[ترجمة]
26 كانون الأوّل/ ديسمبر 1995
إلى مؤتمر هيئات المشاورين القارّيّة
الأحبّاء الأعزّاء،
خطّة السّنوات الأربع
أثناء مداولاتنا في خطّة السّنوات الأربع، استفدنا استفادة كبيرة من التّحليلات الّتي أعدّتها لنا دار التّبليغ العالميّة عن أوضاع العالم البهائيّ مرتكزة على تفاعلها المتواصل مع المشاورين المتواجدين في الميدان، كما استفدنا من مشاوراتنا مع تلك الدّار. إنّه ليسعدنا أن نشارككم في بداية هذا المؤتمر بالخطوط العامّة للخّطة. إننا ندعوكم لتوجيه عنايتكم خلال الأيّام القادمة إلى المواضيع المتعلّقة بالتّطبيق، معتمدين على الأفكار والمعلومات الّتي تمّ اكتسابها على مرّ عقود من الخبرة في أنحاء العالم.
سيكون لبعض النقاط المتعلّقة بقراراتنا وملاحظاتنا على الخطّة تأثير مباشر على أعمالكم خلال فترة خدمتكم الحاليّة، وهذه النّقاط هي: التّركيز الرّئيس على الخطّة القادمة، العمليّة الّتي نتصورها لتطوير الخطّة ودوركم فيها، التطور في أسلوب عمل هيئات المشاورين القارّيّة، صياغة الخطط على المستوى المركزيّ والإقليميّ والمحلّيّ، الحاجة الحيويّة للمعاهد من أجل تدريب الأحبّاء وتطوير الموارد البشريّة، والدّور الجوهريّ للمشاورين وأعضاء هيئات المعاونين في تأسيس وإدارة هذه المعاهد، والطّرق الفعّالة للنّهوض بالمحافل الرّوحانيّة المحلّيّة وتدعيمها وكذلك تطوير الجاليات البهائيّة المحلّيّة، وأخيرًا تخصيص المصادر الماليّة المحدودة للإنفاق على التّحدّيات العديدة الّتي تواجه الجامعة البهائيّة.
في رضوان عام ١٩٩٦ سيباشر البهائيّون في العالم العمل في مشروع عالميّ النّطاق يهدف إلى الوصول لإنجاز أساسي واحد وهو: تقدّم ملحوظ في عمليّة الدّخول في دين الله أفواجًا. وسيتحقق ذلك من خلال تقدّم ملموس في نشاط وتطوّر الفرد البهائيّ والمؤسّسات الأمريّة والجامعات المحلّيّة. ومن الواضح أنّ التّقدّم المذكور في هذه العملية يعتمد على تطوير تلك الفئات الثّلاثة المشاركة والمرتبطة ببعضها البعض ارتباطًا وثيقًا.
ستشهد السّنوات الأربع القادمة ارتفاعًا هائلًا في النّشاطات التّبليغيّة الفعّالة الّتي ستتم بمبادرة الفرد البهائيّ. سيحتاج الآلاف تلو الآلاف من الأحبّاء إلى المساعدة للتّعبير عن حيويّة إيمانهم من خلال مثابرتهم على التّبليغ ودعمهم لخطط مؤسّساتهم ومساعي جامعاتهم، ويجب تقديم العون لهم ليدركوا أنّ جهودهم ستؤيّد بتلك الدّرجة الّتي "تنعكس فيها على مرآة حياتهم الخاصّة وتصرفاتهم تلك المبادئ الخالدة الّتي أعلنها حضرة بهاء الله". إنّ التّسارع في وتيرة التّبليغ الفرديّ يجب أن يصاحبه بالضّرورة مضاعفة في عدد المشاريع الإقليميّة والمحلّيّة، وللوصول إلى هذا الهدف يجب دعم المؤسّسات ومساعدتها في زيادة قدراتها على التّشاور حسب المبادئ البهائيّة، وتوحيد الأحبّاء في رؤية مشتركة وكذلك الاستفادة من مواهبهم في خدمة الأمر. كما يجب دمج المؤمنين الجدد في الجاليات المحلّيّة المفعمة بالنّشاط والّتي تتصف بالتّسامح والمحبّة ويقودها إحساس قويّ من الإرادة والهدف المشترك وبمحيط تتطور فيه إمكانية عناصر مجتمعة، رجال ونسـاء وشـباب وأطفال، وتتضاعف قواه في عمل موحّد.
