الدّعاء والحياة التّعبّديّة
مجموعة مقتطفات من الآثار المباركة لحضرة بهاء الله وحضرة الباب وحضرة عبد البهاء،
ورسائل حضرة شوقي أفندي، وبيت العدل الأعظم
أعدّتها دائرة الأبحاث ودراسة النّصوص التّابعة لبيت العدل الأعظم
شباط/فبراير 2019
***
قوّة الدّعاء
التّواصل مع الله
روح الدّعاء وطريقته
دور التّفكّر والتّأمّل
الدّعاء، التّأمّل، والعمل
الصلوات المفروضة
السّمة التّعبدّية للجامعة
اعتبارات أخرى
الدّعاء والشّفاء
أهميّة الحفظ
الهدف من التّضرّع والابتهال
فقرات إضافيّة
***
قوّة الدّعاء
أَسئلُكَ... بأنْ تَجعلَ صلاتي نارًا لِتُحْرِقَ حجباتيَ الّتي منعَتْني عن مشاهدة جمالِك، ونورًا يَدُلُّني إلى بحرِ وِصالِك.
(حضرة بهاء الله، "المناجاة"، من منشورات دار النّشر البهائيّة في البرازيل، أيّار 1997، الرقم 183، ص. 211) [1]
کلَّ ما يخرج من فمه إنّه لمحيي الأبدان لو أنتم من العارفين.
(حضرة بهاء الله، "منتخباتى از آثار حضرة بهاء الله"، لانگنهاين، ألمانيا، 141بديع، رقم 74، ص. 96) [2]
أَنْ اقرأْ يا عبدُ ما وصلَ إليك من آثارِ اللهِ بربواتِ المقرَّبينَ لتستجذِبَ بها نفسُكَ وتستجذِبَ من نغماتِكَ أفئدةُ الخلايقِ أجمعين ومن يقرأُ آياتِ اللهِ في بيتِهِ وحدَهُ لَيَنْشُرَ نفحاتِها ملائكةُ النّاشرات إلى كلِّ الجهاتِ وينقلبَ بها كلُّ نفسٍ سليمٍ ولو لن يستشعرَ في نفسه ولكن يظهرُ عليه هذا الفضلُ في يومٍ من الأيّامِ.
(حضرة بهاء الله، "منتخباتى از آثار حضرت بهاء الله"، مقتطف رقم 136) [3]
إن تُرِدْ الحياةَ الباقيةَ فاستنشق النّفحةَ الإلهيّة. وإن تطلبْ الحياةَ الأبديّةَ فاسكن في ظلِّ الكلمةِ الإلهيّة.
(حضرة عبد البهاء، من لوح مترجم عن الفارسيّة) [4]
إنّ الكلمةَ الإلهيّةَ بمثابةِ نسيم الرّبيع وأرياحِ اللّواقحِ الرّحمانيّة. فحين تُتلى بالنّغمات الرّوحانيّةِ تمنحُ روحَ الحياة وتهب النّجاة، وتجعلُ الأرضَ الطّيّبةَ حديقة ورود، وتُعطِّرُ بالعنبر آفاقَ الوجودِ.
(حضرة عبد البهاء، من لوح مترجم عن الفارسيّة) [5]
لو تقرأ أيًّا من المناجاة المباركة، بتوجّه وتضرّع وتبتّل، فستُستجاب حاجتك.
(حضرة عبد البهاء، من لوح مترجم عن الفارسيّة) [6]
...فحضرته، الّذي عهد إليهم بمثل هذه المهمّة العظيمة للعالم، ينتظر، بل وينتظر بكلّ صبر، أن يتوجّه العاملون في كرمه الإلهيّ بالدّعاء والابتهال إلى العليّ القدير ويلتمسوا الهداية والتّأييد اللّذيْن بهما فقط يمكنهم تنفيذ خطّته الإلهيّة لهذا العالم.
(من رسالة مؤرّخة 7 كانون الثّاني/يناير 1923، كتبها حضرة شوقي أفندي إلى الجامعة البهائيّة في باسادينا، كاليفورنيا) [7]
إذا قَرأتَ بياناتِ حضرة بهاءالله وحضرة عبدالبهاء بتجرّدٍ واهتمامٍ وتركيز، فستكتشف حقائقِ لم تعلمها من قبل، وتكتسب بصيرة نافذة في القضايا الّتي حيَّرتْ مفكّري العالمِ العظماءَ.
(بخطّ يد حضرة شوقي أفندي، مرفقة برسالة كُتِبَت بالنّيابة عن حضرته لأحد الاحباء بتاريخ 30 كانون الثّاني/ يناير 1925، مدرجة في كتاب "Living the Life"، ص. 4) [8]
لذلك، يتمنّى عليك حضرة وليّ أمر الله أن تقوم بالدّعاء والتّضرّع إلى الله العليّ القدير عسى أن يزيدك من فضله؛ كي تنشط طاقاتك الرّوحانيّة وتصبح أكثر تشبّعًا بتلك الرّوح الّتي يجب أن تحرّك وتدعم وتقوّي كلّ مؤمنٍ مخلصٍ حقيقيّ بدين الله.
(من رسالة مؤرّخة 13 آذار/مارس 1934 كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [9]
يودّ حضرته أن يؤكّد لك مرّة أخرى أنّه سيدعو في المقامات المقدّسة من أجل تقدّمك الرّوحانيّ. فبمقدور القوّة الإلهيّة أن تُغيّر شخصيّاتنا بالكامل وتحوّلنا إلى نفوس تختلف تمامًا عمّا كُنّا عليه. فبالدّعاء والابتهال، وإطاعة الأحكام الإلهيّة الّتي أنزلها حضرة بهاء الله، والخدمة المتزايدة باستمرار لأمره المبارك، يُمكننا أن نغيّر ما بأنفسنا.
(من رسالة مؤرّخة 22 تشرين الثّاني/نوفمبر 1941 كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [10]
كما نعلم جميعًا، على المؤمنين أن يسعوا جاهدين ليكونوا في حياتهم الخاصّة وسلوكهم مثالًا يُحتذى به على شأنٍ يدفع الآخرين لاعتناق دينٍ يُقوّم الخُلُق الإنسانيّ. ولكن للأسف، ليس باستطاعة كلّ فرد التّغلّب على النّفس بسهولة وسُرعة. ما يجب أن يدركه كلّ مؤمن، جديدًا كان أم قديمًا، هو أنّ أمر الله يمتلك القوّة الرّوحانيّة لخلقنا من جديد إن نحن بذلنا الجهد للسّماح لهذه القوّة بالتّأثير فينا، وأعظم مُساعدٍ بهذا الخصوص هو الدّعاء. فيجب علينا أن نتضرّع إلى حضرة بهاء الله كي يعيننا في التّغلّب على أوجه القصور في أخلاقنا، وأن نسخّر أيضًا قوّة إرادتنا في السّيطرة على أنفسنا.
(من رسالة مؤرّخة 27 كانون الثّاني/يناير 1945 كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [11]
يقترح حضرته أن تقوموا جميعًا بتلاوة أدعية خاصّة حتّى يُرسل الله لكم نفوسًا مستعدّة تقومون على تبليغها. فالدّعاء يفتح أبوابًا موصدة تبدو لولاه عصيّة على الفتح.
(من رسالة مؤرّخة 28 حزيران/يونيو 1945 كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [12]
ينصح حضرته أن تقوم بالدّعاء لحضرة بهاء الله يوميًّا كي يُتيح لك مقابلة نفس مستعدّة لقبول رسالته. فقوّة الدّعاء عظيمة للغاية، وتجذب التّأييدات الإلهيّة.
(من رسالة مؤرّخة 30 أيلول/سبتمبر 1951 كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [13]
إنّ حضرة بهاء الله وحضرة الأعلى، المظهريْن الإلهيّيْن لهذا العصر النّورانيّ، قد علّمانا بخصوص الدّعاء والمناجاة ما يلي: الدّعاء والمناجاة حديثٌ مباشرٌ ودون واسطة بين روح الإنسان وخالقها؛ إنّه غذاء الرّوح الّذي يبعث على تعزيز الحياة الرّوحانيّة؛ ومثل ندى الصّباح يهب الطّراوة واللّطافة للقلوب، ويطهّر وينزّه الرّوح من علائق النّفس الأمّارة. الدّعاء نار تحرق الحجبات ونور يجذب الإنسان نحو بارئه؛ إنّه يخلق قوّة روحانيّة تجعل طائر الرّوح يحلّق بجناحي المناجاة في الفضاء الإلهيّ اللّامتناهي ليفوز بالقرب من عتبة الأحديّة. وكيفيّةُ الدّعاء مدعاةٌ لتنمية القدرات والقابليّات اللّامحدودة للرّوح وسبب جذب التّأييدات الإلهيّة، وتطويله غير محبوب.
(بيت العدل الأعظم، من رسالة مؤرّخة 12 كانون الأوّل/ديسمبر 2014، للأحبّاء في إيران) [14]
التّواصل مع الله
اتلوا آيات الله في كلّ صباح ومساء إنّ الّذي لم يتلُ لم يوفِ بعهد الله وميثاقه والّذي أعرض عنها اليوم إنّه ممّن أعرض عن الله في أزل الآزال اتقُنّ الله يا عبادي كلّكم أجمعون. لا تغرنّكم كثرة القرائة والأعمال في اللّيل والنّهار لو يقرء أحد آية من الآيات بالرّوْح والرّيحان خير له من أن يتلو بالكسالة صحف الله المهيمن القيّوم. اتلوا آيات الله على قدر لا تأخذكم الكسالة والأحزان لا تحمّلوا على الأرواح ما يكسلها ويثقلها بل ما يخفّها لتطير بأجنحة الآيات إلى مطلع البيّنات هذا أقرب إلى الله لو أنتم تعقلون.
(حضرة بهاء الله، الكتاب الأقدس، فقرة 149) [15]
أي ربّ طهِّر أذُني لاستماعِ آياتك ونوِّر قلبي بنورِ عرفانك، ثمّ أَنطِق لساني بذكرك وثنائك، فوَعزَّتك يا إلهي لا أُحبُّ سواك ولا أُريد دونك.
(حضرة بهاء الله، "المناجاة"، من منشورات دار النّشر البهائيّة في البرازيل، أيّار 1997، الرقم 84، ص. 98) [16]
انشغل بذكر الجمال المختار في الأبكار وآنس معه في الأسحار. يا عليّ، كان ذكري ولم يزل، شفاءً للقلوب وضياءً للصّدور.
