّعاء، وتأثير العبادة الجماعيّة، وطبيعة الأذكار الّتي تُتلى داخل المبنى الرّئيسيّ نفسه.

وفي الكتاب الأقدس، يلفت حضرة بهاء اللّه الانتباه إلى أهمّيّة تلاوة آيات اللّه في مشارق الأذكار حيث يتفضّل:

علّموا ذرّیّاتكم ما نزّل من سماء العظمة والاقتدار لیقرؤوا ألواح الرّحمن بأحسن الألحان في الغرف المبنیّة في مشارق الأذكار. إنّ الّذي أخذه جذب محبّة اسمي الرّحمن إنّه یقرأ آیات اللّه على شأن تنجذب به أفئدة الرّاقدین. هنیئًا لمن شرب رحیق الحیوان من بیان ربّه الرّحمن بهذا الاسم الّذي به نُسف كلّ جبل باذخ رفیع.[28]

يوضّح بيت العدل الأعظم موضوع قوّة الدّعاء، شارحًا بأنّه قد علّمنا النّيّران التّوأمان بأنّ الدّعاء "حديث مباشر ودون واسطة بين روح الإنسان وخالقها" و "ندى الصّباح" الّذي "يَهَب الطّراوة واللّطافة للقلوب" و "نار تحرق الحجبات ونور يجذب الإنسان نحو بارئه".[29] وكيفيّةُ الدّعاء هي أمر جوهريّ، و"مدعاة لتنمية القدرات والقابليّات اللّامحدودة للرّوح وسبب جذب التّأييدات الإلهيّة." وعندما يكون "باعثه الأصليّ هو محبّة اللّه"، تتجلّى القوى الكامنة فيه. ويستمر ّبيت العدل قائلًا:   

وينبغي تلاوته بكلّ صدقٍ وطهارة قلب حتّى يفضي إلى التّعمّق والتّأمّل فيستنير بذلك العقل والإدراك الإنسانيّ. مثل هذا الدّعاء الخالص يتنزّه عن همهمة الحروف والكلمات ويتقدّس عن دمدمة الألفاظ والأصوات، وتبعث حلاوة نغماته وألحانه على الفرح والابتهاج، وتسمو بالقلوب، وتزيد من نفوذ الكلمات، وتبدّل الأهواء الدّنيويّة بالصّفات الملكوتيّة وتلهم الخدمة الخالصة للعالم الإنسانيّ.[30]

والموضوع الثّاني هو العبادة الجماعيّة، الّتي يدرك البهائيّون وأصدقاؤهم في أنحاء العالم بأنّها ركن أساسيّ في نمط المسعى الجماعيّ الّذي يهدف إلى الإصلاح الرّوحانيّ والمادّيّ للمجتمع. ومن الضّروريّات الأساسيّة لهذا النّمط، كما يؤكّد بيت العدل الأعظم، "جلسات الدّعاء، الّتي تمثّل جانبًا جماعيًّا للحياة الرّوحانيّة وبُعدًا من أبعاد مفهوم مشرق الأذكار".[31] وعندما تصبح "جزءًا من حياة الجامعة" تغدو مثل هذه الاجتماعات "مناسَبةٌ للتّرحيب بكلّ نفسٍ توّاقةٍ إلى التّلذّذ بحلاوة المناجاة، والانتشاء بنفحات الرّحمن والتّأمّل في الكلمة الخلّاقة والتّحليق بجناحيّ الرّوح ومناجاة حضرة المحبوب".[32] إنّ عقد اجتماعات كهذه هو "خطوة أخرى في تطبيق" حكم مشرق الأذكار[33]، خطوة تعمل على بعث روح مشرق الأذكار في كلّ مكانٍ.[34]

والموضوع الثّالث هو الطّريقة الّتي تتمّ بها العبادة داخل مشرق الأذكار.  يؤكّد حضرة عبد البهاء بأنّ دور العبادة هي "سبب ثبات واستقامة الأحبّاء ومحلّ التّضرّع والابتهال لساحة الكبرياء".[35] ومن الأمور الحيويّة لمثل هذه العبادة وخلق ما يصفه حضرة شوقي أفندي بـِ "جوّ روحانيّ تسوده الطّمأنينة والسّكون"[36] هي وضع الطّقوس والشّعائر جانبًا.  وكما يذكر بيت العدل، فإنّ حضرة شوقي أفندي

يشجب زخارف الطّقوس المفصّلة والمبهرجة ويحذّر من أيّ شيء قد يُستنتج منه أنّ "داخل المبنى الرّئيسيّ نفسه سيُحال إلى مزيج من الشّعائر التّعبّدية الدّينيّة" تعرض "مشهدًا لعبادات وطقوس طائفيّة مشوّشة وغير متناسقة."[37]

وبدلًا من ذلك، يجب ألّا يعيق الجلسات التّعبّديّة التّماثل أو أيّ شكلٍ من أشكال الطقوس والشّعائر،[38] وينصح حضرة شوقي أفندي في رسالة كُتبت بالنّيابة عنه أن تكون هذه الجلسات "بسيطة، وقورة مصمّمة للسّموّ بالرّوح وهدايتها من خلال الاستماع إلى الكلمة الخلّاقة".[39] وفي رسالة أخرى كُتبت بالنّيابة عن حضرته يذكر أنّه "كلّما كان طابع العبادة البهائيّة في المعبد عموميًّا وغير رسميّ كلّما كان ذلك أفضل."[40]

قد تتضمّن عبادة كهذه أيضًا موسيقى غنائيّة [أي دون استخدام أدوات موسيقيّة][41]. وفي رسائل كُتبت بالنّيابة عنه، يوضّح بيت العدل الأعظم بأنّ الأشعار الغنائيّة الّتي تُغنّى في مشرق الأذكار يجب أن تكون "مستندة على الكتابات المقدّسة البهائيّة أو غيرها"، بما في ذلك كتابات حضرة عبد البهاء وخُطَبه، وينبغي أن "تشتمل على مواضيع بهائيّة"،[42] وقد تحتوي على "تكرار آيات من الأدعية أو منتخبات من الآثار المباركة"، وقد يُسمح بإجراء "تعديلات طفيفة على النّصّ...حتى تتوافق مع المتطلّبات الموسيقيّة".[43] "وبمقدور الملحّن تحديد النّمط الموسيقيّ للقطعة، شريطة أن يأخذ في الاعتبار الالتزام الرّوحانيّ في التّعامل مع النّصوص المقدّسة بما يليق بها من أدب ووقار وتبجيل."[44]

ومن خلال هذه المقاربة المتواضعة ولكن الشّاملة، فإنّ مشرق الأذكار يُجسّد سمة مميّزة لظهور حضرة بهاء اللّه، ألا وهي مبدأ الوحدة في التّنوّع، ويشير، كما يتفضّل حضرة شوقي أفندي، إلى أنّه قد تأسّس "على وجه الغبراء في ظاهر الظّاهر مثالٌ جميلٌ وتمثالٌ باقٍ للرّوح الحيّة اللّامحدودة لدين ربّ العالمين".[45] ويؤكّد حضرة عبد البهاء بنفسه:

مشرق الأذكار بنيانٌ إلهيّ في العالم النّاسوتيّ وسبب تحقيق وحدة العالم الإنسانيّ ذلك لأنّ جميع الملل ستتّحد وتتّفق في مشرق الأذكار وتقوم بالتّسبيح والتّهليل لربّ الجنود بألحان التّوحيد.[46]

  1. العبادة والخدمة

مهما كانت القوى الرّوحانيّة الّتي تنطلق من الدّعاء الفرديّ والجماعيّ في مشرق الأذكار قويّة وبعيدة المدى، ومهما كانت الحياة التّعبّديّة النّبّاضة ضروريّة لتطوّر الفرد روحانيًّا، كذلك، يجب أن يكون للعبادة، كما يذكر بيت العدل الأعظم، "أثر وثمر في عالمِ الوجود".[47] ويشير حضرة شوقي أفندي إلى أنّ الغاية الحقيقيّة للجامعة [البهائيّة]—وهي جامعة "مقدَّرة إلهيًّا، متّحدة عضويًّا، واضحة الرّؤية، ونابضة بالحياة"—ينظّمها "المبدءان التّوأم المتمثّلان في عبادة اللّه وخدمة المرء لإخوته في الإنسانيّة".[48] في الواقع، فإنّ الارتباط الأساسيّ بين هذين المبدأين الموجّهين، هو مكمّل لوحدة الجنس البشريّ؛ هذه الوحدة "الّتي تُعدُّ المبدأ الفعّال والهدف الأسمى في آن معًا"[49] لرسالة حضرة بهاء اللّه، حسبما يشير إليها بيت العدل الأعظم.

إنّ تلازُم العبادة والخدمة، الّذي يجد له تعبيرًا كاملًا في مشرق الأذكار، يتجلّى بالتّدريج مع تطبيق الجامعة بنود إطار العمل الخاصّ بها بفعاليّة متزايدة. يلاحظ بيت العدل الأعظم أنّ الأحبّاء لم "يتجاهلوا تثمين ديناميكيّة التّفاعل بين العبادة والمساعي الرّامية إلى الرّقيّ بأوضاع المجتمع الرّوحانيّة والاجتماعيّة والمادّيّة".[50] وفي رسالة رضوان 2012، يذكر بيت العدل الأعظم: 

فمشرق الأذكار، الّذي وصفه حضرة عبد البهاء بأنّه "من أعظم المؤسّسات في العالم"، يزاوج بين جانبين أساسيّين متلازمين من جوانب الحياة البهائيّة هما:  العبادة والخدمة.  إنّ اتّحاد هذين الجانبين يَظهر أيضًا في الاتّساق القائم بين معالم الخطّة المرتبطة ببناء الجامعة، وخصوصًا انتشار روحٍ تعبّديّة تجد تعبيرًا لها في اجتماعات للدّعاء وعمليّة تعليميّة تبني القدرة من أجل خدمة البشريّة.  فالعلاقة المتبادلة بين العبادة والخدمة تتجلّى على وجه الخصوص في تلك المجموعات الجغرافيّة في مختلف أنحاء العالم الّتي نمت فيها الجامعات البهائيّة حجمًا وازدادت حيويّةً بشكلٍ ملحوظ، وكان الانخراط في العمل الاجتماعيّ فيها جليًّا واضحًا.[51]

  1. ملحقات مشرق الأذكار

يصرّح حضرة شوقي أفندي أنّه، عند حلول الوقت، سيكون المبنى الرّئيسيّ لمشرق الأذكار محاطًا بـ "مؤسّسات الخدمة الاجتماعيّة" الّتي ستُقدّم "النّجدة للمنكوبين، والعون للمعوزين، والمأوى لأبناء السّبيل، والغوث للملهوفين، والعلم لغير المتعلّمين".[52] ويكتب بيت العدل الأعظم بأنّ لزوم تحقيق "اتّساق ديناميكيّ بين المتطلّبات الرّوحانيّة والعمليّة للحياة على وجه الأرض"، "قد صوّره حضرة بهاء اللّه بكلّ جلاء في إنزاله حُكْم مشرق الأذكار، المركز الرّوحانيّ لكلّ جامعة بهائيّة الّذي يجب أن تزدهر حوله ملحقات تكرَّس من أجل التّقدّم الاجتماعيّ، والإنسانيّ، والثّقافيّ، والعلميّ، للجنس البشريّ".[53]  يشرح حضرة عبد البهاء في هذا الصّدد بأنّ دار العبادة "مرتبط بمستشفى، ودار للدّواء، ودار ضيافة للمسافرين، ومدرسة للأطفال الأيتام، وجامعة للدّراسات العليا"، فعلى ذلك، فإنّ المعبد "ليس مجرّد مكان للعبادة؛ بل مكمَّلٌ من جميع النّواحي".[54]

يلقي حضرة شوقي أفندي الضّوء على التّفاعل الحيويّ بين العبادة والخدمة ويُقدّم هذه الرّؤية بخصوص العلاقة المتداخلة بين المبنى الرّئيسيّ وملحقاته: 

ولكن مهما كان مفهوم العبادة البهائيّة مُلهمًا، كما هو مشهود في المبنى الرّئيس لهذا المعبد السّامي، فلا يمكن اعتباره العنصر الوحيد، لا بل حتى الأساسيّ، للدّور الّذي قُدّر لمشرق الأذكار أن يؤدّيه في الحياة العضويّة للجامعة البهائيّة كما ارتآه حضرة بهاء اللّه.  إنّ العبادة البهائيّة مهما كان مفهومها ساميًا وانجذاباتها شديدة، ولكنّها من دون المساعي الاجتماعيّة والإنسانيّة والتّعليميّة والعلميّة المتمركزة في ملحقات مشرق الأذكار، لا يمكن أن تأمل تحقيق ما هو أكثر من الثّمرات الضّئيلة، العابرة في معظم الأحيان، والنّاتجة عن تأمّلات الزّاهد أو عبادة العابد الهامد. وهذه العبادة ليس بمقدورها أن تمنح العابد نفسه رضًا ونفعًا دائميْن، فكيف بالإنسانيّة عمومًا، إلّا إذا تُرجمت وتغلغلت في خدمة فاعلة خالصة لقضيّة الإنسانيّة، والّتي يُعتبر تيسيرها وترويجها الامتياز الأسمى لملحقات مشرق الأذكار. كما لن تُثمر وتزدهر جهود أولئك الّذين سينخرطون ضمن محيط مشرق الأذكار في إدارة شؤون رابطة الشّعوب البهائيّة المستقبليّة، مهما بلغت نزاهتها ونشاطها، ما لم يرتبطوا بصلة وثيقة ويوميّة مع تلك الوكالات الرّوحانيّة المتمركزة والمتشعّبة من المعبد الرّئيسيّ لمشرق الأذكار. ولا يمكن لأقلّ من تفاعلٍ مباشر ومستمرّ بين القوى الرّوحانيّة المنبعثة من دار العبادة المتمركزة في قلب مشرق الأذكار والطّاقات المنبثقة عن وعي من الّذين يديرون شؤونه في خدمتهم للبشريّة، أن يوفّر الوسيلة اللّازمة القادرة على إزالة العلل والأسقام ثقيلة الوطأة الّتي ابتليت بها البشريّة أمدًا طويلًا. ذلك بالتّأكيد، لأنّ خلاص عالم يكابد الألم، يعتمد، في نهاية المطاف، على الوعي بقوّة تأثير ظهور حضرة بهاء اللّه، يعزّزه التّواصل مع روحه المباركه من جهة، والتّطبيق الذّكيّ والتّنفيذ المخلص للمبادئ والأحكام الّتي أنزلها من جهة أخرى. ومن بين كافّة المؤسّسات المرتبطة باسمه المبارك، لا شيء، بالتّأكيد، سوى مؤسّسة مشرق الأذكار بمقدورها أن توفّر على نحو وافٍ العناصر الأساسيّة للعبادة والخدمة البهائيّة، وكلاهما مهمّ وحيويّ جدًّا لإحياء العالم. وهنا يكمن سرّ الرّفعة، والقوّة، والمكانة الفريدة لمشرق الأذكار باعتباره إحدى المؤسّسات البارزة الّتي أوجدها حضرة بهاء اللّه.[55]

إنّ البوادر الأولى للعلاقة بين الرّوحانيّ والعمليّ، كما تجسّدها دار العبادة، يمكن تبيّنها في الجهود الرّائدة للمؤمنين في عشق آباد.  ففي رسالته المؤرّخة 1 آب/أغسطس 2014 الموجّهة للبهائيّين في العالم، يصف بيت العدل الأعظم: 

فعلى قطعة أرضٍ مناسبة في قلب المدينة، تمّ ابتياعها قبل سنوات بموافقة من الجمال المبارك نفسه، تمّ تشييد مرافق لرفاهة العموم بما في ذلك: قاعة للاجتماعات، ومدارس للأطفال، ودار ضيافة للزّائرين، وعيادة صغيرة، وسواها.  إنّ السّعي الحثيث لتعليم كافّة الأطفال والشّباب البهائيّين القراءة والكتابة في مجتمع كان يعاني من الأمّيّة المُتفشّية، لا سيّما بين البنات، يُعدّ من الإنجازات الباهرة الّتي أحرزها بهائيّو عشق آباد، الّذين حقّقوا تمايزًا ملحوظًا في تلك السّنوات العامرة بالعطاء بما عُرف عنهم من تقدّمٍ وازدهار ونُبلٍ وشهامة ومكتسبات فكريّة وثقافيّة... ولأكثر من عشرين عامًا انتشى الأحباء بالسّرور الرّوحانيّ لتحقيقهم هدفهم النّبيل وهو تأسيس مركز للعبادة، هوعصب لحياة الجامعة يتوجّهون إليه في الأسحار للتّعبُّد والمناجاة خُضّعًا خُشّعًا قبل أن يتدفّقوا من أبوابه منصرفين إلى أعمالهم اليوميّة.[56]

وبكلمات أخرى، فإنّ مشرق الأذكار، كما يذكر بيت العدل الأعظم في رسالة لاحقة، هو في الوقت نفسه "مطلع تجلّي القوى الرّوحانيّة، ومركز ملحقات تتأسّس من أجل رخاء الجنس البشريّ، وتعبير عن إرادة وتوق جماعيَّيْن للخدمة".[57] وتتابع الرّسالة نفسها بأنّ "هذه الملحقات"هي "مراكز تعليميّة تربويّة، وعلميّة، وثقافيّة، ومساعٍ عامّة المنفعة، وتجسّد المُثل العليا للتّقدّم الاجتماعيّ والتّرقّي الرّوحانيّ بالاستفادة من العلم والمعرفة البشريّة، وتبيّن أنّه عندما يتّفق العلم مع الدّين، فإنّهما يفتحان الطّريق لرقيّ مقام الإنسان وازدهار المدنيّة." [58]

  1. تشييد مشرق أذكار

منذ نزول حكم مشرق الأذكار من قلم حضرة بهاء اللّه، مرّ تطبيقه بعمليّة تكشّف تدريجيّة وعضويّة تتناسب وقدرة الجامعة.  يصرّح حضرة عبد البهاء بأنّ "مشارق الأذكار... يجب أن تتأسّس في جميع المدن والقرى بأمر من القلم الأعلى." [59] ويشير حضرة المولى، إلى أنّ بداياتها قد تتّخذ من الأشكال حتّى أبسطها: 

أمّا مشرق الأذكار فهو في غاية الأهمّيّة.  المقصود هو أنّه يجب تعيين مكان حتّى لو كان صغيرًا تحت طبقات التّراب والحجر؛ ومراعاة للحكمة يجب أن يكون مستورًا ومخفيًّا كي لا يثير عناد أهل الفساد، ويصبح، مرّة في الأسبوع على الأقلّ، محلّ اجتماع خواصّ الأحبّاء الّذين كشفوا الأسرار وباتوا محرَم الأسرار الإلهيّة.  ويمكن أن يتّخذ أيّ شكل من الأشكال، حتّى ولو كان حفرة تحت الأرض فستصبح تلك الحُفرة جنّة المأوى والحديقة العليا وروضة الرّضوان.[60]

سنحت الفرص في البداية لتأسيس مشرق أذكار في عشق آباد وويلمت أثناء ولاية حضرة عبد البهاء.  وفي وقت لاحق، شُيّد مشرق أذكار قارّيّ في سبع مواقع أخرى حول العالم، بلغت ذروتها في تشرين الأوّل/أكتوبر 2016 بتدشين المعبد في سنتياغو/تشيلي.  ومع ذلك، ولو أنّ المرحلة القارّيّة كانت تقترب من نهايتها، فإنّ أفقًا جديدًا كان يتكشّف أمام العالم البهائيّ نتيجة الزّخم المتنامي في بناء الجامعة—القائم على العبادة الجماعيّة وبناء القدرة على الخدمة—الّذي  حفّزته سلسلة الخطط العالميّة الّتي بدأت عام 1996.  ففي رسالة الرّضوان الّتي صدرت في العام نفسه للبهائيّين في العالم، أكّد بيت العدل على أنّ "ازدهار الجامعة، خاصّة في المستوى المحلّيّ، يتطلّب تحسينًا ملموسًا في أنماط السّلوك"، ينطوي على "الدّعاء الجماعيّ والتّبتّل والمناجاة من قِبَل الأحبّاء".  لذلك، فقد كان "من الضّروريّ للحياة الرّوحانيّة للجامعة أن يعقد الأحبّاء جلسات منتظمة للدّعاء في المراكز البهائيّة المحلّيّة، إن وجدت، أو في أيّ مكان آخر، بما في ذلك بيوت الأحبّاء"[61].  وفي رسالة الرّضوان الّتي صدرت بعد خمس سنوات، توقّع بيت العدل تشييد مشارق أذكار مركزيّة خلال العهد الخامس من عصر التّكوين، وهو تطوّر "سيُكشف عنه من خلال مراحل متعاقبة للخطّة الإلهيّة لحضرة عبد البهاء."[62]وذكر [بيت العدل] على وجه التّحديد: 

سيكون أحد سمات العهد الخامس من عصر التّكوين إثراء الحياة التّعبّديّة لدى الجامعة بارتفاع دور العبادة المركزيّة حيثما تسمح الظروف في الجامعاتِ المركزيّة.  وسيقرّر بيت العدل الأعظم جدولة هذه المشاريع في ضوء التّقدّم في عملية الدّخول في دين اللّه أفواجًا في الأقطار.[63]

وبحلول رضوان 2012، فإنّ المعايير المطلوبةْ قد تمّ الإيفاء بها "بشكل واضح"[64] في جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة وﭘاﭘوا غينيا الجديدة.  وكان هذا تطوّرًا على درجة كبيرة من الأهمّيّة.  "ومع الإنشاءات الجارية لبناء آخر المعابد القارّيّة في سنتياغو،"ذكر بيت العدل في رسالة الرّضوان الصّادرة في نفس العام بأنّ "البدء في مشاريع بناء مشارق أذكار مركزيّة يقدّم دليلًا آخر يُثلج الصّدر على تغلغل أمر الله في تربة المجتمع."[65] وأكّد بيت العدل أيضًا في رسالة لاحقة كُتبت بالنّيابة عنه، بأنّ مشرق الأذكار "هو جزء مكمّل لعمليّة بناء الجامعة، وتشييده يمثّل معلمًا هامًّا في نموّ وتطوّر الجامعة"[66]

وما كان مشجّعًا بالمثل أنّه بحلول رضوان عام 2012 أصبح واضحًا أنّه بالإمكان التّفكير والنّظر في بروز مشرق أذكار محلّيّ في المجموعات الجغرافيّة الّتي تخدم كمواقع لنشر التّعلّم عن برنامج التّمكين الرّوحانيّ للشّباب النّاشئ، وحيثما كان يتعزّز "مخطّط التّوسّع والاستحكام بأكمله"[67]—وعلى وجه التّحديد، في ذاك الوقت، في باتامبانغ في كمبوديا، بيهار شريف في الهند، ماتوندا سُويْ في كينيا، نورتِ ديل كاوْكا في كولومبيا، وتانّا في ڤاناواتو.  توضيحًا لهذه الرّؤية، تربط الفقرة التّالية من رسالة رضوان 2014 بشكل مباشر بين تطوّر برنامج النّموّ في مجموعة جغرافيّة وبين تأسيس مشرق أذكار محلّيّ: 

في العديد من المجموعات الجغرافيّة، يتّسع برنامج النّموّ في نطاقه وتعقيده بما يتناسب مع القدرة المتزايدة لأنصار الخطّة الثّلاثة، الفرد، والجامعة، ومؤسّسات أمر الله، لإيجاد بيئة من الدّعم المتبادل.  وممّا يدعونا إلى البهجة أنّ هناك، وكما كان متوقّعًا، عددًا متناميًا من المجموعات الجغرافيّة يقوم فيها مائة فرد أو أكثر بتيسير انخراط ألفٍ أو أكثر في حياكة نمطٍ من الحياة يتميّز بالرّوحانيّة والحيويّة والتّغيير.  وبطبيعة الحال فإنّ هذه العمليّة، حتّى منذ نشأتها، مبنيّة على أساس تحرّك جماعيّ نحو تلك الرّؤيا من الازدهار المادّيّ والرّوحانيّ الّتي وضعها مُحيي العالمين.  ولكن عندما تنخرط [في العمليّة] أعداد كبيرة كهذه، حينئذ يصبح بالإمكان تمييز حركة السّكّان بأجمعهم.