عمليّة التّخطيط
عند انتهاء أعمال هذا المؤتمر، نودّ أن نعلن للعالم البهائيّ قرارنا ببدء خطّة السّنوات الأربع في رضوان عام ١٩٩٦. وسيبدأ وضع الخطط المركزيّة لكلّ قطر بعد الرّضوان، وبذلك نترك للأحبّاء فرصة تكثيف جهودهم خلال الأشهر الواقعة فيما بين المرحلتين للوصول بخطّة السّنوات الثّلاث إلى نهاية ناجحة.
ستتضمّن رسالة الرّضوان القادمة تفصيلًا إضافيًّا للأفكار الواردة في الإعلان الأوّليّ. كما قررنا توجيه رسائل إلى المؤمنين في كلّ قارّة أو أجزاء منها لاستكشاف مفاهيم خطّة السّنوات الأربع على ضوء الظّروف الخاصّة بأقطارهم. وبعد الرّضوان، من الممكن عقد اجتماعات للمشورة بين المؤسّسات وبين المساندين الفاعلين للأمر في كلّ قطر، ووضع خطط مركزيّة خلال أشهر معدودة. وعندما تصل المشاورات بين المشاورين والمحفل الرّوحانيّ المركزيّ حول بنود الخطّة إلى ثمارها عندها تبدأ مرحلة التّنفيذ إذ لا لزوم لأخذ موافقة المركز البهائيّ العالميّ على هذه الخطط إلّا أنّه من الضروريّ إرسال نسخ عنها إليه.
تصف الأهداف السّبعة المذكورة في كلّ من خطّة السّنوات السّتّ وخطة السّنوات الثّلاث عمليّات متداخلة يجب أن تتقدم في آن معًا على مرّ عقود عديدة، وستعمل هذه الأهداف على إرشاد المؤسّسات في وضعها للأهداف في مناطق الفعاليات المختلفة لتحقيق هدف خطّة السّنوات الأربع إلى مدى أبعد. على الخطط المركزيّة أن تتعدّى الأهداف الرّقميّة لتضمّ تحليلًا للطّرق الّتي سيتم تبنّيها وخطوط العمل الّتي ستتبع، ليتمكّن الأحبّاء من الشّروع في جهودهم بفكر نقيّ وتصميم أكيد.
المستوى القارّيّ
سيكون لهيئات المشاورين القارّيّة مجال واسع من الاحتمالات المتاحة عند القيام بتنفيذ مسؤوليّاتهم الحيويّة خلال خطّة السّنوات الأربع، ويجب استغلال المرونة المتوفّرة في طبيعة عملهم بشكل كامل في هذا الوقت الّذي تتسارع فيه الأحداث في داخل الجامعة البهائيّة وخارجها بشكل كبير.
وبشكل عامّ فإنّ بعض أعمال المشاور، بما فيها الإشراف على أعمال أعضاء هيئات المعاونين في منطقة ما وتوجيههم بشكل أفضل، يمكن أن تؤدّى بشكل أفضل من قبل مشاور واحد بالنّيابة عن الهيئة. ومن ناحية أخرى، حين قيامهم بوظائف أخرى، تكون هناك فائدة كبرى في تنّوع الأساليب وفي التّشاور بين عدد من المشاورين. مثلًا حين إلهاب الحماس في المحافل الرّوحانيّة المركزيّة، وعند التّشجيع على تبليغ مختلف طبقات المجتمع، وفي تقديم النّصح لمختلف عناصر الجامعة البهائيّة. في مثل هذه الحالات ستحصل نتائج أفضل إذا ما استغلّت إمكانيّات عدد من المشاورين بأسلوب متكامل. يجب على كلّ هيئة مشاورين قارّيّة استنباط وسائل وطرق أخرى لتمكّن المحافل واللّجان من الاستفادة القصوى من المواهب المتنوّعة لدى المشاورين. وقد يتضمّن هذا أيضًا إجراء مشاورات دوريّة عميقة بين مجموعة من المشاورين حول ظروف واحتياجات أقطار في مناطق معيّنة من القارّة نظرًا لأنّ الظّروف، في الغالب، قد لا تسمح بإجراء مثل هذه المشاورات بين كافّة أعضاء الهيئة.