(حضرة بهاء الله، من لوح مترجم عن الفارسيّة) [17]
يا مُضرِم النّارِ في صدر البهاء ومُظهر النُّورِ في قلب البهاء، أشكرُك بما علَّمتَ عبادَك ذكرَك وسبُلَ مناجاتكَ من لسانك الأقدس الأَعلى وبيانِك الأعزِّ الأسنی. لولا إذنك مَنْ يقدر أن يَصِفك بِالعزِّ والكبرياء، ولولا تعليمك مَنْ يعرفُ سُبلَ الرّضاء في ملكوت الإنشاء.
(حضرة بهاء الله، "المناجاة"، من منشورات دار النّشر البهائيّة في البرازيل، أيّار 1997، الرّقم 176، ص. 189) [18]
أَي رَبّ فاجعل صلاتي كوثر الحيوان ليبقى به ذاتي بدوام سلطنتك ويذكرك في كلّ عالم من عوالمك.
(حضرة بهاء الله، "المناجاة"، من منشورات دار النّشر البهائيّة في البرازيل، أيّار 1997، الرّقم 183، ص. 212) [19]
یا ابن النّور، انسَ دوني وآنِسْ بروحي، هذا من جوهر أمري فأقبِل إلیه.
(حضرة بهاء الله، الكلمات المكنونة العربيّة، رقم 16) [20]
يا ابن العزّ، في سبيلِ القُدسِ أسرِع، وإلى أفلاكِ الأُنسِ تقدّم. طهِّر قلبَك بصيقلِ الرّوحِ، وإلى شطرِ ساحة لولاك يمّم.
(حضرة بهاء الله، التّرجمة العربيّة للكلمات المكنونة الفارسيّة، رقم 8) [21]
سبحانك، تقدّست نفسك عن وصف ما سواك لأنّهم لا يعرفون حقّ وصفيّتك ولا يدركون كنه ذاتيّتك أنت الأجلّ من أن توصف بخلقك أو أن تُعرف بغيرك. عرفتك يا إلهي بما تعرّفني نفسك، ولولا تعريفك ما عرفتك وعبدتك بما تدعوني إليك ولولا دعوَتك ما عبدتك.
(حضرة الباب، منتخبات آيات از آثار حضرت نقطهء أولی: مؤسّسه ملّى مطبوعات امرى،۱۳٤ بديع، ص. 144) [22]
ذكرُ الله مثل المطر والنّدى اللّذيْن يهبان الطّراوة واللّطافة للورود والرّياحين فتغدو خضلة نضرة بديعة الجمال. "وتری الأرضَ هامدةً وإذا أَنزلنا عليها الماءَ اهتزَّتْ ورَبَتْ وأنبتتْ من کلِّ زوجٍ بهيجٍ." فانشغل إذًا بذكر الله ليلًا ونهارًا حتّى تكتسب طراوة لا متناهية ولطافة لا حدود لها.
(حضرة عبد البهاء، منتخباتى از مكاتيب حضرة عبد البهاء، ج2، رقم 132، ص100) [23]
فيليق للعبد الدّعاء والاستمداد من الله والتّضرّع والابتهال إليه. هذا شأن العبوديّة والرّبّ يُقدّر ما يشاء بحكمته البالغة.
(حضرة عبد البهاء، من لوح نزل بالعربيّة) [24]
الحمد لله أنّ قلبك متذكّرٌ بذكر الله وروحك مستبشرٌ ببشارات الله وأنت منشغلٌ بتلاوة المناجاة. حالة المناجاة هي أفضل الحالات لأنّ الإنسان يؤانس فيها مع الله، خاصّة المناجاة الّتي تُتلى في الخلوات وأوقات الفراغ مثل منتصف اللّيل. في الحقيقة، المناجاة تهب روح الحياة.
(حضرة عبد البهاء، منتخباتى از مكاتيب حضرة عبد البهاء، رقم 172، ص196) [25]
علينا أن نسعى للوصول إلى هذه الحالة بالانقطاع عن جميع الأشياء وجميع الخلق والتّوجّه إلى الله وحده. وإنّ الوصول إلى هذه الحالة يتطلّب من الإنسان مجهودات يجب عليه أن يبذلها. فيجب أن يعمل من أجلها ويجهد لها. ويستطيع الوصول إليها بتقليل التّفكير والاهتمام بالأمور المادّيّة والاهتمام أكثر بالأمور الرّوحانيّة. وكلّما ابتعدنا عن أحدهما اقتربنا من الآخر، ولنا الخيار فيما نختار.
علينا أن نفتح بصيرتنا الدّاخليّة وإدراكنا الرّوحانيّ لنرى علامات روح الله وآثاره في كلّ مكان، وليعكس كلّ شيء نور الرّوح علينا.
(حضرة عبد البهاء، كما وردت في كتاب "بهاء الله والعصر الجديد، الطّبعة الأولى، مترجمة عن الطّبعة الإنجليزيّة الثّالثة المنقّحة الصّادرة عن مؤسّسة النّشر البهائيّة في ويلمت، إلينوي سنة 1970، ص. 121) [26]
إعلمي أنّ شأن الضّعيف أن يبتهل إلى القويّ ويليق للمُستفيض أن يتضرّع إلى الفيّاض الجليل. وإذا ناجى ربّه وتوجّه إليه واستفاض من بحره فنفس هذا التّضرّع نور لقلبه وجلاء لبصره وحياة لروحه وعلوٌ لكينونته.
(من لوح مبارك لحضرة عبد البهاء) [27]
إنّ أرقى نوعٍ من المناجاةِ هو الّذي يُقصَدُ منه محبّةُ الله، لا خوفًا منه تعالى أو من نارِه ولا أملًا بفضلِهِ أو بفردوسِهِ… وإذا هامَ إنسانٌ بحُبِّ حبيبٍ، فمن المستحيل أن لا يَلْهَجَ بذكْرِ اسْمِهِ. فكيف بمن يشعر بمحبّة الله؟ ألا يصعب عليه السّكوت عن ذكر اسمه؟... والإنسانُ الرُّوحانيُّ لا يجدُ لذّةً في شيءٍ إلّا في ذكرِ اللهِ.
(حضرة عبد البهاء، كلمات حضرته كما وردت في كتاب "بهاء الله والعصر الجديد، الطّبعة الأولى، مترجمة عن الطّبعة الإنجليزيّة الثّالثة المنقّحة الصّادرة عن مؤسّسة النّشر البهائيّة في ويلمت، إلينوي سنة 1970، ص. 127) [28]
عندما نتوجّه بقلوبنا إلى الله ونذكر اسمه سبحانه وتعالى، تنشأ علاقة روحانيّة تجعل منّا قناة للتّأثير الإلهيّ.
(من رسالة مؤرّخة 19 تشرين الأوّل/أكتوبر 1925، كٌتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [29]
روح الدّعاء وطريقته
وأَحَبّ صلاةٍ تلك الّتي تؤدّى بالرّوْح والرّيحان، وتطويلها ما كان ولن يكون محبوبًا. وكلّما كانت أكثر تجرّدًا وصفاءً كانت ولا تزال أحبّ عند الله.
(حضرة الباب، منتخبات آيات از آثار حضرت نقطهء أولی: مؤسّسه ملّى مطبوعات امرى،۱۳٤ بديع، ص. 53) [30]
وأمّا عن الأمر بذكر الله في السّرّ فذلك لكي تكونَ متنبّهًا ومنكبًّا على ذكر الله، ويكون قلبك حيًّا بذكره على الدّوام لئلّا تبقى مُحتجبًا عن محبوبك. فلا تدع لسانك يجري بذكر الله وقلبك غير متوجّه إلى ذروة القدس ومحلّ الأنس. لعلّ إذا كنتَ موجودًا في يوم القيامة وأشرقت شمس الحقيقة ومرآة قلبك في مقابلها، تعكس نورها على قلبك في الحين. لأنّه هو مبدأ كلّ خير وإليه يرجع كلّ أمر. ولكن إذا ظهر وأنت دائمًا بذكر نفسك منشغلٌ، لن يجديك ذلك ثمرًا ما لم تذكره بالأذكار الّتي أنزلها، لأنّه هو ذكر الله في ذلك الظّهور. إذ إنّ الذّكر الّذي تقوم به الآن قد نزل بأمر نقطة البيان، وذلك الظّهور في الآخرة هو كينونيّة نقطة البيان، الّذي هو أقوى من ظهوره الأوّل بما لا نهاية له إلى ما لا نهاية له.
(حضرة الباب، منتخبات آيات از آثار نقطهء أولی: مؤسّسه ملّى حضرت مطبوعات امرى،۱۳٤ بديع، ص65) [31]
على كلّ فرد تلاوة الصّلاة المفروضة منفردًا، أمّا ترتيل المناجاة جماعيًّا وبلحن جميل مؤثّر، فذلك حسن للغاية.
(حضرة عبد البهاء، من لوح بالفارسيّة) [32]
يجب الحفاظ على البساطة الّتي تسم تلاوة الأدعية وأداء الصّلوات البهائيّة، أكانت مفروضة أو غير ذلك. فالتّزمّت والطّقوس يجب تجنّبهما تجنّبًا تامًّا.
(بخطّ يد حضرة شوقي أفندي، ملحقة برسالة كُتِبَت بالنّيابة عن حضرته لأحد الاحبّاء بتاريخ 30 تشرين الأوّل/أكتوبر 1936) [33]
تفضّل حضرة عبد البهاء ذات مرّة: "يجب على العابد أن يدعو بنفسٍ منقطعة، وتسليمٍ غير مشروط، وانتباه مركّز، واشتعال روحانيّ ... فالدّعاء بصورة آليّة وشكليّة والّذي لا يمسّ شغاف القلب لا نفع منه.
(من رسالة مؤرّخة 19 تشرين الأوّل/أكتوبر 1925، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [34]
فيما يتعلّق بترتيل الألواح المباركة في المعبد، يودّ حضرة شوقي أفندي في هذا الصّدد حثَ الأحبّاء على تجنّب كافّة أشكال التّزمّت والتّماثل في أمور العبادة. ولا مانع من تلاوة أو ترنيم الأدعية باللّغة الشّرقيّة، إلّا أنّه ليس هناك أيضًا أيّ نوع من الإلزام بتبنّي مثل هذا الشّكل من الدّعاء في أيّ جلسة تعبّديّة في القاعة الرئيسيّة للمعبد. فيجب أن لا يكون ذلك مفروضًا ولا ممنوعًا. الأمر المهمّ الّذي ينبغي أن نتذكرّه دائمًا هو أنّه، باستثناء بعض الصلوات المفروضة المحدّدة، لم يعطنا حضرة بهاء الله أحكامًا صارمة أو خاصّة في أمور العبادة – سواء في المعبد أو أيّ مكان آخر. إنّ الدعاء هو في الأساس اتّصال بين الإنسان وخالقه، ولذلك فهو يسمو فوق كافّة أشكال وصيغ الطّقوس والشّعائر.