وهذه الحركة تظهر واضحة جليّة بشكل خاصّ في تلك المجموعات الجغرافيّة الّتي سيشيّد فيها مشرق أذكار محلّيّ.[68]

وفي رسالة رضوان 2012، أكّد بيت العدل على عِظَم وأهمّيّة هذا التّقدّم في حياة الجامعة وعَرَض الرّؤية التّالية بشأن البناء الوشيك لكلا مشرقي الأذكار المركزيّين والمشارق المحلّيّة الخمسة: 

زملاءَنا في العمل الأعزّاء: إنّ الأرضَ الّتي ضربتها يد حضرة عبد البهاء قبل مائة عامٍ مضى، يجب أن تُضرَب ثانيةً في سبعة بلدان أخرى، وما هذا إلّا تمهيد لذلك اليوم الّذي سيرتفع فيه في كلّ مدينة وقرية، إطاعة لأمر حضرة بهاء اللّه، بناءٌ لعبادة الرّبّ الجليل.  فمن "مشارق أذكار اللّه" هذه سيسطعُ نورُه وتصدحُ ترانيمُ حمدِه وثنائِه.[69]

ولفت بيت العدل الانتباه إلى نفس الرّؤية في رسالته المؤرّخة 1 أيلول/سبتمبر 2017 الموجّهة إلى أولئك المجتمعين من أجل افتتاح مشرق الأذكار في باتامبانغ، كمبوديا، معلنًا بأنّ "فجرًا جديدًا يبزغ بالفعل في تطوّر مؤسّسة مشرق الأذكار." ومؤكّدًا بأنّ هذه المناسبة التّاريخيّة

تُهيِّئ لظهور العديد من مشارق الأذكار المحلّيّة والمركزيّة الأخرى، امتثالًا لحُكم حضرة بهاء اللّه النّازل في كتابه الأقدس: "يا ملأ الإنشاء عمّروا بيوتًا بأكمل ما يمكن في الإمكان باسم مالك الأديان في البلدان."[70]

إنّ افتتاح هذه المرحلة الجديدة من تشييد معابد مركزيّة ومحلّيّة جعل من الممكن أيضًا معرفة المزيد حول ما ينطوي عليه بناء بيت عبادة، بما في ذلك اعتبارات عمليّة مثل اختيار موقع مناسب وتحديد الحجم الّذي ينبغي أن يكون عليه البنيان، وكذلك كيفيّة تعزيز شعور بملكيّة المشروع بين السّكّان المحلّيّين.  وقد كان تحديد المهندسين المعماريّين أمرًا مقلقًا بشكل خاصّ، وذلك لأنّه، وفقًا لما ذكره بيت العدل،

التّحدّي الفريد الّذي يواجه المهندسين المعماريّين هو وضع تصاميم لمشارق أذكار "بأكمل ما يمكن في الإمكان"؛ بحيث تتناسق بصورة طبيعيّة مع الثّقافة المحلّيّة والحياة اليوميّة لأولئك الّذين يجتمعون فيها للدّعاء والتّأمّل. المُهمّة تستدعي إبداعًا ومهارةً في دمج الجمال والبهاء والجلال مع الاعتدال والأداء الوظيفيّ للمبنى والاقتصاد.[71]

وطوال عمليّة التّطوّر هذه، سنحت للجامعة فرص متزايدة لاستكشاف كيف أنّ روح الوحدة لا غنى عنها عند تولّي مثل هذه المهام.  وفي هذا الصّدد، يتفضّل حضرة عبد البهاء ما يلي بخصوص تطوّر مخطّطات مشرق الأذكار في عشق آباد:

يجب أن تجعلوا جميع الأمور سببًا للاتّحاد والاتّفاق حتّى تزداد الألفة والاتّحاد بين الأحبّاء يومًا فيومًا.

الآن، عليكم تنفيذ مسألة مشرق الأذكار هذه على نحو يزيد من ألفة واتّحاد واتّفاق الأحبّاء، وذلك بأن تتباحثوا فيها باتّفاق تامّ وبعد ذلك تضعوا خطّة بشأنها. فإن قمتم بإجراء ذلك على هذا النّحو، ستصلكم التّأييدات الإلهيّة تترى.[72]

كما يقدّم حضرة عبد البهاء النّصيحة التّالية:

إنّ أساس الحياة والوجود هو التّعاون والتّعاضد، وإنّ انقطاع هذا الإمداد والاستمداد هو سبب الانعدام والاضمحلال. وكلّما ارتقت الرّتبة أصبح هذا الأمر العظيم، أي التّعاون والتّعاضد، أقوى وأشدّ. لهذا فإنّ التّعاون والتّعاضد في العالم الإنسانيّ أتمّ وأكمل من سائر العوالم الأخرى بحيث إنّ حياة الإنسان تعتمد تمامًا على هذا الأمر العظيم. ويجب أن يكون هذا الأساس القويم في غاية المتانة بين أحبّاء اللّه على وجه الخصوص، على شأن يقوم كلّ واحد منهم بمساعدة الآخر في جميع الشّؤون سواء المتعلّقة منها بالحقائق الرّوحانيّة والمعاني الباطنيّة أو الأمور المادّيّة، وخاصّة في إنشاء المؤسّسات العموميّة الّتي يعود نفعها على جميع الأفراد وبالأخصّ في مشرق الأذكار الّذي هو أعظم الأُسس الإلهيّة. [73]

مسهبًا في حديثه عن مفهوم التّعاون والتّعاضد، يؤكّد حضرة شوقي أفندي، في رسالة كُتبت بالنّيابة عنه، أنّه لإرساء أساس بيت العبادة "یلزم التّعاون والتّعاضد المستمرّ ومشروط بوجوب التّضحیه".[74] وفي رسالة أخرى كُتبت بالنّيابة عنه يحذّر قائلًا: "إنّه التّكريس والإخلاص والحماس الحقيقيّ الّذي يمكنه على المدى الطّويل أن يضمن إنهاء معبدنا العزيز." كما ويذكر أيضًا: "ومع أنّ الاعتبارات المادّيّة أساسيّة، إلّا أنّها ليست الأكثر أهمّيّة بأيّ شكل من الأشكال."[75] وبالمثل، يقدّم بيت العدل الأعظم الملاحظة التّالية معربًا عن تأثّره جرّاء ما لاقته الاستجابة العالميّة لندائه لتشييد سبعة مشارق أذكار: 

لا سيّما في البلدان والمناطق الّتي تمّ تعيينها مؤخّرًا لبناء مشرق الأذكار فيها، حيث شاهدنا تعابير فرحة الأحبّاء التّلقائيّة من حيث التزامهم الفوريّ الصّادق بالمساهمة في إنجاز الأعمال الضّروريّة وتسريع ديناميكيّة الفعاليّات المؤدّية إلى إنشاء مشرق الأذكار بين مجموعة من السّكّان؛ والتّضحيات الّتي ساهموا بها من وقتٍ وجهدٍ وموارد ماليّة بأشكال عديدة؛ ومساعيهم الدّؤوبة من أجل تبصير جماعات متزايدة من النّاس بأهمّيّة تلك الصّروح المكرَّسة لذكر اللّه والّتي سوف يتمّ تشييدها بين ظهرانيهم.  الواقع أنّ الاستجابة الشّغوفة لجامعة الاسم الأعظم لهي خيرُ دلالةٍ تبشّر بمقدرتها على تعزيز وتحقيق هذه التّعهّدات الجماعيّة المُناطة بها.[76]

وبوضع هذه الهداية في الاعتبار ومن أجل إدراك وتقدير روح الخدمة الحقيقيّة المطلوبة لإنشاء هذه المؤسّسة الرّفيعة، من المفيد التّأمّل في توق حضرة عبد البهاء واشتياقه للمشاركة في بناء مشرق الأذكار في عشق آباد وفي مناشدته الحارّة بأن يقوم الأحبّاء بذلك نيابة عنه.

قم بالنّيابة عن عبد البهاء بنقل التّراب واحمل الطّين والأحجار لبناء مشرق الأذكار؛ حتّى تكون نشوة تلك الخدمة سببًا في جلب الرّوح والرّيحان إلى مركزالعبوديّة.  إنّ مشرق الأذكار هذا لهو أوّل تأسيس ربّانيّ واضح وجليّ، لذا فالأمل يحدو هذا العبد في أن يضحّي كلّ واحد من الأخيار والأبرار بروحه وراحته، ويُبدي الفرحة والسّرور، ويجد في نقل التّراب الفوز الموفور، حتّى يرتفع صرح هذا البُنيان الرّحمانيّ وينتشر الأمر الإلهيّ.  وليقوموا كذلك من جميع الأطراف والأكناف ويهبّوا بمنتهى الهمّة لإنجاز هذه المهمّة العظيمة.  لو لم يكن عبد البهاء مسجونًا ولولا حيلولة الموانع دون الوصول، لسرُع بنفسه إلى عشق آباد دون ريب، ولحمل التّراب لبناء مشرق الأذكار ولكان في منتهى السّرور والحبور.  والآن على الأحبّاء أن يقوموا بتحقيق هذه النّيّة ويكونوا له نِعمَ البديل؛ حتّى يظهر هذا البنيان للعيان في زمن وجيز، وينشغل الأحباب بذكر الجمال الأبهى، وترتفع نغمات مشرق الأذكار إلى الملأ الأعلى في الأسحار، ويطرب أهل الملكوت الأبهى وجدًا وسرورًا بترنّمات البلابل الإلهيّة، فتنشرح الأفئدة وتستبشر النّفوس وتستنير القلوب.  تلكُم هي آمال المخلصين وذلكُم هومنتهى رجاء المقرّبين.[77]

 

 

مؤسّسة مشرق الأذكار

مجموعة مقتطفات من الآثار المباركة لحضرة بهاء اللّه وحضرة عبد البهاء،

وكتابات حضرة شوقي أفندي، ورسائل بيت العدل الأعظم

أعدّتها دائرة الأبحاث ودراسة النّصوص التّابعة لبيت العدل الأعظم

أيلول/سبتمبر 2017

من الآثار المباركة لحضرة بهاء اللّه

یا ملأ الإنشاء عمّروا بیوتًا بأكمل ما یمكن في الإمكان باسم مالك الأدیان في البلدان وزیّنوها بما ینبغي لها لا بالصّور والأمثال. ثمّ اذكروا فیها ربّكم الرّحمن بالرّوح والرّیحان ألا بذكره تستنیر الصّدور وتقرّ الأبصار.

(الكتاب الاقدس: النّسخة العربيّة، فقرة 31، ص. 19)                    [1]

 

طوبى لمن توجّه إلى مشرق الأذكار في الأسحار ذاكرًا متذكّرًا مستغفرًا، وإذا دخل یقعد صامتًا لإصغاء آیات اللّه الملك العزیز الحمید. قل مشرق الأذكار إنّه كلّ بیت بُني لذكري في المدن والقری كذلك سمّي لدی العرش إن أنتم من العارفین.

(الكتاب الاقدس: النّسخة العربيّة، فقرة 115، ص. 68)                     [2]

علّموا ذرّیّاتكم ما نزّل من سماء العظمة والاقتدار لیقرؤوا ألواح الرّحمن بأحسن الألحان في الغرف المبنیّة في مشارق الأذكار. إنّ الّذي أخذه جذب محبّة اسمي الرّحمن إنّه یقرأ آیات اللّه على شأن تنجذب به أفئدة الرّاقدین. هنیئًا لمن شرب رحیق الحیوان من بیان ربّه الرّحمن بهذا الاسم الّذي به نُسف كلّ جبل باذخ رفیع.

(الكتاب الاقدس: النّسخة العربيّة، فقرة 150، ص. 89)                     [3]

بخصوص ما كتبتَ بأنّ مشرق الأذكار قد تعيّن في أرض الطّاء[1] كما جرى وسيجري ذلك بعناية اللّه في بلاد أخرى، فقد ذُكرت هذه الأمور في ساحة الأمنع الأقدس هذا ما نطق به لسان القدم في الجواب طوبى لمحلّ ولبیت ولمقام ولمدینة ولقلب ولجبل ولكهف ولغار ولأودیة ولبرّ ولبحر ولجزیرة ولدسكرة ارتفع فیها ذكر اللّه وثنائُه.

 (من لوح نزل باللّغتين العربيّة والفارسيّة)                                   [4]

هذا ما نطق به لسان المختار في مشرق الأذكار قوله جلّت عظمته وجلّ اقتداره 

            "احمد مقصود العالم لما أيّدك على خدمة أمره. فرغم ضوضاء أهل العالم وانتشار الفتنة والفساد وقيام الكلّ على إطفاء نوره، إلّا أنّك وأولياء اللّه قد قمتم على ذكر اللّه على نحو ظاهر مشهود.

"سيبقى ذكر هذا البناء إلى الأبد لأنّه بُني باسم اللّه الحقّ وفي أيّام اللّه الحقّ وزيّن بطراز الإمضاء. اطلبوا من اللّه الحق أن يؤيّد الكلّ على خدمة الأمر والاستقامة وما أنزله اللّه في الكتاب.

"إنّ الدّنيا فانية، قريبًا سيرجع الكلّ إلى العدم ويبقى ما قدّر من القلم الأعلى من لدى اللّه المهيمن القيّوم.

(من لوح نزل باللّغتين العربيّة والفارسيّة)            [5]

طوبى لنُفُوسٍ مشغولة بذكر مولى الأخيار في مشرق الأذكار، طوبى لنفوس قائمة على خدمة ذلك البيت، وطوبى لنفوس كانت سببًا لإعمار ذلك البيت. يدخلون بسلام واشتياق ويخرجون بأسف، نسأل اللّه تعالى ربّنا وربّكم بأن يمدّكم بأسباب الغيب والشّهادة ويقدّر لكم ما يكون باقيًا ببقاء اسمه المهيمن على الأسماء لا إله إلّا هو الغفور الرحيم.

(من لوح نزل باللّغتين العربيّة والفارسيّة)            [6]

لعمري وأمري، كلّ بيت يدخله أولياء اللّه ويرتفع منه نداؤهم في ذكر اللّه وثنائه، فإنّ جميع الملائكة المقرّبين وأرواح المخلصين يطوفون حول ذلك البيت. وإذا فُتح للبعض باب البصر الحقيقي فسيشاهدون أنّ الملأ الأعلى طائفٌ حوله وناطق بهذه الكلمات، طوبى لك یا بیت بما جعلك اللّه مهبط أولیائه ومقرّ أصفیائه ومقام أمنائه علیك بهائه وثنائه وعطائه.

(من لوح نزل باللّغتين العربيّة والفارسيّة)            [7]

من الآثار المباركه لحضرة عبد البهاء

يجدر بالأحبّاء أن يكون لهم محفل ومجمع حتى يقوموا في تلك المجامع والمحافل بذكر اللّه والتّفكّر في الحقّ وتلاوة وترتيل آيات وآثار الجمال المبارك روحي لأحبّائه الفداء فتضيء أنوار الملكوت الأبهى وإشراقات الأفق الأعلى تلك المجامع النّوراء. فهذه المحافل هي مشارق الأذكار الّتي يجب أن تتأسّس في جميع المدن والقرى، بأمر من القلم الأعلى... ويجب ترتيب هذه المجامع الرّوحانيّة في غاية التّنزيه والتّقديس حتى يتمّ استشمام نفحات القدس من محلّها وأرضها وهوائها.

(منتخباتى از مكاتيب حضرت عبد البهاء، رقم 55، ص. 91)                     [8]

يا أحبّاء عبد البهاء الصّادقين! في هذه اللّحظة مرّ ذكركم في خاطري، فالوقت يقارب الغروب والرّاحة مسلوبة من كثرة المشقّة، ولكنّني بتذكّركم أكون في غاية البهجة والسّرور وأطلب لكم التّأييد الموفور من الرّبّ الغفور.

إنّ مشرق الأذكار مطلع الأنوار ومجمع الأبرار. فعندما تجتمع نفوسٌ نفيسة في تلك المجامع الملكوتيّة ويبدأون الصّلاة ويرتّلون الآيات ويرنّمون المناجاة بأبدع الألحان، يسمعها أهل الملأ الأعلى ويرتفع تهليلهم بأن يا طوبى ويا بُشرى! إنّ نفوسًا من ملائكة الملكوت الأبهى قد قاموا، ولله الحمد، بالدّعاء والمناجاة في الملأ الأدنى، ويرتّلون آيات التّوحيد في محفل التّقديس، فهل هناك فضلٌ أعظم من هذا؟

(من لوح تُرجم عن الفارسيّة)                      [9]

یا أحبّاء عبد البهاء وسهمائه وشركائه في عبودیّة ربّ الجنود، إنّ أعظم الأمور وأهمّ مشروع الیوم تأسیس مشرق‌ الأذكار وبنیان معبد یرتفع منه صوت التّهلیل إلى ملكوت ربّ الجلیل. طوبی لكم بما افتكرتم في هذا ونویتم تأسیس هذا البناء وسبقتم الكلّ في بذل الأموال لهذا المقصد العظیم والمشروع الكریم، سترون ملائكة التّأیید تتتابع علیكم وجنود التّوفیق تتهاجم أمامكم.

وعندما یتمّ مشرق‌الأذكار وتتوقّد فیه الأنوار ويحضر فیه الأبرار وتقوم الصّلوة تضرّعًا إلى ملكوت الأسرار ویرتفع صوت التّمجید للرّبّ المجید هنالك یفرح المؤمنون وینشرح صدور امتلأ بمحبّة الحيّ القیّوم.

ویهرعون النّاس إلى التّبتّل في ذلك البیت المعمور وینتشر نفحات اللّه وتعلو كلمة اللّه وتتمكّن تعالیم اللّه من القلوب تمكُّن الرّوح في النّفوس ویستقیم النّاس على أمر ربّكم الرّحمن.

(من لوح بالعربيّة)                                [10]

ما من نفس تقوم على خدمة هذا البناء إلّا ویؤیّده اللّه بقوّة من ملكوته العظیم ویفیض علیه بركةً روحانیّةً سماویّةً یمتلئ بها قلبه بالنّور البدیع وتقرّ به عینه بمشاهدة المجد القدیم.