من الأمور الأساسيّة لعمل المشاورين إدراك أنّ جميع أعضاء هيئة المشاورين القارّيّة مسؤولون عن القارّة بكاملها. وأنّ عليهم، لأبعد حدّ ممكن، السّعي لجعل أوضاع الأمر الإلهيّ في الأقطار الموجودة في القارّة مألوفة لديهم. يمكن للهيئة أن تبقى مواكبة للتّطوّرات في جميع مناطق القارّة عن طريق التّقارير الدّوريّة المقدّمة من أفراد المشاورين، وسيكون بإمكانها إسداء النّصح لمساعدة أعضائها في تنفيذ مهامهم. كما يجب عدم اعتبار أيّ مشاور مسؤولًا مطلقًا عن منطقة واحدة، فإنّ المعلومات المفصّلة الّتي حصل عليها كلّ منهم عن طريق تفاعله الوثيق مع المحفل الرّوحانيّ المركزيّ وأعضاء هيئات المعاونين لتلك المنطقة يعتبر في الحقيقة أمرًا نافعًا ثمينًا لكافّة المشاورين في الهيئة.
موضوع آخر يتعلّق بعمل المشاورين ويستحّق المزيد من الاهتمام وهو التّفاعل بين مشاورين تابعين لهيئات قاريّة مختلفة ويخدمون في مناطق متجاورة أو أخرى ذات علاقة خاصّة. ومن الأمثلة الّتي تخطر على البال الاتّحاد الرّوسيّ الّذي يقع قسم منه في آسيا والقسم الآخر في أوروبّا والجامعات البهائيّة المركزيّة حول مناطق القطب، ودول حوض البحر الأبيض المتوسّط والجامعات في شمال شرق آسيا مع ما يقابلها من مناطق أشار إليها حضرة وليّ أمر الله بأنّها تشكّل محورًا روحانيًّا، وكذلك الدّول النّاطقة بالعربيّة في شمال أفريقيا والشّرق الأوسط والمناطق النّاطقة بالفرنسيّة في مختلف القارّات.
نأمل أن تتمكّن كلّ هيئة مشاورين قارّيّة خلال تواجدها في الأرض الأقدس من إيلاء الاهتمام بأسلوب عملها واستكشاف الوسائل الفعّالة للتّفاعل بين المشاورين. وبهذه الطّريقة ستتمكّن مجموعات من المشاورين في الفترة الواقعة بين انتهاء المؤتمر والرّضوان من التّشاور معًا حول عمليّة التّخطيط في عدد من الدّول ذات الصّلة ببعضها والدّور الّذي سيقومون به مع معاونيهم في هذه العمليّة.
المستوى المركزيّ والإقليميّ
في اللّحظة الّتي يتّم فيها الإعلان عن العناصر الأساسيّة للخطّة المركزيّة فمن المحبّذ أن تسير عمليّة التّخطيط في معظم الدّول بسرعة نحو المستوى الإقليميّ، إذ يجب أن تحتوي الخطط النّاتجة على بنود لتشجيع التّبليغ الفرديّ والشروع في حملات مختلفة وعقد المؤتمرات وتأسيس المشاريع المحلّيّة والإقليميّة وتقوية الجامعات المحلّيّة وحركة المبلّغين الجوّالين. بالإضافة إلى ذلك يجب إيلاء الاهتمام العاجل لتوزيع النّشرات والمواد السّمعيّة والبصريّة على نطاق واسع. وكذلك فإنّ تطوير الموارد البشريّة خصوصًا في المناطق ذات التّوسّع الأمريّ الكبير يجب أن يكون عنصرًا رئيسًا في الخطط المركزيّة والإقليميّة.