(من رسالة مؤرّخة 15 حزيران/يونيو 1935، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [35]
يمكن تلاوة الأدعية اليوميّة بأيّ شكل أو طريقة يختارها المؤمن، باستثناء الصّلوات المفروضة المُحدّدة. ففي أدعية كهذه، لا ينبغي فرض التّماثل على الأحبّاء تحت أيّ ظرف من الظّروف. يجب ترك العابد حرًّا تمامًا ليقوم بالدّعاء كما يشاء.
(من رسالة مؤرّخة 6 تمّوز/يوليو 1935، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [36]
فيما يتعلّق بتجاربك الرّوحانيّة، أبدى حضرة شوقي أفندي اهتمامًا كبيرًا بمشاركتها. ومع ذلك، فإنّه يحثّك على استخدام وقراءة الكلمات المنزلة من يراع حضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء دائمًا خلال ساعات تأمّلك ودعائك.
(من رسالة مؤرّخة 6 كانون الأوّل/ديسمبر 1935، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [37]
على العابد الصّادق أن يسعى أثناء الدّعاء ألّا يلحّ في طلبه من الله تحقيق أمانيه ورغباته، بل أن يكيّفها ويجعلها متوافقة مع الإرادة الإلهيّة. فمن خلال موقف كهذا فقط يمكن للمرء أن يستمدّ ذاك الشّعور بالسّلام والرّضا الدّاخليّ الّذي يمكن أن تمنحه قوّة الصّلاة والدّعاء وحدها.
(من رسالة مؤرّخة 26 تشرين الأوّل/أكتوبر 1938، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء). [38]
يشعر حضرته بأنّه يجب زيادة التّأكيد على أهمّيّة وقوّة الصّلاة والدّعاء، بما في ذلك ذكر "الله أبهى"، ولكن دون إفراط. فالرّوح الكامنة وراء الكلمات هي المهمّة حقًّا.
(من رسالة مؤرّخة 16 آذار/مارس 1946، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء). [39]
على كلّ شخص تلاوة الأدعيّة اليوميّة لوحده، لا فرق أكان ذلك بلسان السّرّ أو الجهر. ولا توجد صلاة جماعة إلّا في صلاة الميّت. نحن نقرأ في اجتماعاتنا أدعية الشّفاء وغيرها، ولكن الدّعاء اليوميّ هو واجب شخصيّ، لذلك، فتلاوته من قِبَل شخص آخر ليس تمامًا كقراءته لوحدك.
(من رسالة مؤرّخة 31 كانون الثّاني/يناير 1949، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء). [40]
تتجلّى القوى الكامنة في الدّعاء عندما يكون باعثه الأصليّ هو محبّة الله؛ دون أيّ خوفٍ أو طلب، ومُنزّهًا عن التّظاهر والخُرافات. وينبغي تلاوته بكلّ صدقٍ وطهارة قلب حتّى يفضي إلى التّعمّق والتّأمّل فيستنير بذلك العقل والإدراك الإنسانيّ. مثل هذا الدّعاء الخالص يتنزّه عن همهمة الحروف والكلمات ويتقدّس عن دمدمة الألفاظ والأصوات، وتبعث حلاوة نغماته وألحانه على الفرح والابتهاج، وتسمو بالقلوب، وتزيد من نفوذ الكلمات، وتبدّل الأهواء الدّنيويّة بالصّفات الملكوتيّة وتلهم الخدمة الخالصة للعالم الإنسانيّ.
(بيت العدل الأعظم، من رسالة مؤرّخة 18 كانون الأوّل/ديسمبر 2014، إلى الأحبّاء في إيران) [41]
دور التّفكّر والتّأمّل
وإنّك فكّر فيما ألقيناك لتعرف مراد اللّه ربّك وربّ العالمين وفيه كنز أسرار الحكمة.
(حضرة بهاء الله، "منتخباتى از آثار حضرة بهاء الله"، لانگنهاين، ألمانيا، 141بديع، رقم 79، ص. 103) [42]
يتفضّل حضرة بهاءالله بأنّ هناك علامة (من الله) في كلّ ظاهرة: علامة العقل هي التّأمّل وعلامة التّأمّل هي الصّمت، لأنّه يستحيل على الإنسان أن يقوم بشيئين في وقتٍ واحد—لا يمكنه الكلام والتّأمّل في آنٍ معًا.
من الحقائق البديهيّة أنّه حينما تتأمّل، فإنّك تُخاطب روحك. في هذه الحالة الذّهنيّة، أنت تطرح أسئلة معيّنة على روحك، وروحك تُجيب عنها: فينبثق النّور وتنكشف الحقيقة.
لا يمكنك أن تطلق اسم "إنسان" على أيّ كائنٍ فاقدٍ لمَلَكة التّأمّل هذه؛ فمن دونها، سيكون مجرّد حيوان وأحطّ من الوحوش.
بفضل مَلَكة التّأمّل يفوز الإنسان بالحياة الأبديّة؛ ومن خلالها يتلقّى نفثات الرّوح القدس— مواهب الرّوح تُمنح في التّأمّل والتّفكّر.
روح الإنسان نفسها تكتسب معرفة وتتعزّز قدرتها أثناء التّأمّل؛ فبواسطته تتكشّف أمام ناظريه أمور كان يجهلها تمامًا. ومن خلاله يستمدّ الإلهام الإلهيّ، وعن طريقه يتلقّى الغذاء السّماويّ.
التّأمّل هو المفتاح لفتح أبواب الأسرار. في تلك الحالة ينسلخ الإنسان عن نفسه: في تلك الحالة يسحب الإنسان نفسه من جميع الأشياء الخارجيّة؛ وفي تلك الحالة من الفراغة الذّاتيّة ينغمس في بحر الحياة الرّوحانيّة ويستطيع أن يكشف أسرار الأشياء على حقيقتها. ولتوضيح ذلك، فكّر في شخص وُهب نوعين من البصر؛ فإذا ما استخدمت قوّة البصيرة تتعطّل قوّة الإبصار.
إنّ ملكة التّأمّل هذه تُحرّر الإنسان من الطّبيعة الحيوانيّة، وتُبيّن حقيقة الأشياء، وتجعل الإنسان على اتّصال مع الله.
هذه المَلَكة تجلب العلوم والفنون من عالم الغيب. ومن خلال ملكة التّأمّل تُصبح الاختراعات مُمكنة، وتُنفَّذ المشاريع العظيمة؛ وبواسطتها يمكن للحكومات أن تدير أعمالها بسلاسة. وعن طريق هذه الملكة يدخل الإنسان في ملكوت الله.
ومع ذلك، فإنّ بعض الأفكار لا تفيد الإنسان؛ فهي كالأمواج الّتي تتحرّك في البحر بلا جدوى. ولكن إذا ما انغمرت ملكة التّأمّل في النّور الباطنيّ واتّسمت بالصّفات الإلهيّة، فالنّتائج ستكون مؤكّدة.
إنّ ملكة التّأمّل أشبه ما تكون بالمرآة؛ إذا وضعتها أمام أجسام دنيويّة فسوف تعكسها. لذلك، إذا كانت روح الإنسان تفكّر في مواضيع دنيويّة فستصبح مُدركة لها.
لكن إذا وجّهتم مرآة أرواحكم نحو السّماء، ستنعكس على قلوبكم النّجوم السّماويّة وأشعّة شمس الحقيقة وستفوزون بفضائل الملكوت.
لذا، دعونا نبقي هذه المَلَكة موجّهة بشكل صحيح—نحو الشّمس السّماويّة وليس نحو الأشياء الدّنيويّة—حتّى نتمكّن من اكتشاف أسرار الملكوت، ونفهم رموز الكتاب المقدّس وأسرار الرّوح.
عسى أن نُصبح حقًّا مرايا تعكس الحقائق السّماويّة، ونصبح في غاية الصّفاء والنّقاء كي نعكس نجوم السّماء.
(حضرة عبد البهاء، Paris Talks: Addresses given by ‘Abdu’l-Bahá in Paris in 1911– 1912 (Wilmette: Bahá’í Publishing Trust, 2011, no. 54) [43]
... بالطّبع، يستطيع البهائيّون، بل وعليهم أن يتفكّروا ويتأمّلوا في مغزى الكتابات البهائيّة المقدّسة، وأن يسعوا إلى فهم دلالاتها بأقصى ما يمكن. لا يمكن أن يكون هناك اعتراض على ذلك. ومع هذا، فبعض الأمور، على الأقلّ في المرحلة الحاليّة من تطوّرنا، غامضة علينا بحُكم طبيعتها.
(من رسالة مؤرّخة 14 كانون الثّاني/يناير 1942، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [44]
ليس في التّعاليم ما ينصّ على اتّباع أساليب مُعيّنة في التّأمّل، ولا خطّة بهذا الشّأن للتّطوير الباطنيّ. فالأحبّاء مطالبون—بل ومفروض عليهم—الدّعاء، كما يتوجّب عليهم التّأمّل أيضًا، ولكن كيفيّة ذلك متروكة للفرد بالكلّيّة.
...
إنّ ما نتلقّاه من إلهام بواسطة التّأمّل ذو طابع لا يمكن قياسه أو تحديده. فالله قادر أن يلهم عقولنا بأمور لم نُحَطْ بها علمًا من قبل، إذا شاء ذلك.
(من رسالة مؤرّخة 25 كانون الثّاني/يناير 1943، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [45]
من خلال التّأمّل يمكن أن تُفتح الأبواب نحو معرفةٍ أعمق وإلهامٍ أوفر. وبطبيعة الحال، إذا تأمّل المرء كبهائيّ فإنّه يكون على اتّصال بالمصدر الإلهيّ؛ وإذا تأمّل إنسانٌ مؤمنٌ بالله فإنّه يُسلّم بقوّة الله ورحمته؛ لكنّنا لا نستطيع القول بأنّ أيّ إلهامٍ يتلقّاه شخصٌ لا يعرف حضرة بهاء الله أو لا يؤمن بالله، هو مجرّد إلهامٍ نابعٍ من ذاته. التّأمّل مهمٌّ جدًا، ولا يرى حضرة وليّ أمر الله سببًا لعدم تثقيف الأحبّاء في موضوع التّأمّل، ولكن عليهم الاحتراز من أن تتسلّل إليه الخرافات أو الأفكار السّخيفة.
