أهميّة الفنون في نشر الأمر المبارك
وثيقة ومجموعة مستنديّة أعدّتها دائرة الأبحاث ودراسة النّصوص
التّابعة لبيت العدل الأعظم
آب/أغسطس 1998
***
لفتت رسالة الرّضوان لعام 1996م، الصّادرة عن بيت العدل الأعظم إلى البهائيّين في العالم، أنظار الأحبّاء إلى أهمّيّة الفنون وخاصّة: الفن التّصويريّ والتّخطيطيّ إلى جانب الفنّ الأدائيّ والأعمال الكتابيّة والأدبيّة في الإعلان عن الأمر المبارك واستحكامه. وستعمل هذه الوثيقة المستندة على توسيع مداركنا بهذا الخصوص. وبينما توجد عدّة مصادر عن "الفنون" مترجمة إلى الإنجليزيّة من آثار حضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء، فإنّ مصطلح "الفنون" الوارد في مثل هذه البيانات قد لا يُفهم على مقصده، ذلك لأنّ المعنى الأصليّ للكلمة غالبًا ما يتضمّن مفهومًا عن نشاطات واسعة في مجال الصّناعة، والتّجارة، والمهن المختلفة. وقد اخترنا لكم البيانات المباركة الواردة في هذه المجموعة لأنّها تُركّز بشكل رئيس على الفنّ التّصويريّ والفن الأدائيّ والفن الكتابيّ.
من آثار حضرة بهاء الله
الشّمس الحقيقيّة هي الكلمة الإلهيّة المنوط بها تربية أهل ديار المعاني والبيان، وهي الرّوح الحقيقيّ والماء المعنويّ الّذي بعونه وعنايته حيَى ويَحيَى كلّ شيء، وتجلّيها في كلّ مرآة يكون بلون تلك المرآة. فمثلًا تجلّت (أي الكلمة الإلهيّة) في مرايا قلوب الحكماء، فظهرت الحِكمة، وكذلك أشرقت في مرايا أفئدة أهل الصّناعة، فظهرت الصّنائع البديعة الفريدة، وتجلّت في أفئدة العارفين، فظهرت بدائع العرفان وحقائق التّبيان.
(مترجم عن الفارسيّة من نسخة مصوّرة بخط مشكين قلم في كتاب "مشكين قلم" المطبوع في ألمانيا سنة 1992) [1]
إنّا حلّلنا لكم إصغاء الأصوات والنّغمات إياكم أن يخرجكم الإصغاء عن شأن الأدب والوقار افرحوا بفرح اسمي الأعظم الّذي به تولّهت الأفئدة وانجذبت عقول المقرّبين. إنّا جعلناه مَرقَاة لعروج الأرواح إلى الأفق الأعلى لا تجعلوه جناح النّفس والهوى إنّي أعوذ أن تكونوا من الجاهلين.
(الكتاب الأقدس الفقرة 51) [2]
والّذين يتلون آيات الرّحمن بأحسن الألحان أولئك يدركون منها ما لا يعادله ملكوت ملك السّموات والأرضين. وبها يجدون عرف عوالمي الّتي لا يعرفها اليوم إلّا من أوتي البصر من هذا المنظر الكريم. قل إنّها تجذب القلوب الصّافية إلى العوالم الرّوحانيّة الّتي لا تعبّر بالعبارة ولا تُشار بالإشارة طوبى للسّامعين.
(الكتاب الأقدس الفقرة 116) [3]
كلّما يخرج من فمه إنّه لَمُحيي الأبدان لو أنتم من العارفين. كلّما أنتم تشهدون في الأرض إنّه قد ظهر بأمره العالي المتعالي المُحكم البديع. إذًا استشرق عن أفق فمه شمس اسمه الصّانع، بها تظهر الصّنايع في كلّ الأعصار وإنّ هذا لحقّ يقين. ويستشرق هذا الاسم على كلّ ما يكون وتظهر منه الصّنايع بأسباب المُلك لو أنتم من الموقنين. كلّما تشهدون ظهورات الصّنيعة البديعة كلّها ظهر من هذا الاسم وسيظهر من بعد ما لا سمعتموه من قبل.
(منتخبات من آثار حضرة بهاء الله رقم 74 ص96-97، طبع في ألمانيا سنة 141بديع) [4]
كلّ نفسٍ ظلّت مخلصة لأمر الله وثابتة راسخة على عهده وميثاقه تستفيض منها بعد صعودها جميع العوالم. إذ هي الخميرة النّقيّة للوجود وما يظهر فيه، ومنها تنبعث قوىً تُظهر فنون العالم وعجائبه.
(منتخبات من آثار حضرة بهاء الله رقم 82 ص108) [5]
كان كلّ كلمة من أشعارك ،في الحقيقة، مرآة انعكست فيها مدى إخلاصك ومحبّتك لله وأوليائه، هنيئًا لجنابك بما شربت رحيق البيان وسلسبيل العرفان وهنيئًا لمن شرب وفاز وويلٌ للغافلين. والحقّ أقول أنّنا تأثّرنا بعد مطالعتها لأنّها كما كانت تُعبّر عن نور الوصال كانت أيضًا مشتعلة بنار الفراق.
(من لوح مقصود – مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله نزلت بعد الكتاب الأقدس، ص.156) [6]
من آثار حضرة عبد البهاء
يا باربد[1] الله... في هذا العصر، على طيور الأنس في حدائق القدس أن يرفعوا صوت الغناء والألحان على شأنٍ يُثير الوجد في طيور المروج فترفرف عاليًا. وعليهم في هذا الاحتفال الرّبّانيّ ومجلس الأنس والطّرب السّماويّ أن يعزفوا على القيثارة والعود والرّبابة والكمان على نحوٍ يمتلئ به أهل الشرق والغرب فرحًا وغبطة، وتأخذهم نسمات السّعادة والحبور. عليك الآن برفع لحن تلك الرّبابة وعزف نغمات ذلك العود حتّى تدبّ الحياة في جسد باربد، وتَهَبَ رودكي[2] الرّاحة والسّكون، وتُحرّك الفارابي[3] في مرقده، وتهدي ابن سينا[4] إلى سيناء الله. وعليك التّحيّة والثّناء.
(مترجم عن الفارسيّة، كنجينه حدود وأحكام ص195-196) [7]
آمل من صميم فؤادي أنْ تحفظ عن ظهر قلب جميع الأشعار الفارسيّة الّتي أنزلها الجمال المبارك، وتنشدها في المجالس والمجامع البهائيّة بصوتٍ عذبٍ لا يُضاهى. لن يطول الوقت حتّى تُلَحَّن هذه الأشعار بالموسيقى الغربيّة وتطاول نغماتها العذبة عنان الأفق الأبهى بغاية الفرح والحبور.
(مترجم عن الإنجليزيّة) [8]
يجب النّهوض بفن الموسيقى إلى أعلى مستويات التّطوّر لأنّه من أعظم الفنون البديعة. وفي هذان العصر المنير "سيّد العصور في الوحدة والاتّحاد"، من الضّروريّ جدًا أنْ يتبوّأ هذا الفن مكانة السّيادة. ومهما يكن من أمر، على الفرد أن يُجاهد في الوصول إلى الكمال في الفنون، ولا يكون كمن يترك الأمور دون إكمالها.
(مترجم عن الإنجليزيّة) [9]
يا عندليب حديقة الورد الإلهيّة، إنّ الألحان تُنعش الرّوح وتجلب السّعادة لعالم النّاسوت. ويمتلئ السّامعون بهجةً سرورًا وتتحرّك مشاعرهم من الأعماق، إلّا أنّه إحساس عابر سرعان ما يُنسى. الحمد لله الّذي مزج ألحانك بنغمات الملكوت الّتي سَتَهَبُ عالم الرّوح بهجةً سرورًا، وستبقى دومًا مبعث المشاعر الرّوحانيّة إلى الأبد رغم تقادُم القرون والأعصار.
(مترجم عن الإنجليزيّة) [10]
يا عبدًا للبهاء، الموسيقى في عداد العلوم الممدوحة لدى عتبة الكبرياء، حتّى تُرتّل الآيات بأبدع النّغمات في المجامع الكبرى والصّوامع العظمى، وتصدح لحنًا من مشرق الأذكار يهتزّ له الملأ الأعلى. وبهذا أدرك كم هو ممدوح ومقبول فنّ الموسيقى. فحاول، إن استطعت، أن تأخذ بالألحان الرّوحانيّة والإيقاع والمقامات واجعل الموسيقى متناغمة مع الّلحن اللّاهوتيّ، وعندها ستُلاحظ كم سيكون لها من تأثير، وأيّة روح وحياة ستهبها. واعزف لحنًا تجد منه بلابل الأسرار نشوى بالفرح والسّرور. وعليك التّحيّة والثّناء. ع ع
(مترجم عن الفارسيّة، كنجينه حدود وأحكام ص196-197) [11]
إنّني في غاية السّرور لأنْ أسمع أنّك تبذل جهدًا كبيرًا في فنّك. إنّ الفنّ في هذا العصر المجيد بمثابة العبادة. وكلّما جاهدت فيه للوصول إلى الكمال، ازداد قربك من معبود السّموات والأرضين. فأيّة موهبة أعظم من هذا أنْ يكون الإنسان في ممارسة فنّه كمن يتعبّد لله الحقّ. أي أنّك عندما تُمسك بفرشاة الرّسم فكأنّما تقرأ الدّعاء في مشرق الأذكار.
(مترجم عن الأصل الفارسيّ – يُمكن أن يكون المخاطب أنثى أو ذكرًا) [12]
إنّ تربية الأطفال وترويج العلوم والفنون والحِرَف المختلفة من أعظم الأعمال في جميع الخدمات الكبيرة. الحمد لله أنّكم قائمون على ذلك بكلّ همّة ونشاط. وكلّما سرتم وثابرتم في هذا الدّرب الجليل كلّما شاهدتم التّأييدات الإلهيّة تَتْرى، حتّى أنّكم أنفسكم تَعجبون لذلك.