خلال خطّة السّنوات التّسع، دعا بيت العدل الأعظم المحافل الرّوحانيّة المركزيّة في الدّول الّتي تشهد انتشارًا واسعًا للأمر لتأسيس معاهد تبليغيّة لتلبية احتياجات التّعمّق للألوف المؤلّفة الّتي كانت تدخل الأمر. وكان التّركيز في ذلك الوقت للحصول على مكان مناسب لدعوة مجموعات تلو الأخرى من المؤمنين الجدد لحضور دورات تعمقيّة. على مدى السّنين تمّ تطوير دورات كان بعضها يعقد بالاشتراك مع المعاهد التبليغيّة ولكن معظمها كان مستقلًّا عنها يعقد تحت اسم معهد نهاية الأسبوع، ومعهد الخمسة أيّام، ومعهد التّسعة أيّام بهدف مساعدة الأحبّاء للحصول على فهم حقائق الأمر الأساسيّة والقيام على خدمته. ساهمت هذه الجهود بشكل كبير في إثراء حياة الأحبّاء الرّوحانيّة، ولا شكّ أنّها ستستمر في ذلك مستقبلًا مع ازدياد أعداد المؤمنين الجدد، أصبح من الواضح أنّه بالرّغم من أهمّيّة الدّورات الإرشاديّة الّتي تعقد بين الحين والآخر وأهمّيّة النّشاطات غير الرسميّة للجامعة، إلّا أنّها لا تعتبر وسائل كافية لتطوير الموارد البشريّة لأنّها أثمرت فقط عن مجموعة صغيرة نسبيًّا من مساندي الأمر المؤمنين. فمهما بلغت درجة إخلاص هؤلاء المؤمنين ورغبتهم في تقديم التّضحيات، إلّا أنّه يصعب عليهم أن يلبّوا احتياجات المئات إن لم يكن الآلاف من الجاليات المحلّيّة الفتيّة. على المؤسّسات البهائيّة أن تولي اهتمامًا منتظمًا لتدريب عدد كبير من المؤمنين وتقديم العون لهم في خدمة الأمر كلٌّ حسب ما وهَبَه الله من قدرات وإمكانات.
إنّ تنمية الموارد البشريّة على نطاق واسع تستدعي النّظر إلى تأسيس المعاهد برؤية جديدة. لقد أصبح من الضّروريّ، في كثير من المناطق، تأسيس معاهد تكون بمثابة هياكل تنظيميّة تكرَّس للتّدريب المنهجيّ المنظّم. إنّ الهدف من مثل هذا التّدريب هو تزويد تلك العصبة المتنامية من المؤمنين بالبصيرة الرّوحانيّة والمعرفة والمهارات اللّازمة للقيام بالمهام العديدة المتعلّقة بالتّوسّع والاستحكام المُتسارعيْن، بما في ذلك تبليغ وتعميق أعداد كبيرة من النّاس،بالغين وشبابًا وأطفالًا. ويمكن تحقيق هذا الهدف على أفضل وجه من خلال برامج رسميّة جيّدة التّنظيم تتألّف من دورات دراسيّة تتّبع منهاجًا دراسيًّا معدًّا إعدادًا مناسبًا.
يجب أن توكل للمعهد التّدريبيّ، بصفته أداة من أدوات المحفل الرّوحانيّ المركزيّ، مهمة تطوير الموارد البشريّة في كافّة أرجاء القطر أو في أيّ جزء منه. إنّ المهام الّتي يقوم بها المعهد تفرضها متطلّبات التّوسع والتّمكين في البلد أو المنطقة. ففي بعض الحالات قد يتكوّن المعهد من مجموعة من الأحبّاء المخلصين ولديه برنامج واضح وبعض الترتيبات الإداريّة الّتي تمكّنه من تقديم دورات تدريبيّة منتظمة. وفي العديد من الحالات الأخرى سيتطلّب المعهد، بالإضافة إلى مجموعة من المعلّمين المرتبطين به، موظّفين يعملون بدوام كليّ أو جزئيّ وقد يكون الدّعم الماليّ من الصّناديق ضروريًّا لهم. كما يحتاج المعهد إلى توفّر بعض المرافق ليتمكّن من عقد دوراته، وقد يحتاج في مرحلة معيّنة من مراحل تطوّره إلى مبنىً خاص به. وسواء توفّرت هذه المرافق أم لم تتوفّر، فإنّ على المعلّمين العاملين فيه أن يقوموا بعقد الدّورات في مكان متوسط وفي المدن والقرى لكي يتسنّى لعدد كبير من المؤمنين الالتحاق ببرامجه. إن نوعيّة الدّورات الّتي ينظّمها المعهد وعددها وحجم العاملين فيها ومجموعة المعلّمين المختّصين الّذين يتم استقطابهم إليه قد يستدعي تعيين هيئة إداريّة لإدارة شؤونه. وعندما تكون المنطقة الواقعة ضمن مسؤوليات المعهد واسعة فإنّه يمكن أن يكون له فروع لتخدم مناطق معيّنة ولكلّ منها إدارة خاصّة بها.