(من رسالة مؤرّخة 19 تشرين الثّاني/نوفمير 1945، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [46]
يعتقد حضرته أنّه سيكون أكثر حكمة أن يستخدم البهائيّون الأدعية الّتي منحنا إيّاها حضرة بهاء الله، وليس أيّ شكلٍ من أشكال التّأمّل أوصى به شخصٌ آخر؛ لكن يجب ترك الحرّيّة للأحبّاء في هذه التّفاصيل وإتاحة هامشٍ من الحرّيّة الشّخصيّة لهم في إيجاد درجة تواصلهم الخاصّ مع الله عزّ وجلّ.
(من رسالة مؤرّخة 27 كانون الثّاني/يناير 1952، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [47]
الدّعاء، التّأمّل، والعمل
توجّهوا إلى الله واتلوا المناجاة وصلّوا واسعَوْا جاهدين عسى أن يظهر منكم عملٌ خيِّر. كونوا سببًا لغَناء كلّ فقير وأقيلوا كلّ عاثر، وواسوا كلّ محزون، كونوا ملجًا وملاذًا لكلّ غريب، ومأوىً ومنزلًا لكلّ محروم.
(‘Abdu’l-Bahá, Paris Talks, no. 26) [48]
يا أمة الله، رتّلي كلمات الله متمعّنةً في معانيها ساعيةً في العمل بما فيها. وإنّي أسأل الله أن يجعل لكِ مقامًا رفيعًا في ملكوت الحياة إلى أبد الآباد.
(من لوح مبارك لحضرة عبد البهاء بالفارسيّة) (49)
الدّعاء والتّأمّل عاملان مهمّان جدًّا في تعميق الحياة الرّوحانيّة للفرد، ولكن يجب أن يقترنا بالعمل والقدوة أيضًا، فهما ثمار الدّعاء والتّأمّل الملموسة. وكلاهما ضروريّ.
(من رسالة مؤرّخة 15 أيّار/مايو 1944، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [50]
تفضّل حضرة المولى بأنّ الهداية تكون عندما تُفتح الأبواب بعد بذل المحاولة. بإمكاننا أن ندعو، ونلتمس التّوفيق في العمل وفق المشيئة الإلهيّة لا غير، ونسعى جاهدين، وإذا ما وجدنا عندئذٍ أنّ خطّتنا لا تعمل بنجاح، علينا أن نفترض أنّها ليست الخطّة الصّحيحة، على الأقلّ في الوقت الحالي.
(من رسالة مؤرّخة 29 تشرين الأوّل/أكتوبر 1952، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [51]
عندما يصبح الشّخص بهائيًّا، فإنّ ما يحدث في الواقع هو أنّ بذرة الرّوح تبدأ بالنّمو في النّفس البشريّة. ومن الواجب إرواء هذه البذرة بفيوضات الرّوح القدس. فمواهب الرّوح هذه نتلقّاها من خلال الدّعاء والتّأمّل، ودراسة البيانات المقدّسة وخدمة أمر الله. فحقيقة الأمر إنّ الخدمة في أمر الله هي أشبه ما تكون بالمحراث الّذي يحرث التّربة عند زراعة البذور. فالحراثة ضروريّة لإخصاب التّربة ممّا يقوّي نموّ البذرة. وعلى المنوال نفسه تمامًا يحدث تطوّر الرّوح من خلال حرث تربة القلب كي تُصبح انعكاسًا ثابتًا مستمرًّا للرّوح القدس. بهذه الطّريقة تنمو الرّوح البشريّة وتتطوّر بسرعة فائقة.
(من رسالة مؤرّخة 6 تشرين الأوّل/أكتوبر 1954، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [52]
على الأحبّاء ... أن يتوجّهوا إلى الله بالدّعاء والتّأمّل طلبًا للهداية، وأن يدرسوا تعاليم أمر الله ومن ثمّ عليهم النّهوض والعمل. الدّعاء والتّأمّل والدّراسة، لا قيمة لها من دون العمل، ويجب تعزيز العمل بواسطة هذه الأمور الأخرى الّتي تقوّي الرّوح وتغذّي العقل.
(من رسالة مؤرّخة 30 أيّار/مايو 1956، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأيادي أمر الله في آسيا) [53]
وقد أكّد حضرة وليّ أمر الله المحبوب، مرارًا وتكرارًا، بأنّه كي يُبلّغ الفرد أمر الله بشكل فعّال، عليه أن يدرس الكلمة الإلهيّة بعمق، وينهل من مياهها المُحيية، ويحتفي بتعاليمها المجيدة. وبعد ذلك، عليه أن يتأمّل في أهمّيّة الكلمة الإلهيّة، ويسبر غور عمقها الرّوحانيّ، ويدعو طلبًا للهداية والعون. ولكن الأمر الأهمّ، هو العمل بعد الدّعاء. فبعد أن يقوم المرء بالدّعاء والتّأمّل، عليه أن ينهض لتبليغ أمر حضرة بهاء الله، متوكّلًا كليًّا على هداية حضرته وتأييده. فالمثابرة في العمل أمر أساسيّ، تمامًا كما أنّ الحكمة والإقدام ضروريّان للتّبليغ الفعّال. يجب على الفرد أن يُضحّي بكلّ شيء لهذا الهدف العظيم، وستُحرز الانتصارات بعد ذلك.
(من رسالة مؤرّخة 30 أيّار/مايو 1956، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي إلى أيادي أمر الله في الولايات المتّحدة الأمريكيّة) [54]
التّبليغ هو مصدر التّأييد الالهيّ. فلا تكفي المواظبة على الدّعاء طلبًا للهداية، بل يجب أن يعقب الدّعاءَ التأمّلُ بخصوص أفضل أساليب العمل ومن ثمّ العمل نفسه. وحتّى لو لم يُثمر هذا العمل عن نتائجَ فوريّة، أو ربما لم يكن صحيحًا تمامًا، ليس هذا بذات أهمّيّة، ذلك لأنّ الدّعاء يُستجاب له من خلال العمل لا غير، وإذا كان عمل الشّخص خاطئًا، فإنّ الله سبحانه وتعالى قادرٌ على تسخير ذلك الأسلوب ليدلّه على الطّريق الصّحيح. لذلك يجب عليك وأعضاء المحفل الآخرين في ... أن تنهضوا لتبيلغ أمر الله بجدٍّ ومثابرة. وستجدون بأنّ الهداية والتّأييد قد شملكم في هذا العمل.
(من رسالة مؤرّخة 22 آب/أغسطس 1957، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [55]
الصّلوات المفروضة
بخصوص الصّلاة الّتي ذكرتها حضرتك، في الحقيقة كلّ من يقرؤها خالصًا لوجه الله، سيجذب جميع الأشياء، ويهب عالم الوجود حياةً جديدة، يسئل الخادم ربّه بأن يمدّ أوليائه على ما يُخلّصهم من حوادث الدّنيا وشئوناتها وكدوراتها وظلمتها ويزيّنهم بما يُقرّبهم إليه فيكلّ الأحوال، إنّه هو الغنيّ المُتعال.
(من لوح مبارك لحضرة بهاء الله، بالعربيّة والفارسيّة) [56]
الصّلاة فرضٌ وواجبٌ لأنّها سبب الخضوع والخشوع والتّوجّه والتّبتّل إلى الله. والإنسان أثناء الصّلاة يكون في مناجاة مع الله راجيًا التّقرّب إليه، وفي حديثٍ مع محبوبه الحقيقيّ، وبواسطتها يفوز بالمقامات الرّوحانيّة.
(من لوح لحضرة عبدالبهاء بالفارسيّة) [57]
اعلمي أنّ في كلّ كلمة وحركة من الصّلاة لإشارات وحكمة وأسرار تعجز البشر عن إدراكها ولا تسع المكاتيب والأوراق.
(من لوح لحضرة عبد البهاء بالعربيّة) [58]
في ما يتعلّق بالسّؤال الّذي طَلب منك محفل لندن رفعه إلى حضرة وليّ أمر الله بخصوص تلاوة "المناجاة": يودّ حضرته منّى في البداية أن ألفت انتباهك إلى حقيقة أنّ هناك فرقًا جوهريًّا بين "الصّلاة المفروضة" و"المناجاة". فبينما الأولى، كونها مُنزلةً تحديدًا من حضرة بهاء الله، هي فرضٌ مُلزم، ووفقًا لتعاليمه الواضحة في الكتاب الأقدس، يجب أداؤها على انفراد، فإنّ الثّانية ليست إلزاميّة ولا توجد طريقة محدّدة لتلاوتها. ولكن رغم الحرّيّة المتروكة لأحبّاء الله في اتّباع ما تميل إليه نفوسهم عند تلاوة "المناجاة" ينبغي عليهم أن يأخذوا أقصى الحذر لئلّا تكتسب أيّ طريقة يتّبعونها، طابعًا جامدًا وتصبح طقسًا، ورسمًا مُلزمًا.
وهذا أمرٌ على الأحبّاء أن يضعوه نصب أعينهم حتّى لا يحيدوا عن النّهج الواضح الّذي حدّدته التّعاليم الإلهيّة.
(من رسالة مؤرّخة 25 تشرين الأوّل/أكتوبر 1934، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [59]
... الصّلوات المفروضة ذات تأثيرٍ أعظم بطبيعتها، ووُهبت قوّةً أكبر من تلك الأدعيّة غير الإلزاميّة، لذا فهي ضروريّة.
(من رسالة مؤرّخة 4 كانون الثّاني/يناير 1936، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [60]
إنّ ما يقترن بهذه الصّلوات من إرشادات، مثل غسل اليدين والوجه، والسّجود ورفع اليدين، قد فرضها حضرة بهاءالله بالتّاكيد، وبالتّالي يجب أن يؤدّيها المؤمنون كاملة وبكلّ ثقةٍ واطمئنان، لا سيّما الشّباب البهائيّ، الّذين أُلقيت على كواهلهم المسؤوليّة الرّئيسيّة في إثبات الحقيقة والمحافظة على سلامة حدود وأحكام أمر الله.