(مترجم عن الأصل الفارسيّ) [13]
أيّها الطّير المُغرّد بالّلحن الجميل، خَرَقَ الجمال الأبهى في هذا الدّور البديع حُجُباتِ الأوهام وأدان تعصّبات أهل الشّرق. فقد كانت الألحان والأنغام مذمومة لدى بعض المِلل في الشّرق. أمّا في هذا الدّور البديع فقد صرّح النّور المبين في ألواحه المقدّسة أنّ الألحان والنّغمات هي الغذاء الرّوحانيّ للقلوب والأرواح.
إنّ الموسيقى من الفنون الممدوحة وسبب رقّة القلوب المغمومة. إذن يا شهناز[5] اعزفي الّلحن البديع ورتّلي الآيات والكلمات الإلهيّة بنغمات تُحيي الرّوح في المجامع والمحافل، حتّى تتحرّر قلوب المستمعين من سلاسل الغموم والهموم، وتهتاج القلوب والأرواح وتقوم على التّبتّل والتّضرّع إلى الملكوت الأبهى. وعليكِ البهاء الأبهى. ع. ع.
(مترجم عن الفارسيّة/كنجينه حدود وأحكام ص194) [14]
فإذن يا أحبّاء الله، ابذلوا غاية الجهد أنْ تُصبحوا مظهر هذه الترقّيات والتّأييدات، ومركز السّنوحات الرّحمانيّة، ومشرق أنوار الأحديّة، ومروّجي المواهب المدنيّة، وكونوا في ذلك الصّقع هاديًا للكمالات الإنسانيّة. وقوموا على ترويج العلوم والمعارف، واسعوا إلى ترقية الفنون والصّنايع، واعملوا على تحسين الأخلاق، وكونوا السّبّاقين بين أهل الآفاق في حُسن الخصال والأخلاق. ارضِعوا الأطفال منذ نعومة الأظفار من ثدي التّربية، وربّهم في مهد الفضائل، وأنشئوهم في حصن الموهبة الإلهيّة، ومكّنوهم من الانتفاع من كلّ علم مفيد، واجعلوا لهم نصيبًا من كلّ الصّنايع والفنون...
(مترجم عن الفارسيّة، منتخبات من مكاتيب حضرة عبد البهاء رقم 102 ص126) [15]
يا مظاهر الألطاف الإلهيّة، إنّ الأساس المتين في هذا الدّور البديع تعليم الفنون والمعارف. وطبقًا للنّصوص الإلهيّة فإنّ على جميع الأطفال تحصيل الفنون بالدّرجة اللّازمة. ولهذا يجب تأسيس المدارس في كلّ مدينة وقرية لينشغل كلّ طفل فيها في الدّراسة والتّحصيل بالمستوى الضّروري لكلّ منها.
(مترجم عن الفارسيّة، منتخبات من مكاتيب حضرة عبد البهاء رقم 109 ص131) [16]
يا ابن الملكوت، كلّ الأشياء مفيدة إذا اقترنت بمحبّة الله. وبدون هذه المحبّة تغدو الأشياء مُضرّة وسببًا في الاحتجاب عن ربّ الأرباب. وحيثما وُجدت محبّة الله يُصبح المُرّ حُلوًا والنّعم والآلاء سعادة تامّة. فالنّغمات الموسيقيّة، مثلًا، تهِب النّفوس المنجذبة روح الحياة، إلّا أنّها مع النّفوس الغارقة في شؤون النّفس والهوى تُلوّثها بالشّهوات.
(مترجم عن الفارسيّة، منتخبات من مكاتيب حضرة عبد البهاء رقم 154 ص176) [17]
أيّا الطائر عذب الألحان، قرأت أشعارك العذبة الجميلة في كتابك الصّغير. كانت لي مصدرًا للسّرور، لأنّها كانت ترنيمة روحانيّة ولحن محبّة الله.
واصل ما استطعت تقديم هذا الّلحن في مجامع الأحبّاء لعلّ تجد العقولُ منها سلسبيلَ الرّاحة والحبور وتتمايل بلحن محبّة الله. وعندما تتّحد بلاغة التّعبير ونُبل الإحساس وعذوبة الكلمات بالألحان الجيدة تُشرق على الوجوه بتأثير يبقى عظيمًا، خاصّة إذا كانت ترنيمة لآيات التّوحيد وأنشودة لتسبيح الربّ المجيد.
ابذل غاية وُسعِكَ في نَظْم الأشعار الجميلة حتّى تُرتّل بالألحان السّماويّة لِتؤثّر في عقول السّامعين حلاوتها، وتنطبع في قلوبهم صورتها.
(مترجم عن الإنجليزيّة) [18]
يا أيّها الشخص الجليل، أشكر ربّك بما أنت فيه من تعلُّم الموسيقى والألحان، والتغنّي والتّسبيح بالحيّ القيّوم بالصّوت الجميل. أدعو الله أنْ يُمكّنك من تكريس هذه الموهبة في المناجاة والابتهال، حتّى تحيى الأرواح وتنجذب القلوب ويشتعل الجميع بنار محبّة الله.
(مترجم عن الإنجليزيّة) [19]
والإدراكات في الرّتبة الأوّليّة في عالم الطّبيعة هي النّفس النّاطقة. وجميع البشر مشترِك في هذه القوّة وتلك الإدراكات سواء في ذلك الغافل والعاقل، والمؤمن والضّال. وهذه النّفس النّاطقة الإنسانيّة خلقها الله محيطة ممتازة على سائر الكائنات. ولمّا كانت أمْيَز وأشرف كانت محيطة بالأشياء وتدرِك خواص الكائنات وتهتدي إلى أسرار الموجودات. فهذه الفنون والمعارف والصّنائع والبدائع والتّأسيسات والاكتشافات والمشروعات كلّها من إدراكات النّفس النّاطقة.
(مفاوضات عبد البهاء – الطبعة القديمة – رقم 95 ص195-196) [20]
يا له من لقاء بديع! فهؤلاء أطفال الملكوت. لقد كان النّشيد الّذي استمعنا إليه للتّوّ جميلًا في لحنه وكلماته. إنّ فنّ الموسيقى إلهيّ ومؤثّر، وهو غذاء للنّفس والرّوح. فبقوّة الموسيقى وسحرها تسمو روح الإنسان. وللموسيقى أثر ووقْع بديع في قلوب الأطفال، لأنّ قلوبهم صافية نقيّة ممّا يجعل للألحان تأثيرًا عظيمًا عليهم. فالمواهب الكامنة، الّتي تنعم بها قلوب هؤلاء الأطفال، سوف تجد لها تعبيرًا بواسطة الموسيقى. فاجهدوا إذًا كي تجعلوهم مهرة وتعلّموهم الغناء بإتقان وتأثير. إنّه يتعيّن على كلّ طفل أن يعرف قدرًا من الموسيقى، لأنّه بغير معرفة هذا الفنّ لا يمكن الاستمتاع السّليم بألحان الآلة والصّوت. ومن الضّروريّ بالمثل أن تقوم المدارس بتعليم الموسيقى حتّى تنتعش أرواح التّلاميذ، وتنشرح صدورهم، وتشرق حياتهم بهجةً وسرورًا.
(ترويج السّلام العالميّ، من خطب حضرة عبد البهاء في الولايات المتّحدة وكندا،1997، ص. 75) [21]
تحدّث أحد الممثّلين عن التّمثيل المسرحيّ (الدّراما) وتأثيره. وتفضّل حضرة عبد البهاء: "إنّ للتمثيل المسرحيّ دورًا غاية في الأهميّة. كان دوره في الماضي قويًا وفعّالًا في التّعليم وسيعود إلى سابق عهده." ثمّ وصف حضرته كيف أنّه وهو صبيّ صغير شاهد تمثيليّة دينيّة حول ما تعرّض له الإمام عليّ من خيانة وآلام، وكيف أثّرت فيه في الأعماق وجعلته يبكي، وفارقه النّوم عدّة ليالٍ.
(نُشرت في كتاب "عبد البهاء في لندن" صدر عن دار النّشر البهائيّة في أوكهام 1987 ص93) [22]
تفضّل حضرة عبد البهاء: ... الفنّ كلّه موهبة من الرّوح القدس. فعندما سطع هذا النّور في عقل الموسيقار يبزغ للوجود على شكل ألحانٍ بديعةٍ. ويسطع مرّة أخرى في عقل الشّاعر فتراه على شكل قصيدة أو نثر شعريّ أخّاذ. وعندما تُنير شمس الحقيقة فِكر الرسّام، يُعطينا لوحات رائعة. وتُحقِّق هذه المواهب هدفها الأسمى عندما تتغنّى بالخالق مدحًا وثناءً.
(كتاب "الطريق المختار" – اللّيدي بلومفيلد. صدر عن دار الطّبع والنّشر البهائيّة في ويلمت 1954 ص167) [23]
من الطّبيعيّ للقلب والرّوح أنْ يشعرا بالسّرور والاستمتاع بجميع الأشياء الّتي يتوفّر فيها التّماثل والتّناسق والكمال. ومثال ذلك: البيت الجميل، الحديقة الّتي أُتقِن تنسيقها، الخطوط المتماثلة، الحركة الجميلة الرشيقة، الكتاب القيِّم، الأثواب الجميلة... وكلّ الأشياء الّتي تتمتّع بمسحة الرّشاقة والجمال تُعدّ في الحقيقة مصدر غبطة للقلب والرّوح... ولذلك فإنّه من المؤكّد بأنّ الصّوت الصّادق يبعث السّرور العميق.
(مترجم عن الإنجليزيّة) [24]
من آثار حضرة شوقي أفندي
إنّ هذا التّقديس والتّنزيه بما يقتضيه من عفّة وطهارة يستلزم الاعتدال في جميع المراتب والأحوال: في الملبس ثم الألفاظ والكلمات وممارسة المواهب الفنّيّة والأدبيّة وكذا الأمر في الابتعاد عن المُشتهيات النّفسيّة وترك العادات والأهواء السّخيفة وأساليب اللّهو الرّذيلة الّتي تحط من مقام الإنسان وتهوي به من أوج العزة إلى حضيض الذّلّة، كما يدعو بقوة إلى اجتناب المسكرات والأفيون وسائر العادات الضّارّة، فالتّقديس والتّنزيه يمنع المتاجرة بالفنّ والأدب ويحرّم ظاهرة التّعرّي والزّواج الرّفاقيّ والخيانة في العلاقات الزّوجيّة وجميع أشكال العلاقات الجنسيّة غير المشروعة ويبرأ من كلّ ما ينافي الأحكام والشّرائع الإلهيّة، ولا يتّفق بأي وجه من الوجوه مع الأحوال السّائدة وموازين الآداب غير المرضية لهذا العصر المنحطّ والمتّجه نحو الزّوال. إنّه يكشف عمليًّا ويقيم الدّليل القاطع على بطلان هذه الأفكار وانحطاط هذه الطّرق ومفاسد تلك التّجاوزات."