ولإنجاح هذه القوّة الدّافعة الجديدة في تأسيس المعاهد، فإنّ الانخراط الفعّال للمشاوَرين وأعضاء هيئة المعاونين في عمل تلك المعاهد أمرٌ ضروريٌّ. فمثل هذا الانخراط سيساعد المشاوَرين في تأجيج "نيران محبّة اللّه بين الضّلوع والأحشاء من عباد اللّه" و "نشر نفحات اللّه" و "تربية النّفوس" و "تعليم العلوم" و "تحسين أخلاق عموم النّاس." وستوفّر المعاهد للمشاوَرين وأعضاء هيئة المعاونين مدخلًا مباشرًا إلى وسائل رسميّة لتثقيف المؤمنين، بالإضافة إلى سُبل أخرى متاحة لهم كالمؤتمرات والمدارس الصّيفيّة، والجلسات مع الأحبّاء. ينبغي اعتبار المعاهد مراكز للتّعلّم، وحيث إنّ طابعها ينسجم مع المسؤوليّات التّعليميّة لأعضاء هيئة المعاونين، ويتيح لهم مجالًا لممارستها، فقد قرّرنا أن يصبح الآن انخراطهم الوثيق في عمليّات المعهد جزءًا من الوظائف الآخذة بالتّطوّر لهؤلاء المسؤولين في أمر الله. سيحتاج المشاورون والمحافل الرّوحانيّة المركزيّة للتّشاور حول تفاصيل التّعاون بين ذراعي النّظام الإداريّ للأمر في الإشراف على ميزانيّة وأعمال المعهد وفي إعداد محتويات البرامج وتطوير المناهج وعقد الدورات. وإذا تمّت تسمية الهيئة الإداريّة فيجب أخذ موافقة المحفل الرّوحانيّ المركزيّ بالتّشاور مع المشاورين وبدعم كامل منهم. ويمكن أن يقوم أعضاء هيئات المعاونين بالخدمة في هذه الهيئات.
بالإضافة إلى إيجاد علاقة عمل مع أعضاء هيئة المعاونين، فإنّه يتوجّب على المعهد أن يتعاون تعاونًا وثيقًا مع المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة واللّجان والمسؤولين عن إدارة الخطط والمشاريع المتعلّقة بالتّوسع والتّمكين. إنّ ذلك يضمن أن تكون برامج المعهد مصمّمة لتساعد على النّهوض بأحبّاء يمكنهم المساهمة في مثل هذه الخطط بشكل فعّال. ومن ناحية أخرى، وحتى لو لم تكن هذه الهيئات الإداريّة قد طوّرت حتى الآن القدرة على الاستفادة من مواهب وقدرات الأفراد الّذين تمّ تدريبهم، فإنّ على المعهد أن يعقد برامجه بشكل منتظم. وفي النّهاية فإنّ تقوية المؤسّسات في منطقة ما تعتمد، كما هو الحال بالنّسبة للمسائل الأخرى، على أولئك المساندين للأمر المؤّيدين للمَهَرة.
على المعهد أن يعتمد في تطوير برامجه على مواهب وقدرات أعداد متزايدة من الأحبّاء وعليه أن يستفيد أيضًا من صلاته بالمؤسّسات للتّوصل إلى المصادر على المستوى العالميّ. وعادة ما يستفيد المعهد المؤَسّس حديثًا من المواد الّتي أعدّتها المعاهد الأخرى في أنحاء متفرقة من العالم. وبالتّدريج سيتعلّم معدّو الدّورات ومقدّموها كيفيّة الإضافة إلى المواد المذكورة لتلائم حاجاتهم المعيّنة بشكل أفضل وسيقررون إعداد ما يحتاجونه من مواد جديدة. عندها سيكون منهاج المعهد في أيّ وقت من الأوقات مستنبطا ًمن مواد تمّ إعدادها محلّيّا أو من تلك الّتي ثبت نجاحها في مناطق أخرى. فعندما تبدأ المعاهد بالنّجاح والازدهار سيتّم تطوير مجموعة واسعة ومتنوّعة من المناهج لتناسب احتياجات التدريب المختلفة. نأمل أن تتمكّنوا وبمساعدة دار التّبليغ العالميّة، من تقييم المواد المتوفّرة لديكم من وقت إلى آخر وأن تساعدوا المعاهد في مناطق خدمتكم لاختيار الأنسب لاحتياجاتهم.
إنّنا نضع تحت تصرّف دار التّبليغ العالميّة صندوقًا ماليًّا مخصّصًا لأعمال المعاهد. نوّد أن ندعو المحافل الرّوحانيّة المركزيّة، كلّ حسب ظروفه، لإيلاء موضوع تطوير المعاهد في أقطارها اهتمامًا خاصًّا. وإنّنا لنأمل أن يشكّل التّطوّر الملموس في هذا الاتّجاه أحد العلامات المميّزة لخطّة السّنوات الأربع.