الصّلوات اليوميّة المفروضة ثلاث. الصّغرى، تتألّف من آية واحدة ويجب أن تُؤدّى مرّةً كلّ أربعٍ وعشرين ساعة حين الزّوال. الوسطى، الّتي تبدأ بالكلمات، "شهد الله أنّه لا إله إلّا هو"، يجب أن تُؤدّى ثلاث مرّات يوميًّا في الصّباح والظّهر والمساء. ويُصاحب هذه الصّلاة أعمالٌ وحركاتٌ جسديّة مُحدّدة. أمّا الصّلاة الكُبرى، وهي الأكثر تفصيلًا من بين الثّلاثة، فيجب أن تُؤدّى مرّة واحدة فقط في كلّ أربعٍ وعشرين ساعة، وفي أيّ وقتٍ يشعر المرء بالميل لذلك.
للمؤمن مُطلق الحرّيّة في اختيار أيٍّ من هذه الصّلوات الثّلاث، ولكنّه مُلزمٌ بأداء إحداها، وفقًا لأيّ إرشاداتٍ مُحدّدة قد تصاحبها.
(من رسالة مؤرّخة 10 كانون الثّاني/يناير 1936، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي إلى المحفل الرّوحاني المركزي في الولايات المتّحدة وكندا) [61]
كنتَ قد سألتَ عن أداء الصّلوات المفروضة في مشرق الأذكار. لقد طلب منّي حضرته أن أكتب: "الصّلاة المفروضة ليست ممنوعة في مشرق الأذكار، لكن لم ولن يُطلب من الأحبّاء أداؤها في المعبد. قد نُهي عن صلاة الجماعة، إلّا في صلاة الميّت. إنّ تعيين المكان وتحديد الشّروط اللّازمة لأداء الصّلوات المفروضة في مشرق الأذكار هي أمورّ فرعيّة ترجع إلى المحفل الرّوحانيّ لتلك المدينة."
(من رسالة مؤرّخة 30 كانون الثّاني/يناير 1937، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [62]
يُقدّر حضرة وليّ أمر الله بشكلٍ خاصّ حقيقة أنّك تؤدّي بإخلاص حُكم حضرة بهاء الله المتعلّق بأداء الصّلوات اليوميّة المفروضة، وبذلك تكون قد ضربت مثلًا عاليًا أمام زملائك الشّباب البهائيّين. فهذه الصّلوات اليوميّة قد وُهبت قوى استثنائيّة لا يمكن إلّا لمن يؤدّيها بانتظام أن يقدّرها حقّ قدرها. ولذلك، ينبغي على الأحبّاء أن يسعوا جاهدين للاستفادة اليوميّة من هذه الصّلوات، مهما كانت ظروف حياتهم وأوضاعهم الخاصّة.
(من رسالة مؤرّخة 23 شباط/فبراير 1939، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [63]
بالإشارة إلى سؤالك بخصوص الصّلوات اليوميّة الثّلاث المفروضة: لا يُطلب من المتعبّد البهائيّ أن يؤدّيها جميعًا كلّ يوم، بل عليه أن يختار إحداها، وأن يتقيّد تمامًا بأيّ إرشادات أنزلها حضرة بهاءالله تتعلّق بأدائها، مثل رفع اليدين، ومختلف ركعات الصّلاة، إلخ. وأولئك الّذين لسبب أو لآخر، لا سيّما غير القادرين منهم جسمانيًّا على اتّباع هذه التّعليمات بسبب المرض أو بعض العيوب الجسمانيّة، ولا يمكنهم التّقيّد بهذه الإرشادات، من الأفضل لهم اختيار الصّلاة الصّغرى، الّتي هي في غاية البساطة.
(من رسالة مؤرّخة 7 كانون الأوّل/ديسمبر 1939، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [64]
ينصحك حضرته بأداء الصّلاة الصّغرى حين الزّوال. إذ لا ركعات فيها ولا تتطلّب عند أدائها سوى أن يوجّه المؤمن وجهه نحو عكّاء حيث دُفن حضرة بهاء الله. وهذا رمزٌ مادّيّ لحقيقةٍ باطنيّة، فكما يتوجّه النّبات نحو الشّمس—حيث يستمدّ الحياة والنّماء—كذلك نتوجّه أثناء الصّلاة بأفئدتنا نحو المظهر الإلهيّ، الجمال الأقدس الأبهى؛ ونولّي وجوهنا خلال الصّلاة الصّغرى هذه شطر البقعة الّتي يرقد فيها رفاته الأطهر إعرابًا عن توجّهنا إليه باطنًا.
لقد خفّف حضرة بهاء الله جميع الطّقوس وطرق الأداء إلى أدنى حدٍّ ممكن في أمره المبارك. وطرق الأداء القليلة الموجودة—مثل تلك المرتبطة بالصّلاتين المفروضتين اليوميّتين الأطول—ليست سوى رموز للسّلوك والموقف الباطنيّ. فهناك حكمة مكنونة فيها وبركة عظيمة، لكنّنا لا نستطيع أن نجبر أنفسنا على فهم هذه الأمور أو الشّعور بها، ولهذا السّبب منحنا حضرته أيضا الصّلاة الصّغرى الّتي هي في غاية البساطة وذلك لأولئك الّذين لا يشعرون بالرّغبة في أداء الأعمال المرتبطة بالصّلاتين الأخريين.
(من رسالة مؤرّخة 24 حزيران/يونيو 1949، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [65]
فيما يتعلّق بالمسائل الخاصّة بأداء الصّلاة الكبرى بالشّكل السّليم: يمكن قراءة جميع كتابات أمر الله، بل ويجب أن تُقرأ لإرشاد الأحبّاء وإلهامهم. ويشمل هذا الصّلوات المُحدّدة. فإذا كان المؤمن يعاني من عجز جسمانيّ يمنعه من أداء الرّكعات الملازمة لإحدى الصّلاتين، ويتوق مع ذلك إلى تلاوتها كصلاة مفروضة، فيجوز له ذلك. والمقصود بالعجز الجسمانيّ هو العجز الواقعيّ الّذي يعتبره الطّبيب عجزًا حقيقيًّا.
(من رسالة مؤرّخة 17 شباط/فبراير 1955، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي إلى المحفل الرّوحاني المحلي في لوس أنجلوس، كاليفورنيا) [66]
لذلك، قرّرنا أنّه من الضّروريّ لجميع المؤمنين أن يعمّقوا إدراكهم للبركات الّتي تمنحها الأحكام الّتي تُعزّز بشكلٍ مباشرٍ الحياة التّعبديّة للفرد، وبالتّالي، للجامعة. إنّ أساسيّات هذه الأحكام معروفة لدى جميع البهائيّين، لكن الحصول على بصيرة أكبر في أهمّيّتها يجب أن يشمل تطبيق جميع الجوانب المُنزلة من عند الله المتعلّقة بأدائها. هذه هي الأحكام الّتي تتعلّق بالصّلاة المفروضة، والصّوم، وتلاوة الاسم الأعظم "الله أبهى" خمسًا وتسعين مرّة في اليوم.
يؤكّد حضرة بهاء الله: "الإنسان بلا عملٍ وعبادة بمثابة شجرٍ بلا ثمر وعملٍ بلا أثر. وكلّ نفسٍ ذاقت لذّة العبادة لن تبدّل عملًا واحدًا وذكرًا واحدًا بكلّ ما في الوجود. الصّوم والصّلاة هما جناحان لحياة الإنسان طوبى لمن طار بهما في هواء محبّة الله ربّ العالمين.
(بيت العدل الأعظم، من رسالة مؤرّخة 28 كانون الأوّل/ديسمبر 1999، موجّهة إلى البهائيّين في العالم) [67]
السّمة التّعبّديّة للجامعة
أن اجتمعوا بالرّوْح والرّيحان ثمّ اتلوا آيات الرّحمن بها تُفتح على قلوبكم أبواب العرفان، إذًا تجدوا أنفسكم على استقامة وتروا قلوبكم في فرح مبين.
(من لوح لحضرة بهاء الله بالعربيّة) [68]
وأمّا سؤالك عن المعابد والحكمة منها، فالحكمة من ذلك أن تعرف النّفوس مسبقًا وقت الاجتماع المحدّد، فيجتمعون ويتلون المناجاة متّحدين، ومن هذا الاجتماع تزداد الألفة والاتّحاد في القلوب.
(عبد البهاء، منتخباتى از مكاتيب حضرت عبد البهاء، رقم 58، ص. 92) [69]
الحمد لله على أنّكما أثبتّما قولكما بالأعمال وفزتما بالتّأييدات الإلهيّة وجمعتما أطفال البهائيّين وتُعلّمانهم المناجاة في صبيحة كلّ يوم، إنّ هذا العمل عمل مقبولٌ جدًّا وسببٌ لسرور قلوب أولئك الأطفال، لأنّهم يتوجّهون كلّ صباح إلى الملكوت منكبّين على ذكر الله مناجين ربّهم بكلّ ملاحة وحلاوة.
إنّ هؤلاء الأطفال بمثابة غرسات، وتعليم المناجاة هذا كالغيث الّذي يهبهم لطافة وطراوة وبمثابة نسيم محبّة الله الّذي يجعلهم يهتزّون فرحًا.
(عبد البهاء، منتخباتى از مكاتيب حضرت عبد البهاء، رقم 115، ص. 135-136) [70]
في الواقع، إنّ السّبب الرّئيس وراء تفشّي الشّرّ في المجتمع الآن هو الافتقار إلى الرّوحانيّة. فالحضارة المادّيّة المعاصرة قد امتصّت الكثير من طاقة البشر واهتمامهم، بحيث لم يَعُد النّاس عمومًا يشعرون بضرورة السّموّ بأنفسهم فوق قوى وظروف معيشتهم المادّيّة اليوميّة. لا يوجد طلبٌ كافٍ على الأشياء الّتي يجب أن ندعوها روحانيّة لتّمييزها عن احتياجات ومتطلّبات وجودنا المادّيّ. وبالتّالي، فإنّ مسبّبات الأزمة العالميّة الّتي تؤثّر على البشريّة هي في الأساس روحانيّة. وروح العصر بالإجمال لا دينيّة. كما أنّ نظرة الإنسان إلى الحياة غير ناضجة ومادّيّة للغاية بحيث لا تُمكّنه من أن يرتقي بنفسه إلى عوالم الرّوح الأسمى.