(مترجم عن كتاب " ظهور العدل الإلهيّ" لحضرة وليّ أمر الله (مقتطف نُشر في "ظهور العدل الإلهيّ" – ويلمت – هيئة الطبع والنشر البهائيّة سنة 1990 ص30) [25]
من رسائل كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي
يود حضرته إعلامكم بوصول رسالتكم المؤرّخة 27 تشرين الأوّل/أكتوبر 1931، والمرفقة بها معزوفة موسيقيّة بعنوان "غريب يعيش الوحدة". يحدوه غاية الأمل أنّه، بنموّ الأمر المبارك ودخول أشخاص موهوبين في ظلّه، سيبدأون في إنتاج أعمال فنّيّة تنبعث منها نفحات سماويّة استفاضت منها أرواحهم. كلّ رسالة سماويّة أتت بأشكال من الفنون... دعونا نرى ما سيجلبه لنا الأمر المبارك من روائع، فروح رائعة مجيدة ستُتْحفنا بفنّ رفيع رائع. وما مشرق الأذكار بما فيه من روعة وجمال إلّا الشّعاع الأوّل من تباشير الفجر، وسيشهد المستقبل إنجازات أخرى رائعة.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 11 كانون الأوّل/ديسمبر 1931) [26]
يرغب حضرته في إعداد فصل جديد من كتاب "العالم البهائيّ" خاصّ بأكمله بما كتبه البهائيّون من شعر. ومع أنّها بداية قد تكون متواضعة، إلّا أنّها خطوة نحو مستقبل عظيم بإنجازاته. يودّ حضرة شوقي فندي أنْ يُشجّع أصحاب المواهب على التّعبير عن الرّوح الرّائعة الكامنة في كينونتهم. نحتاج إلى شعراء وكتّاب في الأمر المبارك، ولا شكّ أنّ تخصيص هذا الفصل هو أسلوب جيّد لحثّهم المضيّ في ذلك. كتب بعض القصائد شباب في مُقتبل العمر فكانت صادقة المشاعر وعبّرت عن أفكار تستحقّ التّأمّل والإعجاب. وفي إيران، أَلْهَمَ الأمر الإلهيّ شعراء غير بهائيّين فَنَظَموا شعرًا يُعدّ رفيع المستوى، نأمل في المدى القريب أن نرى أمثالهم يبرزون في الغرب.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 2 كانون الثّاني/يناير 1932) [27]
ما لا شكّ فيه أنّ بانتشار روح حضرة بهاء الله سيُطلّ علينا عصر جديد من الفنون والآداب. وما كان يُعتبر في السّابق كاملًا شكلًا، كان يفتقر إلى الرّوح. أمّا في هذا العصر فسيحتضن الشّكل ألق الرّوح، ويرفع عباقرة العِلم مستوى المقاييس والمعايير.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 3 نيسان/أبريل 1932) [28]
يودّ حضرة شوقي أفندي أن يُعلمك باستلامه رسالتك المؤرّخة 18 أيّار/مايو 1932. لقد سرّه إعجابك بكتاب "مطالع الأنوار"، ولا شكّ أنّ أعظم مكافأة يُمكن أن تُمنح لحضرته أنْ يرع هذا العمل، الّذي كلّفه الجهد الكبير والقلق، يُساعد الأحبّاء على فهم أفضل وأشمل لتلك الرّوح الّتي انبلجت في أمر الله وفي الحياة المُثلى لأولئك الأبطال الذين أطلّوا على العالم بتلك الرّوح. يُخالج حضرته خالص الأمل بأنّ الأحبّاء عندما يقرأون هذا الكتاب سيهبّون نحو نشاطات أعظم، ويرتقون مستويات من التّضحيات أرفع، ويصِلون إلى إدراكٍ أعمق لهذا الأمر الّذي وُضعت في أعناقهم مسؤوليّة انتشاره وانتصاراته الكبرى. وبعض من قرأوه أدركوا أنّ أحدًا لا يستطيع أن يعي مغزى حياة هؤلاء الأبطال وتضحياتهم، ولا يمكن أن تُسدّد خُطاه إلّا إذا سار على نهجهم في الحياة.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 20 حزيران/يونيو 1932) [29]
لقد كان حضرة شوقي أفندي مهتمًّا جدًّا أن يعرف عن النّجاح الّذي حقّقه برنامجك الّذي أنتجته بعنوان "مهرجان الأمم"، وله وطيد الأمل في أنّ جميع من شاهدوه قد غمرتهم تلك الرّوح الّتي شملتك أثناء إعدادك البرنامج.
فمن خلال هذه العروض يُمكننا أن نُثير اهتمام أعداد كبيرة من النّاس بروح الأمر المبارك، وسيأتي اليوم الّذي سينتشر فيه الأمر الإلهيّ كما تنتشر النّار في الهشيم عندما تُقَدَّم روحه وتعاليمه على المسرح أو بالفنّ والأدب بشكل عام. فالفنّ بمقدوره إيقاظ أحاسيس نبيلة كهذه ويعمل بأفضل مما تفعله مخاطبة العقل بأسلوب بارد خاصّة بين جمع من النّاس.
وما علينا سوى أنْ ننتظر بضع سنين لنرى كيف أنّ الرّوح الّتي نفثها حضرة بهاء الله ستجد تعبيرًا لها في أعمال الفنّانين، وما تقوم به أنت وبعض البهائيّين الآخرين من محاولات ما هي إلّا بصيص شعاع خافت يسبق أشعّة النّور السّاطعة لصباحٍ مشرقٍ منيرٍ. لا يُمكننا، بعد، تقييم الدّور الّذي قُدِّر للأمر المبارك أن يقوم به في حياة المجتمع الإنسانيّ. ولهذا لابد من إعطاء الوقت الكافي. فالنّواحي المادّيّة الدّنيويّة والّتي يتوجّب على الرّوح أن تُهذّبها وتُنضجها لا تزال فجّة قاسية غير جديرة باهتمامنا، إلّا إنّها ستنهار في النّهاية وتُفسح المجال أمام أمر الله ليكشف عن نفسه بنفسه بأبهى صورة وأكمل وجه.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 10 تشرين الأوّل/أكتوبر 1932) [30]
يُقدِّر حضرة وليّ أمر الله ما وضعته من ألحان، فهي بالفعل تحكي عن حقائق الأمر المبارك، وستساعدك حقًّا في تبليغ رسالة حضرة بهاء الله للشّباب النّاشئين. إنّها الموسيقى الّتي تساعدنا على التّأثير في الرّوح الإنسانيّ. وهي وسيلة هامّة تُعيننا على الاتّصال بالرّوح. وبمساعدتك هذه، يأمل حضرته أن تُتْحف النّاس بهذه الرّسالة الإلهيّة وتجلب نفوسهم إليها.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 15 تشرين الثّاني/نوفمبر 1932) [31]
إنّ ما قصده حضرة بهاء الله في المقام الأوّل من قوله: "العلوم الّتي تبدأ بالكلام وتنهي بالكلام.." هي الأبحاث اللّاهوتيّة وما فيها من شرح وتعليق يَثْقُل على فكر الإنسان استيعابه أكثر ممّا يعينه على استخلاص الحقيقة والوصول إليها. فالطّلّاب يُكرّسون حياتهم لهذه الدّراسة دون الحصول على شيء من الحقيقة. ولم يقصد حضرته أبدًا، وبكلّ تأكيد، أنْ يضمّ إليها الأدب القصصيّ والاختزال والطّباعة بالآلة الطّابعة، إذ هي مواهب مفيدة وضروريّة جدًّا لحياتنا الاجتماعيّة والاقتصاديّة المعاصرة.
ما يُمكنك أن تفعله، ويجب أن تقوم به، استغلال ما تكتبه من قصص حتّى يكون مصدرًا لإرشاد القارئين وذا تأثير مُلهم. وبأساليب كهذه متاحة لك يُمكنك نشر روح الأمر المبارك وتعاليمه السّامية، وكذلك إبراز الشّرور والمفاسد المتغلغلة في المجتمع الإنسانيّ وطريق الخلاص والشّفاء. فإذا ما وُهِبْتَ مَلَكَة حقيقيّة في الكتابة فاعتبرها منحة إلهيّة وركّز جهودك في استعمالها لصالح الإنسانيّة.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 30 تشرين الثّاني/نوفمبر 1932) [32]
هزّت مشاعري قصيدتك عن "نبيل"... وكلّ قصيدة أخرى بقلمك المُلْهَم تدور حول جملة أو فصل من قصّة "نبيل" الخالدة ستلقى منّي التّرحيب. فأنت بذلك تُقدِّم للأمر المبارك خدمات جُلّى فريدة. كُن سعيدًا وتابع سعيك المبارك هذا.
(من تعليق بخطّ يد حضرة شوقي أفندي مؤرّخ 6 آب/أغسطس 1933، ورد على رسالة كُتبت بالنّيابة عنه) [33]
حول سؤالك الرّئيس، فيما يتعلّق بأغاني التّسبيح والتّرتيل في الاجتماعات البهائيّة، فإنّ حضرته يودّ أن يؤكّد لك أنّه لا يرى مانعٍا من ذلك على الإطلاق. فالموسيقى، بلا شكّ، عنصر هام ومظهر من مظاهر الاجتماعات البهائيّة. وقد أكّد حضرة المولى (عبد البهاء) نفسه على أهميّة ذلك. إلّا أنّه على البهائيّين ألّا يخرجوا في ذلك عن حدّ الاعتدال كما في باقي الأمور، وأن يبذلوا جهدًا كبيرًا في الحفاظ على الطّابع الرّوحانيّ في جميع اجتماعاتهم. فالموسيقى يجب أن تسمو بالمستمعين روحانيًّا، فإذا ما خَلَقَت جوًّا كهذا، فلا اعتراض عليها البتّة.