(من لوح بالعربيّة)                                [11]

أيّها الثّابت على الميثاق، لقد وصل مكتوبك ووضُح وبان مقصودك، كنتَ قد كتبتَ عن همّة وجدّ واجتهاد أحبّاء اللّه واندفاعهم بحماس في بناء مشرق الأذكار، وقيامهم بنفوسهم النّفيسة بحمل الأحجار. في الحقيقة، إنّ هذا الخبر قد جلب السّرور للقلوب لدرجة لا يمكن وصفها أو بيانها، إذ إنّه صوّر حال ذلك الجمع الجليل وهم يحملون الأحجار بكمال الخضوع والخشوع ويفتخرون على ملوك العالم.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                    [12]

وأمّا سؤالك عن المعابد والحكمة منها، فالحكمة من ذلك أن تعرف النّفوس مسبقًا  وقت الاجتماع المحدّد، فيجتمعون ويتلون المناجاة متّحدين، ومن هذا الاجتماع تزداد الألفة والاتّحاد في القلوب.

(منتخباتى از مكاتيب حضرت عبد البهاء، رقم 58، ص. 92)                   [13]

لقد سمعنا عن نيّتكَ تزيين منزلك في بعض الأحيان باجتماع البهائيّين حتى يقوم البعض بتمجيد الربّ المجيد... فاعلم بأنّك إن فعلت هذا، فإنّ ذلك المنزل التّرابيّ سيصبح سماويًّا وذاك الهيكل الحجريّ سيغدوا محفلًا رحمانيًّا.

(منتخباتى از مكاتيب حضرت عبد البهاء، رقم 57، ص. 91-92)            [14]

سوف تتأسّس... إن شاء اللّه، في جميع البلاد، هياكل في غاية المتانة والصّفاء والجمال واللّطافة وحسن المنظر.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [15]

مع أنّ مشرق الأذكار بحسب الظّاهر بنيان مادّيّ ولكن له تأثيرًا روحانيًّا، فهو مركز تجتمع فيه النّفوس وتتآلف القلوب. فكلّ مدينة تأسّس فيها معبد في أيّام الظّهور كان سببًا للتّرويج، وتثبيت القلوب، واطمئنان النّفوس، ذلك لأنّ ذكر الحقّ في تلك الأماكن كان دائمًا ومستمرًّا، والقلب لا سكون ولا قرار له إلّا بذكر الرّبّ المختار. سبحان اللّه إنّ لبناء مشرق الأذكار تأثيرًا عظيمًا في جميع المراتب. ولقد أثبتت التّجربة في الشّرق هذه الحقيقه بوضوح، فحتى لو سُمّي منزل في قرية بمشرق الأذكار لكان له تأثير آخر، فكيف ببنائه وتأسيسه.

(منتخباتى از مكاتيب حضرت عبد البهاء، رقم 60، ص. 93)                  [16]

إنّ جناب كربلائي محمد هادي، خادم مشرق الأذكار، هو مخدومي، أي أنّني خادمه، ذلك لأنّه خادم الجمال المبارك وهو يكنس الأرض في مشرق الأذكار، ليست هذه خدمة بل سلطنة، وليس ذلك بأمرٍ عاديّ بل موهبة صرفة.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [17]

إنّ مشرق الأذكار من أعظم مؤسّسات العالم الإنسانيّ وفروعه كثيره، فمشرق الأذكار، مع أنّه مكانٌ للعبادة ولكنّه مرتبط بمستشفى، ودار للدّواء، ودار ضيافة للمسافرين، ومدرسة للأطفال الأيتام، وجامعة للدّراسات العليا، وكلّ مشرق أذكار موصول بهذه الأشياء الخمسة. أملي أن يتأسّس مشرق الأذكار الآن في أمريكا، ثم القيام تدريجيًّا ببناء مستشفى ومدرسة وجامعة ودار للدّواء ودار للمسافرين في غاية الانتظام. أَفهِموا أحبّاء اللّه هذه التّفاصيل ليعرفوا مدى أهمّيّة مشرق الأذكار، فهو ليس مجرّد مكان للعبادة بل مكمّلٌ من جميع النّواحي.

(منتخباتى از مكاتيب حضرت عبد البهاء، رقم 64، ص. 97)                  [18]

كلّ جمع يلتقي أفراده معًا في مكان وينشغلون بذكر الحقّ ويتحدّثون عن الأسرار الإلهيّة فيقينًا سيكون لهم نصيبٌ من نفثات الرّوح القدس.

(منتخباتى از مكاتيب حضرت عبد البهاء، رقم 56، ص. 91)                  [19]

لقد وصلت رسالتك مع مُخطَّطَيّ مشرق الأذكار وتمّ الاطّلاع على كلا المخطّطَيْن وكان مدعاة لسرور القلوب، وانشغل جميع الأحبّاء وإماء الرّحمن بذكرك بالخير. ولكن عليكَ التباحث حول شكل وتصميم مشرق الأذكار مع أعضاء المحفل الرّوحانيّ، حتى تتّخذوا قرارًا بالاتّفاق. يجب أن تجعلوا جميع الأمور سببًا للاتّحاد والاتّفاق حتى تزداد الألفة والاتّحاد بين الأحبّاء يومًا فيومًا.

الآن، عليكم تنفيذ مسألة مشرق الأذكار هذه على نحوٍ يزيد من ألفة واتّحاد واتّفاق الأحبّاء، وذلك بأن تتباحثوا فيها باتّفاق تامّ وبعد ذلك تضعوا خطّة بشأنها. فإن قمتم بإجراء ذلك على هذا النّحو، ستصلكم التّأييدات الإلهيّة تترى. في عشق آباد، جعل أحبّاء اللّه من بناء مشرق الأذكار وسيلة لإيجاد الألفة التّامّة، وانتخبوا لجنةً بغاية المحبّة والإخلاص، وهذه اللّجنة قامت بتأسيس وترتيب وتنظيم وتصميم مشرق الأذكار. وصلت التّأييدات يومًا بعد يوم، وتمّ، والحمد لله، بناء مشرق الأذكار وتشييده في كمال المتانة والعظمة.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [20]

في الحقيقة، إنّ القلوب الصّافية النّورانيّة هي مشارق الأذكار الّتي ترتفع منها نغمات التّبتّل والتّضرّع إلى الملأ الأعلى باستمرار، أسال اللّه أن يصبح قلب كلّ واحدٍ منكم صومعةً من الصّوامع الإلهيّة ويضيىء منه سراج الهداية الكبرى، وعندما تفوز القلوب بمثل هذه الموهبة فإنّهم بلا شكّ سيبذلون منتهى الهمّة والغيرة في بناء مشرق الأذكار حتى يصبح الظّاهر عنوان الباطن وتُنبئ الصّورة عن المعنى.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [21]

يا أحبّاء الشّرق والغرب، إنّ التّعاون والتّعاضد من أعظم أُسس دين اللّه ومعاني كلمة اللّه وواجبات أحبّاء اللّه، ذلك لأنّ العالم الإنسانيّ بل سائر الكائنات اللّامتناهية قائمة على التّعاون والتّعاضد المتبادَل، فإذا لم يعد التّعاون والتّعاضد المتبادل موجودًا بين الكائنات فإنّ الوجود سوف يتلاشى كلّيّةً...

إنّ أساس الحياة والوجود هو التّعاون والتّعاضد، وإنّ انقطاع هذا الإمداد والاستمداد هو سبب الانعدام والاضمحلال. وكلّما ارتقت الرّتبة أصبح هذا الأمر العظيم، أي التّعاون والتّعاضد، أقوى وأشدّ. لهذا فإنّ التّعاون والتّعاضد في العالم الإنسانيّ أتمّ وأكمل من سائر العوالم الأخرى بحيث إنّ حياة الإنسان تعتمد تمامًا على هذا الأمر العظيم. ويجب أن يكون هذا الأساس القويم في غاية المتانة بين أحبّاء اللّه على وجه الخصوص، على شأن يقوم كلّ واحد منهم بمساعدة الآخر في جميع الشّؤون سواء المتعلّقة منها بالحقائق الرّوحانيّة والمعاني الباطنيّة أو الأمور المادّيّة، وخاصّة في إنشاء المؤسّسات العموميّة الّتي يعود نفعها على جميع الأفراد وبالأخصّ في مشرق الأذكار الّذي هو أعظم الأُسس الإلهيّة.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [22]

لقد كتبت أنّ الأحبّاء ينوون التّبرّع لمشرق الأذكار، لقد كان هذا الخبر مدعاة سرور كبير، فالفيوضات الملكوتيّة والتّأييدات الرّبّانيّة والتّوفيقات الصّمدانيّة متوجّهة نحو ارتباط واتّحاد واتّفاق العالم الإنسانيّ. لهذا، فإنّ هذا العمل المبرور، أي إعانة الشّرق للغرب، محمود ومشكور، ومن خصائص يوم الظّهور. فحتّى الآن، لم يحدث قطّ أنْ أعان الشّرقُ الغربَ، أي أن تقوم إيران برفد بناء مشرق الأذكار في أمريكا. إنّه أوّل حدث من نوعه؛ لهذا، فيقينًا سيؤدّي إلى نتائج محمودة وستظهر منه آثار ممدوحة.

الشّكر لجمال القدم والاسم الأعظم الّذي وهب العالم الإنسانيّ مثل هذا الارتباط والالتئام، وأرسى مثل هذا الأساس المتين، وروّج مثل هذا المقصد الجليل، ونصب مثل هذه الخيمة في قطب الإمكان والّتي ستكون نتائجها أن تتّفق وتتآلف شعوب العالم المختلفة، وتصبح الأقاليم الشّاسعة إقليمًا واحدًا، والأوطان المتعدّدة وطنًا واحدًا، وتدخل الحكومات المختلفة في ارتباط واتّفاق كامل، فتُجتَثّ أصول الظّلم وينهدم بنيان الحرب والجدال والسّلب والنّهب والبُغض والعدوان. هذا التّعاون والتّعاضد بين الشّرق والغرب برهان كافٍ وافٍ على تحقيق هذا المقصد المبارك.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [23]

أيّها الثّابت على الميثاق، إنّ بشارة قرب إتمام مشرق الأذكار وترتيب الحدائق وتدفّق المياه من النّوافير كانت مبعث سرور لا نهاية له. وفي الحقيقة، إنّ مشرق الأذكار سيصبح مكانًا يسوده الرّوح والرّيحان والبهجة والسّرور. فمتانة ولطافة البناء وحسن تنظيم الشّوارع وتخطيط أحواض الزّهور وتدفّق المياه من النّوافير وتبرعم الأشجار ولطافة الهواء وحلاوة المنظر تجتمع معًا لتشكّل جنّة مُبهجة للغاية، وفي الحقيقة لا مثيل لها ولا نظير.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [24]

مشرق الأذكار بنيانٌ إلهيّ في العالم النّاسوتيّ وسبب تحقيق وحدة العالم الإنسانيّ ذلك لأنّ جميع الملل ستتّحد وتتّفق في مشرق الأذكار وتقوم بالتّسبيح والتّهليل لربّ الجنود بألحان التّوحيد. وبالتّأكيد، يجب أن يكون سرورك في نشر نور الهداية.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [25]

إنّ أول مشرق أذكار في أمريكا قد تأسّس في شيكاغو وهذا شرف ومنقبة لا حدود لها. ولا شكّ  أنّه ستُولَد من مشرق الأذكار هذا آلاف مشارق الأذكار.

(ألواح الخطّة الإلهيّة، ويلمت: دار النّشر البهائيّة، طبعة  1992-2006، ص. 78 )     [26]

وصلت رسالتك المؤرّخة 23 تشرين الثّاني/نوفمبر 1918، وعُلم من مضمونها أنّك والحمد لله مشغول بخدمة مشرق الأذكار كي يتأسّس هذا البنيان العموميّ. في الحقيقة، لقد بذلت همّة عظيمة في هذا الخصوص، وأملي أن تزداد هذه الهمّة يومًا بعد يوم. فالأعمال مثل الأشجار. إنّ زرع شجرة عمل سهل، إلّا أنّ رعايتها كي تثمر أمر شاقّ. ما جرى حتى الآن كان تأسيسًا لمشرق الأذكار، إلّا أنّ إتمامه أمر صعب. أملي أن يُوفّق أحبّاء اللّه على إتمام مشرق الأذكار.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [27]

أيّها الثّابتون على العهد والميثاق، لقد قُرِئ الدّفتر المرُسَل الخاص ّبتأسيس مشرق الأذكار وتوابعه؛ المستشفى والمدارس ودار المسافرين ومأوى العجزة والفقراء، وكذلك أسماء المتبرّعين. الحمد لله الّذي وفّق نفوسًا مباركة على القيام بمثل هذا الأمر العظيم، وتأسيس مثل هذا البنيان، الّذي سيظلّ باقيًا ومستقرًّا إلى الأبد، وسترتفع ذروته إلى عنان السّماء.

مع أنّ مشرق الأذكار هذا يجري بناؤه على وجه الغبراء إلّا أنّه في الحقيقة من مؤسّسات الملأ الأعلى، لهذا يمكن القول إنّه يصل إلى عنان السّماء. اشكروا اللّه على قيامكم بمثل هذه الخدمة العظيمة لأنّ تأسيس مشارق الأذكار في هذا العصر والقرن أمرٌ مهمّ للغاية؛ فهو سبب ثبات واستقامة الأحبّاء، ومحلّ التّضرّع والابتهال لساحة الكبرياء، وأعظم واسطة لنشر نفحات اللّه. إنّ وضع لَبِنة واحدة في بنيان مشرق الأذكار أو ملحقاته، في هذه الأيّام، يماثل بناء صرح عظيم. لهذا فإنّني راضٍ ومسرورٌ جدًّا من أحبّاء اللّه لأنّهم وُفّقوا على القيام بمثل هذا الأمر العظيم، وأملي أن يتأسّس هذا البنيان في غاية اللّطافة والمتانة وأن تكتمل توابعه بالتّدريج.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [28]

...لاحظ كيف أنّ حضرة الحاج ميرزا محمّد تقي أفنان، ذلك الرّوح المجرّد والنّفس المؤيّد، قد نهض لخدمة هذا الأمر العظيم، فتخلّى عن حياته المريحة الهادئة في يزد وسارع إلى عشق آباد لخدمة أمر الله. كم ضحّى في سبيل بناء مشرق الأذكار، لقد فدى حياته بالكامل من أجل هذه المهمّة إلى أن وُفّق في تأسيس أوّل مشرق أذكار في تلك الدّيار. لقد كانت هذه الخدمة في غاية العظمة لأنّه أوّل مشرق أذكار تأسّس باسم اللّه الحقّ، ولذلك فأهمّيّته عظيمة جدًّا. ولكن، سيتأسّس في المستقبل مئة ألف مشرق أذكار في غاية الجلال والأبّهة والعظمة. إنّ مشرق أذكار عشق آباد هذا هو بمنزلة الأمّ، وسيكون سائر مشارق الأذكار بمثابة الأولاد المعنويّين الّذين سيُولَدون منه.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [29]

يا أحبّاء الرّحمن، لقد وصلت أخبار تأسيس مشرق الأذكار بأنّ في تلك الدّيار وصلت المحامد والنّعوت الإلهيّة إلى الملكوت الأبهى وارتفعت ألحان الحمد والثّناء لذلك المحبوب النّورانيّ إلى الملأ الأعلى. أيّ بشارة ميمونة تلك الّتي كانت سببًا لمنتهى السّرور والرَّوْح والرّيحان، لأنّ مشرق الأذكار هو سبب تنبّه وتذكّر وتذلّل وتبتّل أحبّاء اللّه، فتغدو القلوب نورانيّة والنّفوس روحانيّة ونفحات الملكوت الأبهى متضوّعة، ويُصبح العالم الإنسانيّ عالمًا آخر وتكتسب الإحساسات القلبيّة قوّة على شأن تحيط بجميع الوجود. أملي أن يتأسّس في جميع الأطراف والأكناف مشرق أذكار، ولو تمّ ذلك في نهاية السّتر والخفا، وبداعي الحكمة يجب أن يكون مقتصرًا على أحبّاء مختارين ومؤتمَنين إلى أن يأتي الوقت الّذي لا يكون فيه شيوع شهرته سبب فزع الغافلين.

يا أحبّاء اللّه، لاحظوا أنّه عندما تجتمعون في ذلك المجمع الرّوحانيّ وتنشغلون بالأذكار في الأسحار[2]، وتقومون جميعًا بعد أداء الصّلاة بذكر الرّبّ الكريم بلحن لطيف، كم ستكون اللّطافة والرقّة والرّوحانيّة والنّورانيّة النّاتجة عن ذلك. إنّ تلك الألحان ستصل إلى الملكوت الأبهى وتلك التّرانيم ستبعث السّرور والنّشاط في الملأ الأعلى.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                    [30]

إنّ مشرق الأذكار هو مغناطيس التّأييد الإلهيّ. إنّ مشرق‌ الأذكار هو الأساس العظیم للرّبّ الجليل. إنّ مشرق‌ الأذكار هو الرّكن الرّكین لدين اللّه. وتأسيس مشرق‌ الأذكار سبب إعلاء كلمة اللّه. وتهلیل وتسبیح مشرق الأذكار مفرّح قلوب الأخيار. ونفحات قدس مشرق ‌الأذكار تنعش جميع الأبرار. ونسيم مشرق‌ الأذكار المحيي يهب الحياة لعموم الأحرار. ومصابيح مشرق الأذكار  بمثابة نور الصّباح الّذي يُنير الآفاق. وبنغمات مشرق الأذكار ابتهاج أرواح الملأ الأعلى. وترتیل آیات التّوحيد في مشرق الأذكار سبب سرور وحبور أهل الملكوت الأبهى.

اليوم من أعظم الأمور وأتمّ الخدمات لدى العتبة المقدّسة الإلهيّة هو تأسيس مشرق الأذكار... المقصود أن ينشغل أحبّاء اللّه بكمال الحكمة في ذلك المكان بالصّلاة وعبادة اللّه وترتيل الآيات والكلمات الإلهيّة وترنيم القصائد والنّعوت الرّحمانيّة.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [31]

يا عبدًا للبهاء، إنّ الموسيقى من العلوم الممدوحة لدى عتبة الكبرياء حتى ترتِّل الآيات بأبدع النّغمات في الجوامع الكبرى والصوامع العُظمى، وترفع من مشرق الأذكار ألحانًا ينجذب منها الملأ الأعلى. ولأجل هذا لاحظ كم هو ممدوح ومقبول فنّ الموسيقى. فإن استطعت، حاول أن تستخدم الألحان والأنغام والإيقاع والمقامات الرّوحانيّه واجعل الموسيقى النّاسوتيّة منسجمة مع التّرتيل اللّاهوتيّ. عندها ستلاحظ أيّ تأثير عظيم وأيّ روح وحياة رحمانيّة يمكنها أن تهب. اعزف نغمة ولحنًا يجعل بلابل الأسرار الإلهيّة تهتزّ نشوةً وطربًا.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [32]

وإنّني شكرت اللّه بقلب سلیم بما أیّد الأحبّاء مع الفقر والفناء على إعانة مشرق‌ الأذكار الّذي سیرتفع دعائمها فی قطب أمریكا.

(من لوح نزل بالعربيّة)                                 [33]

يا حبيب عبد البهاء الحقيقيّ، كان منتهى آمالك وأمانيك إنشاء وبناء مشرق الأذكار، الحمد لله أنّ وقته قد حان. الأمور مرهونة بأوقاتها، بناءً عليه، يجب بذل أقصى الهمّة حتى يشيّد هذا البنيان العظيم في غاية المتانة والرزانة والظرافة واللّطافة. هذه المسألة خدمة عظيمة للعتبة المقدّسة حتى يُفرِح صيتُه قلوب أهل الملأ الأعلى في ملكوت التّقديس إلى أبد الآباد.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [34]

أمّا مشرق الأذكار فهو في غاية الأهمّيّة.  المقصود هو أنّه يجب تعيين مكان حتّى لو كان صغيرًا تحت طبقات التّراب والحجر؛ ومراعاة للحكمة يجب أن يكون مستورًا ومخفيًّا كي لا يثير عناد أهل الفساد، ويصبح مرّة في الأسبوع على الأقلّ محلّ اجتماع خواصّ الأحبّاء الّذين كشفوا الأسرار وباتوا محرَم الأسرار الإلهيّة.  ويمكن أن يتّخذ أيّ شكل من الأشكال حتّى ولو كان حفرة تحت الأرض فستصبح تلك الحفرة جنّة المأوى والحديقة العليا وروضة الرّضوان، وتغدو محلّ انشراح الأرواح ومركز انجذاب القلوب إلى الملكوت الأبهى.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [35]

أمّا هندسة ذلك المحلّ فيجب أن يكون وفق ترتيب مشرق أذكار عشق آباد، أي يجب أن يكون له تسعة أركان، وأن يكون البناء في منتهى الرّوحانيّة واللّطافة والرّفعة والصّفاء والنّضارة، بحيث يُصبح مكانًا يملأ القلوب بهجة وسرورًا. ويجب بذل الهمّة، بقدر الإمكان، للمحافظة على لطافة الموقع والمحلّ ونضارته وصفائه.

(من لوح مترجم عن الفارسيّة)                   [36]

من كتابات حضرة شوقي أفندي

مع مرور الأيّام سيرتفع البنيان الرّفيع لمشرق الأذكار في محيط وأكناف الأماكن التّاريخيّة المقدّسة البهائيّة ليزيد في رونق وروحانيّة وأبّهة وصفاء وجلال المعاهد الأمريّة، ويؤسّس على وجه الغبراء في ظاهر الظّاهر مثالًا جميلًا وتمثالًا باقيًا للرّوح الحيّة اللّامحدودة لدين ربّ العالمين.