هذه هي الحالة الكئيبة المُحزنة للغاية الّتي وقع فيها المجتمع، والّتي يسعى الدّين إلى تحسينها وتحويلها. فجوهر الإيمان الدّينيّ هو ذلك الإحساس المعنويّ الّذي يربط الإنسان بخالقه. وهذه الحالة من التّواصل الرّوحانيّ يمكن إيجادها واستدامتها بواسطة الدّعاء والتّأمّل. ولهذا السّبب أكّد حضرة بهاء الله كثيرًا على أهمّيّة العبادة. فليس كافيًا أن يقرّ المؤمن بالتّعاليم الإلهيّة ويعمل بها فحسب؛ بل عليه أيضًا أن ينمّي الحسّ الرّوحانيّ الّذي يمكن أن يكتسبه بالدّرجة الأولى من خلال الدّعاء. فالدّين البهائيّ إذًا، كجميع الأديان السّماويّة الأخرى، روحانيّ الطّابع في الأساس؛ وهدفه الرّئيس هو تطوّر الفرد والمجتمع من خلال اكتساب الفضائل والقوى الرّوحانيّة. فروح الإنسان هي الّتي يجب تغذيتها أوّلًا، وهذا الغذاء الرّوحانيّ هو ما يوفّره الدّعاء على أفضل وجه. إنّ الأحكام والمؤسّسات البهائيّة، كما ارتآها حضرة بهاء الله، يمكن أن تصبح مؤثّرة حقًّا فقط حينما تتحسّن وتتحوّل حياتنا الرّوحانيّة الدّاخليّة؛ وإلّا، سيتردّى الدّين إلى مجرّد تنظيمٍ ويصبح شيئًا ميّتًا.
لذا، يجب على المؤمنين، والشّباب على وجه الخصوص، أن يدركوا تمامًا أهمّيّة الدّعاء؛ فالدّعاء أمرٌ لا غنىً عنه على الإطلاق لنموّ وتطوّر حياتهم الرّوحانيّة الدّاخليّة، وهذا، كما سبق ذكره، هو أسّ أساس دين الله وهدفه.
(من رسالة مؤرّخة 8 كانون الأوّل/ديسمبر 1935، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [71]
... إنّ ازدهار الجامعة، خاصّة في المستوى المحليّ، يتطلّب تحسينًا ملموسًا في أنماط السّلوك ...، ويستلزم ذلك الدّعاء الجماعيّ والتّبتّل والمناجاة من قِبَل الأحبّاء. لذلك، من الضّروريّ للحياة الرّوحانيّة للجامعة أن يعقد الأحبّاء جلسات منتظمة للدّعاء في المراكز البهائيّة المحليّة، إن وُجدت، أو في أيّ مكانٍ آخر، بما في ذلك بيوت الأحبّاء.
(بيت العدل الأعظم، من رسالة الرضوان لعام 1996، الموجّهة إلى البهائيّين في العالم) [72]
إنّ النّموّ الرّوحانيّ الّذي يولّده الدّعاء الفرديّ يتعزّز من خلال الرّوابط الودّيّة بين الأحبّاء في كلّ جامعة محلّيّة، وقيامهم بعبادة الله كجامعة، وخدمة الأمر المبارك وإخوانهم في الإنسانيّة. هذه الجوانب الجماعيّة لحياة تتّسم بالوَرَع والتّقوى ترتبط بحكم مشرق الأذكار المذكور في الكتاب الأقدس... إنّ عقد جلسات منتظمة للتّعبّد مفتوحة للجميع، وانخراط الجامعات البهائيّة في مشاريع خدمة إنسانيّة، يُعدّان تعبيرًا عن هذا الجانب من الحياة البهائيّة وخطوة أخرى نحو تطبيق الحكم الإلهيّ.
(بيت العدل الأعظم، من رسالة مؤرّخة 28 كانون الأوّل/ديسمبر 1999 إلى البهائيّين في العالم) [73]
انهمك الألوف تلو الألوف من الّذين أقرّوا بتنوّع العائلة الإنسانيّة بأسرها في دراسةٍ منهجيّة للكلمة الإلهيّة الخلّاقة في جوٍّ من الجِدِّية والسّموّ الرّوحانيّ في آنٍ معًا. وبينما هم يجاهدون في تطبيق ما اكتسبوه من بصيرةٍ نافذة في عمليّةٍ متكاملةٍ من العمل والمراجعة والتّقييم والمشورة، فإنّهم يلمسون ارتقاء قدراتهم إلى مستوياتٍ جديدة في خدمتهم لأمر الله.
وتلبيةً للتّوق الدّفين في أعماق كلِّ قلبٍ للوِصال مع خالقه، فإنّهم يعقدون جلسات التّعبُّد والدّعاء على اختلافها، حيث يتّحدون مع غيرهم بالتّضرّع والابتهال، ويوقظون الأحاسيس الرّوحانيّة، ويشكّلون نمطًا للحياة يتّصف بسمته التّعبّديّة.
(بيت العدل الأعظم، رسالة الرّضوان لعام 2008، الموجّهة للبهائيّين في العالم) [74]
لقد دعونا البهائيّين لأن يروْا مساعيهم الرّامية لبناء الجامعة بمثابة نمطٍ جديدٍ لما يمكن أن يكون عليه المجتمع... ومن الأجزاء الأساسيّة لهذا النّمط جلسات الدّعاء الّتي تمثّل جانبًا جماعيًّا للحياة الرّوحانيّة وبُعدًا من أبعاد مفهوم مشرق الأذكار. إنّ عقد هذه الجلسات يتيح لكم أيّها الأعزّاء فرصةً ثمينةً ليس من أجل الدّعاء وثناء الله طالبين عناياته وبركاته في حياتكم اليوميّة فحسب، بل لتضعوا في متناول الآخرين من أبناء وطنكم الشّرفاء القوى الرّوحانيّة الكامنة في الدّعاء والمناجاة أيضًا، وتعيدوا إليهم طهارة ونقاوة الدّعاء، وتكونوا علّةً لزيادة الإيمان بالتّأييدات الإلهيّة في قلوبهم، وتعزّزوا لديهم ولديكم أيضًا الحافز لخدمة المجتمع والوطن والجنس البشريّ، ولتشجّعوهم على الاستقامة البنَّاءة في طريق العدل والإنصاف.
الأحبّاء الأعزّاء: إنّ عقد جلسات الدّعاء والمناجاة في تلك الأرض المقدّسة، في كلِّ مدينة وبلدة وقرية وحيّ، وزيادة سهولة حصول الأصدقاء والمعارف على الأدعية البهائيّة، يمكّنكم من المساهمة بأكثر ممّا مضى، مع إخوانكم وأخواتكم الرّوحانيّين في شتّى بقاع العالم، في نشر نور الاتّحاد. فعلى هذا المنوال اسعوا ما استطعتم لنشر بذور مشارق الأذكار المقبلة وملحقاتها عامّة المنفعة، واشعلوا مئات ألوف الشّموع النّورانيّة مقابل ظلمة الجور والعدوان.
(بيت العدل الأعظم، من رسالة مؤرّخة 18 كانون الأوّل/ديسمبر 2014، إلى الأحبّاء في إيران) [75]
من شأن المتابعة المنهجيّة للخطّة بكافّة أبعادها أن تفضي إلى نمطٍ من مساعٍ جماعيّة لا تتميّز بالتزامها بالخدمة فحسب، بل وبانجذابها إلى العبادة أيضًا. إنّ تكثيف النّشاطات الّتي تتطلّبها السّنوات الخمس القادمة سوف يثري الحياة التّعبّديّة الّتي يتشارك فيها أولئك الّذين يخدمون جنبًا إلى جنب في مجموعات جغرافيّة في أنحاء العالم. فعمليّة الإثراء هذه متقدّمة بالفعل: انظروا على سبيل المثال كيف أنّ الاجتماع من أجل العبادة الجماعيّة أصبح جزءًا من حياة الجامعة. وجلسات الدّعاء والمناجاة مناسَبةٌ للترحيب بكلّ نفسٍ توّاقةٍ إلى التلذّذ بحلاوة المناجاة، والانتشاء بنفحات الرّحمن والتّأمّل في الكلمة الخلّاقة والتّحليق بجناحي الرّوح ومناجاة حضرة المحبوب.
في هذه المناسبات تتولّد مشاعر المودّة والألفة والهدف المشترك، خاصّة في الأحاديث الرّوحانيّة العميقة الّتي تجري بصورةٍ طبيعيةٍ وتُفتح بواسطتها "مدائن القلوب". إنّ روح مشرق الأذكار ينبعث في كل مكانٍ تنعقد فيه جلسة دعاءٍ وتعبّد ترحّب بالكبار والصّغار أيًّا كانت خلفيّاتهم. الارتقاء بالهويّة التّعبّدية للجامعة له تأثيرٌ على الضّيافات التّسع عشريّة أيضًا كما يمكن استشعار تأثيراتها في أوقات أخرى عندما يجتمع الأحبّاء معًا.
(بيت العدل الأعظم، من رسالة مؤرّخة 29 كانون الأوّل/ديسمبر 2015 إلى مؤتمر هيئات المشاورين) [76]
اعتبارات أخرى
الدّعاء والشّفاء
أنظري عند مناجاتك إلى الله وتلاوتك (اسمك شفائي) كيف يهتزّ قلبك ويترنّح روحك من روح محبّة الله وينجذب فؤادك إلى ملكوت الله. فبهذه الانجذابات تزداد السّعة والاستعداد. وإذا اتّسع الإناء زاد الماء، وإذا زاد العطش عذب في ذوق الإنسان فيض الغمام. هذا سرّ المناجات وحكمة طلب الحاجات.
(من خطبة لحضرة عبد البهاء بالعربيّة) [77]
يا أمة الله، إنّ الاستجابة للدّعاء تكون بواسطة المظاهر الكُلّيّة الإلهيّة، أمّا من حيث الحصول على الأمور الجسمانيّة، فحتّى الغافلين إن هم تضرّعوا وابتهلوا لله وتضرّعوا إليه، فإنّ ذلك سيُؤثّر أيضًا.
...
يا أمة الله، إنّ المناجاة المّنزلة من أجل الشّفاء تشمل الشّفاء الجسمانيّ والرّوحانيّ كليهما معًا. لهذا قومي بتلاوتها من أجل الشّفاء الرّوحانيّ والجسمانيّ. فإذا كان الشّفاء مناسبًا وموافقًا للمريض فلا بدّ أنّه سيُمنح له. وقد يكون الشّفاء سببًا لأضرار أخرى لبعض المرضى. لهذا، تقتضي الحكمة عدم استجابة الدّعاء.
يا أمة الله، إنّ قوّة الرّوح القدس تشفي الأمراض الجسمانيّة والرّوحانيّة على السّواء.