ومع ذلك فإنّ هناك أمر حيويّ هامّ، ذلك هو التّمييز بين الأناشيد والتّراتيل الّتي يُعدّها البهائيّون والآثار المباركة الّتي تُتلى باللّحن.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 17 آذار/مارس 1935) [34]
بالنّسبة لسؤالك عن جواز تأليف التّمثيليّات التّاريخيّة البهائيّة طالبًا النّصح والإرشاد في ذلك: إن حضرة وليّ أمر الله يؤكّد لكم موافقته، بل ويُشجّع الأحبّاء الانخراط في مثل هذه الأعمال الأدبيّة الّتي ستعود على تبليغ أمر الله بعظيم النّفع بكلّ تأكيد. إلّا أنّه يرغب في أنْ يتجنّب الأحبّاء تمثيل شخصيّة حضرة الباب أو حضرة بهاء الله أو حضرة عبد البهاء، أي بمعنى استعمال هذه الشّخصيّات المقدّسة لإثارة المشاعر وإلهاب الحماس على المسرح، إذ أنّ ذلك كما يشعر، وكما أشار إليه سابقًا، مظهر من مظاهر عدم الاحترام لتلك الشّخصيّات. والحقيقة المجرّدة تقول أنّه مهما بلغت دقّة الممثّل في الأداء والتّعبير فلن يرقى ذلك إلى صورتهم النّقيّة ومكانتهم الرّفيعة. أمّا مضمون رسالتهم أو كلماتهم المقدّسة فمن المفضّل أن تُقدَّم من قِبل الأحبّاء الّذين يظهرون على المسرح.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 25 تمّوز/يوليو 1936) [35]
[36[ لقد سُرّ أيضًا حضرة وليّ أمر الله عندما علم باهتمامكم الكبير بالموسيقى، ورغبتكم في خدمة الأمر المبارك في هذا المجال. ومع أنّنا نشهد بداية الفنّ البهائيّ في مراحله الأولى، فإنّ على الأحبّاء، الّذين يشعرون بأنّهم وُهبوا مثل هذه المواهب، أن يُكرّسوا جهدهم في تطويرها. وبأعمالهم الفنّيّة سوف يعكسون الرّوح الإلهيّة الّتي نفثها حضرة بهاء الله في العالم حتّى وإنْ لم تكن هذه الأعمال بالكفاءة والإتقان المطلوبيْن.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 4 تشرين الثّاني/نوفمبر 1937) [36]
... لقد استفسرت عمّا سيكون عليه مصدر إلهامات الموسيقيّين البهائيّين، أهي الموسيقى القديمة أم الكلمة الإلهيّة؟ ربّما ليس بإمكاننا استباق الرّؤية، ونحن نقف على أعتاب ثقافة وحضارة بهائيّة قادمة، فكيف ستكون عليه فنون المستقبل شكلًا وخصائصَ في ظلّ إلهامات الظّهور الإلهيّ الجديد؟!. كلّ ما نستطيع تأكيده أنّها ستكون فائقة الرّوعة، كما تفاعلت كلّ رسالة سماويّة بالثّقافة القائمة وأثمرت أشكالًا متعدّدة، فكذا الأمر في ديننا المفدّى الّذي نتوقّع أن بالدّور نفسه. وعليه، فمن السّابق لأوانه حاليًا محاولة تصوّر ما سوف تكون عليه الفنون مستقبلًا.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 23 كانون الأوّل/ديسمبر 1942) [37]
الموسيقى، باعتبارها فنًّا من الفنون، هي مظهر من مظاهر التطوّر الحضاريّ والثّقافيّ. ولا يشعر حضرة وليّ أمر الله أنّه من الواجب تعهّد ورعاية ما يُمكن أنْ نُسمّيه "موسيقى بهائيّة" أو تأسيس مدرسة بهائيّة للرّسم أو الأعمال الكتابيّة. هناك آفاق من الحريّة أمام الأحبّاء للرّسم والكتابة والتّلحين كما يحلو لهم طبقًا لمواهبهم. فإذا وضعت الموسيقى تعبيرًا عمّا جاء في الآثار المباركة، فإن الأحبّاء أحرار في استعمالها، شريطة ألّا تُعتبر من مستلزمات الاجتماعات البهائيّة. وكلّما ابتعد الأحبّاء عن أنماط موضوعة كلّما كان أفضل لهم، ذلك لأنّ عليهم أنْ يُدركوا أنّ الأمر الإلهيّ عالميّ في طبيعته على الإطلاق، وما قد يبدو جميلًا ومناسبًا للاحتفال بعيدٍ من الأعياد أو غيره قد يَثقُل على الأحبّاء سماعه في مناطق أخرى ولا يستسيغونه، والعكس صحيح. طالما أنّ لديهم موسيقى لاستخدمهم الخاصّ، فلا بأس بذلك، إلّا أنّ عليهم ألّا يعتبروها "موسيقى بهائيّة".
(رسالة لأحد المحافل الرّوحانية المركزية مؤرّخة 20 تمّوز/يوليو 1946) [38]
... يرغب حضرته أنْ يُوجّه عناية محفلكم الرّوحانيّ إلى أمرٍ هامٍ جدًا، ذلك هو الاسم الأعظم، فالشّخص الغربيّ، الّذي لم يَعْتَدْ على الفنّ الشّرقيّ، هذا الفنّ الّذي قطع شوطًا في التّقدّم، فإنّ أيّ نقش للاسم الأعظم يتضمّن عناصره المطلوبة يُعَدّ في نظره اسمًا أعظم. أمّا بنظر الشّرقيّ فقد يبدو ذلك شاذًّا، ذلك لأنّ التّناسب ضروريّ جدًّا ويجب مراعاته. فلا يجوز عند كتابة "الاسم الأعظم" أنْ نلجأ إلى مدّ الخط إلى الأمام أو الأعلى لنملأ فراغًا أو دائرة.
(رسالة لأحد المحافل الرّوحانيّة المركزية مؤرّخة 22 كانون الأوّل/ديسمبر 1948) [39]
[40[ كان كنديًّا من أصل فرنسيّ، ذلك هو الشّخص الّذي وضع، بتصوّره ومهارته، تصميم بناء مشرق الأذكار الأوّل في الغرب وخطوطه المميّزة لشكله. وبذلك سجّل المحاولة الأولى، على بدائيّتها، معبّرًا عن ما سيكون عليه الفنّ البهائيّ من وفرة وكمال، والّذي لم يُكشف لأعين العالم بعد.
(من تعليق لحضرة شوقي أفندي كتب على رسالة كُتبت بالنّيابة عنه لأحد المحافل الرّوحانيّة المركزيّة مؤرّخة 1 آذار/مارس 1951) [40]
الموسيقى فنّ من الفنون، وأنبياء الله ورسله لم يُعلّموا النّاس الفّنون، إلّا أنّ الدّين الإلهيّ، بما فيه من قوى هائلة إبداعيّة خلّاقة، عندما يُشرق على العالم بالتّدريج، تبرز للوجود أشكال من الفنون رائعة. ويُمكننا مشاهدة ذلك في الأساليب المختلفة للفنّ المعماريّ وفنّ الرّسم الّذي اقترن بالمسيحيّة والإسلام والبوذيّة والحضارات الأخرى. وبالمثل، فقد تطوّرت الموسيقى ونمت عبيرًا عن تراث الأمم والشّعوب.
نحن نؤمن بأنّ الرّوح البهائيّة عندما تعمّ العالم في المستقبل وتُغيّر المجتمع الإنسانيّ من أعماقه، سيتأثّر فنّ الموسيقى بها. إلّا أنّه لا وجود لشيء اسمه الموسيقى البهائيّة. وكلّ ما تذكره التّعاليم المباركة عن الموسيقى بأنّها تؤثّر في قلب الإنسان وروحه تأثيرًا عميقًا جدًّا، ولها تأثيرها القويّ في التّسامي والرّفعة.
(من رسالة إلى أحد الأحبّاء مؤرّخة 3 شباط/فبراير 1952) [41]
فيما يتعلّق بالمواضيع الّتي أثرتها في رسالتك: ليس في التّعاليم البهائيّة ما يمنع الرّقص، إلّا أنّ الأحبّاء يجب ألّا يغيب عن بالهم أنّ مقياس حضرة بهاء الله هو الاعتدال والطّهارة والعفّة. إنّ جوّ القاعات في الرّقص الحديث عبِق برائحة الدّخان والمشروبات وما فيها من اختلاط سيّئ وتوابعه يُعدّ جوًّا سيّئًا للغاية، أمّا الرّقص المحتشم فلا ضرر منه بمن يُمارسه، ولا ضرر أيضًا بالتّأكيد من الرّقص الكلاسيكيّ أو من تعلّم الرّقص في المدرسة، ولا ضيْر أيضًا في التّمثيل المسرحيّ أو السّينمائيّ. فالأذى اليوم ليس في الفنّ نفسه، بل لسوء الطّالع، بما يُحيط بهذه الفنون من مفاسد في أغلب الأحيان. وعليه، فإنّ علينا كبهائيّين الابتعاد كليًّا عن تلك الفنون والتّصرّفات الّتي تلازمها في بعض الأحيان، لا أنْ نهجر كلّ الفنون ونتجنّبها.
(رسالة لأحد المحافل الرّوحانية المركزيّة مؤرّخة 30 حزيران/يونيو 1952) [42]
من رسائل كتبها بيت العدل الأعظم أو كُتبت بالنّيابة عنه
يجب أن يكون الإعلان عن الأمر المبارك معبّرًا ومجلّلًا بالوقار والإجلال. فالأسلوب المُتوهّج المُبهر الّذي قد ينجح في جلب اهتمامٍ مبدئيٍّ كبيرٍ للأمر المبارك قد يَثْبُت في النّهاية أنّه تسبّب في نفورٍ يتطلّب جهدًا كبيرًا للتغلّب عليه. إنّ مقياس الوقار والإجلال الّذي وضعه لنا حضرة وليّ أمرنا المحبوب يجب مراعاته في كلّ الأحيان خاصّة في عالم الموسيقى والدّراما (المسرح)، ناهيك عن وجوب الحصافة في استعمال شمائل المولى (حضرة عبد البهاء). ولا يعني هذا إفساد نشاطات الشّباب، على سبيل المثال، أو التّقليل من شأنها. فالمرء بإمكانه أن يشعّ حيويّة ونشاطًا دون الابتعاد عن الوقار أو المساس بالمقام الرّفيع للأمر الإلهيّ.
