[ترجمة]
14 أيّار/مايو 2009
إلى أحبّاء الجمال الأقدس الأبهى في مهد الأمر
الأحبّاء الأعزّاء،
مضى عام على إلقاء القبض على الأعضاء السّابقين لهيئة الياران، واليوم فإنّ أمّة إيران الشّريفة وغيرها من أمم العالم، على اطّلاع متزايد على براءة أحبّاء إيران الأعزّاء، وفي الواقع براءة جميع البهائيّين خلافًا لما تعكسه وسائل إعلام الحكومة الإيرانيّة. إنّ التّأمّل في الأحداث المرتبطة بسجن هؤلاء الأفراد السّبعة الأعزّاء الّذين يمثّلون أنماط الاضطّهادات القاسية الواقعة على بهائيّي إيران، يكشف ويبرهن على ما تمّ في هذا المجال من ظلم محض واستهزاء بكلّ موازين العدل والإنصاف.
لقد تمّ إلقاء القبض على هذه المجموعة وسجنها فجأة وبسرعة غير عاديّة، ودون مراعاة الأصول القانونيّة. وخضعوا لتحقيق مكثّف وطويل. وقام المسؤولون باجتهاد شخصيّ وكستار لهم، بإلقاء القبض على الأحبّاء الّذين كانوا يعملون على نحو لصيق مع أعضاء هيئة الياران، واستجوابهم. ولمدّة 7 أشهر لم يُعلَن أيّ سبب لحجزهم. وفي النّهاية، وُجّهت إليهم في 11 شباط/فبراير 2009 اتّهامات لا أساس لها ومحرّفة تمامًا لنشاطاتهم المخلصة في سبيل خدمة الجامعة البهائيّة. واعتُبرت مراسلاتهم مع المركز البهائيّ العالميّ بخصوص قضايا من قبيل شرح مشاكل البهائيّين بأنّها إقرار بـ "التّجسّس لحساب إسرائيل"، وتمسّكهم بالدّيانة البهائيّة بأنّه "تحقير للمقدّسات" و"تبليغ ضد النّظام"، كما اعتُبرت عضويتهم في هيئة الياران- المجموعة الّتي كان لمؤسّسات الدّولة المختلفة ارتباط واتّصال بها لسنوات طويلة عضوية في هيئة غير قانونيّة. وبعد ذلك، ومع سوء استخدام وسائل الإعلام الواقعة تحت حماية الدّولة واستغلالها، سعت السّلطات لمحاكمة أعضاء الياران وأعلنت الحُكم عليهم وإدانتهم أمام الملأ. وعندما أدرك المسؤولون، على أثر الاعتراضات العالميّة واسعة النّطاق بأنَّ هذه المحاكمة ستصبح محط اهتمام شديد وتفحّص دقيق على المستوى العالميّ، قاموا بإعادة التّحقيق واستبدال القضاة الّذين ينظرون في القضيّة. والآن وقد مضى 12 أسبوعًا على انتهاء التّحقيق حسب قول المسؤولين، أعلموا عائلات المسجونين بأنَّهم بصدد توجيه اتّهام جديد لأولئك الأعزّاء وهو "المفسدون في الأرض". إنَّ احتمال توجيه مثل هذا الاتّهام يوضّح على نحو متزايد بأنَّ السّبب الحقيقيّ لإلقاء القبض على تلك النّفوس البريئة لم يكن إلّا عقيدتهم الدّينيّة.
شهد العام الماضي اضطهاد أعضاء آخرين في جامعتكم البهائيّة أيضًا، فهناك عدد كبير من الأحبّاء المظلومين يتعرّضون لكثير من المشقّات من قبيل: حملات عنيفة، توقيفات سريعة، استجوابات قاسية، ضغوط في المدارس، حرمان من الدّراسة الجامعيّة، تضييقات اقتصاديّة شديدة، وغيرها من المشاكل والصّعوبات الكثيرة الأخرى. وتمّ إعلان عدم شرعيّة نشاطات الياران والخادمين، وقمتم أنتم المواطنون المطيعون للقانون بحسن النّيّة المتوفّرة دائمًا لديكم بإيقاف العمل الجماعيّ لهذه الهيئة. ولكن كلّ مظلمة من تلك المظالم الّتي نزلت بكم كانت سببًا ليتجلّى بوضوح أكبر الفرق الشّاسع بين صدق الأحبّاء وبين التّعصّب الأعمى لمن ينبرون للتّصدّي لكم بكلّ إصرار، وليجذب إليّكم اهتمام النّاس من داخل إيران وخارجها.