(حضرة عبد البهاء، منتخباتى از مكاتيب حضرة عبد البهاء، رقم 139، 157-158) [78]
فاعلم بأنّ للرّوح نفوذًا، وللدّعاء أثرًا روحانيًّا. وبناء على ذلك فإنّنا ندعو قائلين ’ربّ اشف هذا العليل‘، عسى أن يجيب الله دعاءنا. فهل يهمّ من الّذي يدعو؟ فالله يجيب دعاء كلّ عبد من عباده إذا كان الدّعاء ملحًّا، فرحمته واسعة بغير حدود. فهو يجيب دعاء عباده أجمعين، بل يجيب دعاء هذا النّبات. وكأنّ النّبات يدعو قائلًا ’أي ربّ، أنزل عليّ مطرًا‘، وهنا يجيب الله الدّعاء فينمو النّبات. ذلك لأنّ الله يجيب كلّ سائل.
(حضرة عبد البهاء،ترويج السلام العالمي، من خطب حضرة عبد البهاء في الولايات المتّحدة وكندا، دار البديع للطّباعة والنّشر، 2017، الطّبعة الأولى، ص. 273-274) [79]
في نهاية المطاف، لن يصيبنا إلّا ما كتب الله لنا، ولكن نحن على ثقة بأنّ الدّعاء للمريض فعّال وفي أغلب الأحيان مُستجاب. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، وما علينا سوى التّحلّي بالإيمان.
(من رسالة مؤرّخة 8 تشرين الثّاني/نوفمبر 1931، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [80]
إنّ حضرته مسرور لسماع أنّك قد تعافيت الآن تمامًا واستعدت نشاطك في خدمتك الهامّة لأمر الله. ومع ذلك، عليك ألّا تُهمل صحّتك، بل اعتبرها وسيلة تمكّنك من الخدمة. فالجسم كالحصان الّذي يحمل الشّخصيّة والرّوح، وبالتّالي يجب أن يُعنى به جيّدًا حتّى يتمكّن من أداء عمله! وبالتّأكيد عليك أن تُحافظ على أعصابك، وتُلزم نفسك على تكريس وقتٍ، ليس فقط للدّعاء والتّأمّل، بل لأخذ قسطٍ حقيقيّ من الرّاحة والاسترخاء. ليس علينا أن نمضي ساعات في الدّعاء والتّأمّل كي نكون روحانيّين.
(من رسالة مؤرّخة 23 تشرين الثّاني/نوفمبر 1947، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [81]
إنّ حضرة وليّ أمر الله سعيدٌ لعلمه بأنّ دعاء الأحبّاء كان له أثر إيجابيّ في شفاء السيّد... فالدّعاء هو مرقاة الرّوح إلى السّماء. إنّه الرّابط مع العوالم الرّوحانيّة، وإذا استُخدم بتكريس حقيقيّ، فإنّه يجلب القوى الرّوحانيّة لتُعين الأحبّاء وتساعدهم في هذا العالم.
(من رسالة مؤرّخة 28 آذار/مارس 1953، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [82]
أهمّيّة الحفظ
علينا حفظ الكلمات المكنونة عن ظهر قلب، والعمل بوصايا الله الفرد الأحد، وأن يكون عملنا وسلوكنا لائقًا لنسبتنا إلى العتبة المقدّسة وجديرًا بعبوديّة حضرة الأحديّة.
(من لوح لحضرة عبد البهاء بالفارسيّة) [83]
عندما تتعلّق قلوبكم كلّيّة بالحقّ، فمن المؤكّد أنّكم ستكتسبون المعارف الإلهيّة وتسمعون الدّلائل والبراهين وتحفظون البشارات المتعلّقة بالجمال الرّحمانيّ المذكورة في الكتب السّماويّة، عندها سترون كم هي رائعة تأييداته وكم هي وفيرة توفيقاته.
(من لوح لحضرة عبد البهاء بالفارسيّة) [84]
لقد سُرّ حضرة وليّ أمر الله حقًّا لدى علمه بأنّك بدأتَ فعلًا في قراءة بعض الكتب البهائيّة، وينصحك بشكل خاصّ أن تسعى لتحفظ عن ظهر قلب فقراتٍ معيّنة من الآثار الكتابيّة لحضرة بهاءالله، لا سيّما بعضًا من أدعيته. فهذه الممارسة ستكون حتمًا عونًا كبيرًا لك في دراساتك المستقبليّة لأمر الله، وستُسهم أيضًا في تعزيز حياتك الرّوحانيّة وإثرائها إلى حدٍّ كبيرٍ في الوقت الحاضر.
(من رسالة مؤرّخة 10 نيسان/أبريل 1939، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [85]
الهدف من التّضرّع والابتهال
أثناء الدّعاء، من الأفضل أن يوجّه الإنسان أفكاره إلى المظهر الإلهيّ، لأنّه يبقى وسيلة اتّصالنا مع الله القدير في العالم الآخر. ومع ذلك، بإمكاننا التّوجّه بالدّعاء إلى الله مباشرة.
(من رسالة مؤرّخة 27 نيسان/أبريل 1937، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي للمحفل الروحاني المركزي في الهند وبورما) [86]
لقد سألتَ عمّا إذا كانت دعواتنا تتخطّى حضرة بهاء الله: كلّ هذا يتوقّف على ما إذا كانت دعواتنا إلى حضرته مباشرة أو من خلاله إلى الله سبحانه وتعالى. قد نقوم بالأمرين معًا، ويمكننا أيضًا أن ندعو الله مباشرة، لكن من المؤكّد أنّ دعواتنا ستكون أكثر فاعليّة ونورانيّة إذا كانت موجّهة إلى الله سبحانه وتعالى من خلال مظهر ظهوره، حضرة بهاءالله.
ومع ذلك، لا يُمكننا أثناء ترديد الدّعاء، تحت أيّ ظرفٍ من الظّروف، إدخال اسم حضرة بهاء الله حيثما تُستخدم كلمة "الله"، فهذا سيكون بمثابة شِرْكٍ بالله.
(من رسالة مؤرّخة 14 تشرين الأول/أكتوبر 1937، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [87]
فيما يتعلّق بسؤالك: يجب ألّا نكون متزمّتين فيما يخصّ الدّعاء؛ ليس هناك مجموعة قواعد تحكمه؛ الأمر الأساسيّ هو أنّنا يجب أن نبدأ بالمفهوم الصّحيح عن الله سبحانه وتعالى، والمظهر الإلهيّ، وحضرة المولى، وحضرة وليّ أمر الله—يمكننا أن نتوجّه، بفكرنا، إلى أيّ واحدٍ منهم عندما نقوم بالدّعاء. فعلى سبيل المثال، يمكنك أن تطلب من حضرة بهاء الله شيئًا ما، أو تطلبه من الله وأنت تُفكّر بحضرته. وينطبق الشّيء نفسه على حضرة المولى أو حضرة وليّ أمر الله. فيمكنك أن تتوجّه بالفكر إلى أيٍّ منهما وتطلب شفاعتهما، أو أن تتوجّه بدعائك مباشرة إلى الله. فلا يهمّ كثيرًا كيف توجّه أفكارك طالما أنّك لا تخلط بين مقاماتهم فتجعلهم متساوين.
(من رسالة مؤرّخة 24 تمّوز/يوليو 1946، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [88]
إذا وجدت أنّك بحاجة إلى أن تضع شخصًا في مخيّلتك حين الدّعاء، فكّر في حضرة المولى، إذ يمكنك مخاطبة حضرة بهاء الله من خلاله. حاول بالتّدريج التّفكير في صفات المظهر الإلهيّ، وبهذه الطّريقة ستتبدّد الصّورة الذّهنيّة، لأنّ الهيكل الجسمانيّ في النّهاية ليس هو المقصود، فروح حضرته موجودة وهي العنصر الأساسيّ الأبديّ.
(من رسالة مؤرّخة 31 كانون الثّاني/يناير 1949، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [89]
... تصلنا روح الله عزّ وجلّ من خلال أرواح المظاهر الإلهيّة. علينا أن نتعلّم التّواصل مع أرواحهم المقدّسة وهذا ما فعله الشّهداء على ما يبدو، وهو ما أفاض عليهم بنشوة الفرح فأضحت الدّنيا عندهم عدمًا صرفًا. هذا هو التّصوّف الحقيقيّ والمعنى الباطنيّ والمعنويّ للحياة الّذي انحرفت عنه البشريّة بعيدًا في الوقت الحاضر.
(من رسالة مؤرّخة 28 تمّوز/يوليو 1950، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي للمحفل الرّوحاني المحلّي في مانشستر، بريطانيا) [90]
في ما يتعلّق بسؤالك: إنّ حضرة بهاء الله هو، بالطّبع، ليس الله عزّ وجلّ ولا هو بالخالق؛ ولكن يمكننا معرفة الله من خلاله. ونظرًا لمقامه هذا كواسطة الفيوضات الإلهيّة فإنّ حضرته (أو سواه من الأنبياء)، بمعنى من المعاني، هو كلّ ما يمكننا معرفته عن ذلك الجوهر اللّامتناهي الّذي هو الله.
لذلك، نحن نتوجّه إلى حضرة بهاء الله حين الدّعاء والتّفكّر، أو من خلاله إلى ذلك الجوهر الأزليّ الغيب المنيع.
(من رسالة مؤرّخة 4 حزيران/يونيو 1951، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [91]
ينبغي ألّا نتوجّه بالدّعاء إلى حضرة وليّ أمر الله كما نتوجّه لله سبحانه وتعالى؛ يجب أن يكون لدينا مفهومٌ صحيح لمقام مَن نتوجّه إليه بالدّعاء أيًّا كان: فحضرة بهاءالله هو المظهر الكلّيّ الإلهيّ، وحضرة المولى هو الإنسان الكامل، ومركز العهد والميثاق، وحضرة وليّ أمر الله وفق مهامه الّتي حُدّدت في ألواح وصايا حضرة المولى. إنّ الأحبّاء بحاجة إلى قراءة الآثار المباركة ليس إلّا، فكلّ الإجابات موجودة فيها؛ ليس لدينا رجال دين في هذا الأمر الإلهيّ ليفسّروا لنا أو يجيبوا عن أسئلتنا.