(من رسالة لبيت العدل الأعظم موجّهة إلى كافّة المحافل الرّوحانيّة المركزيّة مؤرّخة 2 تمّوز/يوليو 1967) [43]
... نشعر أنّه من المفيد لكم أنْ تعلموا أنّ التّراتيل المقدّسة كلماتها من آثار حضرة الباب وحضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء مناسبة تمامًا للقسم الرّوحانيّ في الضّيافة التّسع عشريّة، وتدخل فيها التّراتيل الفارسيّة بطبيعة الحال، إذ أنّ جذورها تمتدّ إلى تقاليد مختلفة. إنّها أسلوب لمزج الكلمة المقدّسة بالموسيقى، وكلّ سالكٍ في هذا المضمار إنّما يعكس أحاسيسَه وأسلوبَ تعبيره عن الكلمات الّتي يُردّدها. أمّا عن الأناشيد ذات الكلمات الشّعريّة الّتي يؤلّفها شعراء غير الشّخصيّات الرّئيسة الثّلاثة، فقد يكون مرغوبًا فيها ولكن في مكانها المناسب...
وحيث أنّ روح اجتماعاتنا تتأثّر إلى حدٍّ بعيدٍ بأسلوب تعبّدنا ونوعيّته، وبإحساسنا ومدى تقديرنا للكلمة الإلهيّة الفائضة في عصرنا الحالي، يحدونا وافر الأمل أنْ تُشجّعوا على إظهار أرفع وأبدع التّعبيرات الممكنة عن الرّوح الإنسانيّ ضمن جامعتكم المحلّيّة بواسطة الموسيقى ضمن أساليب التّعبير الأخرى.
(من رسالة بيت العدل الأعظم لأحد المحافل الرّوحانيّة المركزيّة مؤرّخة 22 شباط/فبراير 1971) [44]
إنّك على حقّ في مفهومك، إنّ رسم شمائل حضرة الباب وحضرة بهاء الله أمر ممنوع بالكليّة. وهذا ما وضعه حضرة وليّ أمر الله وهذا ينطبق على كافّة رسل الله.. أمّا شمائل حضرة المولى (عبد البهاء)، صوره أو رسمه، فيُمكن وضعها في الكتب المؤلّفة. ويجب أنْ نتجنّب تمامًا تمثيل شخصيّته على المسرح، أو في أعمال أخرى تصوّره كأحد الشّخصيّات الدّراميّة. ومع ذلك لا مانع من التّعبير الرّمزيّ عن هذه الشّخصيّات المقدّسة شريطة ألّا يغدو ذلك طقسًا من الطّقوس، وأنْ نراعي في الرّمز المستخدم كلّ إجلال ووقار.
(رسالة بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 3 كانون الأوّل/ديسمبر 1972) [45]
مع أنّ أفرادًا فنّانين مثل مارك توبي وغيره تأثّروا ،بلا شكّ، وألهمهم حبّهم لحضرة بهاء الله ورسالته، إلّا أنّه من السّابق لأوانه التّحدّث عن تأثير الأمر الإلهيّ على الفنون بشكلٍ عامٍ في الدّورة البهائيّة. وفي الواقع، أشار حضرة وليّ أمر الله نفسه إلى عدم وجود ما يُسمّى "الفنّ البهائيّ" حتّى الآن، مع أنّنا سنشهد تفتّحًا رائعًا لفنون جديدة في المستقبل، بلا أدنى شكّ، كما يتّضح من الآثار المباركة.
(من رسالة بيت العدل الأعظم لأحد المحافل الرّوحانيّة المركزيّة مؤرّخة 17 كانون الثّاني/يناير 1973) [46]
لقد أوضح لنا حضرة ولي أمرنا المحبوب أنّ ازدهار الفّنون نتيجة الفّيوضات السّماويّة لن يتحقّق إلّا بعد قرون. إنّ الدّين البهائيّ يُعيد للمجتمع الإنسانيّ بناء هيكله ... وهي عمليّة ذات تأثير بعيد المدى لدرجة أنّ كافّة الرّسالات السّماويّة السّابقة قد تطلّعت إليها وأطلقت عليها "تأسيس ملكوت الله على الأرض". إنّ فنّ العمارة الجديد الّذي سيُولد بفضل هذه الرّسالة الإلهيّة سوف تتفتّح براعمه بعد أجيالٍ وأجيال، وما نحن إلّا على أعتاب تلك العمليّة الضّخمة العظيمة.
وما عصرنا الحاليّ سوى فترة اضطراب وتعبير. وفنّ العمارة، كغيره من الفّنون والعلوم، يمرّ بمرحلة التّطوّر السّريع، وعلى المرء أن يتفكّر بالتّغيير الّذي طرأ خلال العقود الماضية حتّى يستطيع تكوين فكرة عمّا سيحدث بالمثل في السّنوات القريبة القادمة. فبعض الأبنية الحديثة فيها، بلا شكّ، سِمات العظمة وستبقى كذلك، إلّا أنّ العديد ممّا شُيّد الآن قد يفقد رونقه ويبدو قبيحًا بعد أجيال. وبعبارة أخرى، يُمكن اعتبار فنّ العمارة الحديث تطوّرًا حديثًا في بداية مراحله.
(رسالة بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 18 تمّوز/يوليو 1974) [47]
في هذه المرحلة من تطوّر الأمر المبارك يشعر بيت العدل الأعظم أن مسؤوليّته الأساسيّة تنصبّ على إعداد وتنفيذ الخطط التّبليغيّة الّتي صُمّمت لتحقيق الأهداف الّتي وضعها حضرة عبد البهاء في ألواح الخطّة الإلهيّة. ويجب أن تتطوّر النّظريّات الفنّيّة والعلميّة تحت رعاية الخبراء الضّليعين في تلك الحقول.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 25 كانون الثّاني/يناير 1977) [48]
إنّ منع وتحريم تشخيص المظهر الإلهيّ في رسومات زيتيّة أو عاديّة أو تمثيل شخصيّته في أعمال مسرحيّة، إنّما ينطبق على كافّة المظاهر الإلهيّة. ولا شك، أنّ هناك أعملًا فنّيّة رائعة وعظيمة في الرّسالات الإلهيّة السّابقة، وكثير منها صوّر المظاهر الإلهيّة بروح المحبّة والإجلال. أمّا في هذا العصر فإنّ النّضج المتعاظم للجنس البشريّ ووعيه المتزايد بين المظهر الكلّي الإلهيّ وعباده سيُمكّنه من إدراك استحالة تمثيل شخص المظهر الإلهيّ في أيّ قالب بشريّ سواء أكان تصويريًّا أم نحتًا أو تمثيلًا مسرحيًّا. وفي تحريمه ذلك، أشار حضرة وليّ أمرنا المحبوب إلى تلك الاستحالة.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 9 آذار/مارس 1977) [49]
إنّ القوى المُدمّرة نفسها تُحدث الخلل في التّوازن السّياسيّ والاقتصاديّ والعلميّ والأدبيّ والأخلاقيّ للعالم أيضًا، وتقضي على أجمل ثمار المدنيّة المعاصرة ... وحتّى الموسيقى والفنّ والأدب والّتي من شأنها أن تكون انعكاسًا لأنبل العواطف وأسمى الطّموحات ومصدر راحة واطمئنان للنّفوس المضطربة، قد انحرفت عن الطّريق القويم وأضحت الآن مرايا للقلوب الملوّثة السّائدة في هذا العصر المضطرب المنفلت دون ضوابط والحائد عن المبادئ.
(من رسالة بيت العدل الأعظم للأحبّاء الإيرانيّين مؤرّخة 10 شباط/فبراير 1980، نشرت في مجموعة الرّسائل الصّادرة عن بيت العدل الأعظم من عام 1963-1986، دار الطّبع والنّشر البهائيّة في ويلمت-1996 ص435) [50]
وبشكل عام، فإنّ الأعمال الرّوائيّة والقصصيّة الّتي يأمل الكُتّاب في أن تساعد على نشر المعرفة بالأمر الإلهيّ، سوف تُحقّق هذا الهدف على نحوٍ أفضل لو استندت إلى أحداثٍ معيّنةٍ أو مراحل تطوّر الأمر المبارك، بعيدًا عن استخدامها في تصوير الأحداث التّاريخيّة الفعليّة نفسها، والشّخصيّات الّتي كان لها دور فيها، ذلك لأنّ حقيقة الأحداث الفعليّة وحقيقة شخصيّاتها تفوق كثيرًا في إقناعها أيّ وصف روائيّ أو قصصيّ. وفي هذا السّياق كتب سكرتير حضرة وليّ أمر الله بالنّيابة عنه ما يلي في رسالة لأحد الأفراد مؤرّخة 23 آذار/مارس 1945:
إنّه لا يَنصح بالرّواية أسلوبًا للتّبليغ. فحالة العالم حرجة جدًّا بحيث لا تسمح بأيّ تأخير في إعطاء بني البّشر تعاليم الحقّ الّتي اقترنت باسم حضرة بهاء الله بشكلٍ مباشرٍ. إلّا أنّ أيّ أسلوب لتبليغ الأمر يروق لهذه المجموعة أو تلك يستحقّ بذل المجهود من أجله بكلّ تأكيد لأنّنا توّاقون إلى إيصال أمر الله إلى كافّة النّاس في جميع مناحي الحياة وإلى جميع العقول.
(رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 23 أيلول/سبتمبر 1980) [51]
إنّ رسالتك ... المتعلّقة بالفّنون قد استُلمت، وطلب منّا بيت العدل الأعظم توجيه الثّناء لك على خطّتك في استخدام مواهبك الفنّيّة في التّعبير عن روح تعاليم حضرة بهاء الله، ويُشجّعك بحرارة في مسعاك هذا.