(مترجمة عن الفارسيّة- من رسالة مؤرّخة آب/ أغسطس 1927، موجّهة إلى عدّة محافل روحانيّة مركزيّة)            [37]

يجب أن لا يغيب عن الأذهان أنّ المبنى الرّئيسيّ لمشرق الأذكار الّذي ستتجمّع حوله، عندما يحين الأوان، مؤسّسات للخدمة الاجتماعيّة، لتوفير الرّاحة للمكروبين، والعون للمساكين، والملجأ لأبناء السّبيل، والسّلوى للمحرومين، والتّعليم للجاهلين، يجب اعتباره، بصرف النّظر عن ملحقاته، كبيتٍ مُصمّمٍ تمامًا ومكرّسٍ كلّيّة لعبادة اللّه وفقًا للمبادئ القليلة الّتي قرّرها حضرة بهاء اللّه بكلّ وضوح في الكتاب الأقدس. ولكن ينبغي أن لا يُستدلّ من هذه العبارة العامّة أنّ الجزء الدّاخليّ لوسط هذا الصّرح سيُحوَّل إلى خليط من عبادات دينيّة تُدار وفق الأساليب التّقليديّة السّائدة في الكنائس والمساجد ومعابد اليهود ودور العبادة الأخرى. والسّبُل المتعدّدة للوصول إلى القاعة المركزيّة والّتي تتلاقى جميعها أسفل قبّته، لن تكون بمثابة قبولٍ لدخول أولئك الّذين يتّبعون طوائف ذات صِيَغ دينيّة صارمة وعقائد وضعيّة، كلّ منهم ينزع  إلى القيام بشعائره وتلاوة صلواته وأداء وضوئه وعرض الرّموز الخاصّة بدينه وفقًا لطريقته الخاصّة، داخل أقسام محدّدة بشكل منفصل من دار العبادة العالميّ الّذي أسّسه حضرة بهاء اللّه. وبعيدًا عن عرض مشرق الأذكار لمشهد كهذا من الفروض والشّعائر الطائفيّة المتنافرة والمُربكة، وهو وضع معارض تمامًا لبنود الكتاب الأقدس ومتناقض مع الرّوح الّتي يغرسها في الأذهان، فإنّ دار العبادة البهائيّة الرّئيسيّة الّتي يحتضنها مشرق الأذكار سيجمع ضمن جدرانه المجرّدة من الزخرفة، وفي جوّ روحانيّ تسوده الطمأنينة والسّكون، فقط أولئك الّذين، وقد تخلّوا إلى الأبد عن زخارف المراسم المفصّلة والمولعة بالتّفاخر والتّباهي، يعبدون إلهًا حقيقيًّا واحدًا، كما تجلّى في هذا العصر في شخص حضرة بهاء اللّه. فمشرق الأذكار بالنّسبة لهم سيُجسّد الحقيقة الأساسيّة الّتي ينطوي عليها الدّين البهائيّ، بأنّ الحقيقة الدينيّة ليست مطلقة بل نسبيّة، وأنّ الظّهور الإلهيّ ليس نهائيًّا بل متتابعًا وتقدّميًّا. وسيوقنون بأنّ، الآب الرّؤوف السّاهر الّذي قام في الماضي وفي مراحل مختلفة من تطوّر البشريّة بإرسال أنبيائه بصفتهم حاملي رسالته ومظاهر نوره للبشريّة، لن يستطيع في هذه الفترة الحرجة من حضارتهم أن يمنع عن أبنائه الهداية الّتي يحتاجونها بشدّة في خضم الظّلمة الّتي أحدقت بهم والّتي ليس بمقدور نور العلم ولا ضياء الفِكر البشريّ وحكمته أن ينجح في تبديدها. وهكذا، فحينما أدركوا أنّ حضرة بهاء اللّه هو المصدر الإلهيّ الّذي منه ينبثق هذا النّور السّماويّ، فسيشعرون بانجذاب قويّ نحو التماس ملجأٍ لهم في داره، والتّجمّع في داخله، دون أن تعيقهم الطّقوس أو تقيّدهم العقائد، ليُسْدوا آيات الولاء والإجلال لله الواحد الحقّ؛ جوهر الحقيقة الخالدة ونورها، ويمجدّوا ويعظّموا اسم رسله وأنبيائه الّذين عكسوا منذ الأزل وحتى يومنا هذا، في ظروف متنوّعة ومتعدّدة وبمقادير متفاوته، نور الهداية السّماويّة لعالم مُظلم ضلّ سبيله. 

ولكن مهما كان مفهوم العبادة البهائيّة مُلهمًا، كما هو مشهود في المبنى الرّئيس لهذا المعبد السّامي، فلا يمكن اعتباره العنصر الوحيد، لا بل حتى الأساسيّ، للدّور الّذي قُدّر لمشرق الأذكار أن يؤدّيه في الحياة العضويّة للجامعة البهائيّة كما ارتآه حضرة بهاء اللّه.  إنّ العبادة البهائيّة مهما كان مفهومها ساميًا وانجذاباتها شديدة، ولكنّها من دون المساعي الاجتماعيّة والإنسانيّة والتّعليميّة والعلميّة المتمركزة في ملحقات مشرق الأذكار، لا يمكن أن تأمل تحقيق ما هو أكثر من الثّمرات الضّئيلة، العابرة في معظم الأحيان، والنّاتجة عن تأمّلات الزّاهد أو عبادة العابد الهامد. وهذه العبادة ليس بمقدورها أن تمنح العابد نفسه رضًا ونفعًا دائميْن، فكيف بالإنسانيّة عمومًا، إلّا إذا تُرجمت وتغلغلت في خدمة فاعلة خالصة لقضيّة الإنسانيّة، والّتي يُعتبر تيسيرها وترويجها الامتياز الأسمى لملحقات مشرق الأذكار. كما لن تُثمر وتزدهر جهود أولئك الّذين سينخرطون ضمن محيط مشرق الأذكار في إدارة شؤون رابطة الشّعوب البهائيّة المستقبليّة، مهما بلغت نزاهتها ونشاطها، ما لم يرتبطوا بصلة وثيقة ويوميّة مع تلك الوكالات الرّوحانيّة المتمركزة والمتشعّبة من المعبد الرّئيسيّ لمشرق الأذكار. ولا يمكن لأقلّ من تفاعلٍ مباشر ومستمرّ بين القوى الرّوحانيّة المنبعثة من دار العبادة المتمركزة في قلب مشرق الأذكار والطّاقات المنبثقة عن وعي من الّذين يديرون شؤونه في خدمتهم للبشريّة، أن يوفّر الوسيلة اللّازمة القادرة على إزالة العلل والأسقام ثقيلة الوطأة الّتي ابتليت بها البشريّة أمدًا طويلًا. ذلك بالتّأكيد، لأنّ خلاص عالم يكابد الألم، يعتمد، في نهاية المطاف، على الوعي بقوّة تأثير ظهور حضرة بهاء اللّه، يعزّزه التّواصل مع روحه المباركه من جهة، والتّطبيق الذكيّ والتّنفيذ المخلص للمبادئ والأحكام الّتي أنزلها من جهة أخرى. ومن بين كافّة المؤسّسات المرتبطة باسمه المبارك، لا شيء، بالتّأكيد، سوى مؤسّسة مشرق الأذكار بمقدورها أن توفّر على نحو وافٍ العناصر الأساسيّة للعبادة والخدمة البهائيّة، وكلاهما مهمّ وحيويّ جدًّا لإحياء العالم. وهنا يكمن سرّ الرّفعة، والقوّة، والمكانة الفريدة لمشرق الأذكار باعتباره إحدى المؤسّسات البارزة الّتي أوجدها حضرة بهاء اللّه.

(من رسالة مؤرّخه 25 تشرين الأوّل/أكتوبر 1929 كُتبت لأحبّاء اللّه وإماء الرّحمن في سائر أنحاء الولايات المتّحدة وكندا، منشورة في"الإدارة البهائيّة: رسائل مختارة 1922-1932" (ويلمت: دار الطبع والنشر البهائيّة، طبعة 1974)، ص. (184-186).                      [38]

يمكن رفع الأدعية في مشرق الأذكار بأيّ لغة. كما لا يُقتصر القيام بالدّعاء على الأطفال. ويُسمح بإجراء تغييرات طفيفة على نصّ الأدعية، وأنصحك أن تضفي صيغة موسيقيّة على الكلمة المنزَلة نفسها، الأمر الّذي أشعر أنّه سيكون مؤثّرًا للغاية. أدعو أن يلهمك المحبوب لإنجاز هذه الخدمة العظيمة لأمره المبارك.

(من رسالة بخطّ يد حضرة شوقي أفندي ملحقة برسالة مؤرّخه 8 نيسان/أبريل1931، كتبت بالنيابة عن حضرته لأحد الأحبّاء).         [39]

أقدّر عميقًا المساعي الموصولة والمتّسمة بالتّضحية للأحبّاء الأمريكييِّن إزاء الكساد الماليّ والاقتصاديّ الخطير الّذي غرقت فيه الآن بلادهم والعالم بأسره. وليس ارتفاع صرح المعبد في ظلّ ظروف كهذه، وتنفيذ زخارفه المفصّلة الرّائعة، بجهود مجرّد حفنة من الأتباع البهائيّين، رغم الكآبة والأوضاع المجهولة والأخطار المحدقة بهم، إلّا شاهدًا آخرَ على القدرة الخفيّة الغالبة لحضرة بهاء اللّه، الّذي سيهب بركاته الموفورة لجميع الّذين ينهضون لتحقيق غايته. إنّ أمر الله يقف على عتبة فترة من الإنجازات غير المسبوقة؛ وسيظهر كامل عظمتها وقوَّتها تدريجيًّا، إذا قمنا نحن بدورنا في تنفيذ الإرشادات والوصايا الّتي أورثنا إيّاها مولانا المحبوب.

(من رسالة بخطّ يد حضرة شوقي أفندي، ملحقة برسالة مؤرخه 20كانون الأوّل/ديسمبر 1931، كتبت بالنّيابة عن حضرته للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ للولايات المتّحدة وكندا).           [40]

بالنّسبة للجامعات البهائيّة المُنتشرة في أنحاء الشّرق والغرب، والّتي يجرى الآن حظرها وسوء معاملتها بشكل متزايد، ولا تستطيع أيّ منها أن تدّعي بأنّ لها نصيبًا من البركات المزدوجة الّتي تمنحها دومًا دارُ عبادة مصمّمةٌ ومشيّدةٌ بشكلٍ خاصّ، ونظامٌ إداريّ يعمل بكفاءة، فإنّ التّركيز في موقع منفرد بما سيُعتبر لاحقًا المنبع الرّئيس للحياة الرّوحانيّة للجامعة، ومعروف الآن بالنّابض الأقوى للنّشاطات الإداريّة، يشير إلى إطلاق مرحلة أخرى في البروز البطيء وغير المحسوس، في هذه الأوقات المتدهورة، لنموذج الجامعة البهائيّة، جامعة مقدَّرة إلهيًّا، متحّدة عضويًّا، واضحة الرّؤية، ونابضة بالحياة، والّتي لا ينظّم ولا يوجّه غايتها سوى المبدءان التّوأم المتمثّلان في عبادة اللّه وخدمة المرء لإخوته في الإنسانيّة.

(من رسالة بخطّ يد حضرة شوقي أفندي ملحقة برسالة مؤرّخة 4تموز/يوليو 1939 كُتبت بالنيابة عن حضرته للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ في الولايات المتّحدة وكندا)             [41]

ولسوف يستمدّ ممثّلو الجامعات البهائيّة المحلّيّة والمركزيّة هم وأعضاء اللّجان التّابعة من مشرق الأذكار الّذي جعله حضرة بهاء اللّه في الكتاب الأقدس بيت العبادة، أثناء اجتماعهم فجر كلّ يوم بين جدرانه، الإلهام الضّروري الّذي يمكّنهم، وهم يبذلون جهودهم من يوم إلى يوم في مركز فعاليّاتهم الإداريّة، وأعني به حظيرة القدس، من القيام بواجباتهم ومسؤوليّاتهم كما يليق بأمناء دينه المختارين.

(القرن البديع، من منشورات دار النّشر البهائيّة في البرازيل، آذار 2002، ص400)         [42]

إنّ ارتفاع هذا الرّمز والبشير بالنّظام العالميّ لحضرة بهاء اللّه، الّذي لا يزال في المرحلة الجنينيّة من تطوّره، في خضمّ الارتباك والقلق والمنافسات والكوارث المتواترة الّتي يتّسم بها انحطاط حضارة تحتضر، سيُضفي، بلا شكّ، زخمًا هائلًا على مسيرة تقدّم الأمر المبارك في سائر قارّات الكرة الأرضيّة، وسيقوم، أكثر من أيّ عمل منفرد آخر، بتوجيه انتباه الجموع المفتقرة روحانيًّا والمبتلية اقتصاديًّا والمضطربة اجتماعيًّا والمنحرفة أخلاقيًّا في قارّة مبتلاة، إلى مؤسّساته الوليدة.

(من رسالة بخطّ يد حضرة شوقي أفندي مرفقة برسالة مؤرّخة 25حزيران/يونيو1954 كتبت بالنّيابة عن حضرته للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ في ألمانيا والنّمسا، نُشرت في :“The Light of Guidance”رسائل من حضرة وليّ أمر الله موجّهة للبهائيّين في ألمانيا والنّمسا، المجلّد 1 (هوفهايم-لانجنهاين: بهائيّ فيرلاك، 1982، ص. 219)      [43]

من رسائل كتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي

من جملة آثار الاشتعال والجمال والتّهذيب والابتهاج والانبعاثات الرّوحيّة هو الاجتماع في مشرق الأذكار في الأسحار والتّضرّع والمناجاة في ذلك المعبد الجليل ساطع الأنوار. هذه المسألة في غاية الأهمّيّة وستكون نتائجها عظيمة. إنّ مجرّد اجتماع الأحبّاء في مشرق الأذكار في الأسحار سيظهر هيمنة الأمر وقوّة ونفوذ كلمة اللّه، ويجعل تعلّق القلوب بالأوامر الإلهيّة جليًّا واضحًا وتوجّه النّفوس إلى شطر الأحديّة ظاهرًا باهرًا. فلا يجوز أبدًا الفتور في هذا العمل المبرور.

(مترجم عن الفارسيّة- من رسالة مؤرّخة 13 كانون الأوّل/ ديسمبر 1928، موجّهة إلى الأحبّاء في عشق آباد)               [44]

بالنّسبة لصفة الاجتماعات في القاعة الرئيسيّة للمعبد، يشعر حضرته أنّها يجب أن تكون روحانيّة محضة في سماتها، ويجب استثناء إلقاء الخطب والمحاضرات البهائيّة فيها تمامًا. وفي الوقت الحاضر، يرى حضرته أن لا مانع من عقد الاجتماعات البهائيّة، بما فيها الخُطَب وجلسات العمل لمؤتمر الوكلاء [المركزي]، في القاعة الأولى ((Foundation Hall الّتي تمّ تأسيسها في أرض مشرق الأذكار. ويحثّكم حضرة شوقي أفندي على تشجيع التّرتيل من قِبَل جوقة مؤلّفة من الرّجال والنّساء والأطفال في القاعة الرئيسيّة للمعبد، والتّجنّب التّامّ للصّرامة وعدم المرونة في برنامج جلسات التّعبّد البهائيّة. وكلّما كان طابع العبادة البهائيّة في المعبد عموميًّا وغير رسميّ، كلّما كان ذلك أفضل؛ كما يُمنع وضع الصّور والتّماثيل منعًا باتًّا؛ باستثناء الاسم الأعظم. وينبغي قراءة أو تلاوة الأدعية المُنزلة من يراع حضرة بهاء اللّه وحضرة المولى وكذلك الكتابات المقدّسة للأنبياء، بالإضافة إلى التّرانيم المستندة إلى الكتابات المقدّسة البهائيّة وغير البهائيّة.

(من رسالة مؤرّخة 11 نيسان/أبريل1931، موجّهة للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ في الولايات المتّحدةالأمريكيّة وكندا)             [45]

يأمل حضرته بإخلاص أنْ ينفُذَ منظر المعبد، والمبادىء الّتي يُمثّلها، إلى أعماق قلوب النّاس في تلك المنطقة ويساعد في جذبهم إلى أمر الله. فلا يكفي بناء صرح جميل، بل علينا أن نملأه بنفوسٍ مخلصة ومتفانية تَنشُد جوّه الرّوحانيّ.

(من رسالة مؤرّخة 6 أيّار/مايو1931، موجّهة للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ في الولايات المتّحدة وكندا)             [46]

لقد سألتم بخصوص بعض الخِطط الّتي يمكن بواسطتها جمع التّبرّعات للمعبد. يعتقد حضرة شوقي أفندي أنّ أفضل الطّرق وأنبلها هي أن تكون من خلال تبرّعات حرّة تلقائيّة وببذل بعض التّضحية لتقدّم الأمر المبارك. إنّها التّضحية الّتي يجب أن ترافق بناء هذا المعبد. وهذه هي الطّريقة اللّائقة بحقّ. ولذلك فإنّ هذا المبدأ يستثني أيّ طريقة تشمل مساعدة غير البهائيّين. فالمعبد البهائيّ يجب أن يُشيّد من قِبَل البهائيّين فقط، فهو ليس بنشاط خيريّ عاديّ يمكن أن تُطلب فيه المساعدة من أيّ شخص كان.

(من رسالة مؤرّخة 14نيسان/أبريل، موجّهة إلى البهائيّيّن في كينوشا، ويسكونسِن)      [47]

إنّ تبرّعاتكم للمعبد، بالإضافة إلى الطّريقة الرّائعة الّتي تساعدون بها المؤمنين في جهودهم المبذولة من أجل توسيع نطاق عملهم في التّرويج والإعلان، هي مساهمات حقيقيّة وثابتة قدّمتموها للدّين المبارك. ومع أنّكم في الوقت الحاضر غير قادرين على المساهمة ماليًّا بالقدر الّذي قمتم به في الأعوام السّابقة، فلا ينبغي لكم أن تشعروا بالإحباط، فضلًا عن خيبة الأمل. لأنّ الطريقة المُثلى الّتي يمكنكم بواسطتها تقديم الدّعم الفعّال لقضيّة المعبد ليست من خلال الوسائل المادّيّة بل عن طريق المساعدة المعنويّة الّتي تقدّمونها لأولئك الّذين يتولّون مسؤوليّة بناء ذلك الصّرح المقدّس الفريد.  إنّه التّكريس والإخلاص والحماس الحقيقيّ الّذي يمكنه على المدى الطويل أن يضمن إنهاء معبدنا العزيز. ومع أنّ الاعتبارات المادّيّة أساسيّة، إلّا أنّها ليست الأكثر أهمّيّة بأيّ شكل من الأشكال. فلو كان الأمر خلاف ذلك، لما وصل المعبد أبدًا إلى المرحلة المتقدّمة الّتي بلغها على هذا النّحو الجيّد؛ ذلك لأنّ موارد الجامعة محدودة وقد تأثّرت بشدّة خلال العامين الأخيرين بسبب أزمة اقتصاديّة عالميّة غير مسبوقة. ولكن رغم كافّة هذه المعيقات المادّيّة، فقد أحرز المعبد تقدّمًا مستمرًّا، وهذا وحده كافٍ لإقناع كلّ مراقب مُنصف بالنّفوذ الإلهيّ الّذي يحرّك أمر الله – نفوذ لابدّ أن تتلاشى أمامه كافّة الصّعوبات المادّيّة.

(من رسالة مؤرّخة 30كانون الأوّل/ديسمبر1933، موجّهة لأحد الأحبّاء)                         [48]

فيما يتعلّق بترتيل الألواح المباركة في المعبد. يودّ حضرة شوقي أفندي في هذا الصّدد حثّ الأحباء على تجنّب كافّة أشكال التّزمّت والتّماثل في أمور العبادة؛ ولا مانع من تلاوة أو ترنيم الأدعية باللّغة الشّرقيّة، إلّا أنّه ليس هناك أيضًا أيّ نوع من الإلزام بتبنّي مثل هذا الشّكل من الدّعاء في أيّ جلسة تعبّديّة في القاعة الرّئيسيّة للمعبد. فيجب أن لا يكون ذلك مفروضًا ولا ممنوعًا. الأمر المهمّ الّذي ينبغي أن نتذكرّه دائمًا هو أنّه، باستثناء بعض الصّلوات المفروضة المحدّدة، لم يعطنا حضرة بهاء اللّه أحكامًا صارمة أو خاصّة في أمور العبادة – سواء في المعبد أو أيّ مكان آخر. إنّ الدعاء هو في الأساس اتّصال بين الإنسان وخالقه، ولذلك فهو يسمو فوق كافّة أشكال وصيغ الطّقوس والشّعائر.

(من رسالة مؤرّخة 15حزيران/يونيو 1935، موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزيّ في الولايات المتّحدة وكندا)         [49]

وقد ابتهج حضرته خصوصًا من الهمّة المبذولة لشراء أرض حظیرة القدس والتّبرّعات الّتي جُمعت لهذا الأمر المرغوب المحمود... ولسیادته وطید الأمل بأنّه فی هذه السّنة یتوفّق الأحبّاء متّفقًا في تأسیس بنیان حظیرة القدس وشراء أرض في محلّ مناسب في عاصمة ذلك القطر. ثمّ تفضّل حضرته بأنّه یلزم التّعاون والتّعاضد المستمرّ ومشروط بوجوب التّضحیه حتّی یتحقّق هذا المشروع الخطیر الّذی هو مقدّمة لتأسیس مشرق الأذكار فی ذلك الإقلیم وبذلك یزداد الدّوائر الأمریّه واستحكام المؤسّسات الإلهیّه ونفوذ الجامعه واقتداره رونقًا وبهاءً.