المستوى المحلّيّ
لقد كان تطوير الجامعات المحلّيّة وأعمال المحافل الرّوحانيّة أحد التحديّات المستمرّة للعالم البهائيّ خلال المشاريع المتعاقبة. في الوقت الحاضر وصلت بضعة آلاف من المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة إلى المستوى الأساسيّ على الأقل في قيامها بوظائفها. فمن الواضح أنّه يتوجّب أن يُترك في الخطط المركزيّة والإقليميّة مجالٌ لتتمكّن هذه المحافل من تبنّي الخطط المحلّيّة للتوسّع والتّمكين. ولضمان مساهمة الخطط المحلّيّة في تقدّم عمليّة الدّخول في دين الله أفواجًا فإنّ عليكم أن تطلبوا من أعضاء هيئات المعاونين التّابعة لكم ومساعديهم العمل بصورة وثيقة مع هذه المحافل الرّوحانيّة في وضع الخطط وتنفيذها ولمساعدتها في تحمل أعباء مسؤوليّة النّمو المنتظم في جامعاتها والمراكز الّتي تبنّتها كأهداف إضافيّة. هذا يجب أن يرسّخ لدى الجامعة شعور بأنّ عليهم مُهِمّة، وأن ينمو لدى المحفل الرّوحانيّ وعي حول دوره كقناة من قنوات الفضل الإلهيّ المسبغة ليس فقط على البهائييّن وحدهم وإنّما على القرية أو البلدة أو المدينة الّتي يخدم فيها المحفل الرّوحانيّ. على كلّ حال، فإنّ تلك الجامعات الّتي تفتقد للنّشاطات المنظمّة سواء كان فيها محافل روحانيّة محلّيّة أم لم يكن، ستواجه تحديّات أساسيّة أكبر. وفي هذه الحالة يتوجّب على أعضاء هيئات المعاونين ومساعديهم أن يلعبوا دورًا أساسيًّا. إذ عليهم الاهتمام ببذل الجهود لمساعدة أفراد الأحبّاء، رجال ونساء على السّواء، والعمل على زيادة حبّهم لحضرة بهاء الله وأمره وجمعهم سويًّا في الضّيافات التّسع عشريّة والاجتماعات الدّوريّة الّتي تهدف إلى زيادة وعيهم بأن يعرّفوا كجامعة واحدة. ففي تلك المناطق الّتي تعاني من جمود في مشاركة المرأة في شؤون الجامعة يجب اتّخاذ خطوات مُحكمة لتقوية مشاركة كهذه، كما يجب أن يتمّ تبنّي أساليب فعّالة لضمان أن يتمّ انتخاب المحفل الرّوحانيّ المحلّيّ بشكل صحيح عامًا بعد عام وأن يحصل تقدّم مستمر في قيامه بوظائفه. هذا ويجب إعطاء أولويّة كبيرة لانتظام عقد دروس الأطفال، تُعَدُّ هذه النّقطة فعلًا في كثير من مناطق العالم أوّل نشاط في عملية بناء الجامعة والّتي ستؤدي، إذا تم تنفيذها بشكل قوي، إلى انطلاق باقي التّطورات. وفي خضمّ هذا كلّه، يجب إعطاء الشّباب أهمّيّة خاصّة لأنّهم غالبًا ما يكونون مساندي الأمر الأكثر حماسًا. إنّ تأسيس هذه النّشاطات يعتبر أول المراحل في عمليّة تطوير الجامعة والّتي، بعد حصولها، يجب أن يتبعها مراحل متعاقبة إلى أن تصل الجامعة إلى نقطة تستطيع عندها وضع خططها الخاصّة للتّوسع والتّمكين.
وفي هذا السّياق، نشعر بأنّ على أعضاء هيئات المعاونين الاستفادة بشكل أكبر من إمكانية ترشيح أكثر من مساعد واحد لجالية ما، أينما كان ذلك ممكنًا، بهدف تعيين كلّ واحد منهم للاهتمام بواحد أو أكثر من نشاطات الجامعة الأساسيّة. كما نحثّكم على التّشاور مع المحافل الرّوحانيّة المركزيّة بشأن خبراتهم في مشاريع سابقة لمساعدة مثل هذه الجامعات. ويمكن عندها عمل التّرتيبات لمناقشة ما تمّ استخلاصه من العبَر من هذه الخبرات مع مساندي الأمر الفاعلين في كل منطقة، ومساعدتهم للتّعرف إلى المداخل والأساليب الّتي يمكن تطبيقها على ظروفهم الخاصّة وللبدء في أسلوب منتظم لتطوير الجامعة. يجب أن تكون هذه العمليّة فرصة تمكّن الأحبّاء بأن يراجعوا نجاحاتهم والصّعوبات الّتي اعترضتهم وتعديل أساليبهم وتحسينها طبقًا لذلك ممّا سيؤدّي إلى التّعلّم والتّقدّم إلى الأمام بدون تردّد.