وحول طلبك الهداية في أفضل السّبُل لتبليغ الفنّانين الكلمة الإلهيّة، فيُمكن القول أنّه بالإضافة إلى الوسائل الّتي من شأنها جذب النّاس بشكل عام فستجاوب الفنّانون مع الفنّ. فعندما تعكس الأعمال الفنّيّة مبادئ الأمر الإلهيّ السّامية ستمسّ شفاف القلب لدى النّاس ومنهم الفنّانون. إنّ مقتطفًا من الآثار المباركة، أو وصفًا للعمل الفنّي يوضّح علاقته بالآثار المباركة، قد يمنح النّاظر فهمًا لمصدر هذا الانجذاب الرّوحانيّ ويقوده إلى مزيد من الدّراسة للأمر المبارك.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 21 تمّوز/يوليو 1982) [52]
ومع تطوّر المجتمع البهائيّ الّذي يتكوّن من أفراد لهم ثقافاتهم من أصول متعدّدة وأذواق متنوّعة، وكلٌّ له مفاهيمه الخّاصة عمّا هو مقبول فنًّا وجمالًا، فإنّ أولئك البهائيّين، الذين وُهِبوا مَلَكَة الموسيقى والدّراما (أعمال المسرح) والفنون المرئيّة، هم أحرار في التّعبير عن مواهبهم بشتّى الوسائل الّتي سوف تخدم الأمر الإلهيّ. وعليهم ألّا ينزعجوا إذا لم يَرَوْا التّقدير الّلائق لأعمالهم من قِبَلِ عدد من الأحبّاء. بل إنّ معرفتهم بما تحويه الآثار المباركة من بيانات قويّة حول الموسيقى والتّعبير الفنّي يجب أن تدفعهم في الاستمرار في مساعيهم الفنّيّة مُقرّين بكلّ خشوع بأنّ الفّنون وسائل فعّالة وقويّة في خدمة أمر الله. وهي فنون ستؤتي أُكُلها البهائيّة عند تمام الوقت.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 9 آب/أغسطس 1983) [53]
وصلتنا رسالتكم بطلبكم الهداية حول التّمثيل المرئيّ للشّخصيّات المرتبطة بالعصر البطوليّ للأمر المبارك. ويرغب بيت العدل الأعظم أن يُعلمكم أنّه ليس في تعليمات حضرة وليّ أمر الله أو بيت العدل الأعظم... ما يمنع الفنّانين... من رسم لوحات لحروف الحيّ ضمن محيط ما، أو مشاركين في أحداث دقيقة من النّاحية التّاريخيّة. ويجب أن يكون واضحًا أنّه بالإضافة إلى مراعاة الدّقة فإنّ من الأهميّة بمكان مراعاة رِفعة وعظمة مَن يتمّ رسمه.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد المحافل الرّوحانيّة المركزيّة مؤرّخة 5 تشرين الأوّل/أكتوبر 1983) [54]
إنّ فنّ العمارة في عصرنا الحاضر يمرّ بمرحلة من التطوّر السّريع، شأنه شأن باقي مظاهر حضارتنا، وتتغيّر فيها الأذواق من عقد لآخر. ولا يمكن لأحد أن يُجزم فيما إذا كان بناء شُيّد الآن بأسلوب حديث سيبقى جميلًا في أعين النّاس بعد خمسين عامًا. لذلك اختار حضرة وليّ أمر الله المحبوب نمط العمارة اليونانيّ الكلاسيكيّ في بناء المركز العالميّ للأمر المبارك. إنّه نمط في غاية الجمال والرّوعة، دام ألفي عام تقريبًا. مع ذلك، فإنّه من الخطأ أنْ يدفعنا هذا إلى الاستنتاج بأنّ الأنماط اليونانيّة القديمة هي بشكلٍ خاص فن بهائيّ للعمارة.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 3 أيلول/سبتمبر 1984) [55]
عليهم (الشّباب) ألّا يقنعوا بالقدرات المتواضعة، بل يسعوا إلى تَبوّء درجات التّميّز في كلّ ما يَطمحون. فليعقِدوا العزم للارتفاع إلى أعلى الدّرجات في مساعيهم سواء في صفوفهم الدّراسيّة أو قاعات الدّراسة العليا، في عملهم أو راحتهم، في نشاطهم البهائيّ أو خدماتهم الاجتماعيّة.
في الواقع، دعهم يواجهون التّحدّيات بكلّ ثقة وترحاب. أمّا وقد رضعوا التّميّز المجبول بالتّواضع، وفازوا بالاتّحاد وروح الخدمة الحبّيّة، فإنّ على شباب اليوم أن يتقدّموا ليأخذوا الصّفوف الأولى بين أصحاب المهن والتّجارة والفنون والصّنائع الضّروريّة لتقدّم الجنس البشريّ... وما ذلك إلّا لضمان أن تُلقي روح الأمر بنورها على كافّة المناحي الهامّة في مساعي الإنسان.
وفوق هذا كلّه، وبينما هم يهدفون إلى التّمكّن من مفاهيم الوحدة والاتّحاد والتّكنولوجيا المتقدّمة بسرعة في عصر الاتّصالات هذا، فإنّ بمقدورهم، بل عليهم، أن يضمنوا نقل هذه المهارات إلى المستقبل الّتي بدورها ستحفظ للماضي إنجازاته الرّائعة. إنّ التّحوّل الّذي سيأخذ دوره في مناحي المجتمع الإنسانيّ سيعتمد بالتّأكيد، بدرجة كبيرة، على فعّاليّة استعدادات الشّباب للعالم الّذي سوف يَرِثونه.
(من رسالة بيت العدل الأعظم إلى الشّباب البهائيّ في العالم مؤرّخة 8 أيّار/مايو 1985) [56]
يرغب بيت العدل الأعظم في تشجيعك على تأليف كتابك، ولكنّه يُذكّرك بأنّ حضرة وليّ أمر الله قد أوضح أنّه في هذه المرحلة المبكّرة من الظهور الإلهيّ ليس هناك ما نُسمّيه فنًّا بهائيّا أو موسيقى بهائيّة أو فنّ العمارة البهائيّ أو ثقافة بهائيّة، فهذه كلّها، بلا شكّ، ستولد في المستقبل نتيجة النّموّ الطّبيعيّ للمدنيّة البهائيّة. وميول حضرة وليّ أمر الله الخاصّة في مثل هذه المسائل، يجب ألّا تُعتبر أبدًا إرساءً لقواعد تطوّرات كهذه. وكما هو واضح من رفضه للتّصميم الّذي قُدّم له لمشرق الأذكار في كمبالا... لم يشعر أنّ الاتّجاه العام الحديث لفنّ العمارة في وقته آنذاك مناسب لمشرق أذكار بهائيّ. ولكن هذا لا يعني بأيّ شكل من الأشكال أنّه قد أسّس نمطًا خاصًّا له. إنّ اختياره الأسلوب التّقليديّ للمباني على جبل الكرمل نابع من كونه جميلًا ومناسبًا للمنطقة كما تفضّلت أمة البهاء روحيّة خانم، وأنّه قد صمد أمام اختبارات الزّمان وتقلّباته. وعليه، حذار أن تُشير أو تُفسح المجال أما استنتاج بأنّ حضرة وليّ أمر الله قد وضع بواكير أنماط الفنّ البهائيّ. لقد نفّذ حضرته حدائق ومبانٍ جميلة مُستخدمًا ما كان متوفّرًا، وكما كان الأمر في إكمال بناء المقام الأعلى، فقد استخدم خبراء لوضع التّصميمات المناسبة طبقًا لإرشاداته.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 23 حزيران/يونيو 1985) [57]
بخصوص الموسيقى والفنون الجميلة، من الطّبيعيّ أن تكون لكم الحريّة في وضعها ضمن المناهج الدّراسيّة في المدارس البهائيّة. فكثير من المحافل الرّوحانيّة المركزيّة، الّتي وعت بعمق ما جاء في الآثار البهائيّة عن الموسيقى والفنون، تعمل على إدخال هذه الإرشادات والبيانات المباركة (في المناهج الدّراسيّة) كلّما رأت ذلك مناسبًا في هذه المرحلة من تطوّر الجامعة البهائيّة. وهناك العمل الكثير أمام المعلّمين المخلصين الموهوبين في استنهاض الهمم وجمع الأعمال الموسيقيّة النّاجحة الّتي تَلوح في عالمنا البهائيّ الآن تمّ نشرها واستخدامها في المدارس بطريقة منهجيّة مدروسة...
إنّ تعاليمنا المباركة تُشجّع الموسيقى والفنون لأنّها تُغذّي حيويّة الجامعة المحلّيّة وروحها بشكلٍ غير محدود. إنّ مجهوداتكم وأفكاركم هي موضع التّقدير، وسوف يتذكّركم بيت العدل الأعظم في دعواته.
(رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد المحافل الرّوحانيّة المركزيّة مؤرّخة 20 آب/أغسطس 1985) [58]
بخصوص الرّمزيّة في الفنّ (الفنّ التّعبيريّ)، قد تجد في المقتطفات التّالية من رسالتين لبيت العدل الأعظم، لاثنين من الأحبّاء، جوابًا لما تبحث عنه:
لا نرى مانعًا من استعمال الظّواهر الطّبيعيّة المحسوسة كرموز مُعبّرة لإلقاء الضّوء على أهميّة وميّزة شخصيّات الأمر الثّلاثة، والأحكام البهائيّة، والإدارة البهائيّة. كما أنّنا نُقدّر أيضًا استخدام رموزٍ مرئيّة ملائمة للتّعبير عن مفاهيم مجرّدة.
(29 تمّوز/يوليو 1971)
إنّ مفهومك صحيح، بأنّ تشخيص حضرة الباب وحضرة بهاء الله في الأعمال الفنّيّة أمرٌ ممنوع. وقد أوضح حضرة وليّ أمر الله أنّ هذا المنع يشمل كافّة المظاهر الإلهيّة. أمّا بالنّسبة لتصوير حضرة المولى (عبد البهاء) أو استخراج نسخ عن شمائله فيمكن وضعها في الكتب والمؤلّفات. أمّا محاولة تمثيل شخصيّته في أعمال مسرحيّة أو غيرها فيجب العُزوف عن ذلك بالكلّيّة. ومع ذلك، فلا مانع من التّمثيل الرّمزي لهذه الشّخصيّات المقدّسة، شريطة ألّا يُصبح ذلك طقسًا من الطقوس، مراعين في ذلك مظاهر الإجلال والوقار.