(من رسالة بالعربيّة مؤرّخة 14 أيّار/مايو 1936، موجّهة للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ في مصر)                      [50]

إنّ هذا المبدأ وهو أحد التّعاليم البهائيّة المتعلّقة بالعطف والمودّة الإنسانيّة يقتضي منّا ضمنًا أن نكون مستعدّين دومًا لمدّ يَد العون والمساعدة المُمكنة لأولئك الّذين هم في كرْب وعناء. فالإحسان وعمل الخير في الدّين البهائيّ هو  من جوهر التّعاليم الإلهيّة، ولذا يجب تنميته في كلّ جامعة بهائيّة. إنّ المؤسّسات الخيريّة، من قبيل دور الأيتام والمدارس والمستشفيات المجّانيّة للفقراء، تشكّل جزءًا لا غنى عنه من مشرق الأذكار. إنّها مسؤوليّة كلّ جامعة بهائيّة محلّيّة ضمان خير ورفاهة الفقراء والمحتاجين من أفرادها بأيّ وسيلة مُمكنة.

(من رسالة مؤّرخة 26حزيران/يونيو1936 لأحد الأحبّاء)                         [51]

بخصوص نسخة اللّوح المبارك من حضرة عبد البهاء الّتي أرفقتموها برسالتكم المؤّرخة 20 تشرين الأوّل/أكتوبر، والّتي يحدّد فيها حضرة المولى التّرتيب الّذي يجب اتّباعه في بناء ملحقات المعبد.  يرى حضرة شوقي أفندي أنّ هذا اللّوح يجب أن لا يُفسّر بشكل صارم جدًّا على أنّه يعطي بالتّحديد التّرتيب اللّازم الّذي يجب أن تُبنى وفقه هذه المُلحقات. كما لا يجب اعتباره يقدّم قائمة شاملة للأبنية الّتي ستشيّد في المُستقبل حول الصّرح الرئيسيّ لمشرق الأذكار. فسيرجع لبيت العدل الأعظم تحديد عدد هذه المُلحقات المستقبليّة للمعبد وترتيب بنائها، وكذلك عليه أن يحدّد علاقة بعضها ببعض وبالمعبد نفسه. سيغدو حضرة وليّ أمر الله شاكرًا لو أرسلتم له النّسخة الأصليّة من ذلك اللّوح المبارك في حال توفّرها.

أمّا بالنسبة لمسألة علاقة مبنىً إداريّ بالمعبد: فهذا الأمر يجب تحديده في المستقبل أيضًا، ولكن مهما كان الشّكل الفعليّ الّذي قد تتّخذه مثل هذه العلاقة، ومهما كانت تفاصيلها، فينبغي أن ترتكز على المبدأ العامّ الّذي يتمثَّل في أنّ هاتيْن المجموعتيْن من المؤسّسات البهائيّة تجسّدان جانبيْن حيويّيْن ومتميّزيْن للحياة البهائيّة، ولا يمكن فصلهما، ألا وهما العبادة والخدمة. فالمبنى الرئيسيّ لمشرق الأذكار والمكرّس حصريًّا لغايات العبادة، يمثّل العنُصر الرّوحانيّ، وعليه، فهو يؤدّي وظيفة أساسيّة في كلّ جامعة بهائيّة، في حين أنّ كافّة الملحقات الأخرى للمعبد، سواء  كانت ذات صبغة إداريّة بحتة أو ثقافيَّة أو خيريّة، فهي  تعتبر ثانويّة وتلي في الأهمّيّة دار العبادة نفسها.

(من رسالة مؤرّخة 28كانون الثاني/يناير1939موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزيّ في الولايات المتّحدة وكندا)             [52]

فيما يتعلّق بكامل مسألة المعبد والجلسات التّعبّديّة الّتي تُعقد فيه:

يودّ حضرته أن يؤكّد على أنّه حريص جدًّا، وقد ارتفع الآن بنيان أوّل وأعظم معبد في الغرب، وسيستخدمه البهائيّون في غضون بضع سنوات في العبادة والخدمات المنتظمة، أن لا يتمّ إدخال أيّ أعراف أو طقوس أو عادات زيادة عن الحدّ الأدنى المنصوص عليه في التّعاليم. فطبيعة هذه الاجتماعات هي الدّعاء، والتّأمّل وقراءة الكتابات من النّصوص الإلهيّة المقدّسة لديننا المبارك والأديان المباركة الأخرى. ويمكن أن يكون هناك قارىء واحد أو عدّة قرّاء؛ أيّ فرد بهائيّ أو حتى غير بهائيّ يتمّ اختياره. ويجب أن تكون الاجتماعات بسيطة، وقورة، مصممّة للسّموّ بالرّوح وهدايتها من خلال الاستماع إلى الكلمة الخلّاقة. ولا يجوز إلقاء الخطب، ولا إدخال أمور عرضيّة وغير جوهريّة.

لقد حرّم حضرة بهاء اللّه الارتقاء على المنابر؛ فإذا وقف القارئ على منصّة منخفضة، من أجل أن يُسمع صوته بوضوح، فلا مانع من ذلك، إلّا أنّه يجب عدم إدماج ذلك في البناء كطابع هندسيّ له.

...

على القارئ، سواء كان رجلًا أو امرأة، أن يقف حيث يمكن للجميع رؤيته وسماعه على أفضل وجه. وجميع التّفاصيل الثّانويّة المتعلّقة بهذا الشّأن متروكة لتقدير محفلكم ليقرّر بشأنها بعد أخذ رأي الخُبراء. وكما سبق وأعلمكم حضرته، يقترح استخدام مقاعد ثابته بدلًا من مقاعد متحرّكة.

يمكن استخدام الموسيقى الغنائيّة وحدها، ومكان وقوف المُرتّلين أو المرتّل هو أيضًا أمرٌ يعود لمحفلكم لاتّخاذ القرار بشأنه؛ ولكن مرّة أخرى، يجب أن لا تكون هناك نقطة ثابتة، ولا تفاصيل هندسيّة تشير إلى مكان مخصّص. وبالتّأكيد، يجب أن يكون وضوح الصّوت هو الأمر الأساسيّ الّذي يؤخذ في الاعتبار عند تحديد مواقع المرتّلين.

...

لا حاجة لحضرته أن يخبركم بمدى أهمّيّة القرارات الّتي ستُدعَون الآن لاتّخاذها مع اكتمال المعبد... إنّه يحثّكم، في جميع الأوقات، على الأخذ بأفضل نصيحة فنّيّة، وأن لا يغيب عن أذهانكم أنّ الأمر الأساسيّ يتمثّل في عقد الاجتماعات بالمعبد على نحو جميل وهادئ، وبشكل مريح وبوقار وبساطة، وأنّ بإمكان الحضور السّماع بوضوح، وأن تكون نبرة الصّوت لطيفة على الأذن.

(من رسالة مؤرّخة 20 تموز/يوليو 1946، موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزيّ في الولايات المتّحدة وكندا)             [53]

إنّ أساسيّات التّصميم، كما اشترطها حضرة عبد البهاء هي أنّ المبنى يجب أن يكون متسّع الأضلاع ودائريّ الشّكل. وعدا ذلك، فالمهندس ليس مقيّدًا بأيّ شكل في اختياره طراز التّصميم.

(من رسالة مؤرخة 25حزيران/يونيو 1954 موجّهة إلى المحفل المركزي في ألمانيا والنّمسا، منشورة في The Light of Divine Guidance: رسائل من حضرة وليّ أمر الله إلى البهائيّين في ألمانيا والنّمسا، المجلّد 1، ص. 216)      [54]

وفي هذا السّياق، هناك نقطة واحدة ينبغي ذكرها، وهي أنّ المعبد في ويلمت لا يشكّل نموذجًا للمعابد الأخرى، ولا يمثّل نمطًا جديدًا لفنّ العمارة البهائيّ. لذلك، فإنّه ليس من الضروريّ لمهندسيكم السّعي لاتّباع ذلك النّمط. المطلوب هو أن تتّبعوا توصيات حضرة المولى بخصوص المعبد، ومن ثمّ تبتدعوا ما يكون مرغوبًا وملائمًا في منطقتكم.

(من رسالة مؤرّخة 25حزيران/يونيو 1955، موجّهة للمحفل المركزي لألمانيا والنّمسا، منشورة في The Light of Divine Guidance: رسائل من حضرة وليّ أمر الله موجّهة للبهائيّين في ألمانيا والنّمسا، المجلّد 1، ص. 227)      [55]

عند بناء المعبد، على المرء أن يكون حريصًا بأن لا ينساق وراءالمثاليّات أو العواطف الّتي يحرّكها الموقف، بل أن يبقى ثابتًا على أرض الواقع، ويُدرك بأنّها مبانٍ من الفولاذ والحجر. والمطلوب هو إيجاد دار عبادة جذّابة تسرّ النّاظرين، وليس نسخة مطابقة لمقام حضرة الباب أو المعبد في ويلمت. إنّنا لا ننشُد نماذج بارزه لفنّ العمارة، بل بالتّحرّر والانطلاق الّذي سيتأتّى عن بناء أوّل صرح روحانيّ في أوروبا.

(من رسالة مؤرّخة 9 تشرين الثّاني/نوفمبر1956 للمحفل الرّوحانيّ المركزي ّفي ألمانيا

والنّمسا)           [56]

إنّ التّأثير الّذي سيُحدثه أمّ المعابد لمنطقة المحيط الهادئ بأكملها، عند بنائه، لا يُحصى ولا يمكن التّكهّن به. فقد أخبر مولانا المحبوب الأحبّاء الأمريكيّين أنّ معبدهم سيكون أعظم مبلّغ صامت، وليس هناك شكّ في أنّ هذا البناء وحده قد ترك تأثيرًا عميقًا على نشر الدّين المبارك، ليس في الولايات المتّحدة والنّصف الغربيّ من الكرة الأرضيّة فحسب، بل في سائر أنحاء العالم. لذا، يُمكننا أن نتوقّع أنّ بناء "أمّ المعابد" آخر في قلب أستراليزيا، وواحد في وسط إفريقيا، بالإضافة إلى واحد في قلب أوروبا، سوف يكون له تأثيرٌ هائلٌ، محليًّا وعالميًّا.

(من رسالة مؤرّخة 19تمّوز/يوليو 1957، موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزي في أستراليا منشورة في Messages to the Antipods: مراسلات من حضرة شوقي أفندي للجامعات البهائيّة في أستراليزيا (مونافيل: دار الطبع والنّشر البهائيّة في أستراليا 1997 ص، 439)                      [57]

من رسائل كتبها بيت العدل الأعظم

لقد أولينا اهتمامًا متأنّيًا بالمسائل الّتي أثرتموها في رسالتكم المؤرّخة 23 كانون الثّاني/يناير 1964، حول استخدام مشرق الأذكار.

لمحفلكم الحرّيّة أن يختار، حسبما يراه مناسبًا، مقتطفات من النّصوص المقدّسة المعترف بها عمومًا من الأديان السّابقة.

بالإشارة إلى استفساركم حول استخدام عدّة قرّاء يؤدّون معًا بأسلوب يحكمه إيقاع متناغم، فإنّ ذلك جائز شريطة أن لا يبدو أو يصبح أداءً مسرحيًّا متكلّفًا في نظر محفلكم. وفيما يتعلّق بتعيين المكان الملائم لوقوف القارئ، فإنّ حضرة وليّ أمر الله المحبوب سبق وأن أشار إلى ذلك، بأنّه "يجب أن يقف القارئ رجلًا كان أم امرأة حيث يمكن للجميع رؤيته أو سماعه على أفضل وجه."

يجب أن تكون الموسيقى في دار العبادة صوتيّة فقط، سواء من قِبَل مرتّلين أو مرتّل واحد. ولا بأس من استخدام ضيف، أو جوقة غنائيّة أو مغنّ منفرد، شريطة أن لا يكون هذا الاستخدام بغرض الدّعاية والإعلان عن الجلسات التّعبّديّة، وأن يتمّ اتّخاذ الاحتياطات الّتي ذكرتموها. ولا شكّ أنّ التّسجيلات الصّوتيّة الممتازة المتوفّرة اليوم ستضمن أعلى مستوى من الجودة في الأداء بتكلفة منخفضة، إلّا أنّ كافّة الإرشادات للموسيقى الصّوتيّة في المبنى المركزيّ تقتضي تواجد المرتّلين شخصيًّا.

في رسالة وجّهها حضرة وليّ أمر الله من خلال سكرتيره إلى أحد المؤمنين من شيكاغو في عام 1931، ومنشورة في مجلّة "Bahá’i News" العدد 55، الصّفحة 4، عبّر حضرة شوقي أفندي عن الأمل بأنّه "الآن وقد اكتمل المعبد فسيعجّ بالنّفوس الطّاهرة من طالبي الحقيقة. يجب أن يكون مختلفًا عن دور العبادة الأخرى، الّتي رغم امتلائها، فإنّ مصدر جذبها هو الموسيقى المسموعة. هنا يجب، أن تكون الرّوحانيّة في غاية القوّة بحيث تنبّه قلب كلّ من يدخل المعبد إلى مجد حضرة بهاء اللّه ".

في الختام، فإنّ مراجعة الفقرات الختاميّة من رسالة حضرة وليّ أمر الله المنيرة للبصائر، المؤرّخة 25 تشرين الأوّل/أكتوبر 1929، والموجهة إلى الجامعة البهائيّة الأمريكيّة، تكشف بوضوح الطّبيعة الحقيقيّة لمشرق الأذكار. ففيها يشجب زخارف الطّقوس المفصّلة والمبهرجة، ويحذّر من أيّ شيء قد يُستنتج منه أنّ "داخل المبنى الرّئيسيّ نفسه سيُحال إلى مزيج من الشّعائر التّعبّديّة الدّينيّة" ليعرض "مشهدًا لعبادات وطقوس طائفيّة مشوّشة غير متناسقة." وفي كلماته الختاميّة، يربط حضرة شوقي أفندي العبادة البهائيّة بالخدمة المنبعثة من مؤسّسة مشرق الأذكار، باعتباره أمرًا حيويًّا لتجديد العالم، وسرّ المكانة الفريدة الّتي تحتلّها هذه المؤسّسة الرّفيعة القويّة البارزة.

(من رسالة مؤرّخة 13 آذار/مارس1964، موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزيّ في الولايات المتّحدة)                      [58]

فيما يتعلّق بعقد مراسم الزّواح البهائيّ، لا نرى أنّ هناك مانعًا من إقامة المراسم على السّلالم خارج القاعة المركزيّة، ولكنّنا نقترح أنّ المكان الأنسب لذلك هو النُزُل المقام على أراضي المعبد. كما أنّ اللّائق أيضًا قراءة الأدعية والمناجاة أو ترتيلها في المعبد نفسه إمّا قبل أو بعد إجراء المراسم.

(من رسالة مؤرّخة 29 تمّوز/يوليو 1973، موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزي في بنما)               [59]

منذ بداية رسالته المُذهلة، أثار حضرة بهاء اللّه انتباه الأمم إلى ضرورة تنظيم شؤون البشر بحيث يبرز إلى الوجود عالم متّحد في جميع الجوانب الأساسيّة لحياته. وأعلن حضرته في عدد لا يُحصى من الآيات والألواح المباركة، مرارًا وتكرارًا وبصِيَغ متنوّعة، أنّ "نموّ العالَم" وَ"تربية الأمم" هما من حدود وأحكام اللّه لهذا اليوم. فوحدة الجنس البشريّ، الّتي تُعَدّ المبدأ الفعّال والهدف الأسمى في آن معًا لرسالة حضرته، تقتضي تحقيق اتّساق ديناميكيّ بين المتطلبات الرّوحانيّة والعمليّة للحياة على وجه الأرض. ولزوم هذا الاتّساق قد صوّره حضرة بهاء اللّه بكلّ جلاء في إنزاله حُكْم مشرق الأذكار، المركز الرّوحانيّ لكلّ جامعة بهائيّة الّذي يجب أن تزدهر حوله ملحقات تكرّس من أجل التّقدّم الاجتماعيّ، والإنسانيّ، والثّقافي، والعلميّ للجنس البشريّ.

(من رسالة مؤرّخة 20 تشرين الأوّل/أكتوبر 1983، موجّهة إلى البهائيّين في العالم)                      [60]

وكما ذكرنا في رسالة سابقة، فإنّ ازدهار الجامعة، خاصة في المستوى المحليّ، يتطلّب تحسينًا ملموسًا في أنماط السّلوك: تلك الأنماط الّتي يتجلّى بها التّعبير الجماعيّ عن فضائل ومناقب أفراد الجامعة وأداء المحفل الرّوحانيّ المحلّيّ، في وحدة وأخوّة الجامعة وحيويّة نشاطها ونموّها. ويستدعي ذلك، التّكامل بين عناصر مكوّناتها – البالغين والشّباب والأطفال– في النّشاطات الرّوحانيّة والاجتماعيّة والتّعليميّة والإداريّة، ثمّ انشغالهم في خطط التّبليغ والتّطوير المحلّيّة. وهذا يقتضي إرادة جماعيّة وإحساسًا بالواجب تجاه تحقيق هدف استدامة المحفل الرّوحانيّ من خلال إجراء الانتخابات السّنويّة، ويستلزم ذلك الدّعاء الجماعيّ والتّبتّل والمناجاة من قِبَل الأحبّاء.  لذلك، من الضّروري للحياة الرّوحانيّة للجامعة أن يعقد الأحبّاء جلسات منتظمة للدّعاء في المراكز البهائيّة المحلّيّة، إن وُجدت، أو في أيّ مكان آخر، بما في ذلك بيوت الأحبّاء.

(من رسالة رضوان 1996، الموجّهة إلى البهائيّين في العالم)                      [61]

في كلّ بقعة من بقاع الأرض نلحظ عطشًا متناميًا للحياة الرّوحانيّة والأخلاق الصّافية. وهناك إقرار بعدم فاعليّة الخطط والبرامج الرّامية لإصلاح حال الجنس البشريّ إن لم تكن متجذّرة في حياة من الوعي الرّوحانيّ والفضائل الأخلاقيّة. ومن ذا الّذي يملك الجاهزيّة القصوى لسدّ هذا التّوق أكثر من أولئك الّذين ألهمتهم تعاليم حضرة بهاء اللّه وأيّدتهم قوّته واقتداره؟

...

إنّ النّموّ الرّوحانيّ الّذي يولّده الدّعاء الفرديّ يتعزّز من خلال الرّوابط الودّيّة بين الأحبّاء في كلّ جامعة محلّيّة، وقيامهم بعبادة اللّه كجامعة، وخدمة الأمر المبارك وإخوانهم في الإنسانيّة.  هذه الجوانب الجماعيّة لحياة تتّسم بالوَرَع والتّقوى ترتبط بحكم مشرق الأذكار المذكور في الكتاب الأقدس... إنّ عقد جلسات منتظمة للتّعبّد مفتوحة للجميع، وانخراط الجامعات البهائيّة في مشاريع خدمة إنسانيّة، يُعدّان تعبيرًا عن هذا الجانب من الحياة البهائيّة وخطوة أخرى نحو تطبيق الحكم الإلهيّ.

لقد نزل من قلم حضرة بهاء اللّه قوله الأحلى: "إنّا زيّنا سماء البيان بأنجم الحكمة الرّبّانيّة والأحكام الإلهيّة فضلًا من لدُنّا وأنا الغفور الكريم. يا أحبّاء اللّه في البلاد، اعرفوا قدر هذه الأيّام وتمسّكوا بما نزل من لدن اللّه العلي العظيم. إنّه يذكركم في السّجن الأعظم ويأمركم بما يقرّبكم إلى مقامٍ تقرّ به عيون المخلصين. البهاء عليكم وعلى الّذين فازوا بهذا السّلسبيل الّذي جرى من قلمي البديع."

ندعو في العتبة المقدّسة عسى أن يُعزّز الاهتمام الأعظم بالجوهر الرّوحانيّ للتّعاليم الإلهيّة الّذي تعبّر عنه هذه الأحكام من إخلاص الأحبّاء لمصدر الألطاف ويجذب النّفوس المُستعدّة من أبنائه الجوعى للرّوحانيّة إلى أمره المبارك.  

(من رسالة لبيت العدل الأعظم مؤرّخة 28 كانون الأوّل/ديسمبر 1999، موجّهة إلى البهائيّين في العالم)                      [62]

سيكون أحد سمات العهد الخامس من عصر التّكوين إثراء الحياة التّعبّديّة لدى الجامعة بارتفاع دور العبادة المركزيّة حيثما تسمح الظّروف في الجامعاتِ المركزيّة.  وسيقرّر بيت العدل الأعظم جدولة هذه المشاريع في ضوء التّقدّم في عمليّة الدّخول في دين اللّه أفواجًا في الأقطار. إنّه تطوّر سيُكشف عنه من خلال مراحل متعاقبة للخطّة الإلهيّة لحضرة عبد البهاء.  فبعد الانتهاء من بناء أمّ المعابد في الغرب، بدأ حضرة وليّ أمر الله برنامجًا لبناء معابد قارّيّة، فكان أوّلها مشارق الأذكار في كمبالا وسدني وفرانكفورت الّتي بُنيت تنفيذًا لأهداف مشروع السّنوات العشر.  وقد واصل بيت العدل الأعظم السّير في الاتّجاه نفسه ببناء مشارق الأذكار في مدينة بنما وآبيا ونيودلهي، إلّا أنّ هذه المرحلة القارّيّة في حاجة لإكمالها، إذ بقي صرح واحد يحتاج إلى البناء. وفي هذه اللّحظة المبشّرة بالخير نُعلن بعميق الفرح والشّكر قرار المُضيّ في هذا المشروع الأخير.  ففي مشروع السّنوات الخمس سيباشَر في بناء أمّ المعابد لجنوب أمريكا في سانتياغو/تشيلي، وستُحقَّق بذلك أمنيةٌ أفصح عنها حضرة شوقي أفندي بكلّ وضوح.