وبشكل عامّ، فإنّنا نشعر بوجوب توضيح وظائف أعضاء هيئات المعاونين للصّيانة وتقوية تأثيرهم. فإنّ تعميق الأحبّاء وقيام المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة بوظائفها بشكل صحيح أمران أساسيّان للنّمو السّليم للجامعة ويجب أن يكونا محطّ رعاية خاصّة لدى أعضاء هيئات المعاونين لشؤون الصّيانة. إذ أنّنا نفكّر في زيادة أعضاء هيئات المعاونين للصّيانة ليصبح العدد مساويًا لأعضاء هيئات المعاونين لنشر النّفحات. هذا ونأمل أن يقوم أعضاء هيئات المعاونين للصّيانة بتعيين عدد أكبر من المساعدين للتّركيز على أمور تتعلق بتطوّر الجامعة.
انتخاب المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة
في مجال تطوير النّظام الإداريّ، حدّد حضرة ولي أمر الله اليوم الأوّل من الرّضوان ليتمّ فيه انتخاب كافّة المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة. وقد اتُّبع هذا الأسلوب خلال فترة حياة حضرته بينما استمرّت المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة في الازدياد ليتجاوز عددها الألف.
فقد انتشر الأمر بشكل كبير في العقدين التّاليين وخاصّة في المناطق الريفيّة من العالم وهي مناطق غالبًا ما تكون بعيدة ويصعب الوصول إليها. ونظرًا لهذا التطوّر فقد قرّر بيت العدل الأعظم عام ١٩٧٧ في بعض الحالات الخاصّة، حينما لا يتمكّن الأحبّاء المحلّيّين من انتخاب محفلهم الرّوحانيّ في اليوم الأوّل من الرّضوان، أن يتمّ إجراء الانتخاب في أيّ يوم يليه خلال أيّام عيد الرّضوان. ولم ينطبق هذا الإذن على كافّة المناطق، بل على تلك الّتي تأثّرت بشكل خاص بعوامل كالأميّة والبعد وعدم معرفة مبادئ الإدارة البهائيّة حسب تقدير المحفل الرّوحانيّ المركزيّ. كما سمح بيت العدل الأعظم عند بدء خطّة السّنوات الخمس بانتخاب المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة الّتي تؤسّس لأول مرّة في أيّ وقت خلال العام.
هذه الشّروط مكّنت الأحبّاء في عدد كبير من المناطق من الحصول على المساعدة في انتخاب محافلهم الرّوحانيّة المحلّيّة، واكتساب الكثير من الخبرة في تقوية المحافل المحلّيّة الّتي تخضع لظروف متنوّعة وتضمّ خلفيّات ثقافيّة متعدّدة. إلّا أنّ المسؤوليّة والمبادرة لانتخاب المحفل الرّوحانيّ المحلّيّ تقع أساسًا على البهائيّين في المنطقة، فالمساعدة الخارجيّة تكون مثمرة فقط إذا كان الأحبّاء على وعي بمسؤوليّتهم المقدّسة هذه. وعندما يحصل تقدّم في تدريب الموارد البشريّة وفي تطوير الحياة البهائيّة للجامعة بأكملها فإنّ قدرة الأحبّاء لانتخاب محافلهم الرّوحانيّة المحلّيّة بأنفسهم ستنمو بشكل مؤكد.
آخذين هذه الأفكار بعين الاعتبار، قررنا العودة إلى أسلوب انتخاب كافّة المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة في اليوم الأوّل من الرّضوان وذلك ابتداءً من رضوان ١٩٩٧. نعلم أنّ النّتيجة الفوريّة قد تكون تناقصًا في عدد المحافل الرّوحانيّة المحلّيّة في رضوان ١٩٩٧، ولكننا على ثقة بأنّ السّنوات التّالية ستشهد ازديادًا ثابتًا.