إنّ ردّة فعل الإيرانيّين الأحرار وغيرهم من حُماة العدل والإنصاف في شرق العالم وغربه تجاه هذه المظالم تقوى يومًا بعد يوم، ونداء حماية حقوق المواطنين البهائيّين في إيران يعلو أكثر فأكثر. ولا بدّ أنّكم قد اطّلعتم على المقالات والبيانات المتعدّدة الباعثة للأمل والّتي نشرها ذوو الفكر والنّفوذ من الإيرانيّين دفاعًا عنكم في الأشهر القليلة الماضية. كما يتجلّى مثال بارز على تقدير وتكريم أهل العالم للإيرانيّين الأحرار وشجب المظالم الواردة على أولئك المظلومين، في جلسة 30 آذار/مارس 2009 لمجلس العموم الكنديّ. ففي هذه الجلسة ألقى أعضاء ذلك المجلس أي مندوبو كافّة الأحزاب كلمات لمدّة ساعة ونصف السّاعة في مصائب بهائيّي إيران بكلّ حرارة وبلاغة. وبعد أن أثنوا على دور إيران المميّز الّذي قامت به في تقدّم حضارة العالم وأظهروا احترامهم العميق لأمّة إيران الشّريفة، قاموا بمدح البهائيّين لمحبّتهم للنّوع الإنسانيّ ورغبتهم في إحلال الصّلح والسّلام، وأظهروا أسفهم للأضرار الّتي لحقت بمكانة واسم هذه الأرض التّاريخيّة العريقة نتيجة انتهاك حقوق الإنسان للبهائيّين وغيرهم من المواطنين الإيرانيّين، وأصدروا بيانًا ختاميًّا تمّ إقراره باتّفاق الآراء جاء فيه ما يلي: "إنّ هذا المجلس يشجب ما لحِق ببهائيّي إيران من اضطهاد مستمرّ، ويطالب حكومة إيران بإعادة النّظر في الاتّهامات الموجّهة لأعضاء ياران إيران، وإطلاق سراحهم على الفور، وإلّا فعليها محاكمتهم دون تأخير محاكمة علنيّة منصفة وبحضور مراقبين دوليّين."
ومن جهة أخرى فإنّ الأخبار المتعلّقة بمساعيكم في أنحاء إيران للتّكيّف مع التّغييرات الأخيرة والشّروع في وضع أساليب مبتكرة لتدبير الشّؤون الشّخصيّة للجامعة بدون إيقاف النّشاطات الجماعيّة كانت مبعث اطمئناننا. كما أنّ المراسلات المتعدّدة الّتي بعثتموها من أنحاء إيران عن طريق الأحبّاء المقيمين في الخارج والمؤسّسات الأمريّة في أقطار العالم الأخرى لهي دليل على جدّيّتكم وعزمكم الّذي لا ينثني. وهذه المراسلات تتضمّن من ناحية أسئلة مختلفة سنرسل لكم إجاباتها في رسالة منفصلة خلال الأيام القليلة القادمة، ومن ناحية أخرى تبيّن عزمكم الوطيد على متابعة واجباتكم الرّوحانيّة الفرديّة من حيث توفير التّعليم والتّربيّة الرّوحانيّة لأعضاء الجامعة من مختلف الأعمار، والتّعاون مع إخوانكم المواطنين في سبيل الرّخاء الاجتماعيّ والاقتصاديّ لإيران، والمشاركة في أحاديث بنّاءة مع الجيران والأصدقاء والمعارف والأقارب والزّملاء في العمل. إنّكم، والحمد لله، مصداق هذا البيان المبارك لحضرة عبد البهاء حيث يتفضّل:
"إنّ عزّة وعظمة الإنسان تكمن في الطّهارة والصّدق والنّزوع إلى عمل الخير والعفّة والاستقامة، لا في الزّخارف والثّروة. فإذا وُفّقَت نفس على تقديم خدمة بارزة لعالم الإنسان وعلى الخصوص لإيران فهو سيّد الأسياد وأعظم العظماء. هذا هو الغنى العظيم، وهذا هو الكنز العميم، وهذه هي الثروّة الّتي لا نفاد لها."
من الرّسائل العديدة الّتي وصلت، لاحظنا التّهنئة الخالصة بمناسبة عيد النّوروز السّعيد وعيد الرّضوان الأعظم. إنّ هؤلاء المشتاقين يباركون لكلّ فرد منكم بالمثل بهذه المناسبة، ويهنّئونكم ويتمنّون لكم عامًا مثمرًا عامرًا بالتّأييدات العميمة في سبيل خدمة وطنكم وإخوانكم المواطنين. آملين، بتأييدات الواحد الأحد، أن تشرق شمس العدل والإنصاف في تلك الأرض التّاريخيّة، وتخف الاضطهادات، وتفتح مصاريع السّعادة والرّخاء على وجه أولئك الأحبّاء الأعزاء وأهل إيران أجمعين.
أحبّاءنا الأعزاء: من الواضح لدى أهل الدّراية إنّ كلّ من ينثر بذور الضّغينة والاختلاف لا بدّ أن يجني، في العاقبة، الثّمر المرّ ويُبتلى بالخسران المبين، فتوجيه التّهم والافتراء للوصول إلى الأهداف الشّائنة لن يُثمر سوى خسران ثقة العموم، فجمهور النّاس الّذين ينظرون في الأمور بنظر الفراسة والفطنة سيمتنعون في النّهاية عن تصديق هذه الاتّهامات وقبولها، وسيتوجّهون بأكثر مما مضى إلى التّفحّص والتّدقيق في التّحقيق وإعادة النّظر في عقائدكم وحوافزكم الرّوحانيّة. ومن هذا التّوجّه ستتردد أصداء صرخات دفاع الإيرانيّين الشّرفاء الأحرار عن حقوقكم المدنيّة في فضاء المدارس والكلّيّات والجامعات وبين مختلف فئات المجتمع.
ملتمسين التّأييد والتّوفيق لفرسان ميدان الوفاء، نرفع أكفّ الضّراعة والابتهال إلى عتبة المحبوب المتعال ونناجيه بلسان الرّوح بأن "يا ربّنا القدير هبنا تأييدك وامنحنا توفيقًا من لدنك، وبدّد هذه السّحُب المظلمة وهذه الغيوم القاتمة، وأرسل علينا النّسيم المحيي للأرواح واحيِ القلوب الميّتة، وأنزل أمطار رحمتك حتّى تنتعش هذه النّباتات الذّاوية، اجعل حدائق القلوب جنّة الأبهى وحقائق النّفوس رياض الملأ الأعلى."
[التّوقيع: بيت العدل الأعظم]