(من رسالة رضوان 2001، الموجّهة إلى البهائيّين في العالم)                      [63]

في وضح نهار اليوم الحادي عشر من أيّام عيد الرّضوان المبارك قبل مئة عام مضى، وأمام جمهور مؤلّف من عدّة مئات، رفع حضرة عبد البهاء فأسًا عاديّة وهوى بها على الأرض لتفلق العشب الّذي افترش موقع المعبد في جروس بوينت، شمال مدينة شيكاغو.  أمّا المدعوّون لحفر الأرض في معيّة حضرته في ذلك اليوم الرّبيعيّ فقد جاءوا من خلفيّات شتّى، نرويجيّون وهنود وفرنسيّون ويابانيّون وإيرانيّون وسكّان أمريكا الأصليّون، على سبيل المثال لا الحصر.  لقد بدا مشرق الأذكار الّذي لم يكن قد شُيّد بعد وكأنّه يحقّق أمنيات المولى الّتي أعرب عنها عشيّة الاحتفال حيال كلّ صرح من هذا القبيل: "لكي تجد البشريّة مكانًا للالتقاء" و "يرتفع نداء وحدة الجنس البشريّ من رحاب قُدسه".

لا بدّ وأنّ مستمعيه في تلك المناسبة، وكلّ الّذين أصغوا لحضرته أثناء أسفاره إلى مصر والغرب لم يلتقطوا سوى صورة باهتة من مضامين كلماته بعيدة المدى على المجتمع، وعلى قِيَمِه وشواغله.  وهل يقدر أحدٌ حتّى في يومنا هذا، أن يدّعيَ أنّه لمح شيئًا سوى خيالٍ، بعيدٍ مشوّشٍ، لمجتمع المستقبل الّذي قُدّر لظهور حضرة بهاء الله أن يبعثه؟  ليس لأحدٍ أن يتصوّر أنّ المدنيّة الّتي تُساق البشريّة نحوها بفعل التّعاليم الإلهيّة ستأتي من مجرّد إجراء تعديلات على النّظام الحاليّ.  هذا بعيدٌ كلّ البُعد عن ذلك.  وفي خطبةٍ ألقاها بعد بضعة أيّام من وضعه حجر الأساس لأمّ معابد الغرب، صرّح حضرة عبد البهاء أنّ "من نتائج تجلّي القوى الرّوحانيّة هو أنّ العالم الإنسانيّ سوف يُكيِّف نفسه مع نظمٍ اجتماعيّ جديد، وأنّ العدل الإلهيّ سيتجلّى في كلّ الشّؤون الإنسانيّة".  هذه، وكثير غيرها من بيانات المولى الّتي تتوجّه إليها الجامعة البهائيّة مرارًا وتكرارًا في فترة الذّكرى المئويّة هذه، توقظ الوعي بالبُعد الّذي يفصل بين المجتمع بالتّرتيب الّذي هو عليه الآن وبين الرّؤيا المذهلة الّتي وهبها والده الجليل للعالم. 

...

لقد أشرنا في رسالتنا لرضوان عام 2001 إلى أنّه في البلدان الّتي تتقدّم فيها عمليّة الدّخول في دين اللّه أفواجًا بشكلٍ جيّدٍ وعلى نحو كافٍ، وتكون الظّروف السّائدة في الجامعات المركزيّة مواتية، فإنّنا سنوافق على تأسيس مشارق أذكار على المستوى المركزيّ، والّتي سيغدو بروزها إلى حيّز الوجود أحد سمات العهد الخامس من عصر التّكوين لأمر اللّه.  نعلن الآن بفرحٍ غامرٍ بأنّه سيتمّ إعلاء صرح مشرقيّ أذكارٍ مركزيّين في دولتين هما:  جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة وﭘـاﭘـوا غينيا الجديدة.  ففي هذين البلدين، تمّ الإيفاء بشكلٍ واضحٍ بالمعايير الّتي وضعناها، وكانت استجابة شعبيهما للإمكانيّات الّتي ولّدتها سلسلة الخطط الحاليّة استجابةً رائعةً.  ومع الإنشاءات الجارية لبناء آخر المعابد القاريّة في سنتياغو، فإنّ البدء في مشاريع بناء مشارق أذكار مركزيّة يقدّم دليلًا آخر يُثلج الصّدر على تغلغل أمر اللّه في تربة المجتمع. 

هناك خطوة أخرى ممكنة.  فمشرق الأذكار، الّذي وصفه حضرة عبد البهاء بأنّه "من أعظم المؤسّسات في العالم"، يزاوج بين جانبين أساسيّين متلازمين من جوانب الحياة البهائيّة هما:  العبادة والخدمة.  إنّ اتّحاد هذين الجانبين يَظهر أيضًا في الاتّساق القائم بين معالم الخطّة المرتبطة ببناء الجامعة، وخصوصًا انتشار روحٍ تعبّديّة تجد تعبيرًا لها في اجتماعات للدّعاء وعمليّة تعليميّة تبني القدرة من أجل خدمة البشريّة.  فالعلاقة المتبادلة بين العبادة والخدمة تتجلّى على وجه الخصوص في تلك المجموعات الجغرافيّة في مختلف أنحاء العالم الّتي نمت فيها الجامعات البهائيّة حجمًا وازدادت حيويّةً بشكلٍ ملحوظ، وكان الانخراط في العمل الاجتماعيّ فيها جليًّا واضحًا.  لقد تمّ تعيين بعضها مواقعَ لنشر التّعلّم من أجل تعزيز مقدرة الأحبّاء على التّقدّم ببرنامج الشّباب النّاشئ في المناطق المرتبطة بها.  إنّ المقدرة على استدامة هذا البرنامج، كما أشرنا مؤخّرًا، تدعم تطوّر الحلقات الدّراسيّة وصفوف الأطفال أيضًا.  وبالتّالي، فإنّ مواقع التّعلّم، ناهيك عن هدفها الرّئيسي، تعزّز مخطّط التّوسّع والاستحكام بأكمله.  وضمن هذه المجموعات الجغرافيّة سيتمّ التّفكير في إنشاء مشارق أذكارٍ محلّيّة في السّنوات المقبلة.  بقلوبٍ طافحةٍ بالشّكر والامتنان لجمال القِدَم، يسرّنا إعلامكم بأنّنا نجري مشاورات مع المحافل الرّوحانيّة المركزيّة المعنيّة بشأن تشييد أوّل مشرق أذكار محلّيّ في كلّ من المجموعات الجغرافيّة التّالية:  باتامبانغ في كمبوديا، بيهار شريف في الهند، ماتوندا سُويْ في كينيا، ونورتي ديل كاوْكا في كولومبيا؛ وتانّا في ڤاناواتو.

ولدعم بناء مشرقيّ الأذكار المركزيّين ومشارق الأذكار المحلّيّة الخمسة، قررنا تأسيس "صندوق مشارق الأذكار" في المركز البهائيّ العالميّ لمنفعة جميع هذه المشاريع.  ندعو الأحبّاء في كلّ مكان لتقديم تبرّعاتهم المقرونة بالتّضحية لهذا الصّندوق، وحسب ما تسمح به إمكاناتهم المادّيّة. 

زملاءَنا في العمل الأعزّاء: إنّ الأرضَ الّتي ضربتها يد حضرة عبد البهاء قبل مائة عامٍ مضى، يجب أن تُضرَب ثانيةً في سبعة بلدان أخرى، وما هذا إلّا تمهيد لذلك اليوم الّذي سيرتفع فيه في كلّ مدينة وقرية، إطاعة لأمر حضرة بهاء الله، بناءٌ لعبادة الرّب الجليل.  فمن "مشارق أذكار الله" هذه سيسطعُ نورُه وتصدحُ ترانيمُ حمدِه وثنائِه.

(من رسالة رضوان 2012، الموجّهة إلى البهائيّين في العالم)                      [64]

وفي العديد من المجموعات الجغرافيّة، يتّسع برنامج النّموّ في نطاقه وتعقيده بما يتناسب مع القدرة المتزايدة لأنصار الخطّة الثّلاثة، الفرد، الجامعة، ومؤسّسات أمر الله، لإيجاد بيئة من الدّعم المتبادل.  وممّا يدعونا إلى البهجة أنّ هناك، وكما كان متوقّعًا، عددًا متناميًا من المجموعات الجغرافيّة يقوم فيها مائة فرد أو أكثر بتيسير انخراط ألفٍ أو أكثر في حياكة نمطٍ من الحياة يتميّز بالرّوحانيّة والحيويّة والتّغيير.  وبطبيعة الحال فإنّ هذه العمليّة، حتى منذ نشأتها، مبنيّة على أساس تحرّك جماعيّ نحو تلك الرّؤيا من الازدهار المادّيّ والرّوحانيّ الّتي وضعها مُحيي العالمين.  ولكن عندما تنخرط [في العمليّة] أعداد كبيرة كهذه، حينئذ يصبح بالإمكان تمييز حركة السّكّان بأجمعهم.

وهذه الحركة تظهر واضحة جليّة بشكل خاصّ في تلك المجموعات الجغرافيّة الّتي سيشيّد فيها مشرق أذكار محلّيّ.  إحداها، على سبيل المثال، في فانواتو.  فقد بذل الأحبّاء المقيمون في جزيرة تانّا جهدًا فائقًا لرفع الوعي حول مشرق الأذكار المزمع تشييده، وأشركوا فعلًا ما لا يقل عن ثلث سكّان الجزيرة البالغ عددهم 30.000 نسمة وبطرق مختلفة في حديث موسّع حول أهميّة هذا الصّرح ومغزاه.  إنّ القدرة على استدامة حديث راقٍ يجري بين عدد كبير من النّاس قد صُقلت على مدى سنوات من الخبرة في نشر تعاليم حضرة بهاء الله وتوسيع نطاق معهد تدريبيّ نابض بالحياة.  كما أنّ مجموعات الشّباب النّاشئ في الجزيرة تزدهر بوجه خاصّ، مدفوعةً بدعم زعماء القرية الّذين يشهدون بأمّ أعينهم كيف يتمّ تمكين المشاركين في تلك المجموعات روحانيًّا.  ومستمدّين الشّجاعة من الوحدة والتّكريس القائم بينهم، لم ينفض هؤلاء النّاشئة عن كواهلهم غبار التّكاسل واللّامبالاة فحسب، بل وجدوا، من خلال مشاريع عمليّة مختلفة، وسيلة للعمل من أجل إصلاح جامعتهم المحلّيّة، ونتيجة لذلك، هبّ النّاس من جميع الأعمار للقيام بعمل بنّاء، وبوجه الخصوص آباء وأمهات هؤلاء النّاشئة.  كذلك تعرّف البهائيّون والمجتمع الأوسع من حولهم على نعمة إمكانيّة اللّجوء إلى المحفل الرّوحانيّ المحلّيّ طلبًا للهداية والتّوجيه ولإيجاد حلّ للمواقف الصّعبة.  وبدورها، أصبحت قرارات المحافل الرّوحانيّة تتّسم بالمزيد من الحكمة والدّقّة في التّقدير.  هناك علامات كثيرة تشير إلى أنّه عندما يتمّ ربط عناصر إطار عمل الخطّة في وحدة كاملة متّسقة، فإنّ التّأثير على السّكّان يكون عميقًا.  وفي سياق عمليّة التّوسّع والاستحكام المستمرّة، وذلك عقب انتهاء دورة النّشاط الثلاثين لبرنامج النّموّ المكثّف،  أخذ الأحبّاء، مع بقيّة سكّان الجزيرة، يسبرون بشكلٍ فاعلٍ مغزى بناء مشرق الأذكار وارتفاع مركز من أجل "تآلف القلوب واجتماع النّفوس"، بين ظهرانيهم.  وبدعمٍ فاعلٍ من زعماء القبائل، قدّم سكّان جزيرة تانّا ما لا يقل عن مائة فكرة لتصميم المعبد، مُظهرين المدى الّذي استحوذ فيه مشرق الأذكار على خيالهم، وكاشفين عن آفاق آسرة للتّأثير الّذي سيمارسه على حياة الّذين سيعيشون في ظلّه الظّليل. 

(من رسالة رضوان 2014، الموجّهة إلى البهائيّين في العالم)                      [65]

مضى أكثر من سنتين منذ أعلنّا في رضوان عام 2012 عن مشاريع لتشييد سبعة مشارق أذكار جديدة، اثنين على المستوى المركزيّ وخمسة على المستوى المحلّيّ، بحيث تتمّ متابعة عمليّات بنائها بالتّزامن مع بناء آخر مشرق أذكار على المستوى القارّيّ في سانتياغو في تشيلي.  إنّ لهذه المشاريع صلة وثيقة بتطوّر حياة الجامعة الّتي يجري تعزيزها الآن في كلّ مكان من خلال أعمال ومجهودات تتّسم بروح التّعبّد والتّفاني والخدمة الخالصة، وهي بمثابة خطوات أخرى جديدة نحو إنجاز مهمّة سامية ألقاها حضرة بهاء اللّه على عاتق بني الإنسان وهي تعمير مشارق الأذكار في عالم الإمكان "باسم مالك الأديان في البلدان"، تلك المراكز الّتي تلتقي فيها النّفوس "جميعًا بالاتّحاد" ليسمعوا الآيات ويرتّلوا الأدعية والمناجاة فتفوح منها "نفحات اللّه" وترتفع "نغمات التّهليل والتّكبير إلى ملكوت التّقديس".

إنّ ما لاقته دعوتنا من استجابةٍ في شتّى بقاع العالم أبهجنا وترك عميق الأثر في قلوبنا، لا سيّما في البلدان والمناطق الّتي تمّ تعيينها مؤخّرًا لبناء مشرق الأذكار فيها، حيث شاهدنا تعابير فرحة الأحبّاء التّلقائيّة من حيث التزامهم الفوريّ الصّادق بالمساهمة في إنجاز الأعمال الضّروريّة وتسريع ديناميكيّة الفعاليّات المؤدّية إلى إنشاء مشرق الأذكار بين مجموعة من السّكّان؛ والتّضحيات الّتي ساهموا بها من وقتٍ وجهدٍ وموارد ماليّة بأشكال عديدة؛ ومساعيهم الدّؤوبة من أجل تبصير جماعات متزايدة من النّاس بأهمّيّة تلك الصّروح المكرَّسة لذكر اللّه والّتي سوف يتمّ تشييدها بين ظهرانيهم. الواقع أنّ الاستجابة الشّغوفة لجامعة الاسم الأعظم لهي خيرُ دلالةٍ تبشّر بمقدرتها على تعزيز وتحقيق هذه التّعهدات الجماعيّة المُناطة بها.

...

لقد وصلت المشاريع في أربع دول إلى مرحلة وضع التّصاميم لصروح المعابد؛ حيث يبدأ العمل باختيار المهندس المعماري، وصياغة تقرير معماريّ موجز لتحديد متطلّبات البناء، وينتهي بإبرام عقد لوضع التّصميم النّهائي.  إنّ التّحدّي الفريد الّذي يواجه المهندسين المعماريّين هو وضع تصاميم لمشارق الأذكار "بأكمل ما يمكن في الإمكان"؛ بحيث تتناسق بصورة طبيعيّة مع الثّقافات المحلّيّة والحياة اليوميّة لأولئك الّذين يجتمعون فيها للدّعاء والتّأمّل.  المُهمّة تستدعي إبداعًا ومهارةً في دمج الجمال والبهاء والجلال مع الاعتدال والأداء الوظيفي للمبنى والاقتصاد.  لقد عرض عدد من مهندسي البناء من مناطق قريبة وبعيدة خدماتهم بسرورٍ بالغ، وبالطّبع فمع ما تلقاه تلك المساهمات من ترحيب؛ فإنّ المحافل الرّوحانيّة المركزيّة سوف تولي المراعاة الواجبة لإشراك المهندسين المعماريّين الّذين هم على درايةٍ جيّدة بالمنطقة الّتي يتمّ إقامة هذه الصّروح فيها.

...

ومع ابتهاج الأحبّاء في جميع أرجاء العالم بهذا التّقدّم المثلج للصّدور، تبقى طاقاتهم مركّزة على دعم وتعزيز العمليّات الّتي تزداد قوّة في المجموعات الجغرافيّة واحدة تلو الأخرى، دون أن يتجاهلوا تثمين ديناميكيّة التّفاعل بين العبادة والمساعي الرّامية إلى الرّقيّ بأوضاع المجتمع الرّوحانيّة والاجتماعيّة والمادّيّة.  عسى أن يستمدّ جميع أولئك الّذين يبذلون طيب المساعي في البلدات والمدن، وفي الأحياء والقرى البصائر من الجهود المُضنية الّتي بُذلت في سبيل إنشاء أول مشرقيّ أذكار في مستهلّ القرن العشرين في الشّرق ومن ثمّ في الغرب.

ففي مدينة عشق آباد، قامت ثُلّةٌ من المؤمنين المخلصين، الّذين قدموا من إيران واستقرّوا في تلك المدينة ونعموا بالأمن والاطمئنان لفترة من الوقت في تركستان، بتكريس قواهم لخلق نموذج من الحياة يعكس المبادئ الرّوحيّة والاجتماعيّة المُتعالية المنصوص عليها في آثار حضرة بهاء اللّه.  ثُلّةٌ تشكّلت بادئ ذي بدء من عددٍ يسيرٍ من العائلات التحقت بها أعداد أخرى خلال عدّة عقود لتصل إلى بضعة آلاف.  تلك الجامعة وبفضل تحصّنها بأواصر صداقة متينة نابعة من وحدة الهدف وروح الوفاء والإخلاص تمكّنت من بلوغ درجة عالية من التّلاحم والتّطوّر ممّا أكسبها الشّهرة في كافة أنحاء العالم البهائيّ.  فبهَديٍ من إدراك أعضائها للتّعاليم الإلهيّة وضمن حدود الحرّيّة الدّينيّة المُتاحة لهم بذلوا الجهد الجهيد لإيجاد الظّروف الّتي أدّت إلى تأسيس مشرق الأذكار الّذي يعدّ "إكليل المؤسّسات في أيّ جامعة بهائيّة".  فعلى قطعة أرضٍ مناسبة في قلب المدينة، تمّ ابتياعها قبل سنوات بموافقة من الجمال المبارك نفسه، تمّ تشييد مرافق لرفاهة العموم بما في ذلك: قاعة للاجتماعات، ومدارس للأطفال، ودار ضيافة للزّائرين، وعيادة صغيرة، وسواها.  إنّ السّعي الحثيث لتعليم كافّة الأطفال والشّباب البهائيّين القراءة والكتابة في مجتمع كان يعاني من الأمّيّة المُتفشّية، لا سيّما بين البنات، يُعدّ من الإنجازات الباهرة الّتي أحرزها بهائيّو عشق آباد، الّذين حقّقوا تمايزًا ملحوظًا في تلك السّنوات العامرة بالعطاء بما عُرف عنهم من تقدّمٍ وازدهار ونُبلٍ وشهامة ومكتسبات فكريّة وثقافيّة.  في بيئة نعمت بالتّطوّر وبالمساعي الموحّدة بما أَولتها يد عناية حضرة عبد البهاء بالرّعاية في كلّ مرحلة؛ خرجت دار عبادة بالغة الرّوعة إلى حيّز الوجود كأبرز مبنًى في تلك المنطقة.  ولأكثر من عشرين عامًا انتشى الأحبّاء بالسّرور الرّوحانيّ لتحقيقهم هدفهم النّبيل وهو تأسيس مركز للعبادة، هوعصب لحياة الجامعة يتوجّهون إليه في الأسحار للتّعبُّد والمناجاة خُضّعًا خُشّعًا قبل أن يتدفّقوا من أبوابه منصرفين إلى أعمالهم اليوميّة.  ومع أنّ قوى اللّادينيّة اجتاحت المنطقة في النّهاية وأحبطت الآمال؛ إلّا أنّ انبثاق مشرق الأذكار في عشق آباد شاهدٌ باقٍ على إرادة وهمم مجموعة من الأحبّاء تمكّنت من إيجاد نمطٍ غنيّ من الحياة استمدّت زخمها من قوّة الكلمة الإلهيّة الخلّاقة.