من الواضح أنّ من واجب المحافل الرّوحانيّة المركزيّة ووكالاتها من ناحية، والمشاورين ومعاونيهم من ناحية أخرى، تعزيز إنشاء جامعات بهائيّة وتطويرها، بما في ذلك مؤسّساتها المحلّيّة إلهيّة التّقدير. يمكن أداء هذا الواجب بشكل رئيسيّ من خلال برامج تعليميّة مُستدامة من شأنها أن تخلق في المؤمنين وعيًا بأهمّيّة التّعاليم الإلهيّة في كلّ مجال من مجالات حياتهم الفرديّة والاجتماعيّة، وتولّد فيهم الرّغبة والتّصميم على انتخاب محافلهم الرّوحانيّة المحلّيّة ودعمها. يجب أن تستفيد هذه البرامج استفادة قصوى من البند الّذي تمّ وضعه للتّشكيل المؤقّت للجان إداريّة تتألّف من ثلاثة أعضاء أو أكثر في المناطق الّتي لا يتمّ فيها انتخاب محافل محلّيّة، أو حيث لا يجتمع أعضاء المحفل المحلّيّ.
الاحتياجات الماليّة
إنّ حجم المهام الّتي أوكلت للجامعة البهائيّة لتنفيذها خلال خطّة السّنوات الأربع تستدعي مصاريف ماليّة كبيرة. وسيستمرّ الطّلب الملّح لمشاريع القوس في تشكيل ضغوطات شديدة على الصّناديق العالميّة، إلّا أنّ بيت العدل الأعظم سيبذل ما يستطيع لتوفير الوسائل الماليّة الضروريّة ليتمكّن المشاورون والمحافل الرّوحانيّة المركزيّة من تأديّة واجباتهم في التّوسّع والتّمكين في المناطق المحتاجة للمساعدة بما في ذلك المخصصّات الماليّة لأعمال هيئات المعاونين البالغة الأهمّيّة.
على كلّ حال، وكما ثبت من الخبرة، فإنّ مجرّد صرف الأموال ليس كفيلًا بتحقيق النّتائج. إنّ التّحدّي الّذي أمامكم هو في المساعدة على تطوير قدرات المؤسّسات المختلفة الضّالعة في تنفيذ الخطّة لصرف الأموال بحكمة وبأسلوب مثمر. بالإضافة إلى ذلك فإنّ عليكم مضاعفة جهودكم لتوعية كلّ فرد من أفراد الجامعة البهائيّة المؤمن الجديد والقديم، الشّاب والكبير بأهمّيّة التّبرّع للصّناديق. إنّنا على ثقة من إيلائكم انتباهًا خاصًّا لهذا التّحدّي المزدوج حينما تشرعون في مساعدة الأحبّاء في كل قارّة لتحقيق انتصارات للأمر المبارك خلال السّنوات الحاسمة هذه في تاريخ الإنسانيّة.
أحبّاءنا الأعزّاء، إنّ السّنوات القليلة الّتي تفصلنا عن نهاية القرن هي فترة تتصف بالقوّة الرّوحانيّة والفرص اللّامحدودة. هناك مسؤوليات عظيمة ملقاة على عاتقكم وستقومون خلال الأشهر الأولى من الخطّة بمساهمة أساسيّة في وضع الخطط الّتي ستمنح الإلهام للأحبّاء للقيام على العمل وترشدهم في مساعيهم الفرديّة والجماعيّة. ستقومون مع معاونيكم خلال الخطّة بتشجيع الأحبّاء وتحفيز القوى الرّوحانيّة الكامنة في قلوبهم ومساعدتهم في تنفيذ مهامهم نحو هذا الأمر العزيز على أنفسهم. وبينما تقومون على تنفيذ هذه المهام المتعدّدة، عليكم أن تتذكّروا باستمرار بأنّ الوصول إلى هدف خطّة السّنوات الأربع سيعتمد على الزّيادة السّريعة في أعداد مبلغي الأمر المبارك الّذين سيتمكّنون من تبليغ الأفواج وتقوية إيمانهم ويغرسون فيهم ذلك "الشّوق العميق" لينهضوا "من تلقاء أنفسهم" مكرّسين كلّ طاقاتهم "لإنعاش أرواح أخرى".
كونوا واثقين بأنّنا سنتذكّر كلّ واحد منكم في العتبات المقدّسة.
[التّوقيع: بيت العدل الأعظم]