(3 كانون الأوّل/ديسمبر 1972)
تُقدِّم أحيانًا وصفًا كتابيًّا مفصّلًا لتوضيح الرّموز الّتي تستخدمها في لوحاتك. هذا العمل قد يُفسح المجال أمام تفسير مفرط وغير مناسب للمفاهيم البهائيّة، ممّا سيؤثّر سلبًا على مجهوداتك الفنّيّة بدل أن يدعمها. إنّ الرّمزيّة جوهر الفنّ وقوامه، إلّا أنّ الفنّانين نادرًا ما يُفسّرون رموزهم المستَخدَمة تاركين العنان لمشاهدي أعمالهم في الاستنتاج الخاص، والّذي لا يتعدّى في بعض الأحيان عن تلميحات مستوحاة من عنوان العمل الفنّيّ.
إنّ وضع عنوان للقطعة الفنّيّة هو من حقّ الفنّان نفسه، أمّا إذا كان هناك اعتراض عليه فكونه فقط قد لا يُعبّر عن الموضوع البهائيّ الّذي صُمّمت القطعة لأجله.
وفيما يتعلّق بسؤالك عن قيام فنّان برسم "لوحة تُعبّر عن فقرة من البيانات المباركة بأسلوب معاصر" يرى بيت العدل الأعظم أنّ الفنّانين يجب ألّا تمنعهم المؤسّسات البهائيّة من تصميم مخطوطات فنّيّة للبيانات المباركة او للاسم الأعظم شريطة أن تتّسم هذه الجهود بذوقٍ رفيع، فلا تتّخذ أشكالًا تكون عُرضة للسّخرية. وبخصوص الرّمز الشّائع للاسم الأعظم، يوصي بيت العدل الأعظم بضرورة مراعاة الدّقة التّامة في تمثيل الخط الفارسيّ، وأيّ انحراف عن الشّكل المقبول يُمكن أن يُزعج الأحبّاء الإيرانيّين.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 23 شباط/فبراير 1987) [59]
إنّ السّياسة الّتي وضعها بيت العدل الأعظم في عدم تشجيع إعادة تصوير لوحات تُمثّل شخصيّة حضرة المولى (عبد البهاء) بقصد توزيعها، لا تتضمّن أيّ حكم على جودة اللّوحة. فهناك تنوّع واسع في الجودة الفنّيّة لرسومات تُصوّر حضرة المولى. ولا يود بيت العدل الأعظم إظهار أفضليّة إحداها على الأخرى، بل يتوخّى من هذه السّياسة العامّة أن تكون وسيلة لضمان مراعاة الاحترام اللّازم في الصّور الّتي تُشخّص حضرة عبد البهاء، وعدم توزيع ما هو مستنسخ عن رسومات متدنّية الجودة.
هناك فرق هام بين نشر صور عن الرّسومات في الكتب والمجلّات، ولا مانع في ذلك لأنّه يخضع لقرار النّاشر بشكل ما، وبين نشرها منفصلة متفرّقة. وهذا لا يُشجّعه بيت العدل الأعظم.
ويشعر بيت العدل الأعظم بشكل أعمّ أنّ إحدى أعظم التّحدّيات الّتي تواجه البهائيّين في كلّ مكان، بعث الوعي لدى شعوب العالم بالحقيقة الرّوحانيّة. إنّ نظرتنا للعالم تختلف بشكل ملحوظ عمّا هي عليه لدى جموع الجنس البشريّ. ذلك لأنّنا ننظر إلى الخليقة على أنّها وجود روحانيّ ومادّيّ سواء بسواء، وأنّ الهدف من وجود عالم نعيش فيه أن يكون مرقاة لتطوّرنا الرّوحانيّ.
هذه النّظرة الّتي تُلقي بظلالها الهامّة على منهج البهائيّين في أسلوب حياتهم، وتُبرز لديهم ممارسات هي على النّقيض تمامًا من سلوك المجتمع الأوسع. إنّ إحدى القِيم المميّزة الّتي تؤكّد عليها التّعاليم البهائيّة تتمثّل في تبجيل ما هو مقدّس. وسلوك كهذا لا معنى له عند مَنْ كانت نظرتهم للحياة مادّيّة بحتة، بينما العديد من أتباع الدّيانات القائمة حطّوا من قدر دياناتهم، فجعلوها مجموعة من الطّقوس المجرّدة من المشاعر الرّوحانيّة الحقيقيّة.
تكتنز الآثار البهائيّة في بعضها توجيهاتٍ دقيقةٍ عن كيفيّة التّعبير عن الاحترام والتّبجيل للأماكن والمقتنيات المقدّسة، ومنها القيود الخاصة بوضع الاسم الأعظم على الأشياء، والاستعمال غير المشروط للصّوت المسجّل لحضرة عبد البهاء. وفي مواضيع أخرى تدعو الأحبّاء أم يُجاهدوا في سبيل فهم أعمق لمفهوم القداسة في التّعاليم البهائيّة، ومنها يُحدّدون نهجهم الخاصّ في التّعبير عن الاحترام والتّبجيل.
وسلوك كهذا يستمدّ أهمّيّته من المبدأ الّذي أوضحته البيانات المباركة من أنّ الظّاهر له تأثيره على البّاطن. وإلى إشارته لأحبّاء الله يتفضّل حضرة بهاء الله بقوله الأحلى: "نهج حياتهم ما هو إلّا انعكاس لجوهر باطنهم، وجوهر باطنهم مرآة لسلوكهم الظّاهريّ."
فضمن هذا الإطار يودّ بيت العدل الأعظم أن تنظر إلى المسائل الّتي طُرحت خلال سنوات عدّة ماضية. فالبهائيّون الذين وُهبوا موهبة فنّيّة يتبوّأون مرتبة فريدة في استغلال قدراتهم في تعاملهم مع المواضيع البهائيّة بأسلوب يكشف لأنظار العالم ذلك التّجديد الرّوحانيّ الّذي أتت به البهائيّة للبشريّة في منح مفهوم التّبجيل روحًا جديدة.
لسنا بصدد الحرّيّة الفنّيّة لأنها لا تدخل مجال موضوعنا. فالفنّانون البهائيّون أحرار في توجيه مواهبهم لما يُشبع اهتمامهم، ومع ذلك، فمن المؤمّل أن يؤدّوا دورًا قياديًّا في إعادة التّقدير لمفهوم التّبجيل في مجتمع مادّيّ كعنصر أساس في نيل الحريّة الحقيقيّة والسّعادة الأبديّة.
(رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 24 أيلول/سبتمبر 1987) [60]
لقد سُرّ بيت العدل الأعظم بالنّجاح الّذي تُحقّقانه في مهنتكما، وينصحكما أن تنظرا إلى هذا النّشاط المهنيّ ضمن إطار خدمة الأمر المبارك وتقدّم أعمال التّرويج والتّبليغ. فأعملكما الموسيقيّة وإنجازاتكما ستمكّنكما من الوصول إلى قطاع واسع من النّاس وإبلاغهم رسالة حضرة بهاء الله في النّهاية بالتّعبير عن فضائلها وقيمها بموسيقاكما. كما أنّ بإمكانكما تكوين صداقات قيّمة للأمر المبارك بين مَنْ تلتقيا بهم من النّفوس المؤثّرة بينما أنتما ماضيان في تقدّمكما في أعمالكما. فهذه الاعتبارات يمكن أن تقود خطاكما جيّدًا في اتّخاذ قراركما الآن بخصوص المنطقة الّتي ستقيمان فيها. إنّ الفنّانين البهائيّين الّذين يلمع اسمهم في ميدان فنّهم ويواصلون تكريس الفنّ لترويج أمر الله، يُمكنهم تقديم مساعدة مميّزة للأمر المبارك في هذا الوقت الّذي يزداد فيه حبّ الاستطلاع لدى عامّة النّاس تجاه التّعاليم البهائيّة باطّراد.
(رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم إلى شخصيْن مؤرّخة 30 حزيران/يونيو 1988) [61]
من الجائز ترتيل مقتبسات مختارة من البيانات المباركة على شكل قصائد بمصاحبة الموسيقى، وترديد الآيات أو الكلمات. والبيانات التّالية تُلقي ضوءًا أوسع على الموضوع:
إذن ... اعزفي اللّحن البديع، ورتّلي الآيات والكلمات الإلهيّة بنغمات تحيي الرّوح في المجامع والمحافل، حتى تتحرّر قلوب المستمعين من سلاسل الغموم والهموم، وتهتاج القلوب والأرواح وتقوم على التّبتّل والتّضرّع إلى الملكوت الأبهى..."
(حضرة عبد البهاء، مترجم عن الإنجليزيّة من "الدّين بالبهائيّ العالميّ"، ص. 378)
لا شكّ في أنّ المناجاة وأجزاء من الألواح المباركة والكلمات المكنونة وغيرها ستكون مناسبة، ولكن يشعر أنّه من غير المستحسن اختصار أيّ جزء، بمعنى ترك أجزاء من فقرة أو من دعاء واختصارها بهذا الأسلوب.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأفراد مؤرّخة 3 تمّوز/يوليو 1949)
ردًّا على سؤال من أحد الأحبّاء حول جواز إجراء تعديل ثانويّ يتماشى مع الّلفظ أو إضافة كلمة للوصول إلى تناغم كامل للّحن، فقد تفضّل حضرة وليّ أمر الله بما يلي:
إجراء تعديل طفيف على نصّ الدّعاء مسموح به، وأنصحك أن تُلبس الكلمة الإلهيّة ذاتها حلية الموسيقى المناسبة والتي أشعر بأنّها ستكون مؤثّرة للغاية. سوف أدعة لك أن يُلهمك المحبوب ما تتمكّن به من إنجاز هذه الخدمة العظيمة لأمر المبارك.