وفي النّصف الغربيّ من الكرة الأرضيّة، وبعد الشّروع في بناء مشرق الأذكار في عشق آباد بفترةٍ وجيزةٍ، هبّت الجامعة البهائيّة النّاشئة في أمريكا الشّماليّة لإظهار إيمانها وتفانيها عن طريق بناء مشرق أذكار خاصٍّ بها، فكتبوا لحضرة عبد البهاء في عام 1903 يلتمسون موافقته.  ومنذ تلك اللّحظة ارتبط مشرق الأذكار بمصير خَدَمة حضرة بهاء اللّه المخلصين هناك بعُرًى لا انفصام لها.  ومع ما واجه تقدّم ذلك المشروع من عراقيل على مدى عدّة عقود نتيجة تبعات حربين عالميّتين وكسادٍ اقتصاديّ واسع النّطاق؛ فإنّ كلّ مرحلة من مراحل تقدّمه ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بتوسعة وتطوّر الجامعة وتكشّف نظامها الإداريّ.  ففي نفس اليوم الّذي تمّ فيه دفن رفات حضرة الباب المقدّسة في قلب جبل الكرمل في آذار/مارس 1909، اجتمع المندوبون لإنشاء كيانٍ إداريّ عُرف باسم "هيئة المعبد البهائيّة"؛ كيانٍ مركزيّ أصبحت هيئته الإداريّة المُنتخبة نواةً للجامعات المحلّيّة في كافّة أنحاء تلك القارّة.  وسرعان ما أدّى ذلك التّطوّر إلى تشكيل المحفل الرّوحانيّ المركزيّ للبهائيّين في الولايات المتّحدة وكندا.  لقد قام حضرة عبد البهاء خلال أسفاره إلى أمريكا الشّماليّة بإرساء حجر الأساس لأمّ المعابد في الغرب بيديه المباركتين، وأفاض عليه مواهبَ وإمكاناتٍ روحانيّةً هائلة.  إنّ تدفق السّيل العظيم من التّبرّعات من كافّة المراكز البهائيّة في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللّاتينيّة وجزر المحيط الهادي لهذا المشروع التّاريخيّ، خير شاهدٍ على التّرابط الوثيق فيما بين أحبّاء المشّرق والمغرب وما يتحلّون به من روح التّضحية والإيثار.

فيما يتوجّه أتباع الجمال الأبهى في كلّ أرض بكلّيّتهم إلى اللّه ويحصرون أفكارهم في ذكره ويداومون على بذل مساعيهم وخدماتهم الخالصة باسمه؛ يحدونا الأمل في أن تلهمهم هذه الكلمات الموحية الّتي وجّهها حضرة عبد البهاء إلى أحد المؤمنين المخلصين الّذي كرّس نفسه لبناء أوّل مشرق أذكار تأسّس تحت رعاية حضرته الوثيقة الحانية:

والآن أسرع إلى عشق آباد بمنتهى الانقطاع ومشتعلًا بنار الانجذاب، وبلّغ تحيّات وأشواق عبد البهاء إلى أحبّاء اللّه.  قبّل وجهَ كلِّ واحدٍ منهم وعبّر للجميع عن شدّة مودّة هذا العبد لهم.  قم بالنّيابة عن عبد البهاء بنقل التّراب واحمل الطّين والأحجار لبناء مشرق الأذكار؛ حتّى تكون نشوة تلك الخدمة سببًا في جلب الرّوح والرّيحان إلى مركز العبوديّة.  إنّ مشرق الأذكار هذا لهو أوّل تأسيس ربّانيّ واضح وجليّ، لذا فالأمل يحدو هذا العبد في أن يضحّي كلّ واحد من الأخيار والأبرار بروحه وراحته، ويُبدي الفرحة والسّرور، ويجد في نقل التّراب الفوز الموفور، حتّى يرتفع صرح هذا البُنيان الرّحمانيّ وينتشر الأمر الإلهيّ.  وليقوموا كذلك من جميع الأطراف والأكناف ويهبّوا بمنتهى الهمّة لإنجاز هذه المهمّة العظيمة.  لو لم يكن عبد البهاء مسجونًا ولولا حيلولة الموانع دون الوصول؛ لسرُع بنفسه إلى عشق آباد دون ريب، ولحمل التّراب لبناء مشرق الأذكار ولكان في منتهى السّرور والحبور.  والآن على الأحبّاء أن يقوموا بتحقيق هذه النّيّة ويكونوا له نِعمَ البديل؛ حتّى يظهر هذا البنيان للعيان في زمنٍ وجيز، وينشغل الأحباب بذكر الجمال الأبهى، وترتفع نغمات مشرق الأذكار إلى الملأ الأعلى في الأسحار، ويطرب أهل الملكوت الأبهى وجدًا وسرورًا بترنّمات البلابل الإلهيّة، فتنشرح الأفئدة وتستبشر النّفوس وتستنير القلوب.  تلكُم هي آمال المخلصين وذلكُم هو منتهى رجاء المقربين.

(من رسالة بيت العدل الأعظم المؤرّخة 1 آب/أغسطس 2014، الموجّهة إلى البهائيّين في العالم)                      [66]

ومشرق الأذكار مفهوم فريد في تاريخ الأديان ورمز لروح التّعاليم الإلهيّة الجوهريّة في هذا الدّور الإلهيّ، ويمكن اعتباره بحقّ بُنيانًا عموميًّا لترويج تآلف القلوب واجتماع النّفوس.  إنّه مكان لثناء اللّه وعبادة الحقّ، أبوابه مفتوحة لجميع الخلق من أيّ دين ونِحْلَة ومن أيّ قوم وملّة، فهو يرحّب بالرّجال والنّساء، والشّيب والشّباب والأطفال على السّواء، ويشكّل ملاذًا مناسبًا للتّأمّل والتّعمّق في المفاهيم الرّوحانيّة والتفكّر في المسائل الحياتيّة الأساسيّة من قبيل المسؤوليّة الفرديّة والجماعيّة تجاه إصلاح أحوال المجتمع.  وعلامة هذه الوحدة الفريدة واجتماع النفوس المتنوّعة العديدة لهي واضحة جليّة حتّى في نفس بناء مشرق الأذكار، فهو بناء يحمل بجوانبه وأبوابه التّسعة حسًّا بالكمال والاكتمال الّذي يرمز إليه العدد تسعة.

وبناء مشرق الأذكار هو مطلع تجلّي القوى الرّوحانيّة، ومركز ملحقات تتأسّس من أجل رخاء الجنس البشريّ، وتعبير عن إرادة وتوق جماعيَّيْن للخدمة.  وهذه الملحقات تشتمل على مراكز تعليميّة تربويّة وعلميّة وثقافيّة ومساعٍ عامّة المنفعة، وتجسّد المُثل العليا للتّقدّم الاجتماعيّ والتّرقّي الرّوحانيّ بالاستفادة من العلم والمعرفة البشريّة، وتبيّن أنّه عندما يتّفق العلم مع الدّين فإنّهما يفتحان الطّريق لرقيّ مقام الإنسان وازدهار المدنيّة.  وكما تعلمون، وعلى نهجه عاملون، فإنّ الدّعاء وعبادة اللّه مع أنّه أمر متأصّل في الفطرة البشريّة وعامل حيويّ للرّقيّ الرّوحانيّ، إلّا أنّه يجب أن يكون له أثر وثمر في عالمِ الوجود. مفهوم العبادة هذا الّذي لا ينفصل عن الخدمة، هو ما تجسّده وتحقّقه مؤسّسة مشرق الأذكار.  وبهذا الخصوص يتفضّل حضرة وليّ أمر الله العزيز:

إنّ العبادة البهائيّة مهما كان مفهومها ساميًا وانجذاباتها شديدة، ولكنّها من دون المساعي الاجتماعيّة والإنسانيّة والتّعليميّة والعلميّة المتمركزة في ملحقات مشرق الأذكار، لا يمكن أن تأمل تحقيق ما هو أكثر من الثّمرات الضّئيلة، العابرة في معظم الأحيان، والنّاتجة عن تأمّلات الزّاهد أو عبادة العابد الهامد.  وهذه العبادة ليس بمقدورها أن تمنح العابدَ نفسه رضًا ونفعًا دائميْن، فكيف بالإنسانيّة عمومًا، إلّا إذا تُرجمت وتغلغلت في خدمة فاعلة خالصة لقضيّة الإنسانيّة، والّتي يُعتبر تيسيرها وترويجها الامتياز الأسمى لملحقات مشرق الأذكار.

إنّ حضرة بهاء اللّه وحضرة الأعلى المظهريْن الإلهيّيْن لهذا العصر النّورانيّ قد علّمانا بخصوص الدّعاء والمناجاة ما يلي: الدّعاء والمناجاة حديث مباشر ودون واسطة بين روح الإنسان وخالقها؛ وبمنزلة الغذاء للرّوح الّذي يبعث على تعزيز الحياة الرّوحانيّة؛ ومثل ندى الصّباح يهب الطّراوة واللّطافة للقلوب، ويطهّر وينزّه الرّوح من علائق النّفس الأمّارة.  الدّعاء نار تحرق الحجبات ونور يجذب الإنسان نحو بارئه؛ إنّه يخلق قوّة روحانيّة تجعل طائر الرّوح يحلّق بجناحي المناجاة في الفضاء الإلهيّ اللّامتناهي ليفوز بالقرب من عتبة الأحديّة.  وكيفيّةُ الدّعاء مدعاةٌ لتنمية القدرات والقابليّات اللّامحدودة للرّوح وسبب جذب التّأييدات الإلهيّة، وتطويله غير محبوب.  تتجلّى القوى الكامنة في الدّعاء عندما يكون باعثه الأصليّ هو محبّة اللّه، دون أيّ خوفٍ أو طلب، ومنزّهًا عن التّظاهر والخُرافات. وينبغي تلاوته بكلّ صدقٍ وطهارة قلب حتّى يفضي إلى التّعمّق والتّأمّل فيستنير بذلك العقل والإدراك الإنسانيّ. مثل هذا الدّعاء الخالص يتنزّه عن همهمة الحروف والكلمات ويتقدّس عن دمدمة الألفاظ والأصوات، وتبعث حلاوة نغماته وألحانه على الفرح والابتهاج، وتسمو بالقلوب، وتزيد من نفوذ الكلمات، وتبدّل الأهواء الدّنيويّة بالصّفات الملكوتيّة وتلهم الخدمة الخالصة للعالم الإنسانيّ.

...

لقد دعونا البهائيّين لأن يروْا مساعيهم الرّامية لبناء الجامعة بمثابة نمطٍ جديدٍ لما يمكن أن يكون عليه المجتمع، وهذا النّمط بكليّته يزيد من القدرة والقابليّة للخدمة في مجالات شتّى: لتعليم الأجيال الشّابّه، لبناء القدرة لدى الشّباب، لتعليم الأطفال وتربيتهم روحانيًّا، لتشجيع الآخرين على الخدمة بمدد من نفوذ الكلمة الإلهيّة، وفي النّهاية لتحقيق التقدّم الاجتماعيّ والاقتصاديّ لجماعةٍ وأمّةٍ في ضوءِ التّعاليم الإلهيّة لهذا العصر.  ومن الأجزاء الأساسيّة لهذا النّمط جلسات الدّعاء الّتي تمثّل جانبًا جماعيًّا للحياة الرّوحانيّة وبُعدًا من أبعاد مفهوم مشرق الأذكار.  إنّ عقد هذه الجلسات يتيح لكم أيّها الأعزّاء فرصة ثمينة ليس من أجل الدّعاء وثناء اللّه طالبين عناياته وبركاته في حياتكم اليوميّة فحسب، بل لتضعوا في متناول الآخرين من أبناء وطنكم الشّرفاء القوى الرّوحانيّة الكامنة في الدّعاء والمناجاة أيضًا، وتعيدوا إليهم طهارة ونقاوة الدّعاء، وتكونوا علّةً لزيادة الإيمان بالتّأييدات الإلهيّة في قلوبهم، وتعزّزوا لديهم ولديكم أيضًا الحافز لخدمة المجتمع والوطن والجنس البشريّ، ولتشجّعوهم على الاستقامة البنَّاءة في طريق العدل والإنصاف.

 

الأحبّاء الأعزّاء: إنّ عقد جلسات الدّعاء والمناجاة في تلك الأرض المقدّسة، في كلِّ مدينة وبلدة وقرية وحيّ، وزيادة سهولة حصول الأصدقاء والمعارف على الأدعية البهائيّة يمكّنكم من المساهمة بأكثر ممّا مضى، مع إخوانكم وأخواتكم الرّوحانيّين في شتّى بقاع العالم، في نشر نور الاتّحاد.  فعلى هذا المنوال اسعوا ما استطعتم لنشر بذور مشارق الأذكار المقبلة وملحقاتها عامّة المنفعة، واشعلوا مئات ألوف الشّموع النّورانيّة مقابل ظلمة الجور والعدوان.

(من رسالة مؤرّخة 18 كانون الأوّل/ديسمبر 2014، موجّهة إلى البهائيّين في إيران)                      [67]

من شأن المتابعة المنهجيّة للخطّة بكافّة أبعادها أن تفضي إلى نمطٍ من مساعٍ جماعيّة لا تتميّز بالتزامها بالخدمة فحسب بل وبانجذابها إلى العبادة أيضًا. إنّ تكثيف النّشاطات الّتي تتطلّبها السّنوات الخمس القادمة سوف يُثري الحياة التّعبّديّة الّتي يتشارك فيها أولئك الّذين يخدمون جنبًا إلى جنب في مجموعات جغرافيّة في أنحاء العالم. فعمليّة الإثراء هذه متقدّمة بالفعل: انظروا على سبيل المثال كيف أنّ الاجتماع من أجل العبادة الجماعيّة أصبح جزءًا من حياة الجامعة. وجلسات الدّعاء والمناجاة مناسَبةٌ للتّرحيب بكلّ نفسٍ تواقةٍ إلى التلذّذ بحلاوة المناجاة، والانتشاء بنفحات الرّحمن والتّأمّل في الكلمة الخلّاقة والتّحليق بجناحيّ الرّوح ومناجاة حضرة المحبوب. في هذه المناسبات تتولّد مشاعر المودّة والألفة والهدف المشترك، خاصّة في الأحاديث الرّوحانيّة العميقة الّتي تجري بصورةٍ طبيعيّة وتُفتح بواسطتها  "مدائن القلوب". إنّ روح مشرق الأذكار ينبعث في كلّ مكانٍ تنعقد فيه جلسة دعاء وتعبّد ترحّب بالكبار والصّغار أيًّا كانت خلفيّاتهم. الارتقاء بالهويّة التعبّديّة للجامعة له تأثير على الضّيافات التّسع عشريّة أيضًا كما يمكن استشعار تأثيراتها في أوقات أخرى عندما يجتمع الأحبّاء معًا.

(من رسالة مؤرّخة 29 كانون الأوّل/ديسمبر 2015، موجّهة إلى مؤتمر هيئات المشاورين)       [68]

إنّ مشرق الأذكار "من أعظم المؤسّسات في العالم". فالمعبد وملحقاته المرتبطة به تجسّد وجهين أساسيّين متلازمين للحياة البهائيّة، ألا وهما العبادة والخدمة. وكرمز زاخر بالطّاقات وعنصر مكمّل للمدنيّة الإلهيّة الّتي تقود رسالة حضرة بهاء اللّه كافّة الشّعوب نحوها، يصبح مشرق الأذكار النّقطة المركزيّة للجامعة الّتي يبرز منها.  يبيّن حضرة عبد البهاء أنّ "نفحات قدسِ مشرق الأذكار، تهب الرّوح لكلّ الأبرار، ونسيمه المحيي للأرواح يمنح الحياة لعموم الأحرار". وفي الحقيقة، إنّ تأثيره على شأن يحفّز شعبًا بأكمله للوصول إلى حسّ أعمق بالهدف الموحّد. إنّ أنظار العالم البهائيّ شاخصة في هذه السّاعة إلى معبده الجديد، ونحن على يقين بأنّ هذا النّصر الّذي طال انتظاره سيكون سبب تهليل الأحبّاء ابتهاجًا في كلّ مكان. إلّا أنّهم بالتّأكيد لن يقنعوا بإظهار الفرح فيما بينهم.  بل، مستلهمين بكلّ ما يمثّله هذا الصّرح المهيب، فليدعوا الآخرين لاكتشاف السّرور الأبديّ الّذي يتأتّى عن تسبيح اللّه وثنائه وخدمة البشريّة.

نحني رؤسنا خضوعًا لدى عتبة جمال القِدَم، لنرفع آيات الشّكر والعرفان بما مكّن أتباعه المخلصين من تشييد معبد أخّاذٍ إلى هذا الحدّ مشكّل من الزّجاج والحجر والضّوء، يرعى الانجذاب نحو ما هو مقدّس. إنّ ما نشعر به من امتنان يزيد شوقنا لذلك اليوم المجيد الّذي ستسبَغ فيه بركة وجود مشرق أذكار على كلّ مدينة وقرية، وأنظارنا شاخصة أولًا وبكلّ شوق إلى تلك الأقطار الّتي بدأت فيها بيوت عبادة محلّيّة ومركزيّة بالبروز. عسى أن يحفّز المنظر المتألّق لما أنجزته جامعة الاسم الأعظم في سنتياغو المؤمنين في كلّ مكان لتكثيف خدماتهم، مهما بلغ من تواضعها، من أجل إصلاح العالم وتمجيد اللّه.

(من رسالة بيت العدل الأعظم المؤرّخة 14 تشرين الأوّل/أكتوبر 2016، الموجّهة إلى الأحبّاء المجتمعين في سانتياغو، تشيلي لتدشين أمّ المعابد لأمريكا الجنوبيّة)                      [69]

لقد مضى ما يقرب من عامٍ كامل منذ أن احتفل العالم البهائيّ بإتمام آخر المعابد القارّيّة، وها هو فجرٌ جديدٌ يبزغ بالفعل في تطوّر مؤسّسات مشرق الأذكار. إنّكم مجتمعون في مكان مشرق الأذكار نفسه، ألا وهو موقع أوّل معبدٍ محلّيّ يرتفع فوق الأفق في المرحلة الّتي تمّ افتتاحها الآن. إنّ تدشين هذا الصّرح الفريد لهو مناسبة تاريخيّة تهيِّئ لظهور العديد من مشارق الأذكار المحلّيّة والمركزيّة الأخرى، امتثالًا لحكم حضرة بهاء اللّه النّازل في كتابه الأقدس: "يا ملأ الإنشاء عمّروا بيوتًا بأكمل ما يمكن في الإمكان باسم مالك الأديان في البلدان."

...

            إنّ بروز معبد بهائيّ في باتامبانغ ... لهو شاهد على مدى سطوع نور الأمر المبارك المشرق في قلوب الأحبّاء هناك. وتصميمه، وهو عمل أنجزه مهندس كمبوديّ، يعكس حسن وجمال ثقافة تلك الأمّة؛ فهو يستخدم تقنيّات بديعة مبتكرة ولكنّه يمزجها بأساليب تنبع من تقاليد وتراث المنطقة؛ فالمعبد يخصّ وينتمي، على نحوٍ لا يرقى إليه الشكّ، إلى الارض الّتي بزغ منها. لقد نجح، حتى قبل افتتاحه، في الارتقاء بوعي أولئك الّذين يقيمون في ظلّه حول فكرةٍ أساسيّة تتكامل مع مشرق الأذكار، ألا وهي ارتباط العبادة بالخدمة وعدم انفصالهما عن حياة الجامعة. لقد عزّز المعبد تقديرًا وإدراكًا أعظم لأهمّيّة الوحدة والاتّحاد الّذي تمّ الآن دعمه وتقويته من خلال العبادة الجماعيّة الّتي ستُقام بين جدرانه. وظهوره يستحثّ الجهود المبذولة لرعاية جامعات تتميّز بالرّوحانيّة. إنّه صرحٌ ذو غايةٍ نبيلة شيّده شعبٌ ذو روحٍ نبيلة.

(من رسالة مؤرّخة1 أيلول/سبتمبر 2017، موجّهة إلى الأحبّاء المجتمعين في باتامبانغ،كمبوديا، من أجل افتتاح مشرق الأذكار)           [70]

 

من رسائل كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم

بخصوص مُلحقات مشرق الأذكار، هناك عدد من الإشارات إلى هذه "الإضافات الهامّة" في مكاتيب وخطابات حضرة عبد البهاء. فعلى سبيل المثال، فإنّ حضرته يُعدّد الملحقات كالآتي: مدرسة للأطفال الأيتام، مستشفى، ومستوصف للفقراء، وملجأ للعجزة، وجامعة للدّراسات العليا ومأوى للمسنّين. وفي مكان آخر، بعد إدراجه المؤسّسات آنفة الذّكر، يذكر بأنّه ستُبنى أبنية خيريّة أخرى... وذكر بيت العدل أيضًا بأنّه لم يرَ أيّ نصّ يفرض بأنّ عدد المُلحقات يجب أن يكون تسعة.

(من رسالة مؤرّخة 18 آذار/مارس 1974، موجّهة إلى أحد الأحبّاء)           [71]

يمكن مشاهدة مثال لهذه العمليّة [المشاركة البهائيّة في مشاريع التّنمية] في دار العبادة ومُلحقاتها. والجزء الأوّل الّذي يُشيّد هو المبنى المركزيّ وهو القلب والمركز الرّوحيّ للجامعة. ومن ثمّ تشيّد بالتّدريج، مؤسّساتٌ لملحقات مختلفة، كتعبير ظاهريّ عن هذا القلب الرّوحيّ،  وستقوم "مؤسّسات الخدمة الاجتماعيّة تلك بتقديم النّجدة للمنكوبين، والعون للمعوزين، والمأوى لأبناء السّبيل، والغوث للملهوفين، والعلم لغير المتعلّمين". وتبدأ هذه العمليّة بشكل جنيني، قبل فترة طويلة من وصول الجامعة البهائيّة إلى مرحلة بناء مشرق أذكار خاصّ بها، لأنّ أوّل مركز محلّيّ تشيّده الجامعة البهائيّة يمكن أن يبدأ بالخدمة ليس كمركز روحيّ وإداريّ ومكان لاجتماعات الجامعة فحسب، بل أيضًا كموقع لمدرسة تعليميّة والقلب النّابض لجوانب أخرى من حياة الجامعة. ومع ذلك، سيظلّ المبدأ، أنّ الرّوحانيّة تأتي في المقام الأوّل بالنّسبة للمادّيّة. في بادئ الأمر تستنير القلوب والعقول من رسالة حضرة بهاء اللّه، ومن ثمّ تتحرّك رغبة المؤمنين على مستوى القاعدة الشّعبيّة في تطبيق هذه التّعاليم في الحياة اليوميّة لجامعاتهم.