(من رسالة مؤرّخة 23 نيسان/أبريل 1957، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [92]
فقرات إضافيّة
ثُمَّ اجعلني يا إلهي من الّذين ما شغلهم شيء عن زيارة جمالك والتّفكّر في بدايع صنع أزليّتك، حتّى لا أَستأنس بأحدٍ دونك ولا أَلتفت إِلى نفسٍ سواك، ولا أَرى في شيء عمّا خلقته في ملكوت مُلك السّموات والأرض إلّا بديع جمالك وظهور أنوار وجهك، وأَستغرق في طماطمِ سلطان ربوبيّتك ويمايم قدس أحديّتك على مقام الّذي أَنسى كلّ الأذكار دون أذكار عزّ هويّتك وأَغفل عن كلّ الإِشارات، يا مَن بيدك جبروت الأسماء والصّفات.
(حضرة بهاء الله، "المناجاة"، من منشورات دار النّشر البهائيّة في البرازيل، أيّار 1997، الرقم 184، ص. 225) [93]
علّموا أبنائكم ليقرؤوا آيات الله بالعشيّ والإشراق. قد كتب الله لكلّ أب تربية أولاده من الذّكر والأنثى بالعلم والآداب ثمّ الصّناعة والاقتراف.
(من لوح لحضرة بهاء الله بالعربيّة) [94]
واعبد الله على شأنٍ لو كان جزاء عبادتك هو دخولك النّار أو دخولك الجنّة، فلن تتغيّر عبادتك إيّاه. فهذا شأنُ العبادة الّتي يستحقّها الله الحقّ. وإذا عبدت الله عن خوفٍ، لَما كان ذلك ولن يكون لائقًا لبساط القدس الإلهيّ، ولن يصدُق بحقّك حُكم التّوحيد. وكذلك لو كان نظرك إلى الجنّة وعبدتَ الله رجاءً فيها، فإنّك جعلت خلق الله شريكًا له، رغم أنّ الجنّة هي المحبوبة لدى الخلق.
(حضرة الباب، منتخبات آيات از آثار حضرت نقطهء أولی: مؤسّسه ملّى مطبوعات امرى،۱۳٤ بديع، ص. 52) [95]
ومن المناسب أن يطلب العبد الرّحمة والمغفرة من الله لوالديه بعد كلّ صلاة. عندها سيرتفع النّداء من قِبَل الله بأن سيكون لك آلافٌ مضاعفة ممّا طلبتَ لوالديك. طوبى لمن يذكر أبوَيه بذكر ربّه إنّه لا إله إلّا هو العزيز المحبوب.
(حضرة الباب، منتخبات آيات از آثار حضرت نقطهء أولی: مؤسّسه ملّى مطبوعات امرى،۱۳٤ بديع، ص. 56) [96]
يا إلهي، قبلتَ في هذا الدّور الأعظم شفاعة الأبناء لآبائهم، وذلك من خصائص ألطاف هذا الدور اللّامتناهية. فيا إلهنا العطوف، أجب رجاء عبدك هذا لدى عتبة أحديّتك واغمر والده في بحر ألطافك لأنّ هذا الابن قائمٌ على خدمتك وساعٍ في سبيل محبّتك في جميع الأحوال، إنّك أنت المعطي الغفور العطوف.
(من لوح لحضرة عبد البهاء بالفارسيّة) [97]
لقد سألتَ بخصوص الأسباب المادّيّة والدّعاء. إنّ الدّعاء بمنزلة الرّوح، والأسباب بمنزلة اليد. فالرّوح تعمل بواسطة اليد. ومع أنّ الرّازق هو الله الحقّ، إلّا أنّ واسطة الحصول على الرّزق هي الأرض. وفي السّماء رزقكم، فإذا كان الرّزق مقدّرًا يتمّ الحصول عليه بأيّ سبب كان. أمّا ترْك الأسباب فهو أن يطلب ظمآنٌ إرواء ظمأه من دون استخدام الماء وغيره من السّوائل. فالله هو مُعطي الماء وموجد الماء. وقضى سبحانه أن يكون الماء سبب إرواء الظّمأ ولكنّ ذلك مُعلّق بإرادته. فإن لم يشأ ذلك فسيُصاب الإنسان بغُلّة لا ترويها البحور.
(من لوح لحضرة عبد البهاء بالفارسيّة) [98]
فيما يتعلّق بسؤالك عن أهمّيّة الحدس كمصدرٍ لهداية الفرد: إنّ الإيمان الضّمنيّ في قدرة الحدس لدينا أمرٌ غير حكيم؛ ولكن من خلال الدّعاء اليوميّ والجهد المُستدام، بمقدور المرء أن يكتشف إرادة الله بالحدس، وإن لم يكن دائمًا وبشكلٍ كامل. ومع ذلك، لا يمكن للشّخص، بأيّ حالٍ من الأحوال، أن يكون واثقًا تمامًا من أنّه يعرف إرادة الله باستخدام حدسه. ففي أحيان كثيرة يؤدّي هذا الأخير إلى تشويهٍ تامّ للحقيقة، وبالتّالي يصبح مصدرًا للخطأ بدل الإرشاد.
(من رسالة مؤرّخة 29 تشرين الأوّل/أكتوبر 1938، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [99]
... يشعر حضرة وليّ أمر الله أنّه من الأفضل لأمّهات الأطفال البهائيّين، أو للجنة يقوم محفلكم الرّوحانيّ بتفويضها بالمهمّة، اختيار مقتطفات من الكلمات المقدّسة ليستخدمها الطّفل بدلًا من مجرّد كلمات موضوعة. بالطّبع، يمكن للدّعاء أن يكون عفويًّا بحتًا، إلّا أنّ العديد من الجمل والأفكار الّتي تضمّها الكتابات البهائيّة ذات الطّبيعة التّعبّديّة يسهل فهمها، وقد وُهبت الكلمة الإلهيّة قوّة خاصّة.
(من رسالة مؤرّخة 8 أب/أغسطس 1942، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي للمحفل الرّوحاني المركزي للجزر البريطانيّة) [100]
هناك حاجة ماسّة في كلّ مكان في العالم، داخل أمر الله وخارجه، إلى وعيٍ روحانيّ حقيقيّ يتغلغل في حياة النّاس ويُحفزّها. لا يمكن لأيٍّ من الإجراءات الإداريّة أو الالتزام بالأحكام أن تحلّ محلّ خاصّيّة الرّوح هذه، تلك الرّوحانيّة الّتي هي جوهر الإنسان.
(من رسالة مؤرّخة 25 نيسان/أبريل 1945، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [101]
... نظرًا لأنّ أمر الله يضمّ أعضاء من جميع الأعراق والدّيانات، علينا ألّا نُدخل إليه عادات معتقداتنا السّابقة. لقد منحنا حضرة بهاءالله الصّلوات المفروضة، وكذلك أدعية ما قبل النّوم، وأدعية للمسافرين... إلخ. فينبغي علينا ألّا نقدّم مجموعة جديدة من الأدعية لم يحدّدها حضرته طالما أنّه منحنا العديد منها لمناسبات كثيرة.
(من رسالة مؤرّخة 27 أيلول/سبتمبر 1947، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [102]
يقترح حضرته أن تحرص بشكلٍ خاصّ، بالإضافة إلى عملك التّبليغيّ المعتاد هناك، على الدّعاء بحرارة ليس طلبًا للتّوفيق بشكلٍ عامّ فحسب، بل عسى أن يُرسل الله إليك نفوسًا مستعدّة أيضًا. ففي كلّ مدينة هناك نفوسٌ كهذه، ولكنّ العثور عليها والاتّصال الصّائب بها ليس بالأمر اليسير.
(من رسالة مؤرّخة 18 آذار/مارس 1950، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي للمحفل الرّوحاني المحلّي في ﭘونتا أريناس، تشيلي) [103]
فيما يتعلّق بسؤالك الخاصّ بالدّعاء وحقيقة أنّ بعض مشكلاتنا لا تُحلّ من خلال الدّعاء، يجب أن ندرك دائمًا أنّ الحياة تجلب لنا العديد من المواقف، بعضها امتحانات من الله لصقل وتهذيب شخصيّاتنا، وبعضها عَرَضيّ لأنّنا نعيش في عالم الطّبيعة وعُرضة لحوادث الموت والمرض وما إلى ذلك، وبعضها مشكلات نجلبها لأنفسنا بسبب جهلنا أو أنانيّتنا أو بعض صفاتنا البشريّة الضّعيفة الأخرى.
إذا توفّي شخصٌ عزيزٌ علينا، أو أنّه لم يشفَ من مرض، أو أنّ مشكلة ما لم تُحلّ، فلا يصحّ القول إنّ الله لم يستجب لدعواتنا أو أنّنا لم ندعوه بكيفيّة يستجيب معها لطلبنا. لعلّ ما دعونا لأجله لم يكن إرادة الله، أو كان نتيجة لحادث وتسبّب في نتيجة حتميّة لا تتغيّر كالموت أو المرض أو الإفلاس ...إلخ.
كما تقول، يعتقد البهائيّون أحيانًا أنّهم ينفّذون إرادة الله، ومع ذلك نرى أنّ النّتائج سيّئة للغاية؛ لذلك يجب أن نفترض أنّهم كانوا يخدعون أنفسهم بالاعتقاد بأنّ قرارهم وسير عملهم كان وفقًا لإرادته عزّ وجلّ. إنّ المقصود من هذا كلّه هو أنّ علينا أن نتضرّع إلى الله، شريطة أن نفضّل دومًا إرادته على إرادتنا. كما يجب علينا أيضًا أن نلتزم بتطبيق أحكام تعاليمه، فكلّما زاد التزامنا، وكنّا مؤمنين مثاليّين أكثر، كلّما زدنا يقينًا بنيل قدر أكبر من هدايته.
(من رسالة مؤرّخة 18 آذار/مارس 1951، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء) [104]
سيدعو حضرة وليّ أمر الله من أجل انتعاش أرواحكم وتكشّف الأسرار الإلهيّة والفوز ببركات الرّوح القدس. فالرّوح القدس هو الّذي يهب حياةً جديدة، ويمكن أن نجده اليوم بوفرة في آثار حضرة بهاء الله الكتابيّة. فكلماته وتعاليمه هي بمثابة ماء الحياة، وغذاء التّرقّي الرّوحانيّ. لذا، عليكم دراسة الكلمة الإلهيّة بعناية، والتّأمّل في أهمّيّتها؛ وحينما تمسّ روحها شغاف قلوبكم، علَّقوا عقولكم وقلوبكم بجوّها. عندئذ، سيغدو الطّريق واضحًا والأبواب مُشْرَعة.
(من رسالة مؤرّخة 11 حزيران/يونيو 1956، كُتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لمجموعة دراسة بهائيّة في كولومبس، أوهايو) [105]