(رسالة كُتبت بخطّ يد حضرة شوقي أفندي مرفقة برسالة كُتبت بالنّيابة عن لأحد الأفراد مؤرّخة 8 نيسان/أبريل 1931)
فيما يتعلّق بالاستفسار عن تلحين مقتطفات من البيانات المباركة على نسق ألحان مقطوعات موسيقيّة معروفة، وعلى افتراض عدم وجود قيود قانونيّة أو حقوق للنّشر، يجب ألّا يغيب عن بالنا أنّ مثل تلك الموسيقى يُمكن أن تحمل معها ارتباطها بالأصل، سواء أكان ذلك بالكلمات أو بالمناسبة، وقد يبعد عن متطلّبات الاحترام والتّبجيل للآيات المقدّسة.
(رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 6 كانون الأوّل/ديسمبر 1989) [62]
لا اعتراض على القيام بحركة أو رقصة تعبيرًا عن دعاء وابتهال إذا كانت بروح الوقار والإجلال. إلّا أنّه من المفضّل ألّا يُرافق ذلك تلاوة كلمات الدّعاء.
(رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 4 كانون الثّاني/يناير 1990) [63]
سَرّ بيت العدل الأعظم أخبار نشاطاتك التّبليغيّة وتضحياتك المستمرّة في خدمة أمر الله بالرّغم من الصّعوبات الّتي واجهتها كموسيقيّ. وبالإشارة إلى أسئلتك، فإنّ من الواضح أنّ التّعاليم البهائيّة لا تتغاضى عن إساءة معاملة الموسيقيّين والفنّانين الآخرين، ولا تتوقّع من الفنّانين أن يُضحّوا بإرادتهم الحرّة لصالح أهواء ونزوات بهائيّين آخرين أو حتى لأصحاب الآراء المتصلّبة منهم. وبخصوص التّوتّرات والصّعوبات النّاجمة عن تبليغك الأمر المبارك بالموسيقى من جهة، وحاجتك إلى الاكتفاء الذّاتيّ من جهة أخرى، فإنّ بيت العدل الأعظم يقترح أن تضع لنفسك حدودًا في هذا الميدان. ونسوق لك مثالًا على ذلك ما جاء في التّوجيه المبارك لحضرة شوقي أفندي في رسالته لأحد الأحبّاء مؤرّخة 26 شباط/فبراير 1933، كُتبت بالنّيابة عنه جاء فيها:
إنّ النّصيحة الّتي وجّهها إليك حضرة شوقي أفندي حول تقسيم وقتك بين خدمة الأمر المبارك وقيامك بالواجبات الأخرى، قد أُسْدِيَت أيضًا للعديد من الأحبّاء الآخرين من قِبَل حضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء. فهي تُوفّق بين الآيتيْن في الكتاب الأقدس، والّتي تفرض إحداها على كلّ بهائيّ تبليغ الأمر، والأخرى توجب اشتغال كلّ بهائيّ بأمر من الأمور في خدمة المجتمع. وفي أحد ألواحه يتفضّل حضرة بهاء الله بأنّ أسمى آيات الانقطاع في هذا اليوم هو الاقتراف والاعتماد على النّفس. وعليه فإنّ البهائيّ الجيّد هو الّذي يُنظّم حياته، فيُوازن بين المتطلّبات المادّيّة وخدمة أمر الله.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأفراد مؤرّخة 15 شباط/فبراير 1990) [64]
إنّ رغبتكم الصّادقة في استعمال المسرح وسيلة لنشر مبادئ الأمر المبارك بين النّاس محمودة، ويأمل بيت العدل الأعظم في أنّ جهودكم المخلصة في هذا المجال ستجلب الرّضا لنفوسكم والفّائدة لجامعتكم. ومع ذلك، وكما ذكرتم، فإنّكم واعون بطبيعة الصّعوبات والمشاكل المحتملة أمام المحاولات المسرحيّة البهائيّة في هذا الوقت، وفي جوّ التّعصّب السّائد في بلدكم، ممّا يُحتّم عدم إنتاج أيّ مسرحيّة قد تُثير كراهية النّاس أو حفيظة الأصولية الدّينيّة.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد المحافل الرّوحانيّة المركزيّة مؤرّخة 9 نيسان/أبريل 1990) [65]
... الرّقصات التقليديّة الّتي تؤدَّى تعبيرًا عن ثقافة ما يُسمح بها في حظائر القدس (المراكز الأمريّة)، إلّا أنّه يجب أن يبقى في الذّهن أنّ مثل هذه الرّقصات عادة ما تدور حول فكرة رئيسة أو قصّة تُعبّر عنها. يجب الحرص على ضمان توافق الأفكار الرّئيسة لهذه الرّقصات مع المعايير الأخلاقيّة السّامية للأمر المبارك، وألّا تكون عروضًا تُثير الغرائز الدّنيئة والأهواء التّافهة...
وعن الرّقصات الفنّيّة الّتي تهدف إلى تعزيز المبادئ البهائيّة وترويجها، فإذا ما أمكن تقديمها بأسلوب يعرض نُبل هذه المبادئ وبغاية الاحترام والتّبجيل اللّائقيْن، فلا اعتراض على الرّقصات التّعبيريّة الّتي توضّح فقرات من البيانات المباركة. ومن المفضّل ألّا تُرافق حركات الرّقص تلاوة من الكلمات الإلهيّة.
فالمبدأ الّذي يجب أن يقود الأحبّاء ويُرشدهم في تفكيرهم بهذه الأمور هو مراعاة "الاعتدال في كلّ ما يتعلّق ب: الملبس، الّلغة، التّسلية، وكافّة الأعمال الفنّيّة والأدبيّة".
(رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد المحافل الرّوحانيّة المركزيّة مؤرّخة 20 حزيران/يونيو 1991) [66]
بطبيعة الحال، لا اعتراض على استخدام عبارة "الفنّان البهائيّ"، إلّا أنّه في هذه المرحلة من تطوّر الظّهور البهائيّ علنًا ألّا نستعمل مصطلح "الفنّ البهائيّ"، و"الموسيقى البهائيّة" أو "فن العمارة البهائيّ".
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لشخصين مؤرّخة 12 آذار/مارس 1992) [67]
إنّ فنّ الرّواية يُتيح للمؤلّف مجالًا واسعًا جدًّا في التّعبير عن الأفكار، وارتياد ميادين فكريّة لم تكن مطروقة. ومع ذلك، عليك أن تكون حذرًا من وضع تفاسير قد تكون بعيدة عن جادّة الصّواب إذا ما ذُكر الأمر المبارك وتعاليمه في الرّواية بشكلٍ واضحٍ وصريح. أمّا إذا لم يكن مثل هذا الارتباط الواضح للأمر المبارك في الرّواية، فلك الحريّة في إطلاق العنان لمخيّلتك في استكشاف أيّة أفكار مرتبط أساسها بمبادئ الأمر المبارك وتعاليمه.
(من رسالة كُتبت بالنّيابة عن بيت العدل الأعظم لأحد الأحبّاء مؤرّخة 15 شباط/فبراير 1994) [68]
إنّ الأحبّاء في جميع مجهوداتهم في إنجاز أهداف مشروع السّنوات الأربع، عليهم أن يولوا أيضًا عناية أكبر في استخدام الفّنون، ليس في الإعلان عن الأمر المبارك فحسب، بل في أعمال التوسّع والاستحكام أيضًا. لقد ساهمت الفّنون والآداب التّصويريّة والتّمثيليّة مساهمة كبيرة في ازدياد الأمر تأثيرًا، ولا زال بإمكانها ذلك. ويُمكن تحقيق ذلك في كلّ قطر في العالم على مستوى الفّنون الشّعبيّة، في القرى والمدن الصّغيرة والكبيرة. وقد بنى حضرة شوقي أفندي آمالًا كبيرة على دور الفنّ في جذب الانتباه للتّعاليم المباركة. والرّسالة التّالية الّتي كُتبت بالنّيابة عنه موجّهة لأحد الأحبّاء تُوضّح رأيه بهذا الخصوص:
وسيأتي اليوم الّذي سينتشر فيه الأمر الإلهيّ كما تنتشر النّار في الهشيم عندما تُقدَّم روحه وتعاليمه على المسرح أو بالفنّ والأدب بشكل عام. فالفنّ بمقدوره إيقاظ أحاسيس نبيلة كهذه، ويعمل بأفضل ممّا تفعله مخاطبة العقل بأسلوب بارد، خاصّة بين جمع من النّاس.
(من رسالة بيت العدل الأعظم إلى البهائيّين في العالم مؤرّخة 21 نيسان/أبريل 1996) [69]
في كثير من المناطق، لم يَحظَ موضوع تربية الأطفال بالاهتمام الكافي. يجب وضع برامج مُكثّفة بدرجة عالية، حيثما تستدعي الحاجة، لضمان تنشئة أطفال البهائيّين وتربيتهم وحفز قدراتهم على التفكير وإنارة أرواحهم بالفيوضات الرّبّانيّة، وإتقان إعدادهم لخدمة أمر الله في كلّ الميادين، والمساهمة الفاعلة بالفنون والمهن والعلوم اللّازمة لتقدّم الحضارة الإنسانيّة. وبرامج كهذه، عندما تفتح أبوابها أمام كافّة الأطفال من بهائيّين وغيرهم، ستضع أمام رسالة حضرة بهاء الله وسيلة فعّالة لنشر ثمارها في أرجاء أوسع من المجتمع الإنسانيّ.
(من رسالة بيت العدل الأعظم للأحبّاء في أستراليزيا مؤرّخة 21 نيسان/أبريل 1996) [70]
ملاحظات
[1] . باربد: موسيقيّ إيرانيّ لا يُضارَع، وهو مُغنّ وعازف ومُخترع لعدّة آلات موسيقيّة قديمة. عاش في قصر الملك خسرو برويز من سلالة السّاسانيّة حوالي عام 600 ميلاديّة.
[2] . رودكي: أبُ الشّعر الفارسيّ، توفي عام 940م
[3] . الفارابيّ: عالم مسلم معروف، وواضع عدّة أبحاث في الموسيقى. عاش في الفترة 870-950م
[4] . ابن سينا: طبيب وعالم وفيلسوف. عُرِف في الغرب باسم أفيسينا. أحد منجزاته الهامّة قسم يتحدّث عن النّظريّات الموسيقيّة. عاش في الفترة 980-1027م
[5] . شهناز: لقب المبلّغة المشهورة "لويزا وايت" التي نزل بحقّها هذا اللّوح المبارك، وشهناز أيضًا اسم للحن إيرانيّ.