 (من رسالة مؤرّخة 8 أيّار/مايو1984، موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزيّ في البرازيل)          [72]

لقد استُخدم مصطلح مشرق الأذكار في الكتابات المقدّسة لوصف أمور مختلفة من قبيل: اجتماع الأحبّاء للدّعاء في الأسحار؛ البناء الّذي يتمّ فيه هذا النّشاط؛ المؤسّسة الكاملة لمشرق الأذكار مع ملحقاته؛ المبنى المركزيّ لتلك المؤسّسة الّذي يُشار إليه غالبًا بدار العبادة (House of Worship) أو المعبد (Temple). يمكن اعتبار جميع هذه المسمّيات المختلفة بأنّها مراحل أو جوانب تشير إلى التّطبيق التّدريجيّ للمفهوم الّذي وضعه حضرة بهاء اللّه في كتابه الأقدس. ومن أجل تطوير مشرق الأذكار، وُضعت عدّة خطوط عمل قيد التّنفيذ، وعليها ينبغي أن يكرّس الأحبّاء جهودهم واهتمامهم.

(من رسالة مؤرّخة 20 نيسان/أبريل 1997 موجّهة لأحد الأحبّاء)                      [73]

إنّ مصطلح "مشرق الأذكار"، عندما يشير إلى دار العبادة، فإنّه يعني بناء؛ أي مركزًا يجتمع النّاس فيه لسماع كلمة اللّه وعبادته. ويحيط بدار العبادة المركزيّة هذه ملحقات مشرق الأذكار، الّتي تعبّر عن العبادة على شكل الخدمة للبشريّة.

(من رسالة مؤرّخة 24 شباط/فبراير 1998موجّهة لأحد الأحبّاء)           [74]

عند إجراء هذه المراجعة، تجدر الإشارة إلى أنّه يجوز استخدام منتخبات من الكتابات المقدّسة البهائيّة ككلمات للغناء ترافقها مؤلّفات موسيقيّة وكذلك تكرار آيات أو  كلمات. للملحّن الحرّيّة في تحديد النّمط الموسيقيّ للقطعة، آخذًا بالاعتبار الالتزام الرّوحانيّ بالتّعامل مع النّصوص المقدّسة بما يليق بها من أدب ووقار وتبجيل...

وعلاوة على ذلك، لا مانع من تكرار آيات من الأدعية أو منتخبات من الآثار المباركة في الأغاني من أجل التّكيّف مع المتطلّبات الموسيقيّة.

            وكما ذُكر آنفًا، لا مانع من إجراء تعديلات طفيفة على النّصّ كترديد لازمة أو عبارة قصيرة من قبيل "إلهي، إلهي" حتى تتوافق مع المتطلّبات الموسيقيّة. وبمقدور الملحّن تحديد النّمط الموسيقيّ للقطعة، شريطة أن يأخذ في الاعتبار الالتزام الرّوحانيّ في التّعامل مع النّصوص المقدّسة بما يليق بها من أدب ووقار وتبجيل.

(من رسالة مؤرّخة 14شباط/فبراير2001موجّه إلى المحفل الرّوحانيّ المركزيّ في أستراليا)          [75]

لقد سُرَّ بيت العدل الأعظم بشكل خاصّ لدى علمه بالزّيادة الملحوظة في مستوى النّشاط في المعبد، بما في ذلك العدد المتنامي للنّشاطات الأساسيّة الّتي ينخرط فيها مشاركون من المجتمع الأوسع... وبناءً عليه، فإنّ من القضايا ذات الأهمّيّة المحوريّة لمحفلكم المركزيّ هي النّظر جديًّا في الحاجة إلى تعزيز وحدة الفكر والهدف بين الأحبّاء بخصوص طرق تحقيق درجة أعظم من الاتّساق بين المساعي في دار العبادة وعمل التوسّع والاستحكام في مجموعة أبولو الجغرافيّة.

في قلب هذه الجهود ستكون النّشاطات التّبليغيّة وعمليّات بناء الجامعة الّتي تجري في المعبد. وعلى وجه الخصوص، فإنّ الجهود المبذولة لمشاركة التّعاليم الأساسيّة للأمر المبارك مع الزّائرين وأولئك الّذين يعيشون في الجوار ودعوتهم للانخراط في الحلقات الدراسيّة، والجلسات التعبّديّة، وصفوف الأطفال، ومجموعات الشّباب النّاشئ الّتي تقام على أرض المعبد وفي أجزاء أخرى من المجموعة الجغرافيّة، تحتاج إلى التّنظيم والدّعم بالموارد البشريّة والماليّة اللّازمة. كما يمكنكم التّفكير مليًّا في تطوير برنامج خاصّ يهدف إلى مشاركة رؤية عن دار العبادة بصفتها المركز الرّوحانيّ للجامعة، والتأثير الّذي يمكن أن تحدثه في حياة السّكّان المحيطين بها—رؤية لمعبد شُيّد من أجل أهل ساموا.

إنّ أمل بيت العدل الأعظم الوطيد أن يتمّ تمكين الوكالات والمؤمنين العاملين في مجموعة أبولو الجغرافيّة حتى يستفيدوا استفادة قصوى من وجود دار العبادة بين ظهرانيهم وهم يكدّون للتّقدّم بعمليّة النّموّ، وأنّ الوسيلة لجذب الزّائرين وتعزيز تجربتهم ستُصقل أكثر مع مرور الوقت. وكما هو الحال مع الجوانب الأخرى لحياة الجامعة البهائيّة، فإنّ النّجاح في هذا المسعى سيعتمد إلى حدّ كبير على عمل الأحبّاء بموقف تعلّميّ ليضمنوا أنّ النّهُج والنّشاطات تتمّ مراجعتها وتقييمها وتحسينها باستمرار.

(من رسالة مؤرّخة 27 كانون الأوّل/ديسمبر2011، موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزيّ في ساموا)             [76]

لقد سرّ بيت العدل الأعظم لدى علمه أنّ المناقشات الجارية بين الأحبّاء حول مغزى وأهمّيّة مشرق الأذكار توجِد ارتباطًا قويًّا مع المشروع وتؤدّي إلى مشاركة أوسع للبهائيّين وأصدقائهم في هذا المسعى الجماعيّ. إنّ الوعي المتنامي لمغزى وأهمّيّة دار العبادة بين المؤمنين في كولومبيا قد أفضت إلى تبرّعات مادّيّة منهم، وهذا أيضًا دلالة أخرى على التزامهم الرّوحانيّ. من المؤمّل أن تُستدام هذه الاستجابة الأوّليّة طوال مدّة المشروع وأن تعزّز نمطًا من العطاء المنتظم للصّناديق الأمريّة.

(من رسالة مؤرخة 10 كانون الأوّل/ديسمبر 2013، موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزيّ في كولومبيا)                      [77]

إنّ دار العبادة هو، دون شكّ، جزءٌ مكمّل لعمليّة بناء الجامعة، وتشييده يمثّل معلمًا هامًّا في نموّ وتطوّر الجامعة. يأمل بيت العدل الأعظم أنّ الأحبّاء في... سيقومون، من خلال الحماس والعزم اللّذْين تتّسم بهما ممارستهم للنّشاطات الأساسيّة لخطّة السّنوات الخمس، بتعجيل مجيء اليوم الّذي سيكون الأوان المناسب لبناء مشرق أذكار في بلدكم.

(من رسالة مؤرّخة 12 كانون الأوّل/ديسمبر 2012 لأحد الأحبّاء)                        [78]

علاوة على ذلك، نظرًا لرؤيتنا بأنّ تصميم المعبد سوف "يتناغم بشكل طبيعيّ مع الثقافة المحلّيّة والحياة اليوميّة لأولئك الّذين سيجتمعون للدّعاء والتّأمّل في داخله"، يمكن تشجيع الأحبّاء على إيجاد بعض الأفكار التّمهيديّة حول مظهره المادّيّ. ومن المُؤمّل أن يعتمد تصميم دار العبادة، في نهاية المطاف، على عناصر ورموز يتعرّف عليها شعب كينيا بشكل طبيعيّ. هذه الأفكار، إذا ما قُدّمت إلى المكتب الإنشائيّ الّذي سيتأسّس قريبًا، يمكن دمجها في موجز المتطلّبات المعماريّة الّذي يحدّد مُستلزمات المشروع.

(من رسالة مؤرخّة 24 آيلول/سبتمبر2014 للمحفل الرّوحانيّ المركزيّ لكينيا)                        [79]

فيما يتعلّق بإستفساراتك عن الفَرق بين دور العبادة القارّيّة والمركزيّة والمحلّيّة، فإنّ تأسيس مشرق الأذكار بدأ بتشييد معبد في مناطق مختلفة من العالم. وأثناء تشييدها، فإنّ الدَوْرالّذي تقوم به دور العبادة هذه في الإعلان عن وجود أمر الله والوعد بما سيُحقّقه، قد تمّ تأكيده بلغة مجازيّة في معظم الأحيان. وكتب حضرة وليّ أمر الله أنّ مشرق الأذكار هو "الرّمز والبشير بالنّظام العالميّ لحضرة بهاء اللّه"، وغالبًا ما سمّى مشرق الأذكار الأوّل في كلّ قارّة أو منطقة "أمّ المعابد". هذا وقد كتب بيت العدل الأعظم في معرض إشارته إلى البدء بمشاريعٍ لبناء دور عبادة مركزيّة، ابتداءً من العهد الخامس ولاحقًا للبدء في تشييد آخر معبد قاريّ في تشيلي، أنّه: "يقدّم دليلًا آخر يُثلج الصدر على تغلغل أمر الله في تربة المجتمع".

إضافة إلى هذه الدّلالة الرّمزيّة، فإنّ مشرق الأذكار مؤسّسة ذات إمكانيّات عمليّة هائلة. فرؤيتنا تتمثّل في أنّه حيثما يتأسّس محفل روحانيّ، سواء كان محلّيًّا أم مركزيًّا، فستقام مؤسّستا مشرق الأذكار وحظيرة القدس حين حلول الوقت المناسب. كتب حضرة شوقي أفندي: "ولسوف يستمدّ ممثّلو الجامعات البهائيّة المحلّيّة والمركزيّة هم وأعضاء اللّجان التّابعة من مشرق الأذكار الّذي جعله حضرة بهاء اللّه في الكتاب الأقدس بيت العبادة، أثناء اجتماعهم فجر كلّ يوم بين جدرانه، الإلهام الضّروريّ الّذي يمكّنهم، وهم يبذلون جهودهم من يوم إلى يوم، في مركز فعاليّاتهم الإداريّة، أعني به حظيرة القدس، من القيام بواجباتهم ومسؤوليّاتهم كما يليق بأمناء دينه المختارين."

وعلاوة على ذلك، فإنّ دار العبادة سيكون المركز الرّوحانيّ للجامعة، وسيسهم مع ملحقاته الّتي سيتمّ إنشاؤها في إيجاد نمط مزدهر للحياة الجماعيّة. وحاليًّا، فإنّ أوّل دار عبادة لكلّ قارّة تخدم كمعبد مركز يّ للبلدان الّتي تقع فيها، كما تخدم أيضًا الجامعات الّتي تقع في جوارها، وتقوم بدورهامّ في النّشاطات المحلّيّة. ومع تكشّف عمليّة النّموّ، فستُقام المعابد في المستويْين المركزيّ والمحلّيّ على نحو متزايد، وسيتمّ تعلّم الكثير عن طبيعتها وكيف تُسهم في عمليّة بناء الجامعة. حينئذٍ، ستظهر الجوانب المتعدّدة لعمل هذه المؤسّسة تدريجيًّا. وكما كتب حضرة شوقي أفندي، "لا شيء... سوى مؤسّسة مشرق الأذكار بمقدورها أن توفّر على نحوٍ وافٍ العناصر الأساسيّة للعبادة والخدمة البهائيّة، وكلاهما مهمّ وحيويّ جدًّا لإحياء العالم".

(من رسالة مؤرّخة 26 كانون الثّاني/يناير 2015، موجّهة إلى أحد الأحبّاء)    [80]

من غير الضّروريّ أن تُقتصر الكلمات المُستخدمة في التّراتيل الّتي تقدّم في مشرق الأذكار على الكتابات المقدّسة، بل المطلوب أن تكون مستندة على الكتابات المقدّسة البهائيّة أو غيرها، وتشتمل على مواضيع بهائيّة. وتجدر الإشارة إلى أنّ معيار الكلمات المُستخدمة في الأغاني يختلف إلى حدّ ما عن معيار الكتابات المقدّسة والأدعية المراد قراءتها أو تلاوتها في البرامج الرّوحانيّة في دور العبادة. لذلك، فلا مانع من استخدام الأغاني المستندة على الكتابات المقدّسة وخُطَب حضرة عبد البهاء.

(من رسالة مؤرّخة 2 تشرين الثّاني/نوفمبر 2015، موجّهة إلى المحفل الرّوحانيّ المركزيّ في أستراليا)                      [81]

مناجاة مختارة لمشرق الأذكار من آثار حضرة عبد البهاء

ربّ ربّ أیّدهم على خدمتك، واشدد أزورهم في حمل الأحجار لبناء مشرق ‌الأذكار. ربّ ربّ نوّر وجوه هؤلاء الأبرار بسطوع الأنوار من مطلع الأسرار. إنّك أنت العزیز المختار وإنّك أنت الرّحمن الرّحیم.

(نزلت باللّغة العربيّة)                      [82]

إلهي إلهي

 إنّي أتوجّه إلى ملكوت رحمانیّتك وجبروت فردانیّتك متضرّعًا خاضعًا خاشعًا مبتهلًا إلى عتبة فردانیّتك أن تؤیّد أحبّائك المخلصین على إعانة بنیان مشرق ‌الأذكار في تلك الأقطار حتّى یشرق منه الأنوار على سائر الجهات ویرتفع ضجیج التّهلیل والتّكبیر في البكور والأصیل إلى ملئك الأعلى وأفقك الأبهى.

ربّ ربّ، أسمعني تلك الأصوات والضّجیج ولو بعُدت المسافه بین هذه العدوة القُربى وتلك العدوة القُصوى حتّی ینشرح روحي ویفرح قلبي وتقرّ عیني وتهتزّ كینونتي وتستبشر ذاتي بهذا الفضل العظیم والنّور المبین.

ربّ ربّ، افتح أبواب البركات على كلّ نفس تقوم على إعانة هذا البنیان الرّفیع والمسجد البدیع والمشرق المنیر.

إنّك أنت القويّ العزیز المقتدر الرّؤوف الكریم. ع ع

(نزلت باللّغة العربيّة)                      [83]

إلهي إلهي، إنّي أبتهل إلیك بقلب خافق ودمع ساكب أن تؤیّد كلّ من یسعى في تشیید هذا البناء وتأسیس بیت یُذكر فیه اسمك في كلّ صباح ومساء.

ربّ أنزل البركة على كلّ من خدم هذا البنیان وسعى في ارتفاعه بین الأحزاب والأدیان ووفّقه على كلّ خیر لنوع الإنسان، وافتح علیه أبواب الثّروة والغنى، وأورثه كنز الملكوت الّذي لا یفنى، واجعله آیة العطاء بین الورى، وامدده ببحر الجود والإحسان المتلاطم بأمواج الفضل والإكرام. إنّك أنت الكریم الرّحیم المنّان.  ع ع

 (نزلت باللّغة العربيّة)                      [84]

ربّ ربّ، نوّر وجوه أحبّائك المخلصین وأيّدهم بملائكة نصرك المبین، وثبّتهم على صراطك المستقیم وافتح علیهم أبواب البركة بفضلك القدیم، لأنّهم ینفقون ما خوّلتهم فی سبیلك ویحافظون على دینك ویطمئنّون بذكرك ویبذلون أرواحهم في محبّتك ولا یبخلون بأموالهم حبًّا بجمالك وطلبًا لرضائك.

ربّ قدّر لهم جزآءً موفورًا ونصیبًا مفروضًا وأجرًا محتومًا.

إنّك أنت الموفّق المؤیّد الباذل المعطي الكریم ع ع

(نزلت باللّغة العربيّة)                      [85]

استلمنا الصّورة الّتي أرسلتها لمشرق الأذكار. لقد كانت مصدر سرور كبير؛ إذ ولله الحمد، إنّ وجوه أحبّاء اللّه المجتمعين في مشرق الأذكار الرّحمانيّ متوهجة كالشّمع، مضيئين ذاك المحفل بأنوار الإحساسات الرّوحانيّة.

ربّ محبوبي ومقصودي، إنّ هؤلاء عَبَدة عتبة قدسك وسَجَدة باب أحدیّتك قد حضروا في مشرق أذكارك ومحفل أنوارك وتبتّلوا إلیك وتضرّعوا إلى ملكوت أحدیّتك وصلّوا مخلصین لوجهك.

ربّ اقبل أعمالهم وآنسهم في مناجاتهم وألهمهم بدایع أسرارك، حتّى یكونوا مظاهر موهبتك بین خلقك وزُمرة صفوتك بین بریّتك. إنّك أنت اللّطیف الكریم العطوف الرّؤوف الودود.

(من لوح نزل باللّغتين العربيّة والفارسيّة)       [86]

 

[1] طهران

[2]يوضّح حضرة بهاء اللّه في رسالة سؤال وجواب رقم 15 في الكتاب الأقدس: مع أنّ كلمة الأسحار ذكرت في كتاب اللّه، لكن الذِّكر في الأسحار، وعند طلوع الفجر، وبعد طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس، وحتّى بعد ذلك بساعتين، مقبول عند اللّه.

[1]         الكتاب الأقدس، الشّرح رقم 53، ص. 201.

[2]         مقتطف رقم 67.

[3]         مقتطف رقم 67.

[4]        مقتطف رقم 6.

[5]         مقتطف رقم 28.

[6]         مقتطف رقم 9.

[7]         مقتطف رقم 66.

[8]         مقتطف رقم 28.

[9]         مقتطف رقم 43.

[10]      مقتطف رقم 67.

[11]       من رسالة بيت العدل الأعظم المؤرّخة 14 تشرين الأوّل/أكتوبر 2016، الموجّهة إلى الأحبّاء المجتمعون في سانتياغو، تشيلي لتدشين أم المعابد لأمريكا الجنوبيّة.

[12]      مقتطف رقم 69.

[13]      مقتطف رقم 29.

[14]      مقتطف رقم 1.

[15]      مقتطف رقم 31.

[16]     مقتطف رقم 35.         

[17]      مقتطف رقم 16.

[18]      مقتطف رقم 30.

[19]      مقتطف رقم 25.

[20]      مقتطف رقم 16.

[21]      مقتطف رقم 13.

[22]      مقتطف رقم 30

[23]      مقتطف رقم 57.

[24]      مقتطف رقم 28.

[25]      مقتطف رقم 69.

[26]      مقتطف رقم 10.

[27]      مقتطف رقم 21.

[28]      مقتطف رقم  3.

[29]      مقتطف رقم 67.

[30]      مقتطف رقم 67.

[31]      مقتطف رقم 67.

[32]      مقتطف رقم 68.

[33]      مقتطف رقم 62.

[34]      مقتطف رقم 68.

[35]      مقتطف رقم 28.

[36]      مقتطف رقم 38.

[37]      مقتطف رقم 58.

[38]      مقتطف رقم 49.

[39]      مقتطف رقم 53

[40]      مقتطف رقم 45.

[41]      مقتطف رقم53.

[42]      مقتطف رقم 81.

[43]      مقتطف رقم 75.

[44]      مقتطف رقم 75.

[45]      مقتطف رقم 37.

[46]      مقتطف رقم 25.

[47]      مقتطف رقم 67.

[48]      مقتطف رقم 41.

[49]      مقتطف رقم 60.

[50]      مقتطف رقم 66.

[51]      مقتطف رقم 64.

[52]      مقتطف رقم 38.

[53]      مقتطف رقم 60.

[54]      مقتطف رقم 18.

[55]      مقتطف رقم 38.

[56]      مقتطف رقم 66.

[57]      مقتطف رقم 67.

[58]      مقتطف رقم 67.

[59]      مقتطف رقم 8.

[60]      مقتطف رقم 35.

[61]      مقتطف رقم 61.

[62]      مقتطف رقم 63.

[63]      مقتطف رقم 63.

[64]      مقتطف رقم 64.

[65]      مقتطف رقم 64.

[66]      مقتطف رقم 78.

[67]      مقتطف رقم 64.

[68]      مقتطف رقم 65.

[69]      مقتطف رقم 64.

[70]      مقتطف رقم 70.

[71]      مقتطف رقم 66.

[72]      مقتطف رقم 20.

[73]      مقتطف رقم 22.

[74]      مقتطف رقم 50.

[75]      مقتطف رقم 48.

[76]      مقتطف رقم 66.

[77]      مقتطف رقم 66.